توجّهت نظرات رويلا نحو الملكة مباشرة.
“جلالتكِ، لماذا فعلتِ بي هذا؟”
قالت ذلك بصوتٍ هادئ، لكنه حازم.
شهقة-
ومع ذكر اسمٍ لم يكن في الحسبان، حبس الجميع أنفاسهم وساد الصمت فجأة.
“جلالة الملكة؟”
“جلالة الملكة هي من حاولت اختطاف القديسة؟”
“مستحيل…..لا يمكن.”
تطايرت النظرات المليئة بالشك والذهول بين الحضور، لكن سرعان ما استقرت كل الأنظار على الملكة. لكنها لم تنطق بكلمة.
‘تلك الحقيرة، في النهاية فعلتها.’
اكتفت بالنظر إلى رويلا بوجهٍ شاحب وعينين ممتلئتين بالغضب.
وفي مكانٍ غير بعيد، كان وجه الكونت أستيان والدوق كيليان اللذين راقبا الوضع يتبدل إلى السواد هو الآخر.
‘تباً، لقد وقعنا في مأزق.’
لم يكن لأحد يتخيل أن القديسة ستعود حيةً وتفضح من كان خلف ما جرى أمام هذا الجمع من الناس.
وبينما كان الكونت يعض شفتيه بقوة، تقدّم إلى الأمام بدلًا عن الملكة التي عجزت عن النطق، مخاطبًا الجميع،
“ما هذا الافتراء؟ كيف يمكن اتهام جلالة الملكة بتدبير اختطاف القديسة؟ أيعقل هذا الكلام؟”
“……نعم، أظن أن القديسة قد تكون وقعت في خطأ ما. لماذا أختطفها؟ لا بد أنه سوء فهم.”
ما إن بدأ الكونت بالكلام حتى لحقت به الملكة، وبدأت تمثّل وكأنها لم تكن في حالةِ ارتباك منذ لحظات.
ثم بدت وكأن الدموع ستنهمر من عينيها في أي لحظة.
‘يا لها من ممثلة…..كان ينبغي لها أن تعمل في المسرح.’
فكّرت رويلا بذلك بإعجاب وهي تردّ بهدوء،
“أيعني هذا أنني أنا من أساءت الفهم؟”
“بالضبط، لا بد أن ما حدث مجرد التباس. إلا إذا…..كنتِ تكذبين بقصد إحراجي؟ كلا، لا يمكن ذلك. أنا أؤمن بالقديسة.”
كان تمثيل الملكة بدور السيدة الحنون مقنعًا لدرجة أن كثيرين من الحضور بدأوا يميلون إلى تصديقها،
“نعم، لا يمكن أن تكون جلالة الملكة قد فعلت هذا. لا بد أن القديسة قد أخطأت الفهم.”
لكن، وفي اللحظة التالية—
“في هذه الحالة، هلّا ألقيتِ نظرةً على هذا؟”
وعندما رأت الملكة ما أخرجته رويلا، تجمّد وجهها فجأة.
“هذا هو…..”
ما أخرجته رويلا كان كرةً كريستالية مستديرة.
“وما شأن هذه الكرة؟”
“هذه تُعتبر من المقدسات، وهي قادرةٌ على تسجيل الأحداث كما وقعت تمامًا.”
“تُسجّل ما يحدث؟!”
“نعم. كل ما حدث منذ لحظة الهجوم على العربة التي كنتُ فيها قد سُجّل بالكامل.”
“…..وهل يوجد شيءٌ كهذا فعلًا؟”
سألت الملكة بنبرةٍ مشككة، فأجابت رويلا وهي ترفع كتفيها بلا مبالاة،
“التحفة المقدسة الخاصة بالسيدة لوكيرا مميزةٌ جدًا. هل تودّين إلقاء نظرة؟”
ثم ابتسمت بلطف، ودفعت الكرة الكريستالية لتتدحرج على الأرض.
تدحرجت الكرة حتى توقفت فجأة، وفورًا، انبعث منها نور ساطع كثيف. بينما اجتمعت الأشعة المضيئة لتشكّل مستطيلًا كبيرًا ومسطحًا.
ثم بدأ شيءٌ ما يظهر داخل ذلك المستطيل المتوهج.
البداية كانت لحظة هجوم بعض المسلحين على العربة.
***
بعد اختطاف رويلا مباشرة، اقتادها الخاطفون بعنف وألقوا بها داخل عربةٍ سوداء صغيرة.
يا إلهي، هل هذا حقيقي؟
“هاه، لم أتخيل يومًا أنني سأخطف قديسةً في حياتي.”
قال أحد الخاطفين ذلك وهو يهز رأسه بتنهيدة، بعد أن دفع رويلا بقسوة داخل العربة. لتتنهد رويلا بدورها.
‘هاه، يا للعجب.’
نعم، من كان يظن أنني سأتعرّض للاختطاف يومًا؟
‘لكن، حسنًا، كل هذا كان مخطّطًا له منذ البداية.’
