“نعم، لا بد أنه يشعر بالتوتر.”
وفي تلك اللحظة، نظرت الملكة إلى هيلديون الذي بدا غير مرتاحٍ بطريقة ما، وابتسمت في سرها.
قبل أن يتجمع الناس، وصلت الإشارة. كانت الإشارة تدل على نجاح عملية اختطاف روِيلا. وفي اللحظة التي تأكدت فيها من ذلك، كادت الملكة أن تهتف فرحاً.
‘أخيراً، تسير الأمور كما أرغب.’
آه، يا لها من سعادةٍ غامرة.
في الحقيقة، كانت مستعدةً لاحتمال أن اختطاف القديسة لن يكون سهلاً.
“القديسة لن تكون برفقة ولي العهد أو الدوق؟”
“نعم، يبدو أنها ذهبت مسبقاً لتتفقد بعض الأمور بنفسها.”
“همم، هكذا إذاً. لكن، رغم ذلك لا بد أن الحراسة ستكون مشددة.”
“لا أظن ذلك.”
“……حقاً؟”
“نعم، لقد لمّحت في حديثٍ غير رسمي إلى أن وجود عدد كبير من الحراس قد يثير القلق والتوتر بين مواطني الإمبراطورية.”
هاه، من كان يظن أنها ستخرج فعلاً دون حراسة لأجل سبب سخيف كهذا.
‘في الحقيقة، ما زال هناك شيء يزعجني.’
حتى نجاحهم السهل جداً في اختطافها بدا مريباً بعض الشيء. لكن، لم يعد هناك مجال للتردد الآن.
علاوةً على ذلك، لم يكن يهم ما إذا كانت روِيلا قد تعمدت أن تُختطف أم لا.
‘ما دام أننا نجحنا في اختطافها أولاً…..’
فقد أُصدر الأمر بقتلها على الفور. لذا، من المفترض أنه في هذه اللحظة بالذات…..
ابتسمت الملكة ابتسامةً خفيفة، ثم أسقطت زوايا شفتيها وكأنها لم تبتسم أبداً، وهمست للإمبراطور،
“القديسة…ألم تتأخر قليلاً؟”
“نعم، لقد مضى وقتٌ طويل منذ الموعد المتفق عليه.”
وبينما بدا الانزعاج واضحاً على وجه الإمبراطور، قاومت الملكة رغبتها في الابتسام.
“لا بد أن هناك ظرفاً ما. فلا يمكن أن تكون قد تعمدت مخالفة الموعد الذي حددته الكنيسة والعائلة الإمبراطورية. مع ذلك، آمل فقط ألا تتأخر كثيراً.”
أضافت الملكة ذلك بقلق منخفض، وغطت طرف شفتيها بالمروحة.
لكن، في اللحظة التالية، تغير تعبير وجهها حين رأت ما يحدث على أطراف نظرها.
كان ديموس يقترب من هيلديون بوجهٍ يبدو عليه نوع من الحماس الغريب. وبجانبه، كانت سيلفيا ترافقه.
تسْك
‘ما الذي يحاول فعله الآن بلا فائدة؟’
أتمنى فقط ألا يتورط في شيءٍ لا داعي له.
لكن، ديموس، الذي لم يكن يعلم شيئاً عن قلق الملكة، اقترب من هيلديون بكل أريحية.
“تحياتي، صاحب السمو ولي العهد. كيف حالكَ في الفترة الأخيرة؟”
عند الكلمات التي قيلت فجأة، وجّه هيلديون الذي كان يحدق خلسةً عند المدخل طوال الوقت، نظره إليه.
ومع ذلك، لم يتلقَ أي إجابة. كل ما فعله هو أن عينيه الخضراء الهادئة مسحتا وجه ديموس ووجه سيلفيا التي بجانبه بتأنٍ. ثم حول نظره بسرعة بعيدًا.
في هذا التصرف الذي لا يختلف عن التجاهل التام، عضّ ديموس على أسنانه بقوة.
‘هاه، هو يتظاهر بالهدوء.’
لكن هذا سيكون لليوم فقط. لأنّ رويلا التي تنتظرها بشدة، لن تتمكن من القدوم إلى هذا المكان. بل، لن تستطيع القدوم أبدًا.
“على كل حال، يبدو أن القديسة لم تصل بعد.”
فقط بعد أن ذكر ديموس اسم رويلا، عاد نظر هيلديون إليه.
وحتى هذا التفاعل كان مثيرًا جدًا لدرجة أن ديموس لم يستطع إخفاء ابتسامته. وأكمل كلامه بنبرة تهكمية.
