في طريق عودتي من قاعة اللقاء بعد أن قابلت جلالة الإمبراطور بمناسبة حدث خيري.
“سموك؟”
“رويلا.”
عندما رأيت هيلديون من بعيد أسرعت بخطاي واقتربت منه.
“هل كنتَ تنتظرني؟”
“نعم، لقد اشتقتُ إليكِ.”
نظرتُ حولي قليلاً بتردد بسبب تصرفه الجريء والواثق.
جيد، هناك الكثير من الناس حولنا لكنهم يتظاهرون بأنهم لا يرون شيئًا.
‘…..أحسنتم جميعًا، استمروا’
لكنني، صاحبة الشأن، لم أملك سوى أن أبتسم
“شكرًا لكَ، أنا أيضًا اشتقت إليكَ.”
المكان الذي توجهنا إليه كان الحديقة السرية
“أشعر أنني لم آتِ إلى هنا منذ زمنٍ طويل.”
“حقًا.”
“الوقت يمر بسرعة فعلًا، أليس كذلك؟”
“نعم، صحيح.”
أجاب هيلديون بابتسامةٍ خفيفة، لكنه بطريقةٍ غريبة لم يكن ينظر إلي بل كان يحدق في مكانٍ آخر.
‘آه، ها هو مرة أخرى.’
في الحقيقة، كان على هذه الحال منذ أن أُغمي علي واستفقت. يبدو أنه هو أيضًا صُدم كثيرًا بسبب غيبوبتي التي استمرت أربعة أيام.
أو ربما، كما قال والدي، هو يشعر بالمسؤولية.
‘يا له من أحمق.’
تنهدت بعمق، ثم وخزت كتف هيلديون بخفة.
“سموك.”
“……؟”
وبدلًا من الرد، التفت إليّ، وفي تلك اللحظة وخزت وجنته بإصبعي السبابة التي كنت قد مددتُها مسبقًا.
ربما لم يكن يتوقع هذه المزحة، ففتح عينيه على اتساعهما ونظر إلي بدهشة.
وحين تلاقت أعيننا، لم أستطع كتم ضحكتي.
“هاهاها، أنتَ لطيفٌ جدًا، حقًا لطيف.”
قلت ذلك كما لو كنت أحدث نفسي، ثم انفجرت ضاحكة، فارتسمت ابتسامةٌ خفيفة على وجه هيلديون الذي كان يحدق بي بذهول.
“سموك.”
سحبت يدي التي كانت توخز خده، ثم أمسكت خديه بكلتا يدي برفق.
“ها أنتَ تبتسم أخيرًا.”
“…..آه.”
تنهد هيلديون بصوتٍ منخفض، وكأنه للتو أدرك ملامح وجهه.
“أنا أحب رؤيتكَ تبتسم، سموك. لذا، توقف عن العبوس وابتسم.”
“…..لكن.”
“لكن؟ لكن ماذا؟”
صمت لوهلة، ثم تنهد بخفةٍ وتكلم بصوت منخفض.
“تخطر في بالي صورة رويلا وهي تنهار في ذلك اليوم، ولهذا…..لا أستطيع أن أبتسم.”
“آه، إذاً في النهاية، أنا الحالية قد هُزمت أمام رويلا في تلك الأيام؟ رويلا الصحية تقف أمامكَ الآن، لكنكَ لا تفكر إلا في تلك التي أغمي عليها…..”
قلت ذلك بنبرةٍ حزينة، فهز هيلديون رأسه بسرعة وكأنه ارتبك.
“لا، ليس كذلك أبدًا.”
“حقًا؟ هل تقول الحقيقة؟”
“طبعًا.”
“إذاً، من الآن فصاعدًا، لا تفكر في تلك النسخة مني، فقط انظر إليّ الآن وابتسم. اتفقنا؟”
مددت إصبعي الخنصر بثبات، فتردد هيلديون قليلاً وهو يرمش، ثم رسم ابتسامةً خفيفة وعلق خنصره بخنصري.
“نعم، أعدكِ.”
