الشخص الذي كان هادئًا ركع فجأةً على ركبتيه متوسلًا، فأشار الإمبراطور إلى الفرسان بالتوقف.
“ما الذي تقولينه الآن؟”
“في الحقيقة، لقد ألقيتُ لعنة على سموه تحت تهديد الملكة!”
‘يا إلهي، حتى هذا كان صحيحًا. هذا أيضًا كان مذكورًا في الوثيقة قبل قليل.’
في الواقع، كان الإمبراطور ينوي استدعاء القديسة وهيلديون وسؤالهما بعد انتهاء الموقف. فلم يكن موضوعًا مناسبًا لطرحه أمام الجميع.
‘لكن، لمَ تطرحُ هذا الأمر الآن تحديدًا؟’
سأل الإمبراطور وهو لا يخفي انزعاجه.
“ولكن، لماذا تعترفين بهذا فجأة؟”
“الأمر هو…..يبدو أن تلك اللعنة على وشك أن تخرج عن السيطرة.”
“ماذا؟ تخرج عن السيطرة؟”
“نعم، الطاقة ليست عادية. وبصفتي من ألقى اللعنة، يمكنني أن أشعر بذلك. وأنا الوحيد القادرة على فكها.”
“همم، كيف لي أن أصدق كلام مجرمة؟”
“إنهـ-إنها الحقيقة. فقط اسمح لي بفك اللعنة، وبعدها يمكنكَ القبض علي مجددًا. أرجوكَ، فقط اعتنِ بسلامة شقيقتي. أطلب هذا رغم علمي بوقاحتي.”
“سلامة أختكِ؟”
سأل الإمبراطور باستغراب، فأومأت سيلفيا برأسها وعيناها تغمرهما الدموع.
“لقد استخدموا أختي المريضة كرهينة. لم يكن أمامي خيارٌ سوى أن أفعل ما أمروني به. لكن…..ضميري لم يحتمل. لم أنعم بليلة نوم واحدة منذ ذلك الحين. والآن، بعد أن انكشف كل شيء، أشعر بقليلٍ من الراحة. لذا، أرجوكَ…..”
نزلت دمعةٌ من عين سيلفيا. و الدموع التي تساقطت على وجهها البريء كانت مؤلمةً للنظر. لدرجة أن المرء يكاد ينسى أنها مجرمة ويريد أن يناولها منديلًا.
“أرجوكَ، دعوني أُزيل اللعنة عن سموه قبل أن أغادر. أخشى أن يتأذى الكثير من الناس إذا انفلتت بسبب ما فعلت.”
كلماتها أثارت همهمة في الجموع.
“يا لها من مسكينة.”
“حقًا، كيف يمكنهم استخدام العائلة كرهائن…..؟”
“لو كنت مكانها، لما استطعت رفض أوامرهم أيضًا.”
وكان الإمبراطور يشاركهم نفس الشعور تقريبًا. لم يكن ينوي أن يغفر جريمة سيلفيا، لكنه وجدها مثيرةً للشفقة.
وفوق كل ذلك، فهي لا تطلب الرحمة بل فقط أن تُنهي لعنة هيلديون.
لكن، مرة أخرى، كان تصرف رويلا أسرع من رد الإمبراطور.
“كذب.”
“……ماذا؟”
رمشت سيلفيا بعينيها في دهشة من كلام رويلا.
“ماذا تقولين؟ لا، سيدتي القديسة، لست أكذب.”
“هممم، لا أدري، يبدو لي كذبًا مهما حاولتِ.”
“بعد أن اعترفت بكل شيء، ما الذي قد يدفعني للكذب؟”
“القلب.”
في اللحظة نفسها، تجمد تعبير سيلفيا فجأة.
‘يا إلهي! كنت أراهن فقط، لكن يبدو أنني أصبت!’
رويلا التي لم تفوّت ردّ الفعل ضحكت وهزت كتفيها بثقة.
كان في صوتها سخرية مزعجة جعلت نظرات سيلفيا تزداد حدّة.
‘لقد عرفت كل شيء إذًا.’
عرفت أن أهوبيف يختبئ داخلها، وأن قلبه مختوم داخل قلب هيلديون.
وفي تلك الحال، لم يعد هناك معنى للاستمرار في التمثيل.
“…..هاه.”
زفرت سيلفيا تنهيدةً قصيرة، ثم نهضت فجأة من وضعية الركوع وانطلقت بجسدها. حتى أن الفرسان الذين كانوا يمسكون بها من الجانبين طاروا جانبًا بخفة.
