تبادلنا أنا وهاميل النظرات بسرعة.
‘هل انكشفنا؟!’
‘هل…..هل اكتشفونا؟!’
شعري الآن كان أشقر. و ليس أشقرًا لامعًا ومصفرًا مثل هؤلاء الأطفال، بل أشقرًا أقرب إلى البيج.
حتى لون عينيّ كنت قد غيّرته من الأزرق إلى لون البندق الذهبي.
‘كنت أتمنى لو استطعت تغييره ليكون عاديًا مثل الثلاثة الآخرين.’
الثلاثة الآخرون، باستثنائي، وحّدوا لون شعرهم وعيونهم إلى البني.
الشعر والعينان البنيتان هما اللون الأكثر شيوعًا في الإمبراطورية. وأنا أيضًا كنت أنوي تغييره للبني في البداية…..
“لا! أريد أن أرى شعر السيدة الأشقر!”
“هاه؟”
“بالتأكيد! أريد أن أرى الشعر الأشقر والعينين الذهبيتين! كصانعة أدوات سحرية، لا يمكنني التنازل عن ذلك!”
وماذا عساي أن أفعل؟ صانعة الأدوات السحرية نفسها تصر على رؤية شعري الأشقر.
لكنني رأيت أن العيون الذهبية قد تكون ملفتةً للنظر أكثر من اللازم، لذا اخترت لون البندق الذهبي بدلاً منها.
وبرغم أنني لم أغيّر سوى لون شعري وعينيّ، فإن الناس لم يتمكنوا بسهولة من التعرف عليّ أو على هيلديون.
‘لا بد أن الصورة الأصلية كانت قويةً جدًا.’
فقد كنت في الأصل أملك شعرًا ورديًا لافتًا وعينين زرقاوين، لذا مجرد تغييري للألوان بشكل مختلف جعل التنكر ممكنًا.
ولهذا، حتى الآن لم يتعرف علينا أحد….
‘هل يُعقل أننا انكشفنا بهذه السهولة؟’
على يد هؤلاء الأطفال الصغار؟
بينما كانت قطرة عرق باردة تنسلّ على ظهري من شدة التوتر…..
“القديسة! أختي تشبه القديسة!”
“همم؟ أنا؟ أُشبه القديسة؟”
هزّوا رؤوسهم بالإيجاب.
آه، إذًا لم يُكشف أمرنا…..أليس كذلك؟
لقد شعرت وكأنني فقدت عشر سنوات من عمري دفعةً واحدة. و كان قلبي قد انقبض، ثم عاد إلى حالته الطبيعية.
“ليون! لا يجوز أن تُشير بإصبعكَ إلى الكبار، ألم تقل لك المربية ذلك؟”
“آه، صحيح.”
أجاب ليون بشرود وأنزل يده. ثم أخرج شفتيه باعتذار،
“آسف..…”
“لا بأس، قد يحدث ذلك.”
“لكن، أختي، عندما نُخطئ يجب أن نُوبَّخ بشدة.”
“آه، هكذا إذاً؟”
“نعم، هكذا هو الأمر.”
“أمم…..آسفة..…”
لسببٍ ما، شعرت وكأنني أنا من تم توبيخه.
راينا، التي وبّختني أنا وليون بحزمٍ وذكاء، عادت لتُركّز على نصيبها من الكعكة. أما أنا وهاميل، فقضينا الوقت في مسح الكريمة التي أسقطها الأطفال.
وبعد أن انتهوا من أكل الكعكة…..
“حسنًا، لنذهب إلى الغرفة الآن.”
“…..هيييه.”
“هل يجب أن نذهب إلى الغرفة حقًّا؟”
“حتى الأخوات سيعدن الآن إلى غرفهن.”
“تشش، هيييه.”
الطفلان اللذان أبرزا شفتيهما مثل البط بدا عليهما الأسف وهما ينظران إليّ مرارًا.
لا يجوز. حتى لو نظرتما إليّ هكذا، فما لا يجوز، لا يجوز.
“إذاً، أختي…..هل سنلعب معًا غدًا أيضًا؟”
“تريدان أن نلعب معًا غدًا أيضًا؟”
“نعم! ألا يمكن أن تلعبي معنا غدًا أيضًا؟!”
“…..ألاااا يمكننا؟”
صاحت راينا وهي تلوّح بضفيرتيها، ولحق بها ليون ليُضيف بخجل.
كان الأمر أشبه بشعوري حين أكون معلمة في روضة أطفال.
