راينا وليون كانا طفلين يفيان بالوعود.
“أختي، صباح الخير!”
“صباح الخيير..…”
كما لو أن وعدهما باللعب معنا مجددًا لم يكن مجرد كلام، فقد سبقانا إلى نفس المكان الذي التقينا فيه بالأمس، وكانا في انتظارنا هناك.
“أجل أجل، صباح الخير يا راينا وليون.”
لكن، للأسف…..
“هاه؟ لكن أين هو ذلك الفتى؟! وعدتِ بأن تحضريه معكِ!”
لم أستطع إحضار هيلديون في هيئته كطفل.
“هاه؟ متى قلتُ ذلك؟”
“…..هاه؟”
“لم أعد بأنني سأحضره، على ما أذكر.”
“هاااااه؟!”
رفعت راينا عينيها إليّ بنظرة خذلان واضحة، لكن لم يكن بيدي حيلة.
كيف لي أن أحضره إن لم يكن موجودًا؟
“لا تحزني كثيرًا. بدلًا عنه، أحضرتُ شابًا وسيمًا. تادا!”
“…..إلينا.”
ناداني هيلديون بصوت خافت مستخدمًا اسمي المزيف.
“لا بأس، فهو وسيمٌ فعلًا، أليس كذلك؟”
“.……”
بدأت أذناه، الظاهرتان من تحت شعره البني، بالاحمرار تدريجيًا. ومع شعره البني، بدا وكأنه غزال بريّ وسيم بريء الملامح.
أما الطفلة الجريئة، فنظرت إليّ وإلى هيلديون بالتناوب، ثم قالت بحزم،
“هو وسيم، لكن عمره كبيرٌ جداً! أنا لا أقبل إلا بفرق ثلاث سنين!”
“آه، فهمت.”
“لكن لما لم يأتي؟”
“آه، هيل…..في الحقيقة.…”
“هيل؟ اسمه هيل؟!”
أوه، يا للدهشة! صوتها كان مرتفعًا جدًا.
“نعم، اسمه هيل.”
“و ماهي علاقتكِ به؟!”
بكل تأكيد، هذه الطفلة ذكيةٌ بشكل استثنائي.
حددت سلفًا الفارق العمري المقبول بينها وبين صديقها المستقبلي، والآن بدأت تفحص علاقاته الشخصية أيضًا؟
وبينما كنت أؤجّل الرد وأنا مندهشة من دهاء راينا، حدث الآتي…..
“آه! فهمت الآن!”
“فهمت؟”
“هيل هو ابن هذا الرجل، أليس كذلك؟!”
“لحظة. كيف توصلتِ إلى هذا الاستنتاج؟”
“لأنهما يشبهان بعضهما كثيرًا!”
من الطبيعي أن يكونا متشابهان جدًا. فهما نفس الشخص.
تبادلنا أنا وهيلديون النظرات دون قول كلمة.
‘إذا فكرتُ في الأمر…..أعتقد أن هناك إعدادًا مشابهًا لهذا.’
عندما استلمنا الغرف على السفينة، شرحت للموظف أن الطفل ‘هيل’ هو ‘ابن الرجل الذي سأتزوج منه قريبًا.’
وأنا سأتزّوج من ديون…..
“…..هل هو الأب؟”
“لا، إلينا، ليس كذلك!”
من خلف هيلديون المندهش، رفعت راينا ذقنها بفخر.
“كنت أعلم ذلك!”
“واو، أختي، أنتِ مذهلة..…”
“هيهي. نعم، أنا فعلاً رائعة. على كل حال!”
بعيون متلألئة، اقتربت راينا مسرعة نحو ديون.
“هل يمكنني مناداتكَ بوالدي؟”
“…..ماذا؟”
“لأننا لا نعلم ماذا يخبئ لنا المستقبل.”
تلوّي جسد راينا بخجل، فرفع هيلديون رأسه ونظر إليّ. و كان في عينيه إشارة استغاثةٍ قوية.
فضحكتُ ورفعتُ إبهامي مشجعةً،
“تشجّع يا والد هيل.”
“إلينا…..”
يا إلهي، يبدو أن زوجي سيبكي.