“يا للعجب!”
“من أين أتت بكل هذه القوة؟!”
وقبل أن يجد الناس وقتًا للدهشة، مدت سيلفيا يدها مباشرةً نحو هيلديون.
مدّت يدها نحو قلب هيلديون، محاولةً إثارة اللعنة لتنفجر. لكن هيلديون تفاداها بخفة حركة.
‘كما توقعت تمامًا.’
كان قد سمع مسبقًا من رويلا سر قلبه.
“ستحاول استهداف قلب سموك، لذا عليك حمايته دائمًا. لا تعتمد فقط على عضلات صدركَ، قد تكون نهايتك إن فعلت. فهمت؟”
“سأتذكر ذلك.”
بفضل ذلك، استطاع أن يقرأ حركتها لحظة أن خطت أول خطوة. فقد ظل منتبهًا طوال الوقت.
سيلفيا التي فشلت في لمس هيلديون، رمقته بنظرة حادة.
“أحسنت في تفاديها.”
“لا أنوي احتضان امرأةٍ أخرى، ولو للحظة واحدة.”
“أحسنت! صدر سموه محجوزٌ لي وحدي منذ البداية!”
رويلا التي قاطعت الحديث ورفعت يدها، وقفت إلى جوار هيلديون.
“ثم إن تلك اللعنة السخيفة لن تنفلت بعد الآن، لقد فقدت معظم قوتها.”
“نعم، على ما يبدو، اللعنة اللعينة أصبحت عديمة الفائدة.”
رفعت رويلا حاجبها عند سماع كلماتها الخشنة.
“أترين؟ يبدو أنكِ تخلّيت أخيرًا عن ادعاء الضعف والجهل.”
“أتظنين أن خدعكِ التافهة ستنجح عليّ؟”
“أوه، أشكركِ على تقديركِ لي بهذا الشكل.”
تقابلت نظرات سيلفيا ورويلا في الهواء.
وكانت سيلفيا أول من صرف نظره. و نظرت بطرف عينها نحو هيلديون، وتنهدت في داخلها.
‘كانت تلك المرأة محقة. اللعنة فقدت معظم قوتها بالفعل.’
لقد أصبحت أضعف بكثير مما توقعت. بالكاد تبقّت لها جذورٌ ضعيفة.
“سموه لن يفقد السيطرة، وأنتِ لن تنالي القلب. لأني ببساطة…..لن أسمح بذلك.”
كلمات رويلا لم تكن مجرد تهديد فارغ. فالنور الأبيض الذي انبعث من حولها كان كفيلًا بإثبات صدقها.
‘هذا ليس في صالحي.’
في حين أن قواها لم تتعافَ بعد، كانت قوة النور في الجهة الأخرى طاغيةً ومتدفقة.
هل هذه هي قوة القديسة الحقيقية؟
‘على ما يبدو، لن أتمكن من استعادة القلب عبر تفجير ولي العهد.’
وفي لحظة صمت تفكر فيها،
“لمَ تقفين هناك هكذا؟! اقتلي تلك الحقيرة وولي العهد فورًا!”
“بالضبط! هل تعرفين كم ضحينا من أجل تقوية قوتكِ؟! حان الوقت لتُثبتِ قيمتكِ!”
صرخا الملكة والكونت، المقيدان في قبضة الفرسان، بأوامر غاضبة. و حتى الدوق حاول أن يضيف شيئًا.
“اقتليهم بسرعة وأنقذينا نحـ–غغخه.”
لكن صوته تحوّل إلى أنينٍ مروع قبل أن يُكمل كلامه.
ولم يكن وحده من حدث له ذلك.
“هـ…..هاه…..”
“أوغه!”
شهقا الملكة والكونت بحدة، ثم تدلّت رؤوسهم فجأة.
“كنت منزعجة أصلًا، فلتخرسوا على الأقل.”
و جميعهم كانوا بثقوبٍ سوداء واضحة في صدورهم.
“….أ…..أبـ، هاه…..”
ديموس، الذي كان يقف بجانب الدوق المنهار، لم يتمكن من إتمام كلماته وسقط مغشيًا عليه.
ولم يكن وحده من أصيب بالذهول.
“آآآه!”
“الملكة…..لقد ماتت!”
“من تكون تلك المرأة بحق؟!”
“لا يعقل…..هل ماتوا فعلًا؟”
من شهد موت ثلاثة أشخاص دفعةً واحدة، انفجر بالصراخ من شدة الرعب والصدمة.