‘ولماذا تنظر إليّ هاميل بتلك النظرة؟’
حتى هاميل كانت تحدّق بي بعينين لامعتين كالأطفال.
هاه…..
“افعلوا ما تريدون.”
“وااااه!”
“يااااي!”
“ياااهووو!”
وبالمناسبة، كان آخر من صاحت هي هاميل.
أنا حقًا لا أحتمل.
“حسنًا، إذًا قبل أن نُعلن نهاية اللقاء…..دعوني أوصلكم إلى غرفتكم.”
“نعم نعم! نحن سنوصلكم!”
أمسك الأطفال بأيدينا من غير تردد، واتجهوا معنا نحو الغرفة.
الغرفة رقم 2017.
ومعلومة جانبية: الرقم (20) في بدايته يُشير إلى أن هذه الغرفة تقع في الدرجة الثانية مثلنا.
“والآن، أيها الثنائي الصغير، ادخلا بسرعة حتى لا تقلق عليكما المربية.”
“لسنا صغارًا!”
“لسنا أطفالًا.…”
“حسنًا إذًا، أيها السيدان النبيلان، تفضّلا بالدخول!”
حينها فقط، رفعت راينا ذقنها بفخر وكأنها راضيةٌ كل الرضا.
لوّحنا أنا وهاميل بأيدينا للصغيرين ثم استدرنا. وعندما التفتُّ بنظرة خاطفة، وجدت الطفلين ما زالا واقفين في مكانهما، يلوّحان لنا بحماس.
“آه! أختي!”
“نعم؟”
كنت أبتعد منهما بسعادة، حين ناداني صوتٌ من الخلف.
“غدًا، تعالي مع ذلك الطفل الوسيم أيضًا! لا تنسي، فهمتِ؟!”
“كح.”
صدمتني عبارتها غير المتوقعة، فاستدرت بسرعة إلى الخلف. لكن باب الغرفة 2017 كان قد أُغلق بقوة بالفعل.
“…..فهذا كان هدفها، إذاً؟”
“بفف. يبدو أن الأمر كذلك. يبدو أن هيل أعجبها…..ففف.”
اضحكي، فقط اضحكي.
هاميل كانت تضغط على ضحكتها، محمرّة الوجه، وهي تكتم صوت قهقهتها.
أما أنا، فشعرت بقليلٍ من الاضطراب.
راينا، الطفل الذي وقعتِ في غرامه…..مجرد مزيف.
ذلك الفتى ليس طفلًا حقيقيًّا، بل مجرد جسد صغير بعقل رجل بالغ!
‘الجسد صبي، لكن الدماغ كما هو!’
هذا هو حاله!
لكن لا سبيل لإخبارها بذلك، فلم يكن بوسعي إلا أن أرسل نظرة مواساة نحو الباب المغلق.
آه، هيلديون…..يا لك من إنسان مليء بالذنوب تجاه النساء.
***
بعد أن أوصلنا الطفلين، افترقنا أنا وهاميل في الممر.
‘أسنان دِيون الأمامية..…!’
قلقت أن تكون إحدى أسنانه الأمامية قد بدأت تتحرك، فأسرعت عائدة إلى الغرفة، لكن من كان في انتظاري…..هو هيلديون البالغ، عاري الصدر تمامًا.
“لقد تأخرت في العودة، فخرجت أبحث عنكَ…..همم.”
غريب. نحن نعرف أجساد بعضنا تمام المعرفة، فلماذا أشعر فجأةً بالحرج في هذه اللحظة؟
ويبدو أن ديون هو الآخر شعر بالأمر نفسه، إذ أسرع في ارتداء قميصه،
“كنت على وشك الخروج مرتديًا ملابس الأطفال، ثم عدت فجأة إلى هيئة البالغ.”
“حقًا؟ لا أظن أنني تلقيت إشعارًا بذلك.”
“يحدث هذا أحيانًا، بين الحين والآخر…..يبدو أن هناك خللًا ما.”
آه، هذا النظام اللعين…..
أما كان من الأفضل لو قام بعمله كما يجب؟
في تلك اللحظة، خطرت ببالي جيلي، التي لا بد أنها الآن نائمةٌ بعمق في غرفة هاميل.
ففي الحقيقة، محور هذا النظام كله هو تلك القطة الغبية.
‘…..سأتحمّل لأنها قطةٌ مريضة.’
منحتها عفوًا كريمًا، ثم نظرت من حولي.
