تألقت الثريا الفاخرة فوق الرؤوس. و كان الحفل جارياً في قاعة رقص عائلة بريتا.
<احتفال ذكرى تأسيس ميلورا>
لقد أصبحت “ميلورا” واحدةً من أبرز الشركات التجارية في الإمبراطورية. وكان ذلك إنجازاً عظيماً تحقق بعد عام واحد فقط من التأسيس.
تجمّع النبلاء جماعاتٍ صغيرة وهم يتهامسون بشأن نجاح “ميلورا” الباهر،
“أليس ذكاؤها التجاري مذهلاً فعلاً؟”
“يقال أن الساحرة التي تعمل هناك عبقرية بحق، فهي لا نقدم أفكاراً جديدة للإنتاج فحسب، بل تتمتع بذوق رفيع أيضاً!”
“لا عجب إذاً. فمنتجات ميلورا تجمع بين العملية وجاذبية الأعمال الفنية.”
“ويقال أيضاً إن هناك رجلاً يُدعى فابيان يعمل في ميلورا بارعٌ جداً في الحديث، وقد أبرم عقوداً ضخمةً مع عائلات النبلاء!”
“يا إلهي، من أين جلبت السيدة القديسة مثل هذه المواهب؟”
“من يدري، لكنها نفسها شخصٌ رائع…..فهي بطلةٌ أنقذت العالم!”
“صحيح، هذا لا يمكن إنكاره.”
أومأ النبلاء المتحدثون برؤوسهم وكأنهم توصلوا إلى استنتاجٍ خاص بهم.
“بالمناسبة، يبدو أن صاحب السمو ولي العهد لن يحضر اليوم؟”
وعند تساؤل أحد النبلاء، اكتفى الآخرون بهز أكتافهم.
“إنه ولي عهد الإمبراطورية، وعلى الرغم من أنهما مخطوبان، فإن ظهورهما معاً قد يُفسَّر بأنه تحالفٌ بين العائلة الإمبراطورية والمعبد.….”
كان الأمر كما قيل تماماً. كان هيلديون يرغب بشدة في حضور الحفل اليوم، لكنه اختار الغياب خشية أن يسبب المتاعب لرويلا.
فلو تسبب في إثارة القيل والقال حولها بسبب رغبته الشخصية، لكان ذلك أمراً مزعجاً.
“لا بد أنه يشعر بخيبة أمل. لا يستطيع حتى حضور فعالية حبيبته براحة بال. لو كنت مكانه، لكنت تسللت سراً فقط لأراها!”
“هيه، لا داعي للمبالغة.…”
“فكر في الأمر! أليست السيدة القديسة جميلة؟ ماذا لو حاول رجلٌ غريب التودد إليها؟ هذا سيقلقني!”
“ومن يجرؤ على الاقتراب من السيدة القديسة؟ الجميع يعرف أنهما مخطوبان.”
“مع ذلك!”
تحدثت النبيلة وهي تقبض يدها بقوة، وقد اشتعلت عيناها بالحماسة.
“رغم كل شيء، يبقى القلق جزءاً من طبيعة البشر، أليس كذلك؟!”
صدى صوت النبيلة الحاد تردد بقوة، حتى وصل إلى الشرفة حيث كانت رويلا تستريح.
“رغم كل شيء، يبقى القلق جزءاً من طبيعة البشر..…”
تمتمت رويلا وهي تضيق عينيها وتنظر فجأةً إلى جانبها.
كان هناك رجلٌ طويل يقف بجانبها، يرتدي قناعاً ركيكاً، ويبدو مشبوهاً إلى حدٍ كبير.
رويلا وخزت كوع ذلك الرجل المشبوه وسألته،
“ما رأيكَ في ما قيل؟ ديون.”
جاء الاسم السري خلف السؤال المازح.
و عندما نادته بالاسم، ارتجف هيلديون وخلع القناع الذي كان يرتديه. وبدا وجهه الوسيم شاحباً قليلاً.
