في وقتٍ صباحي متأخر، بعد انتهاء وقت الإفطار بقليل. هاميل وفابيان، وقد شبعا تمامًا، كانا يجلسان على الكرسي الشمسي ويستمتعان بالاسترخاء وهما يتأرجحان بأقدامهما براحة.
“ما الأمر؟ هل تخطى الاثنان وجبة الإفطار اليوم؟”
“يبدو أنهما ناما طويلًا هذه المرة.”
“غريبٌ فعلًا. لا أعلم عن رئيستنا، لكن صـ-، هيل كان دائمًا يحرص على تناول الإفطار، أليس كذلك؟”
“حتى الذئب الوحيد قد يرغب أحيانًا بالنوم لوقت متأخر.”
الذئب الوحيد كان اللقب الذي اشتهر به هيلديون أيام دراسته في الأكاديمية. لكن بما أن هيلديون كان يرتجف انزعاجًا كلما سمعه، فقد أصبح لقبًا محظورًا لا يُقال أمامه.
ولهذا السبب تحديدًا، فإن مناداته به من وراء ظهره كان أكثر إثارةً ومتعة.
“بالمناسبة، كيف كان مفعول دواء الدوار؟”
مباشرةً بعد الإفطار، ناول هاميل دواء الدوار الذي انتهت من صنعه لفابيان. وقد كان فابيان، الذي بالكاد تناول شيئًا في الإفطار، يتناول الدواء بعينين تلمعان كأنه اكتشف إكسيرًا سحريًا.
وكان المفعول–
“رائعٌ. مذهل. لو قمنا بطرحه في الأسواق فسيحقق مبيعات مذهلة! دعينا نتحقق فور عودتنا مما إذا كنا نستطيع إنتاجه بكمياتٍ كبيرة.”
“أحيانًا أندهش منكَ. كيف يمكنكَ التفكير في المال ليلًا ونهارًا هكذا؟”
“وأنتِ، ألا تفكرين فقط في الأشياء الجميلة؟”
“طبعًا! فهي مصدر حياتي!”
“وأنا كذلك تقريبًا.”
“آها.”
أومأت هاميل بسرعةٍ وهو تُبدي إعجابها بخفة.
‘الجميل = المال’
……هكذا إذًا؟
في هذه الحالة، فالأمر قابلٌ للفهم تمامًا.
“أعتقد أنهما سيستيقظان وقت الغداء، أليس كذلك؟”
“على الأرجح. دعينا نستمر نحن أيضًا في الاسترخاء. لا عمل بانتظارنا على أية حال.”
وبما أن مصالحهما كانت متطابقة، فقد استرخى الاثنان على الكرسي الشمسي بكل جدية.
السفر بدون دوار كان مسألةً في غاية السلام والسكينة.
ورغم أنه قد يكون تمهيدًا لعاصفةٍ قادمة، إلا أن الأمر كان كذلك في الوقت الحالي.
***
بعد الانتهاء من تناول الغداء.
“هوهو، أن أتناول الحلوى مع سيدتي فقط…..هذا يسعدني كثيرًا.”
كنتُ أنا وهاميل ننتظر الحلوى معًا، وحدنا.
فابيان، الذي تعافى من الدوار، قرر أن يستمتع بوقته على سطح السفينة بدلًا من الحلوى، وهيلديون عاد إلى غرفته ليبدل ملابسه بعدما تلقى <منبه الأطفال>.
هاميل، وقد أسندت ذراعيها على الطاولة على شكل دعامة للزهور، راحت احدق بي بعينين ماكرتين.
“نعم نعم، أنا أيضًا سعيدة.”
“كيّاا!”
صرخةٌ مباغتة جعلتني ألتفت، ثم مددت جسدي مطلقةً تنهيدة.
“آهغ، أشعر بالخمول الشديد، سيقتلني هذا الشعور.”
“هاه! هل أنتِ بخير؟ بدا عليكِ الانزعاج حتى أثناء تناول الطعام. ألم تنم جيدًا؟”
“لا، ليس كذلك تمامًا. فقط نمتُ…..بطريقةٍ غير مريحة قليلًا.”
“هل كانت وسادتكِ مرتفعة؟..…”
ليس هذا هو السبب، بل كان السرير ضيقًا. ضيقًا جدًا…..بدأت ذكريات الفجر تتصاعد تلقائيًا في ذهني.
في وقت الفجر، عندما كانت الشمس تشرق. كنت أراقب الشروق، ثم تزحلقت بهدوء إلى جهة سرير هيلديون.
السرير كان يمتلئ بهيلديون وحده، لكن دون أن يُظهر أي انزعاج، تراجع قليلًا ليُفسح لي مكانًا.
وعندما تمددت في ذلك المكان الذي أُتيح لي بطبيعية، التصق ظهري وصدره المشدود ببعض تمامًا. و التصق جسدانا فوق السرير ببعض كقطع أحجية تملأ فراغ بعضها البعض.