“يا للعجب، من كان يظن أن القديسة ستتأخر عن هذا الحدث الذي كان الجميع يتطلع إليه بشوق.”
“…….”
“يبدو أن القديسة لم تستفق بعد. ربما عاد إليها أحد عاداتها القديمة. أو، هل يمكن أنها وقعت في مأزقٍ ما؟ ما رأي سمو ولي العهد؟”
“أعتقد أن ذلك عديم الأدب.”
“هاها، عديمة الأ…..ماذا؟”
ردّ ديموس تلقائيًا، ثم شكّ في ما سمعه.
هل قال هيلديون للتو أن القديسة “عديمة الأدب”؟
‘ما الأمر؟’
هل يمكن أن تكون العلاقة بينهما قد توترت في هذا الوقت القصير؟
“تصرف السيد كيليان وقحٌ حقًا.”
“ها، ماذا قلت؟”
“قلت أنكَ وقح. هل السيد كيليان لا يسمع جيدًا؟”
“ما الذي تقصده الآن…..!”
“سيدي كيليان.”
من أوقفت ديموس الذي كان على وشك الانفجار كانت سيلفيا. وقد تمسكت به بالكاد وتحدثت بصوتٍ مرتجف موجهة حديثها إلى هيلديون.
“حتى لو كنتَ سمو ولي العهد، فإن كلماتكَ قاسية جدًا. كيف لك أن تقول إن سيدي كيليان وقح؟”
“آه. إذًا يا آنسة، تقصدين أنني كان يجب أن أتغاضى عن إهانة السيد للقديسة أمام ولي العهد؟”
“ماذا؟ ل، لا، لم أقصد ذلك…..”
لم تجد سيلفيا ما تقوله، فخفضت بصرها.
“السيد كيليان أهان القديسة أمام ولي العهد. فهل هو يريد إهانة العائلة الإمبراطورية، أم يريد إهانة المعبد؟ آه، أم ربما…..”
تحدث هيلديون بصوتٍ هادئ وهو يرفع حاجبه قليلًا.
“هل يريد إهانتهما معًا؟”
“لا يمكن ذلك. كنا قلقين فقط. لقد بالغتَ في التفسير.”
“آه، حسنًا. إذا كنتِ ترين الأمر كذلك، فلماذا لا تكفين عن الحديث وتغربي عن وجهي.”
‘تـ…..تغربي’؟
“أنا اليوم في حالة غير مستقرة، لذا قد أبالغ أكثر مما فعلت. لذا، فقط لا تظهرا أمام ناظري.”
من الكلمات القاسية والنظرة الحادة غير المعتادة، ارتبك ديموس للحظة.
‘إنه غاضبٌ بشدة على ما يبدو.’
هل هو غاضب لأن رويلا لم تصل بعد؟ أم أن قلقه المفرط تحوّل إلى غضب؟
ابتلع ديموس ريقه الجاف وهز رأسه موافقًا دون اعتراض. مهما يكن السبب، فإن هذا التصرف المتعجرف لن يستمر طويلًا على أي حال.
“نعم. لا أعلم ما السبب، لكن يبدو أن مشاعركَ منفعلة، لذا سننصرف الآن. هيا بنا، سيلفيا.”
“نعم، إذًا، نستأذن.”
استدار ديموس مع سيلفيا، لكنه توقف فجأةً قبل أن يخطو ثلاث خطوات. ثم أدار رأسه قليلًا ونظر إلى هيلديون.
“إذا حضرت القديسة، أرجو أن تنقل لها تحياتي. إن…..وصلت بسلام، طبعًا.”
وعند كلمات ديموس التي نطقها بصعوبة، ردّ عليه هيلديون،
“بالطبع. سأبلغها تحياتكَ.”
وردّ بابتسامةٍ خفيفة.
‘لحظة، ابتسامة؟’
لماذا يبتسم فجأةً في هذا الموقف؟
وبينما كان ديموس يميل برأسه متعجبًا،
“ما هذا؟”
“يا إلهي، ما هذه السحب الضبابية…..؟”
بدأ الناس يهمسون واحدًا تلو الآخر، وبدأ الجو فجأة يزداد اضطرابًا. والسبب الذي جعل الأجواء تنقلب بهذا الشكل، كان،
“…..غبار؟”
كان غبارًا ترابيًا كثيفًا. غبارٌ بدا وكأنه ضباب من شدة كثافته. وما زاد غرابته، هو أنه كان يقترب بسرعة نحوهم.
