“ألم أقل أنني مظلومة؟ ولكنكَ تأمر الحراس بالقبض عليّ؟ كيف لكَ أن تفعل هذا بي؟”
أجاب الإمبراطور ببرود على صراخ الملكة.
“الكثير من الأدلة تثبت علاقتكِ بالأمر. ومع ذلك، لم تعرفي شيئًا؟ هل ترين أن هذا منطقي؟”
“…..دائمًا، هكذا يكون الأمر.”
“ماذا قلتِ؟”
“دائمًا هكذا. أنتَ دائمًا تكون قاسيًا معي فقط. بينما تتصرف بلطف مقزز مع الإمبراطورة.”
ثم بدأت الملكة تضحك كالمجنونة. و امتلأت عيناها المحمرة بالحقد.
“ما بها؟ لماذا، لماذا تفعل هذا؟”
“لا أعلم. إنها مرعبة.”
همس النبلاء الذين كانوا يراقبون في صمتٍ أمام تصرفات الملكة الغريبة.
لكن الملكة تابعت حديثها بصوتٍ مرتفع ومتحمس.
“ليس جلالتكَ فقط. بل هذا العالم بأسره كذلك. أنا من كانت تبذل جهدًا أكثر، وأنا من كنتُ الأفضل. ومع ذلك، نيكيتا دائمًا هي من تحظى بالاهتمام والحب. يطلبون مني أن أعيش كنبيلة، كسيدة راقية، لكنهم في النهاية يحبون نيكيتا التي تعيش كما يحلو لها. ما المميز في تلك الفتاة الجامحة؟!”
رمشت نيكيتا بدهشةٍ حين وُجهت إليها فجأة سهام الغضب.
“…..أنا؟”
ما الذي فعلته؟
الأمر ببساطة كان غير معقول.
لكن رد فعلها المرتبك لم يزد الملكة إلا غضبًا.
“نعم، أنتِ! أنتِ دائمًا ما كنتِ تحصلين بسهولةٍ على كل ما تعبتُ من أجله. بسهولةٍ تامة! ظننت أنني أخيرًا انتصرت عليكِ عندما أصبحتُ الملكة ذات السلطة الأكبر…..”
مرت سنواتٌ بعد زواجها من الإمبراطور دون أن تحمل.
وكان الإمبراطور السابق، الذي لم يتبق له الكثير من الوقت في الحياة، يلح عليهما لرؤية حفيدٍ في أقرب وقت، ولكن دون جدوى.
ثم، ظهرت الحقيقة الصادمة كالصاعقة.
“أنا، عاقر؟”
“نعم. لا يمكنكِ إنجاب الأطفال.”
ولم تكن الصدمة قد زالت بعد، حتى انقلب القصر رأسًا على عقب بسبب هذا الخبر. الإمبراطورة لا تستطيع إنجاب وريث؟
لم يكن هناك ما هو أكثر صدمةً من هذا في قصر يجب أن يستمر فيه الدم الملكي المبارك. فأعلنت حالة الطوارئ، وبدأ البحث فورًا بين العائلات النبيلة لاختيار إمبراطورةٍ ثانية.
وهكذا، تم اختيار نيكيتا لتكون الإمبراطورة. نيكيتا غريس، التي لم تكن ترغب حتى في رؤيتها في أحلامها.
وما زاد الطين بلة، أنها لم تمضِ فترة طويلة حتى حملت وأنجبت طفلًا.
كإنه الأمير الذي وُلد تحت أعظم بركةٍ في التاريخ.”
“يا إلهي، كما هو متوقع من ابن الامبراطورة نيكيتا.”
كانت هذه الأحاديث تتردد باستمرار.
‘لا يمكن…..لا يمكن أن يكون هذا حقيقيًا.’
كم رغبت في تلك اللحظات بتمزيق نيكيتا وطفلها إربًا. كانت تتمنى أن يعيشا في شقاء، أشد بكثيرٍ مما عانته هي.
لكن، لم تتحقق تلك الأمنية. فقد تم تعيين الطفل وليًا للعهد وهو لا يزال صغيرًا، قبل وفاة الإمبراطور السابق. وكان ذلك يعني أنه ضَمِنَ مستقبل الإمبراطورية بأكمله.
لقد كان أمرًا مروعًا بحق. كيف يمكن لطفلِ امرأة كانت تكرهها بكل كيانها أن يصبح ولي العهد؟
“حقًا لم أستطع تحمُّل الأمر. لم أكن أطيقه! كيف لي أن أحتمل أن يصبح ابن امرأة لا أطيق رؤيتها وليًا للعهد؟ ها؟!”