نعم، ما حدث كان كله جزءًا من خطتها.
فإن كانت جماعة الملكة تنوي استغلال هذا الحدث الكبير، فأخطر من يمكن أن يعرقل مخططهم…..كانت هي.
ستحاول الإمبراطورة بأي وسيلة أن تفرق بيني وبين هيلديون. إذاً، يعني أن أحدنا يجب أن يُمنع من الحضور…..
‘بصراحة، أعتقد أنني أسهل على التلاعب من هيلديون.’
بالإضافة إلى ذلك، كانت قد أشارت عن عمدٍ إلى أنها شخص سهل الاختطاف. ففي كل مكان تذهب إليه وتلتقي بأحد، كانت تترك هذه الكلمات تتسلل إلى الحديث.
“سأذهب أولًا لاستكشاف المكان. أما بالنسبة للحراسة……أعتقد أن وجود الكثير منهم قد يجعل الناس يشعرون بعدم الراحة.”
“أنا منظمة الحدث. إذا كنتُ أنا منظمة الحدث وأرافق الحراس، سيشعر المشاركون بعدم الأمان. سيظنّون أن هناك شيئًا خطيرًا يحدث.”
نعم، بصراحة كان هذا كلامًا سخيفًا. لكن في العادة، إذا كرّرت مثل هذه التفاهات باستمرار، فإنها تبدأ في أن تبدو وكأنها كلامٌ منطقي.
وخاصةً إذا أضفتُ هذه الجملة،
“لا أظن أن أحدًا سيهاجم عربة القديسة. أليس كذلك؟”
عندها يصبح الكلام السخيف أكثر إقناعًا.
حقًا، كانت رويلا تقول هذا الكلام في كل مكان. دائمًا وهي على حذر، و تفكر أن أحدًا من أتباع الملكة قد يراقبها في أي لحظة.
وأخيرًا، جاء يوم الحدث.
عندما اعترضت العربة السوداء طريق عربتها، شعرت رويلا داخلها بفرحةٍ لا توصف.
‘واو، هل هذا ممكن؟’
لم أصدق أن الخاطفين سيأتون حقًا!
أوليفر وجاستون، بالإضافة إلى السائق (الذي تنكر كفارس)، قاموا بمراعاة الخطة مسبقًا، حيث تظاهروا بالقتال بشكلٍ مناسب ثم اختبؤوا أسفل التل.
رغم أنهم شعروا ببعض الارتباك لأن الأمور بدت أكثر واقعيةً مما توقّعوا.
“هل الجميع بخير؟”
نعم، الجميع بخير.
فكلهم مهرةٌ في القتال، لذلك لن يتعرضوا لأي ضرر.
الآن، كل ما تبقى هو…..
“اتركني! اتركني!”
بينما كانت تتظاهر بالمقاومة بشكلٍ واقعي، كانت رويلا تلتفت حولها أثناء سحبها. وفي النهاية، عندما لاحظت شيئًا، شعرت بالارتياح.
‘وجدتها.’
كانت ورقةً صفراء تطير في الرياح. وكانت هذه إشارة.
إشارةً بأن هاميل كانت تتبعها.
‘هذا رائع. إنها تتبعني كما هو متوقع.’
رغم أنها خططت لعملية <الاختطاف>، إلا أنها لم تكن لتخاطر بحياتها أو تعرضها للخطر.
لقد جمعت الكثير من المال، ولديها حبيبٌ وسيم وطيب القلب، وأيضًا عائلةٌ تدعمها وتعتني بها.
‘لا يمكنني الموت هنا.’
السلامة هي الأولوية!
حتى وإن كانت الأمور في العالم خطيرة، فما الفائدة من إنقاذ العالم إذا كنت ستفقد حياتكَ في النهاية؟
لذلك، كانت قد أوكلت الحماية إلى هاميل مسبقًا.
“بالطبع سأفعل ذلك. لا داعي للقلق. إذا لزم الأمر، سأحرق كل شيء. إذا كانت هناك مشكلة، سنذهب إلى السجن معًا.”
لا، هذا مبالغٌ فيه.
على أي حال، بفضل حماسة هاميل، لم تكن هناك أي مشاكل تتعلق بالسلامة.
إذا لزم الأمر، كانت ستحول المكان إلى بحرٍ من النار لتخلصها، لذلك كانت تشعر بالأمان التام.
‘هاها، كم هو مطمئن أن يكون لديك شخصٌ مثلها.’
وهكذا، تحت الحماية السرية من هاميل، تم سحب رويلا إلى العربة التي كانت قد أعدها الخاطفون مسبقًا.
لم تعد تبدي أي مقاومة، بل أطبقت فمها بإحكام. و رؤية تصرفها هذا جعل الخاطفين يضحكون بخفة.
“هاها، يبدو أن القديسة بدأت تخاف الآن.”
