عيون الأطفال تلألأت فوراً. و تذكرا مشهدًا في إحدى القصص الخيالية حيث كان البطل يتنصت على حديث الآخرين.
“شش!”
وضعت راينا سبابتها على شفتيها وأوصت ليون بصمت. حتى ليون أيضًا وضع سبابته على شفتيه وهز رأسه موافقًا.
“شّش.”
و مع بداية عملية التجسس الطفولية، استمر حديث الكبار.
“صحيح. هناك أحد قوى لوكيرا مختومةٌ في ذلك المكان.”
“لكن أليس العبث به سيجلب كارثة؟ ألم يكن الغرض من ختم قوة لوكيرا أصلًا هو ختم أهوبيف؟”
“فكر قليلًا. ألم يتكفل ولي العهد والقديسة بأهوبيف بالفعل؟”
“هذا…..صحيح.”
“تمامًا! لذا لم يتبقَ هناك سوى القوة النقية للوكيرا.”
و انساب من صوت الرجل حماسٌ أسود قاتمة. فارتعش كتفا الطفلين مع نبرة صوته المشحونة.
‘مخيف…..’
وشعرا بطريقةٍ ما أنهما لو انكشفا فسيتعرضان لتوبيخ شديد.
“هيا لنرحل.”
قالت راينا ذلك بحركة شفتيها، فتبعها ليون صامتًا.
انخفض الطفلان مجددًا حتى لامست أجسادهما الأرض وبدآ يزحفان عائدين من حيث أتيا. وظل همس الكبار يتردد خلفهما.
“لكن كيف عرفتم بمكان ذلك الختم؟ ألم يكن الإمبراطور وولي العهد وحدهما يعلمان؟”
“لقد اكتشف ذلك زعيمنا. زعيمنا هو التابع الحقيقي للسيدة لوكيرا…..”
لكن ما سمعاه توقف عند هذا الحد.
ألقت راينا نظرةً خاطفة إلى الخلف ثم زحفت إلى الأمام من جديد.
كانت فضوليةً لمعرفة بقية الحديث، لكنها لا تريد أن تُوبَّخ!
***
في اليوم التالي. لحسن الحظ انقشعت الغيوم وصَفا الجو.
و ما إن تأكد ليون و راينا من صفاء الطقس حتى ركضا مسرعين نحو الكافتيريا. و جلسا في مكانهما المعتاد وهما يتأرجحان بأرجلهما، حتى ما لبثت رويلا ورفاقها أن ظهروا.
“أختي!”
“……!”
نظرت رويلا إلى الطفلين المتلألئَين حماسةً وتنهّدت بابتسامةٍ شاحبة. فقد كان ذهنها لا يزال مضطربًا بسبب ما حدث بالأمس.
موت أحد الصيادين غير الشرعيين، والوحش الغامض الذي قتله.
ثم ذلك الإشعار الذي ظهر في توقيت مريب: <?? ظهور>.
والحقيقة أنه عند جمع كل هذه الخيوط معًا، لم يخطر ببالها سوى كلمةٍ واحدة.
وحشٌ سحري، أو مخلوقٌ شيطاني.
لكن هذا العالم لم يكن من المفترض أن يظهر فيه لا وحوشٌ سحرية ولا مخلوقاتٌ شيطانية.
على الأقل، طوال حياة رويلا، لم تسمع قط بظهور شيء من هذا القبيل.
لكن في تلك اللحظة.
“بالمناسبة، هل تعرفون جميعًا شيئًا عن الوحوش السحرية؟”
وكأنها قرأت ما في خاطر رويلا، قالت هاميل ذلك فجأة.
حدقت بها رويلا بعينين متسعتين دهشة، فما كان من هاميل إلا أن ابتسمت بخجل ورفعت كتفيها.
“لقد سمعت بها بضع مرات في برج السحر. يقال أنها لم تعد موجودةً الآن، لكنها وُجدت في الماضي.”
“أنا أيضًا سمعت بها.”
“حتى فابيان؟”
“نعم. فنحن نقابة معلومات، وأساس أي معلومة هو ‘القراءة’، لذا قرأت الكثير من الكتب المختلفة.”
ولم يكن هاميل وفابيان وحدهما من يعرفان عن الوحوش السحرية.
“برأيي أيضًا، الوحوش السحرية هي الاحتمال الأقوى. يبدو أن خللًا ما أصاب ختم لوكيرا وتبعته متغيرات.”
“نعم. هذا ما أظنه أنا أيضًا.”
وبانضمامها هي هيلديون، أصبح القرار بالإجماع.
وحتى هوية ذلك الوحش الغامض وإشعار <?? ظهور> الذي ظهر.