بجانب السرير، كانت هناك ملابس أطفال ممزقة بشكل مخيف.
‘هل هذا بسبب التحول المفاجئ؟’
يبدو أن ملابس الطفل الضعيفة لم تتحمّل جسد البالغ الثقيل الذي ظهر فجأةً دون إنذار.
“نعم. ولذلك تأخرت، بينما كنت أرتب كل شيء وأبدّل ملابسي.”
“إذًا…..لا مشكلة في أسنانكَ الأمامية؟”
“أسناني الأمامية؟”
“مجرد…..قلقٍ شخصي.”
“آه. لا أعلم ما السبب، لكن أسناني الأمامية بخير ومتماسكة.”
حتى مع السؤال الغريب، أجاب هيلديون بجديّة.
‘أحب فيه هذا الجانب.’
ابتسمت برضا وجلست معه على شرفة الغرفة.
بدءًا من الدرجة الثانية، كانت كل غرفة تملك شرفةً صغيرة. مساحة تكفي لطاولة شاي صغيرة وكرسيين، لكنها كانت كافية تمامًا للاستمتاع بالأجواء.
وبينما كان هيلديون يخرج ليلحق بي إلى الشرفة، توقف لوهلة وسأل،
“هل أطلب كوبًا من الشاي؟”
“بكل سرور. أريد شيئًا بطعم حامض، لو سمحت.”
“سأطلب لك شاي الرويبوس بالبرتقال إذًا.”
سمعت خلفي صوت جرس النداء يرن، يليه صوت هيلديون وهو يطلب الشاي من الموظف.
ولم يطل الأمر حتى أُعدّ الشاي. ثم خرج هيلديون إلى الشرفة متأخرًا قليلًا، حاملاً بمهارة الإبريق والفناجين، ثم جلس بجانبي.
“آه، هذا رائع.”
“بالفعل، إنه رائع.”
عبق الشاي العطري دغدغ أنفي، فشعرت بسعادة تلقائية.
وفي الوقت ذاته، بدأت وجوه معيّنة تخطر ببالي.
“هل تعلم؟”
“عمّ تتحدثين؟”
“أعتقد أن ‘هيل’ يحظى بشعبية كبيرة.”
“…..عذرًا؟”
أجاب ديون وهو يبدو غير مستوعب تمامًا، ثم أعاد السؤال،
“ماذا تعنين بأن ‘هيل’ يحظى بشعبية؟”
“أعني ما أقول تمامًا. ‘هيل’ محبوبٌ جدًا.”
“‘هيل’…..تقصدين عندما يكون في هيئة الطفل؟”
“نعم. الطفل ‘هيل’ تحديدًا.”
كان اسم ‘هيل’ يُستخدم عند الإشارة إلى شكله كطفل.
في الحقيقة، كنت قد قررت مسبقًا مناداته بـ’دانييل’ عندما يعود إلى هيئة البالغ…..
‘لكنني أجد نفسي أناديه بـ’ديون’ تلقائيًا دون قصد.’
عليّ أن أحرص على هذا الأمر أكثر في المستقبل.
بينما لا بأس إن ناديناه بـ’ديون’ داخل الغرفة أو بين أفراد مجموعتنا، فإن الأمر يختلف تمامًا في الأماكن العامة، حيث قد يكون هناك من يتنصت علينا،
كراينا وليون مثلًا، من يدري من يراقبنا دون أن ندري؟
“اليوم التقيتُ توأمًا لطيفًا جدًّا، ويبدو أن الفتاة بينهما مهتمةٌ كثيرًا بـ’هيل’.”
“ما الذي..…! كح كح، كح كح كح!”
يا إلهي، ديون يكاد يختنق!
ربتُّ على ظهره بلطف وهو يسعل بشدّة، ودفعتُ بكوب الشاي الفاتر باتجاهه.
“كحم، شكرًا…..شكرًا لكِ.”
أفرغ ديون الكوب في رشفة واحدة. وما إن هدأ سُعاله أخيرًا…..
“على فكرة، هي طلبت أن أُعرفها على هيل غدًا. ما رأيكَ؟”
“كح كح! كح كح!”
عاد السعال للانفجار مجددًا، فتنهّدت تنهيدةً خفيفة.
آه، يا للعجب…..لم أكن أعلم أن هذا هو “زر السُعال” بالنسبة له.
_________________
طبيعي مصدوم خطيبته تبي تعرفه على بنت سعنونه😭😭😭
المهم احس وراهم سالفه ذا الورعان
Dana
التعليقات