“أتفق تماماً، وبشدة.”
أجاب ديون بهدوء وهو يراقب الأجواء من حوله، فأطلقت رويلا ضحكةً خفيفة.
“هاها. لا أستطيع تحملك حقاً.”
يا له من لطيف بشكلٍ لا يُحتمل!
لم يمضِ سوى بضع دقائق على اكتشاف رويلا لوجود هيلديون. ففي خضم انغماس الحفل في ذروته، رأت رجلاً يتسلل بهدوءٍ عبر الباب الخلفي.
‘من هذا؟’
رغم دخوله الخفي دون أن يصدر صوتاً، إلا أن عينيها انجذبتا إليه تلقائياً.
هل هو بسبب طوله؟ أم لأن كتفيه عريضان كعرض المحيط الهادئ؟
أو ربما لأنه كان يرتدي قناعاً سخيفاً رغم أن الحفل ليس حفلةً تنكرية؟
وإن لم يكن هذا السبب…..
‘ربما لأنه يشبه ديون.’
لا، بل الأرجح أنه هو ديون. فمهما كان القناع غريباً، كيف لها ألا تتعرف على حبيبها؟
تسلل إلى قاعة الحفل بسرية…..نوعاً ما، وتوجّه مباشرةً إلى إحدى الشرفات.
رويلا التي كانت تراقب كل تحركاته، لم تستطع منع نفسها من الضحك.
‘ما الذي يفعله بحق؟’
“لا بأس عندي، إن أردتَ أن تأتي، فعليكَ الحضور فحسب.”
“……لا، لا ينبغي أن أسبب المتاعب لرويلا.”
“همم، إن كان ذلك يُشعرك براحةٍ أكبر، فليكن. افعل ما يحلو لكَ يا ديون.”
تبادلا هذا الحديث فقط في الليلة الماضية. ولكنه يظهر بهذا الشكل الآن؟
‘لا يُمكن فهمه، فعلاً.’
كان بإمكانه أن يأتي بكل بساطة وبدون تردد.
ابتسمت رويلا ابتسامةً ماكرة وتوجهت إلى الشرفة التي دخلها هيلديون. ثم فتحت باب الشرفة فجأة دون أن تطرق.
“أنتَ!”
‘سيُفاجأ ديون، أليس كذلك؟’
كانت مجرد مفاجأة صغيرة أرادت أن تفاجئه بها. لكن من تفاجأ حقاً كانت رويلا نفسها.
فما إن فُتح الباب حتى كان هيلديون يهم بالقفز من على الشرفة!
“ر، رويلا؟”
ركضت رويلا بأقصى ما تستطيع واحتضنت خصر هيلديون، الذي كان قد وضع قدمه على حافة الدرابزين وهمّ بالقفز.
“هـ، هذه الطابق الثاني الآن! بل وحتى ارتفاع السقف يجعله كأنه الطابق الثالث..…!”
“لا بأس عليّ من هذا الارتفاع.”
“أنا التي لستُ بخير! حين أرى رجلي يحاول القفز من هذا المكان، أشعر بأن قلبي سيسقط!”
عند صراخ رويلا، احمرّ وجه هيلديون بخفة.
وبعد أن اعتدل في جلسته التي كانت غير مستقرة على الدرابزين، تنهدت روبلا وأفلتته أخيراً.
ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى بدأ صوت النبلاء القريبين يتردد حولهما، وهم يثرثرون عما رأوه،
“رغم كل شيء، يبقى القلق جزءاً من طبيعة البشر، أليس كذلك؟!”
كانت صرخةً قوية أطلقتها إحدى النبيلات.
خلع هيلديون قناعه واتخذ وقفة التائب، فضحكت رويلا بجانبه بمرح.
امتلأت الشرفة بجوٍ خانق من ليلة صيفية حارة.