كنت أشعر بالخفقان ينبض خلف ظهري. وبالحرارة المتزايدة شيئًا فشيئًا.
“أحيانًا، لا بأس أن يكون السرير صغيرًا، أليس كذلك؟”
“صحيح، طالما أن أحدنا لا يسقط منه.”
“…..سأحرص على ألا أضرب رأسي. احذر أنت أيضًا يا ديون.”
كنا نتحدث بمزاح غير بريء ونحن متعانقان بشدة…..ثم غلبنا النعاس دون أن ندري.
وحين استيقظنا مجددًا، كان وقت الغداء قد حلّ منذ زمن.
لحسن الحظ، لم يسقط أحدنا من السرير، لكن جسدينا كان متيبسًا ومنهكًا هنا وهناك.
‘الشعور كان حلوًا…..لكن جسدي لم يواكب ذلك.’
حسنًا، يجب أن يكون سرير غرفة شهر العسل كبيرًا بلا نقاش. كبيرًا بما يكفي لأتدحرج عليه ثلاث مرات دون أن يحدث شيء.
من أجل أطرافي القوية، وأطراف هيلديون المتينة، لا بد من الدفاع عن سرير ضخم بأي ثمن.
كنتُ في خضم رسم عزمي على خطط المستقبل.
دودودو.
دودودودو.
…..ما هذا؟ ما هذه الخطوات اللطيفة الطريفة؟
لفتت أذني تلك الخطوات الرقيقة والظريفة، فاستدرت بسرعة نحو مصدر الصوت.
وفي نفس اللحظة–
“هاه!”
“وااه…..”
التقت عيناي بعيني طفلين كانا يندفعان نحوي كأنهما سيصطدمان بي.
فتاةٌ وصبي. يبدوان في عمر مقارب لهيل الصغير…..أي في حدود الخامسة أو السادسة تقريبًا.
“هل هما شقيقان؟”
عينا الفتاة ترتفعان بحِدة، أما عينا الصبي فتميلان للانخفاض بانكسار، لكن الجو العام بينهما كان متشابهًا للغاية. فلون شعرهما الأشقر، وعيونهما الرمادية المائلة للفضي، كل شيء فيهما كان متقاربًا.
‘وقبل كل شيء…..رد فعلهما هذا.’
ربما لم يتوقعا أن تتلاقى أعيننا، فقد تجمّد الطفلان في مكانهما من الدهشة، ورفّا بجفونهما في التوقيت ذاته تمامًا. كان رد فعلهما متطابقًا تمامًا، وكأنهما طفلان يعيشان في نفس المنزل منذ زمن.
الشخص الذي جعل الطفلين يتحركان كانت هاميل.
“كيـــاه! كم هما لطيفان!”
و لم ينتهِ تجمد الطفلين إلا بعد سماعهما صيحة الإعجاب تلك، التي بدت كصرخة من هاميل.
“!”
“!”
اهتز الطفلان كقطتين صغيرتين مفزوعتين، وبدآ يتخبطان في مكانهما بارتباك. ومع ذلك، لم يكفّا عن التحديق نحوي بطرف أعينهما.
“مرحبًا؟”
ثم توقف الطفلان، اللذان كانا يتحركان بعجلة، فور سماعهما تحيتي.
“هل من الممكن…..أن لديكما شيئًا تريدان قوله لي؟”
تبادل الطفلان النظر بعيون متوسعة، ثم أعادا النظر إليّ وهزّا رأسيهما بسرعة.
رمشة…..رمشة.
و هذه المرة، أنا من رمشت بدهشة.
“هممم؟ حقًا لديكما أمرٌ ما لي؟”
***
تلألأ. بريق.
عينا الطفلين كانتا كبحيرتين صافيتين مملوءتين بماء نقي. و لو نظرتُ فيهما بتمعّن، لربما انعكست في داخلهما بقايا البراءة التي داخلي، وإن كانت قد تلوثت قليلًا.
وأن يحدّق بي هذا النوع من العيون الشبيهة بالبحيرات…..وليس زوجًا واحدًا بل زوجين معًا…..
“أشعر بثقل شديد.”
“لماذا؟ أنا أراهما لطيفين جدًا، وهذا رائع!”
“صحيح، لا يمكن إنكار لطافتهما.”
كيف لا يكونان لطيفين؟
طفلان صغيران بشعر أشقر يلمع تحت ضوء الشمس، يحدقان بي بأعين واسعة متألقة.
الفتاة بضفيرتين مزينتين بشريطة كبيرة، والصبي بشعر مجعد. و كأن كل عنصر من عناصر اللطافة قد اجتمع فيهما، لدرجة أنك تشعر برغبة في عضهما من فرط الظرافة.
ولكن…..
‘أنا لا أعرف من هذان الطفلان أصلًا. وحين أسألهما عمّا يريدانه مني، لا أسمع جوابًا واضحًا.’