“أجل، تمامًا. إذًا، ابقي فمكِ مغلقًا. لا تقومي بالمقاومة بلا داعٍ.”
وهم يهددون رويلا، أغلقوا باب العربة بقوة وبدأوا يتحدثون فيما بينهم.
“هاه، على الأقل نجحنا في اختطافها. بصراحة، كنتُ قلقًا بعض الشيء.”
“تم دفع الأجر بالكامل، من السهل أن تمضي الأمور هكذا.”
“لكن يجب ألا نغفل عن الحذر. مهمتنا هي ‘التعامل’ مع القديسة.”
عند سماع صوت قائدهم الجاد، أومأ الآخرون برؤوسهم وأغلقوا أفواههم. بينما كان أحدهم يرفع يده خفية ثم يتحدث،
“لكن، في الحقيقة…..”
“ماذا هناك؟”
“هل تعتقدون أن العميل سيتركنا على قيد الحياة؟ بعد التخلص من القديسة، هل سيحاول قتلنا لإغلاق أفواهنا؟”
“حسنًا. إذا لاحظت أي تصرفٍ مشبوه من جانبهم، لن نبقى مكتوفي الأيدي أيضًا.”
“هل لديكَ خطةٌ بالفعل؟!”
“نعم. لذلك، أرسل الإشارة أولاً على أننا نجحنا في الاختطاف.”
“نعم! فهمت.”
أجاب الرجل وهو يُخرج شيئًا من جيبه وربطه في ساق طائرٍ كان يطير بالقرب منهم.
بعد أن تأكدوا من أن الطائر قد حلق، أدار الرجل رأسه ببطء نحو العربة.
“الآن، حان وقت التنفيذ.”
صرير-
عندما فُتح باب العربة، مدّ رجلٌ ملثم يده، وكان في يده قطعة قماش لتكميم فم رويلا. لأنه كان يخشى أن يسمع أحدهم صرختها ويأتي لإنقاذها.
عندما اقتربت يد الرجل الكبيرة ببطء نحو وجهها، بدأت عيون رويلا ترتجف بشدة.
وبمجرد أن اقتربت يد الرجل من وجهها، مدّت يدها وأعلنت بصوت قوي،
“توقف!”
“ماذا؟”
“يكفي. أسرع في كتم فمها. افعل ما يجب عليكَ بسرعة.”
“نعم! فهمت!”
تحت إلحاح قائدهم، بدأ الرجل في تحريك يده مرة أخرى. ومع ذلك، صرخَت رويلا بأعلى صوتها بعد أن كانت هادئةً طوال الوقت، محاولة أن تكافح بأقدامها.
“من أمر بذلك؟ من الذي طلب اختطافي؟!”
“هاه، ماذا ستفعلين إذا علمتِ؟ نحن أيضًا مشغولون، لذا لا تزعجينا وتعاوني معنا.”
‘أوه، أين هي ضمائرهم!’
هل يطلبون مني الآن أن أموت بهدوء؟
رويلا، التي كانت غاضبةً بشكل واضح، بدأت تكافح بشدة أكثر.
“أين تظن أنكَ تلمس؟ كيف تجرؤ على الإضرار بالقديسة؟ ألا تخافون من عقاب المعبد؟”
“آسف، نحن لا نؤمن بمثل هذه الأمور.”
“ها، ضجيجٌ لا يحتمل! لا تردوا عليها، اضربوها، واغلقوا فمها!”
قال القائد ذلك بصرامة، ثم دفع أحد رجاله بعيدًا. و بدا أنه سيضرب رويلا بيده الكبيرة على الفور.
لكن في تلك اللحظة…..
“ابقَ هادئًا!”
قعقعة عنيفة-!
مع صوت رعدٍ هائل جعل الأرض تهتز، ومض ضوءٌ ساطع في السماء، و في نفس اللحظة، سقطت صاعقةٌ حادة على عمود خشبي بجانب قدمي القائد.
“آه!”
في لحظة، قفز القائد مفزوعًا من الخوف بسبب النار التي نشبت فجأة. و اختفت ألسنة اللهب الزرقاء بعد أن أحرقت العمود الخشبي بالكامل.
كان مشهدًا لا يُصدق، جعل الجميع يقفون في حالةٍ من الذهول.
“ما كان هذا…..؟”
ردّت على همسات أحدهم بصوتٍ ضاحك،
“ماذا كان؟ بالطبع، عواقب إيذاء القديسة.”
و في نفس اللحظة، ومض برقٌ آخر ظهر في السماء.
دينغ-!
<عنصر التأثير ( 3 )
(★≧▽^))★☆
• تم تفعيل ‘برق الغضب’.>
_________________
النظام😭😭 حسبتها هاميل😂
هيلديون ياصبره كيف ماسك نفسه مايفقع وجه الملكة
المهم شكل الخاطفين هطوف دامهم هم الي جابوا رويلا😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 164"