“جميل. يا إلهي، انظر إلى وجهكَ الشاحب، لو رآك أحدهم لظن أنكَ أنت المريض.”
“منذ أن فقدتِ وعيكِ، لم أستطع النوم من شدة القلق.”
“حقًا؟!”
“نعم، وحتى بعد أن استفقْتِ، لم أستطع النوم بسبب قلقي من ‘تلك الخطة'”
عند كلماته الأخيرة، أنا من أزاح نظره بصمت هذه المرة
لأني كنت أعلم جيدًا لماذا قال ذلك تحديدًا.
“…..أنا حقًا بخير، أقول لكَ ذلك لأنني متأكد.”
“لكنني ما زلتُ قلقًا.”
كان صوته الذي تمتم به وهو يعض شفتيه خافتًا وخاليًا من القوة.
أدرت عيني للحظة، ثم سحبت وجنتيه اللتين كنت أمسكهما بكلتا يدي، وقبّلته بخفة.
قبلةً صغيرة-
توسعت عيناه بدهشة ونظر إليّ مباشرة.
“أنا بخيرٍ فعلًا، سموك. أعدكَ. لن أتأذى. لا، في الأصل، حتى إن تعرضت للخطر، فأنت ستنقذني، أليس كذلك؟”
“…..بالطبع.”
“نعم، إذاً هذا يكفيني. بما أن سموك ستحميني، لا شيء أخشاه بعد الآن.”
قلت ذلك، ثم أنزلت يدي التي كانت تمسك وجهه، وعانقته بشدة.
ولأكون دقيقة، بدى وكأنه هو من يحتضنني.
“لنذهب في رحلة بعد أن تنتهي هذه الأمور.”
“رحلة؟”
“نعم، رحلة. في ذلك الوقت، سنتخلى عن أدوارنا كقديسة وولي عهد، ونتصرف كأي عاشقين عاديين. ما رأيكَ؟”
“فكرةٌ رائعة.”
“أليس كذلك؟”
وبعدها، ظللنا نتحدث بحماسٍ عن ما سنفعله في المستقبل.
عندما ينتهي كل شيء، ويعم السلام الكامل هذا العالم.
في عالمٍ أصبح أخيرًا آمنًا، بدأنا نتحدث عمّا نود فعله مع من نحب.
وهكذا، مر الوقت، وطلع فجر يوم المعركة الحاسمة.
***
في يوم الحدث. رويلا، التي ارتدت فستانًا أبيض بسيطًا، وقفت أمام عربة عائلة الدوق.
كانت جين وماري، اللتان كانتا تجهزان ملابسها حتى اللحظة الأخيرة، تطلقان تنهيدات قلقةً واحدة تلو الأخرى.
“يا إلهي، لم التنهدات في يومٍ جميل كهذا؟”
“لا أدري…..كان حلمي الليلة غريبًا ومزعجًا قليلًا.”
جين، التي بدت عيناها متعبتين وكأنها لم تنم جيدًا، تمتمت بذلك وهي تعبس بشفتيها.
“…..حقًا؟”
“نعم. لذا، ألا يمكنكِ فقط الذهاب مع الدوق بدلًا من الذهاب وحدكِ؟”
ابتسمت رويلا بخفة عند كلام جين ورفعت كتفيها.
“هذا…..لا يبدو خيارًا سيئًا، لكن للأسف عليّ أن أذهب باكرًا لأتفقد بعض الأمور.”
“لكن—”
“قلتُ أنني بخير. أليس هناك قولٌ يقول أن الأحلام تعني العكس في الواقع؟ ثم إن أوليفر وغاستون سيرافقاني كحراس، فلمَ القلق؟ أليس كذلك، أيها الإثنان؟”
وعند سؤالها، أومأ أوليفر وغاستون برأسَيهما مؤكدين.
“سأبذل قصارى جهدي.”
“وأنا كذلك، سأؤدي مهمتي على أكمل وجه.”