وبعد أن خمد ضحكها، خرجت رويلا بهدوء وأحضرت كأسين من الشامبانيا الباردة. وحين أخذ هيلديون الكأس منها، تمتم بأسى،
“لقد جعلت رويلا تقوم بمهمةٍ كهذه..…”
“لا بأس، ما الصعب في إحضار كأسين؟”
طن-
صدمت رويلا كأسيهما ببعض بتحدٍ واضح، ثم شربت الشامبانيا دفعةً واحدة.
“آه، منعشةٌ فعلاً!”
“لا يجب أن تشربي بسرعة هكذا.”
“وما المشكلة؟ إن ثملت، فديون سيسندني، أليس كذلك؟”
نظرت إليه رويلا بنظرةٍ مليئة بالثقة، فأومأ هيلديون برأسه ببطء.
“طبعاً.”
“كما توقعت، رجلي هو الأفضل!”
تمتمت رويلا بفخر، ثم جلست مستندةً إلى جدار الشرفة.
“ألم أتسبب في إبعادكِ عن الحفل؟”
“لا، في الواقع كنتُ أريد الهروب من هناك على أي حال.”
وكانت صادقة. فالفعالية التي بدأت في وقتٍ مبكر من المساء لم تُظهر أي نيةٍ للانتهاء حتى بعد طلوع القمر.
وبسبب طول الحدث، كان من الطبيعي أن تتعامل مع عدد كبير من الناس.
“والدي وهاميل وفابيان يساعدونني، لكن..…”
ومع ذلك، كان من المستحيل ألا تشعر بالإرهاق.
“هل أنتِ متعبةٌ جداً؟”
“نعم، كنت متعبةً للغاية…..لكن، بعدما رأيت وجهكَ يا ديون، أشعر أني أفضل قليلاً.”
عند كلمات رويلا، اقترب ديون قليلاً بوجهه نحوها.
“ماذا تفعل؟ أتريدني أن أراكَ عن قرب بما أنك مفيدٌ هكذا؟”
“نعم، إن كان ذلك سيخفف تعبكِ.”
“همم، إن كان الأمر بهذه النية..…”
قبلة-
طبعت رويلا قبلةً خفيفة على شفتي ديون الذي اقترب منها.
ثم…..
“أعتقد أن هذه الطريقة ستكون أكثر فاعلية؟”
قالت رويلا ذلك وهي تبتسم بعينيها، ففتح ديون عينيه بدهشة، ثم سرعان ما امتدت يده الكبيرة لتمسك بخدها برقة. ثم قبّلها مرة أخرى.
واستمرت هذه القبلة طويلاً، حتى أنهتها رويلا أخيراً بربتاتٍ خفيفة على كتف هيلديون.
“لحظة، تنفس! أحتاج لأتنفس.…!”
“هل أنتِ بخير؟!”
لهاث رويلا جعلها تحدق في هيلديون بنظرة عتابٍ غير جادة.
‘……يا له من رجل صاحب رئتين لا تعرف التعب.’
بينما كانت هي تلهث، لم يبدُ عليه أي أثرٍ للإرهاق،
سوى وجنتيه المحمرتين قليلاً.
‘..…لا، ربما ليس هذا فقط؟’
عيناه الخضراوان لا تزالان ممتلئتين بعاطفة لم تنطفئ.
وحين نظرت إلى نظراته المركزة عليها وحدها، شعرت بوخزٍ خفيف عند أطراف قلبها مجدداً.
بلع-
“أه…..ديون.”
همست رويلا وهي تمسك برفق كمّ قميصه،
“هل تُريد أن نهرب…..معاً؟”
_________________
هلووووووووو الفصول الإضافيه تُعتبر جزئين؟ اول جزء بس ثلاث فصول والثاني 25 فصل✨
الثلاث ذاه مافيه عرس فأتمنى العرس والبزران في الـ25 ذول 😭
كل مره استوعب ان هيلديون اهطف هطف عند رويلا🤏🏻
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 174"