“وماذا؟ هل قمتِ بكل هذا لأجل ذلك فقط؟ فقط لأنكِ تكرهينني؟”
تجعد جبين الملكة بغضب من نبرة الاستنكار التي تحدثت بها نيكيتا.
“فقط لأجل ذلك؟ لا. أنتِ كنتِ العائق الأكبر في حياتي. لم يكن أمرًا بسيطًا أبدًا.”
“لكن لا أظن أن هذا يبرر التضحية بعدد لا يُحصى من الأبرياء.”
قالت نيكيتا ذلك وهي تميل برأسها قليلاً بتعجب، فتقدمت وويلا خطوةً للأمام،
“كلام جلالة الإمبراطورة صحيح. حتى لو كانت جلالتكِ تكرَهها، فهذا لا يبرر إلحاق الضرر بشعب الإمبراطورية.”
“صحيح. أنتِ لا تقدمين سوى أعذارٍ واهية.”
قال هيلديون ذلك أيضًا بصوتٍ حازم.
نظر الإمبراطور إلى الاثنين للحظة، وقد ارتسم على وجهه أثرٌ طفيف من الرضا حتى وسط هذا الموقف. ثم سرعان ما أصدر أمره مجددًا وكأنه لم يعد يرغب في الاستماع أكثر.
“ما الذي تفعلونه؟ خذوا هذه المجرمة من أمامي فورًا!”
“لا. سيكون من الأفضل ألّا تفعل ذلك.”
“ماذا قلتِ؟”
ردًا على سؤال الإمبراطور، لم تجبه الملكة بكلمات، بل أخرجت شيئًا من ملابسها وصرخت.
“إن لم تريدوا الموت جميعًا، فلا يقترب أحد مني! لا أحد!”
لقد كان تهديدًا صريحًا.
“لا يمكن…..أهو نفس الشيء الذي استُخدم في مهرجان الصيد؟”
تمتمت رويلا وقد شحب وجهها، فردّت الملكة بسخرية،
“نعم، إنه نفس الشيء تمامًا. هاها، لقد زرعت المتفجرات هنا مسبقًا. من نفس النوع الذي استُخدم في مهرجان الصيد.”
وفور سماع كلمات “انفجار مهرجان الصيد”، ساد الاضطراب بين الحضور.
“حتى ذلك، كان من فعل جلالة الملكة؟”
“يا إلهي، إنها شيطانة.”
“لقد كدتُ أموت في ذلك اليوم.”
“ماذا لو حدث الأمر نفسه الآن؟”
سادت حالةٌ من الذعر بين الناس، وانتشرت العدوى النفسية للخوف بسرعة وسط الحشود.
وسط ذلك كله، تمتم الإمبراطور بصوتٍ مملوء بالأسى،
“حتى ذلك الأمر……كان من فعلكِ؟”
لقد كان ذلك مذكورًا بالفعل في الوثائق التي سلّمتها له رويلا. تلك التي كُتبت باستخدام الأداة المقدسة التي لا يمكن أن تسجّل سوى الحقيقة، لذا لم يكن هناك مجالٌ للشك.
ومع ذلك، لم يكن كل ما كُتب فيها سهل التصديق. خصوصًا، كان من الصعب التصديق أن الملكة هي من قادت الهجوم الإرهابي، ولم يكن يرغب في تصديق ذلك أصلًا.
“نعم، صحيح. كل ما حدث كان من فعلي. ولماذا أُخفي شيئًا وقد انكشف كل شيء بالفعل؟ جلالتكَ ستأمر بالقبض عليّ على أية حال.”
حتى أنها اعترفت بذلك بنفسها.
“أنتِ حقًا…..لا أجد ما أقوله.”
“ما الأمر؟ هل خابَ أملك؟ من المدهش أنك ما زلت تملك خيبةَ أمل تجاهي. حسنًا إذاً، دعني أزيدكَ خيبة. جلالتك، أطلب باحترام، إن كنت لا تريد الموت، فالأفضل لك أن تفعل ما أقوله.”
وبينما تتحدث، حرّكت الورقة التي كانت تمسك بها بطريقةٍ بدت وكأنها على وشك تمزيقها.
ورقة مهددة بالتمزق كانت كفيلةً بأن تضاعف قلق الجميع.
“أولًا، عليكَ تجهيز خيولٌ وأموال لنستخدمها للهروب.”
تنهد الإمبراطور بعمق عند كلام الملكة. وجال ببصره بين الحشود.
الكل كان يبدو خائفًا ومذعورًا. أما هي، فقد بدا أنها لم تعد تبالي بشيء.
‘إنها تبدو حقًا على وشك ارتكاب شيء كبير.’