سيلفيا، وهي تنظر إلى تلك الوجوه المليئة بالخوف، ابتسمت زاوية شفتيها بسخرية.
“آه، الآن بدأ يعجبني الجو.”
رغم الضوضاء، إلا أن الأجواء باتت ممتعة بالنسبة لها. خاصةً هذا الخوف الكثيف والمشاعر السلبية المتفجرة.
‘نعم، هذا هو الطريق.’
أن تُرعبهم أكثر، وتلتهم هذا الرعب لتُقوي جسدها.
“ولأجل ذلك…..أحتاج إلى قوة أكبر.”
ما إن بدأت تلك الهمهمات المشؤومة حتى دوّى صوت “دينغ–!” في أذن رويلا المتوترة.
‘في هذه اللحظة بالذات؟’
دفعتها مشاعر القلق المتصاعدة لتتفقد نافذة النظام على عجل.
<تحذيرٌ طارئ من كارثة (∩╹□╹∩)!>
يا إلهي.
قرأت الكلمات عدة مرات قبل أن يتجمد فمها مفتوحًا من الصدمة.
كارثة؟ ما الذي سيحدث بحق…..؟
ولم يقتصر الأمر على إنذار واحد.
<تحذيرٌ طارئ من كارثة (∩╹□╹∩)!>
<تحذيرٌ طارئ من كارثة (∩╹□╹∩)!>
مثل صفارات الإنذار، راحت نافذة النظام تومض بضوء أحمر مشؤوم من كل الجهات.
وفي الوقت ذاته، بدأ يتصاعد من خلف سيلفيا سيلٌ من الخطأ الأسود الداكن.
“…..ما هذا الشيء…..؟”
عادةً، لا يُرى الخطأ بأعين الناس العاديين، لكن هذه المرة كانت استثناء. فأهوبيف قد بث فيه طاقة هائلة.
“إنه يزداد حجمًا!”
“أهو…..عملاق؟”
تجمعت كتل الخطأ السوداء، وبدأت تتشكل معًا.
كانت تكبر وتكبر حتى اتخذت هيئة إنسان عملاق. عملاق أسود قاتم، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
“اه، اهربوا! بسرعة!”
“آآآه! أنقذوني!”
بدأ الناس يصرخون ويهربون مذعورين من هذا المشهد الذي لم يروه قط من قبل.
وكأنه ردّ فعل على ذعرهم، تحرك العملاق الأسود.
كـونغ، كـونغ-!
كلما خطا خطوة، اهتزت الأرض وكأن زلزالًا قد ضربها.
“من تافهٍ صغير إلى جبل شاهق، أليس كذلك؟ حتى الخطأ يمكنه صنع شيء كهذا.”
تمتمت رويلا بذهول، رافعة نظرها نحو العملاق.
‘هل يمكنني تطهير كل هذا…..؟’
رغم أنه مجرد خطأ، لكن حجمه كان مهولًا جدًا. وفوق ذلك، عليها أن تراقب سيلفيا وأهوبيف أثناء محاولة التطهير أيضًا.
‘هاه.’
وفي تلك اللحظة، العملاق الذي كان يتحرك ببطء، لوّح بيده فجأة بسرعة كبيرة. موجهًا ضربته مباشرة نحو المكان الذي كانت تقف فيه رويلا.
“إلى أين تظن نفسكَ ذاهبًا!”
لاحظ هيلديون الهجوم في الوقت المناسب، فاندفع واقفًا أمام رويلا ليحميها.
حينها، ضربة العملاق اصطدمت بسيف هيلديون وارتدت، متفتتةً إلى غبار أسود.
لحسن الحظ، بدت الهجمات المادية فعّالة، إذ إن جزءًا من ذراع العملاق اختفى مع الضربة.
أعاد هيلديون تثبيت قبضته على سيفه بسرعة، ونظر خلفه بتوتر وهو يسأل،
“هل أنتِ بخير، رويلا؟”
لكن لم يصله أي جواب.
‘انتظر…..لا أشعر بوجودها…..’
شعر بالأمر الغريب متأخرًا، فاستدار على عجل.
ولكن…..
“…..رويلا؟”
المكان الذي كانت تقف فيه منذ لحظات…..أصبح خاليًا تمامًا، وكأنها لم تكن هناك أبدًا.
___________________
وين هجت؟😭😭😭😭
مدري مافيه شي احس الفصل يضحك بس على الاخير صار اكشن هيلديون نط عشان رويلا بس هي اختفت💀
الدوق بيغمى عليه
باقي 5
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 168"