ولكن ماذا أفعل؟ على ذلك الرجل المذنِب الذي سرق حب الطفولة أن يحل مشكلته بنفسه.
ثم جلستُ بهدوء أراقب هيلديون وهو يتعرض لوابل من الأسئلة من راينا.
“أختي، أختي.”
“نعم؟ ما الأمر يا ليون؟”
“هل يمكنني أن أجلس على حضنكِ؟”
“على حضني؟”
ليون الذي كان يراقبنا أمسَك بطرف ثوبي وأومأ برأسه.
“حسنًا، افعل.”
فرفعت الطفل وأجلسته على حضني.
‘أوه، طفل خمس سنوات أثقل مما توقعت!’
“واو.”
ليون الذي صعد إلى حجري احتضن دميته القطنيّة بشدة وابتسم ببراءة.
لو رأت هاميل هذا المشهد، لكانت قد أزعجتني طالبةً أن أجلسه على حجرها أيضًا.
“هيه، أنا أيضًا أريد اللعب مع الأطفال!”
لكن للأسف، هاميل استُدعيت إلى فابيان. فقد كان هناك بعض المشاكل في وسائل الاتصال المرتبطة بنقابة فابيان في إستان.
‘أتمنى ألا يكون الأمر خطيرًا.’
لكن، مع هاميل الموهوبة، لا داعي للقلق، فهي قادرةٌ على إصلاح أي شيء بسرعة.
“أختي، أختي.”
“نعم؟”
“هل يمكنني تناول البسكويت؟”
“ذلك؟ هل تريد البسكويت؟”
أومأ ليون برأسه. و عندما أعطيته الكعك المخصص للوجبات الخفيفة على الطاولة، ابتسم لي ليون بسعادة.
فتح فمه على مصراعيه ليعض قطعة، وكانت علامات أسنانه صغيرةً بشكل مدهش.
هذا ليس مجرد هامستر.
بعمق قلبي، غمرتني مشاعر اللطف فأمسكت برأس ليون وعبثت بشعره بشدة.
وبغض النظر عما فعلت، ظل الطفل مركزًا تمامًا على البسكويت.
“عندما أنظر إليك، أتذكر أخي الصغير.”
“أخ؟ هل أنتِ أختٌ أكبر؟”
عند سماع كلمة “أخي”، ابتعد نظر الطفل عن الكعكة وتوجه إليّ.
فنظفت فتات الكعكة عن زاوية فمه وأومأت برأسي.
‘لا، لا يشبهه على الإطلاق. حقًا، لا يشبهه حتى ولو قليلاً.’
بصدق، لم يكن هناك أي شبه بينهما حتى جرام واحد.
مع ذلك، عندما أنظر إلى راينا وليون، يتبادر إلى ذهني راون الذي ينكبّ على دراسته في الأكاديمية.
‘هل كان ليسعد لو أخذناه معنا في رحلة المركب؟’
ربما، مع أنه ينكر ذلك، لكنه سرًا كان ليخرج على السطح ويحدّق بعيون لامعة.
آه، كم أشتاق لأخي.
‘ربما في المرة القادمة لنذهب جميعًا في رحلة عائلية معًا.’
بينما كانت هذه الأفكار تخطر في بالي، مدّ ليون قطعة من الكعكة نحو فمي.
“ماذا؟ هل تعطيني هذا لأكله؟”
“نعم..…!”
أجابني ليون بخجل وهو يومئ برأسه.
طفلٌ يشاركني قطعةً من الكعكة.
‘يا له من شيء لطيف.’
قرصت وجنتي الطفل الممتلئة برقة، ثم أخذت قطعة الكعكة وأكلتها.
كان اللعب مع ليون، الذي كان بريئًا وطيب القلب إلى حدٍ ما، ممتعًا حقًا. كان بحق مثالًا حيًا على الطفولة.
حتى عندما نلعب لعبة “حجر ورقة مقص”، يضحك ويبتسم بفرح، مما جعلني أشعر وكأنني أعود إلى طفولتي.
وأنا أضحك بسعادة وألعب مع ليون، حدث ذلك…..رنّت صفارة تنبيه!
<※ تحذير حالةٌ غير طبيعية!
بعد 30 ثانية، سيصاب هيلديون كايروس بحالة غير طبيعية!