لا خيار أمامه. لا بد من تنفيذ مطالبها الآن.
“حسنًا، سأفعل كما تطلبيـ–”
“لا، ليس عليكَ ذلك يا جلالة الإمبراطور.”
لكن رويلا قاطعته.
وعلى عكس من حولها الذين ارتجفوا من الخوف، كانت ملامحها مطمئنةً وهادئة.
ولم يكن ذلك مستغربًا.
“لقد قمنا بإزالة كل المتفجرات بالفعل.”
“…..ماذا قلتِ؟”
“يا إلهي، يبدو أن جلالة الملكة لا تسمع جيدًا.”
أجابت رويلا وهي تدندن، ثم ضربت الأرض بقدمها بقوة أمام الجميع.
“قلتُ أننا أزلنا كل شيء.”
“…..متى؟”
“كنت أتحرك بنشاط كل فجر. بعد ما حدث في مهرجان الصيد، كنت أتوقع حدوث شيء، وها هو ذا. لقد زرعتِ الكثير منها في كل مكان، أليس كذلك؟”
“لكن، لكن كيف عثرتِ عليها؟ كنت قد خبأتها بعناية.”
“بفضل مساعدة السيدة لوكيرا، أليس كذلك؟”
قالت رويلا ذلك وهي تضم يديها معًا كما لو كانت قديسةً حقيقية، وابتسمت ابتسامةً مليئة بالرحمة.
في الحقيقة، كانت الأماكن التي وُضعت فيها المتفجرات مليئةً بالخلل والآثار، مما جعل اكتشافها سهلًا. وبما أن ذلك حدث بسبب قوة لوكيرا، فلا خطأ في نسب الفضل لها.
“هل أزلتم كل شيءٍ فعلًا؟”
“نعم، كل شيء أُزيل بالفعل.”
“…..لا يمكن…..لا يمكن أن يكون ذلك ممكنًا. كيف عثرتم على هذا العدد الكبير؟ لا يمكن، لا يمكن أن يكون حقيقيًا!”
تمتمت الملكة وهي تمزق الورقة بعنف.
“آآااه!”
“واااه!”
صرخ من حولها مذعورين، لكن سرعان ما بدا عليهم الحرج والارتباك.
“…..ما هذا؟ لم يحدث شيءٌ فعلًا.”
“أجل، يبدو ذلك.”
لأنه فعلًا، لم يحدث أي شيء. لا، بل حدث شيءٌ بسيط.
فييييينغ، شييك–
صدر صوتُ هواء يتسرب من مكان ما، وارتجّت التربة قليلًا. كانت بقايا أحد المتفجرات التي تُركت عمدًا لأنها كانت تافهة جدًا.
“هل…..هل هذا أيضًا يُسمى انفجار؟”
تمتم أحدهم، بينما كانت الملكة تحدّق شاردةً في الورقة الممزقة بين يديها.
الورقة التي تمزقت دون رحمة. بدت وكأنها هي نفسها تلك الورقة.
“حتى هذا فشل…..”
ظنت أنها ورقتها الرابحة، لكن اتضح أنها كان مكشوفةً منذ البداية.
عند هذه المرحلة، شعرت بشيء يشبه…..الخواء*.
*يعني حست انها بلهاء وجتها لحظة ادراك انها صيعت وقتها
أيعقل أنها عاشت بكل ذلك الجهد فقط لتصل إلى هذا المصير؟
الأمر لم يكن مختلفًا بالنسبة للكونت والدوق. فمنذ اللحظة التي أخرجت فيها الملكة الورقة، تلاشت أي ذرة أمل كانت تراودهم.
بدوا وكأنهم مجرد رماد أبيض بعد احتراق طويل.
نظر إليهم الإمبراطور، ثم تنهد وأصدر أمره،
“خذوا هؤلاء المجرمين جميعًا.”
هذه المرة، حتى الملكة لم تُبدِ أي مقاومة.
‘نعم، خذوني إن شئتم.’
كانت تبدو وكأنها احترقت بالكامل ولم يتبقَ منها سوى الرماد، روحها فارغة تمامًا.
وهكذا، بدا أن الموقف قد انتهى أخيرًا—
“لحظةً واحدة! أرجوكَ، فقط استمع لي!”
صرخت سيلفيا فجأةً وهي تُساق بهدوء، ثم ركعت على الأرض بسرعة.
___________________
يا ليلس يختي انقلعي خلاااعص ابي مومنتات
نيكيتا مسكينة تجيك التهايم وانت نايم😭😭😭
باقي 6 فصول
شكلي بسوي لكم عد تنازلي نهاية كل فصل
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 167"