‘يبدو أنه وحشٌ سحري بلا شك….’
لكن الأمور بدأت تتعقد أكثر فأكثر.
فقررت أولًا أن ترسل تقريرًا للإمبراطورية ولجانب إستان. ليعززوا الحراسة مسبقًا تحسبًا لاحتمال أن يكون العدو وحشًا سحريًا.
و بعد أن انتهى الحديث تقريبًا حول هذه المسألة الصادمة، وقبل أن يتفرقوا، أوصتهم رويلا،
“على أي حال، لن نتمكن من التحقيق بشكل جدي إلا بعد أن نصل إلى إستان. فلنحاول العيش كالمعتاد في الوقت الحالي.”
فما الفائدة من تعذيب أنفسهم بالتفكير والقلق على ظهر السفينة، بينما لا جديد يمكن فعله؟
“إذًا، هل سنشارك في الحفل البحري الذي سيقام بعد غد كالمعتاد؟!”
“طبعًا طبعًا. فربما لا نجد في إستان حتى فرصةً للتمتع بهذه السكينة. لذا دعونا نستمتع قدر ما نستطيع الآن.”
كان هذا بمثابة آخر إجازة تمنحها لنفسها أيضًا.
إلى أن يصلوا إلى إستان، ستستمتع بكل لحظة من الهدوء المتاح.
ولهذا، خرجت من غرفتها اليوم كما اعتادت. إذ كان من الواضح أن الطفلين اللذين لم تلتقهما بالأمس بانتظارها.
وكما توقعت تمامًا، كان الصغيران يقفزان في مكانهما انتظارًا لها.
“أين هيل؟ اليوم لا يوجد هيل؟”
“همم. لا يوجد. اليوم هو دور والد هيل.”
“هيينغ.”
أطلقت راينا صوت امتعاض وهي تدير رأسها بفضول.
“غريب.”
“ماذا الغريب؟”
“لم أرى هيل و والده معاً من قبل.”
…..أوه. يا لها من فطنةٍ سريعة.
“ذلك لأن كلاهما، يحبانني جدًا جدًا.”
“…..وما علاقة ذلك بالموضوع؟”
“عندما يكونان معًا، يتشاجران دائمًا بسببي.”
أبدعت روِيلا في اختلاق عذر سريع ثم ابتسمت ونظرت إلى هيلديون. وحين التقت عيناها بعينيه، ارتبك قليلًا وأومأ برأسه بخفة.
فتبادلت راينا النظر بين الاثنين واتسعت عيناها دهشة.
ثم—
“حقًا؟ عمي…..هل تتشاجر فعلًا مع ولد عمره خمس سنوات؟”
هاه. هل فهمتها هكذا؟
دحرجت روِيلا عينيها أمام خلاصة راينا الذكية المدهشة.
“يا عمي. خصمكَ طفلٌ صغير، تساهل معه قليلًا، حسنا؟”
“…..نـ- نعم. سأضع ذلك في بالي.”
ابتسمت روِيلا بصمت وهي تنظر إلى هيلديون الذي أصبح فجأة بمثابة “العم القاسي”.
أما راينا، فربتت بخفة وبثقة على ظهر هيلديون الذي احمر وجهه خجلًا. و كانت تلك بمثابة تشجيع منها.
“بالمناسبة، أين الأخت الأخرى والعم الآخر؟”
“ذهبا اليوم إلى متجر الفساتين ليجهزا أمر الحفل الراقص غدًا.”
“آآه، هكذا إذاً. و هل أختي وأخي لم يحضروا فساتين معهم؟”
وإن كان ذلك في الحقيقة لا يختلف كثيرًا عن واقعهم، لكن بما أنهم يلعبون دور عامة الناس، فلم يجلبوا معهم فساتين أو ملابس رسمية.
كما أنهم حين حجزوا مكانًا على متن السفينة على عجل، لم يخطر ببالهم أصلًا أن يكون هناك حفلٌ راقص على ظهرها.
لكن، هذه السفينة السياحية الضخمة كانت تدير حتى متجر فساتين صغيرًا لتلبية احتياجات أمثالهم.
ولذا ذهب هاميل وفابيان اليوم ليجهزا ملابس الأربعة استعدادًا للحفل.
“وما عن هيل؟ هل ذهب معهم؟”
“لا. هيل نائمٌ في الغرفة.”
عند إجابة هيلديون، نفخت راينا وجنتيها ضيقًا.
“إذًا، هل سيأتي إلى الحفل غدًا؟”
“…….”
ارتبك هيلديون قليلًا أمام سؤالها المليء بالتوقع والرجاء.