30
29
.
.
.
26>
“انتظري لحظة!”
وقف هيلديون من مكانه فجأة، بينما كان يعاني من وابل أسئلة من راينا، وعينيه شبه فاقدتين للوعي.
“لماذا، يا والدي؟”
“عليّ أن أذهب الآن.”
“ماذا؟ لماذا؟ هل تحتاج إلى الحمام بسرعة؟!”
نظرت راينا إلى بطن هيلديون بقلق وسألته بجدية.
“هل تشعر بآلام في البطن؟”
“لا، ليس ذلك…..سأحضر هيل.”
“حقًا؟! هذا يعني أن والدي يوافق على علاقتي بهيل..…”
“الأهم هو إرادة هيل، أليس كذلك؟”
قال هيلديون ذلك بحزم، فنقرت راينا بلسانها مستاءةً،
“على أي حال، سأذهب الآن.”
“ألن تعود، يا والدي؟”
“نعم. سأدع الأطفال يلعبون معًا..…”
<19
18
17
…>
نظر هيلديون إلى العداد الذي ينخفض بسرعة ثم غادر المكان مسرعًا.
“حسنًا، إلى اللقاء.”
“نعم! أراكَ لاحقًا يا والدي!”
نظرت إلى راينا وهي تلوّح بيدها بحيوية لهيلديون الذي يبتعد، فابتسمت بخفة.
‘يا له من وضع مرهق.’
وبعد قليل…..
“….أنتِ…..راينا، أليس كذلك؟”
ظهر ديون الصغير بتلعثم وخجل واضح، مما جعلني أعض شفتي وأكتم ضحكتي.
كانت هذه هي اللحظة الأولى التي التقى فيها الطفل ‘هيل’ مع التوأم راينا وليون.
وخلال الأيام التالية، اضطر الثلاثة إلى أن يكونوا أصدقاء مقررين دون خيار آخر.
“هيل!!”
كان لدى راينا جهاز كشف خاص بـ’هيل’ مثبت في يدها، و لذلك لم يفارق ليون يدها.
“…..يبدو أن هذه الطفلة وُجدت لتكون في فريق البحث.”
قال ديون ذلك وهو يبدو مندهشًا، لكنه لوّح بيديه بودّ.
يا له من ودود.
“ههه، هيل، مرحبًا!”
“…..مرحبًا، أخي. وأنتِ أيضًا، أختي.”
بعد تحياتهم المميزة، تحرك كل منهم ليجد مكانه.
جلست راينا بجانب هيل، بينما جلس ليون على حضني.
“أوه، ها أنتم أيها الأطفال الصغار مجددًا.”
“يااااه! مرحبًا يا أطفال!”
انضم فابيان وهاميل متأخرين، وقاما بتحية هادئة قبل أن يجلسا.
“تأخرتم اليوم أيضًا؟ ألا تزال مشكلة تعطل جهاز الاتصال السحري قائمة؟”
“لا، لقد حُلت.”
بهدوء، رفعت الطفل ونقلته إلى حضن هاميل.
الجلوس لفترة طويلة يجعل قدميّ تتعبان. فابتسمت هاميل ابتسامةً عريضة وأعطت ليون قطعةً من بسكويت الشوكولاتة.
رأت هاميل الطفل يعض البسكويت بصوت قرمشة، فتنفّست بعمق من أنفها.
و فكرت للحظة في أخذ الطفل مرة أخرى، لكني قررت أن أثق في هاميل. فما زالت قدميّ تؤلمني قليلاً.
“لحسن الحظ، لم تكن المشكلة كبيرة، يبدو أن هناك تدخلًا خارجيًا بسيطًا في المانا التي تربط الاتصال!”
“…..تدخلٌ خارجي؟ لحظة. هل يعني هذا أن شخصًا ما تعمّد تعطيل الاتصال؟”
“لا، ليس كذلك. أشبه بتدخل طبيعي أو شيء من هذا القبيل..…”
تدخل طبيعي؟ إذا كان الأمر كذلك…..
_______________
هيلديون استسلم للأمر الواقع😭
طيب للحين ماقالوا راينا وليون عيال من ذول مستحيل مقطوعين من شجرة
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 185"