“…..ما هذا بحق؟”
ولم يستغرق الأمر طويلًا حتى كُشف عن حقيقته، بسرعة تماثل تصاعد سحب الغبار.
كانت عربةً صغيرة سوداء. وفور أن رأى من نزل منها، لم يصدق ديموس عينيه.
“…..هـ، هذه المرأة، كيف؟”
فمن نزلت متكئةً على ذراع رجل ملثم بثيابٍ سوداء، لم تكن سوى رويلا.
ولم يكن ديموس وحده من أصيب بالدهشة.
“القديسة؟!”
“آه، لقد وصلت أخيرًا.”
“نـ، نعم، فعلًا…..”
الملكة التي تمتمت بذهول دون وعي منها، تمالكت نفسها بصعوبة عند سماع صوت الإمبراطور وهو يرحب بالقديسة.
‘كيف وصلت إلى هنا؟ بل، تلك العربة، أليست…..؟’
تلك العربة كانت تشبه تمامًا عربة أولئك الذين استأجرتهم لاختطافها. ولم يخالفها التوقع، فقد قفز من خلف رويلا رجلٌ ملثم آخر نزل من العربة.
قفز بحركة غير متزنة، ثم بدا مرتبكًا، قبل أن ينحني لرويلا بزاوية تسعين درجة.
“……ما الذي يحدث؟”
كانت الملكة في قمة الارتباك. و لم تستطع فهم سبب انحناء ذلك الرجل أمام القديسة.
بل في الواقع، لم تستطع فهم أي شيء، لا من البداية ولا من النهاية.
لم يكن في هذا الموقف ما يمكن إدراكه أو تخمينه. لكن الشيء الوحيد الذي كانت متأكدةً منه هو،
‘لقد فشلت. هذه المرة أيضًا، فشلت.’
الخطة هذه المرة أيضًا تعرضت لعطبٍ كبير.
لكن لماذا؟ لقد قيل أن عملية الاختطاف نجحت. وكان من المفترض أن يتم التخلص منها فورًا بعد اختطافها.
فلماذا، إذًا، تظهر الآن أمام الجميع بهذه الطريقة؟
بينما كانت تقضم شفتها بتوتر غارقةً في التفكير، كان الدوق بريتا وهيلديون يسرعان بخطواتٍ عجولة نحو رويلا.
“هل أنتِ بخير؟ رويلا؟”
“هل أصبتِ بشيء؟ ثيابكِ في حالةٍ مزرية.”
“الآن بعد أن نظرت جيدًا…..فعلاً، ثيابكِ في فوضى. هل تعرضتِ لإصابة؟”
وأمام سيل الأسئلة والقلق الذي انهمر عليها دون فرصةٍ للرد، ابتسمت رويلا وأومأت برأسها.
“أنا بخير تمامًا. لا تقلقوا. صحيحٌ أنني صادفت بعض الخاطفين في طريقي…..”
“…..خاطفين؟”
“اختطاف؟”
على عكس رويلا التي تحدثت بكل هدوء، اشتعلت شرارةٌ الغضب في عيني هيلديون والدوق دفعةً واحدة.
سارعت رويلا بتهدئة الاثنين القلقين.
“أنا بخير، حقًا. لقد مرّ كل شيء بسلام. بل إنني علمتُ، من خلال أحد الخاطفين، من الذي أمر باختطافي.”
“أتعنين أنكِ تعرفين من كان خلف اختطافكِ؟”
“نعم. لقد تمكنتُ من إجبارهم على الاعتراف. لكن الشخص الذي كان خلف ذلك…..كان صادمًا حقًا.”
“ومن يكون هذا الشخص؟ قولي لي حالًا، وسأذهب إليه بنفسي وأجعله عبرة!”
ومع إلحاح الدوق الغاضب، تنهدت رويلا كما لو أنها لا تملك خيارًا وفتحت فمها لتتكلم.
“الشخص الذي كان خلف الأمر، في الواقع…..”
تحدثت بصوتٍ حزين ومرير، لكنه عالٍ بما يكفي ليسمعه الكثيرون من الحضور.
وفي الأجواء التي خيم عليها الصمت فجأة، تحوّل كل انتباه الحاضرين إلى رويلا.
“من كان خلف ذلك هو—”
___________________
رويلا تبلع دراما ونشويق وش ذا القفله😭😭😭😭😭
هو واضح من بتقول بس يعني كان قلتيه وخلصتوا الفصل
المهم ديموس الغبي كأنه فضح نفسه😂
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 163"