وبينما كنت أفكر في طلب موظف ما ظنًّا أنهما تائهان، وقفت الفتاة بعزم أمامي ومنعتني.
“نحن لسنا ضائعين. أنا وليون من الغرفة 2017. أتينا مع المربية، لكنها نامت لأنها كبيرةْ بالعمر. فخرجنا لنلعب وحدنا. صحيح، ليون؟”
“نعم!”
“…..آه، فهمت الآن. لكن أليس من الخطر أن تتجولا على سطح السفينة بدون وجود بالغٍ معكما؟”
حاولت إقناعهما بالعودة إلى غرفتهما بناءً على تقدير عقلاني للموقف، لكن…..
“هناك الكثير من الموظفين على السفينة، و هذا يعني بأنه لا يوجد خطر. و أيضاً، نحن بصحبة بالغ!”
“…..معكما بالغ؟”
في تلك اللحظة، أشار الطفلان بأصابعهما الصغيرة والواثقة نحوي.
“بالغة!”
آه، صحيح…..أنا البالغة هنا.
هكذا إذًا، لقد أصبحتُ “البالغة” المسؤولة عن هذين الطفلين.
ترددتُ للحظة ثم أومأتُ برأسي بإذعان، مستسلِمةً للأمر الواقع.
وبمناسبة تحولي القسري إلى وليّة أمرهما، طلبتُ قطعتين من الكعك ووضعتهما أمام الطفلين.
كنت في تلك اللحظة أراقب الطفلين المبتهجين وهما يلتهمان حصتيهما من الكعك بنهم.
“عندما تنتهيان من أكل الكعك، ستعودان إلى الغرفة، أليس كذلك؟ راينا، ليون؟”
أومأ ليون برأسه بشدة، وقد غطّت الكعكة فمه من الجانبين.
‘يا إلهي، تكاد الكريمة أن تتطاير.’
“انتظر لحظة، لقد اتّسخ فمكَ تمامًا. سأمسحه لك، فابقَ ساكنًا.”
“حسنًا!”
أجاب ليون ببراءة، وعدّل وضع رأسه ليجلس منتظرًا.
‘يا للعجب، إنه لطيفٌ فعلًا.’
حين رأيت طفلًا حقيقيًا كهذا، خطرت ببالي على الفور “طفلنا المزيّف”.
‘هل هو يصنع الملابس بنفسه ليرتديها؟’
لقد ذهب ليبدّل ملابسه…..فلماذا لم يعد حتى الآن؟
‘هل من الممكن أن يكون قد حدث له شيء..…؟’
لنفترض مثلاً أنه تعثّر وهو في هيئة طفل، ووقع على وجهه، و…..سقطت إحدى أسنانه الأمامية؟
تلك ستكون مشكلة. فهذا العالم لا يحتوي حتى على زراعة الأسنان!
“بالمناسبة، هاميل..…”
“نعم، سيدتي!”
“بالمناسبة…..إن سقطت السِنُّ الأمامية لأحدهم، هل يمكنكِ إعادة غرسها باستخدام السحر؟”
“همم…..أعتقد أن ذلك سيكون صعبًا بعض الشيء، حتى بالنسبة لي…..آه! لكن، إن دمجتُ قوتي السحرية مع الطاقة المقدسة، فقد يكون الأمر ممكنًا. أنا أقوم بلصقها مبدئيًا، ثم تُثبتها القوة المقدسة كمرحلة ثانية من الالتصاق.”
هذا أمرٌ معقّد…..لكن على الأقل، يبدو أنه ممكن، أليس كذلك؟
“لكن، يجب معالجة السن خلال ساعة من سقوطها. على أي حال، لماذا تسألين فجأة؟”
“فقط…..أردتُ أن أطلب منكِ أن تعيد زرع سني إذا سقطت يومًا ما.”
“أوه! لا تقلقِ! سأعتني بأسنانكِ بنفسي، سيدتي!”
يا لها من ثقةٍ مطمئنة بشكل غريب.
ابتسمتُ لهاميل ابتسامةً صغيرة، وفي خيالي خطر وجه هيلديون بلا أسنان.
‘يبدو أن عليّ إيصال الطفلين والذهاب إلى الغرفة لرؤيته.’
فلو سقط سنّه حقًا، ينبغي التدخل خلال ساعة على الأكثر.
وأنا أفكر بذلك، مسحتُ فم ليون بمنديل صغير. وحين مسحت الكريمة البيضاء عن خده المتورد كالخوخ، ابتسم الطفل بمرح،
“هيهـي~”
ثم أشار إليّ مرة أخرى بإصبعه الصغير وصاح بصوت عالٍ،
“القديسة!”
…..هممم؟
___________________
شلون شافها مب انها متنكره؟
المهم كيوتين ذا الورعين بس حاولت اتذكر من الشخصيات الي شعرهم اشقر في الروايه والظاهر مابه؟
وهيلديون وينه؟😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 183"