فقد كان مجيء هيل يعني أنه سيتحول إلى طفل صغير، وذلك أسوأ سيناريو بالنسبة له. إذ كان قد وعد روِيلا أن يستمتعا سويًا بالحفل والألعاب النارية.
“هذا..…”
“آسفة، لكن هيل لن يستطيع الحضور إلى الحفل غدًا.”
تدخلت روِيلا لتجيب بحزم بينما كان هيلديون يحاول انتقاء كلماته.
“هاه. حقًا.…؟ ولماذا.…؟”
“لأن هذا العم سيحضر الحفل كشريكي.”
أسندت روِيلا ذقنها إلى الطاولة وابتسمت بخفة قبل أن تضيف،
“وولدنا هيل غيورٌ جدًا، لذا لن يأتي إلى الحفل الراقص.”
“إييي. ما هذا! ألم تتفقا على ألا تتشاجرا بعد الآن؟ إذاً—.”
“المصالحة ليست بالأمر السهل أصلًا. غدًا سيكون صعبًا بعض الشيء. لذا، هل ستتفضل راينا صاحبة القلب الكبير وتتفهم الأمر هذه المرة؟”
عند سماع كلمة “القلب الكبير”، ارتعشت راينا قليلًا.
‘هه. تظنان أنني سأقتنع بهذا فقط؟’
“…..حسنًا. لكن على الأقل قولوا له أن يأتي إلى الحفل. و قولوا له أن الطفلة صاحبة القلب الكبير هي الأروع على الإطلاق.”
“طبعًا، سأخبره بذلك.”
قالت روِيلا ضاحكةً ثم ضغطت وجنة راينا بأصابعها مداعبة. فتشكلت غماز رقيقة حيث غاص خدها الطري تحت أصابعها.
‘آه يا راينا، كم أنتِ ظريفة.’
“أنا أجد راينا وليون لطيفين للغاية. ربما عليّ أن أنجب فتى و فتاةً مثلهما.”
عند هذه الكلمات التي قالتها روِيلا بنبرة هادئة وكأنها أمرٌ عابر، حدق بها هيلديون وقد ارتجف قليلًا.
ثم التقت نظراتهما وكأن روِيلا كانت تنتظر ذلك، فابتسمت بعينيها الواسعتين وسألته،
“ما رأيكَ؟”
“فكرة رائعة. حقًا…..رائعةٌ للغاية.”
رغم أن صوته بدا متصلبًا، إلا أنه كان مشبعًا بالصدق، فضحكت روِيلا مجددًا ضحكةً صافية. و حتى هيلديون ابتسم، وقد احمر وجهه خجلًا.
أما راينا وليون فنظرا إليهما وهما يميلان رأسيهما حيرة.
‘لكن أليس لديهم ابنٌ أصلًا؟’
فقد قالوا أن هيل هو ابن العم دانيال، و أنه على وشك الزواج من الأخت إلينا.
‘آه، إذاً ربما يقصدان إخوة هيل الصغار؟’
بعد قليل من التفكير، وصل الطفلان إلى استنتاجهما الخاص وهمسا معًا،
“يبدو أن هيل سيصبح له أخوان صغيران.”
“مم. يا لحظه. حتى أنا أريد أخًا صغيرًا.”
“ماذا؟ لا، لا أريد. أنتَ وحدكَ تكفيني.”
“…..والآن بعد أن فكرت فيها، ربما يعجبني أيضًا أن أكون أنا وحدي أخاكِ.”
نظر الكبار إلى هذين الشقيقين المتفاهمين وضحكا مرة أخرى.
‘حقًا، كان قرارًا صائبًا أن أخرج للقائهما.’
رغم الأفكار المقلقة التي شغلتها مؤخرًا، إلا أنها فضّلت قرارها في أن تأتي لرؤية الأطفال لتجبر نفسها على عيش يوم عادي. إذ إن الحديث معهم أذاب همومها كما تذوب الثلوج في الربيع.
نعم، على الأقل هنا على متن السفينة يجب أن تعيش بطمأنينة قدر ما تستطيع.
أو هكذا عزمت مجددًا، لكن…..
“هل هذا حقيقي؟ قال رجلان هذا الكلام بينهما؟”
“مم. نعم. أنا وليون سمعناه بوضوح.”
وفي اللحظة التالية، ومع الموضوع الذي فتحته راينا فجأة، عادت أفكار روِيلا لتتعقد من جديد.
__________________
زيييين علمتهم حسبت راينا بتسكت ثم بعديين تقول ايه صح كان كان
وهيلديون هو كان غيران من ليون والحين ذاب يوم قالت رويلا خل ننجب عيال نفسهم😭😭😭😭😭
خفييييف
المهم فابيان وهاميل ماودهم يتزوجون هم بعد؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 189"