“انظري إليهما، منضبطان جدًا. قلتُ أنه لا داعي للقلق. أليس كذلك، ماري؟”
اكتفت ماري بابتسامةٍ خفيفة دون أن تجيب مباشرة. و يبدو أنها كانت تشارك جين نفس الشعور.
‘حقًا، كل من حولي لا يعرف سوى القلق.’
ورغم أن هذا القلق كله موجّهٌ لها وحدها، إلا أن مجرد التفكير بذلك كان يبعث الدفء في قلبها.
ابتسمت رويلا بلطف، ثم عانقت الاثنتين معًا.
“لا تقلقا فعلًا. إنها مجرد نزهةٍ بسيطة، لا أفهم لماذا أنتما متوترتان إلى هذا الحد.”
“…..معكِ حق. كلامكِ صحيح يا آنستي.”
“أليس كذلك؟ إذاً—”
تراجعت خطوتين إلى الوراء ولوّحت لهما بيدي.
“أراكما لاحقًا.”
“نعم، آنستي.”
“سنكون بانتظاركِ.”
وبعد هذا الوداع القصير، صعدت رويلا إلى العربة.
ولأجل جين وماري اللتين ظلّتا تنظران إليها بقلق، لوّحت بيديها لهما بحيوية.
وانطلقت العربة وسط وداعٍ مليء بالقلق من الاثنتين.
وبعد وقت قصير—
دوي-
“آاااه!”
“آنستي، ابقي داخل العربة! لا تخرجي أبدًا، مفهوم؟!”
“من أنتم؟! ومن أرسلكم؟!”
تحققت مخاوف جين بالفعل.
كان ذلك أثناء توجههم إلى موقع الحدث، عندما مرّوا بطريق نادراً ما يمر به أحد.
“حاصروا العربة!”
ظهرت فجأة مجموعةٌ من الرجال المقنّعين بالأسود وأحاطوا بالعربة. و تحوّل الطريق الهادئ في لحظة إلى ساحة فوضى.
انطلق أوليفر وغاستون فورًا لمواجهتهم، لكن عدد الأعداء كان كبيرًا جدًا بالنسبة لهما.
داخل العربة، كانت رويلا تمضغ أظافرها بقلق قبل أن تفتح النافذة قليلًا وتنظر إلى الخارج.
وفي تلك اللحظة-
“…..أوليفر! غاستون!”
رأت بعينيها كيف سقط الاثنان يتمايلان، والدماء تغطي جسديهما، وتدحرجا أسفل التل.
حتى السائق، الذي كان يقاوم بسوطه، لم يسلم من نفس المصير.
وبعد لحظات من اختفاء الثلاثة أسفل التل، فُتح باب العربة بعنف، واقترب رجل مقنّع وأطلّ بوجهه داخلها.
“أوه، القديسة المحترمة.”
ظهرت ابتسامةٌ خبيثة بوضوح من خلف القناع.
“أنصحكِ بعدم المقاومة، سيكون هذا أفضل لك.”
وما إن أنهى جملته، حتى بدأ الرجال بالضحك وهم يسحبون رويلا بعنف من العربة.
***
“ما الأمر؟”
“…..عذرًا؟ ماذا تقصدين؟”
ردّ هيلديون مستنكرًا سؤال والدته، نيكيتا، رافعًا حاجبيه.
ماذا تعني؟
أدارت نيكيتا عينيها وأشارت إلى المدخل الذي كان هيلديون لا يكف عن التحديق نحوه بين الحين والآخر.
“أنت لا تكف عن التطلع إلى هناك، تمامًا مثل كلب ينتظر عودة صاحبه.”
“يا للعجب. يا لها من طريقة تعبير جريئة، صاحبة الجلالة.”
تدخل هيسيتن، الذي كان يقف بهدوءٍ خلفهما، فأطلقت نيكيتا ضحكةً صغيرة بعد أن شهقت بدهشة مصطنعة.
“أوه، زلّة لسان. نشأتُ على طبيعتي، كما تعلمان. على أي حال، لماذا تبدو متوترًا هكذا؟”
“لا شيء على الإطلاق.”
“همم. هل الأمر يتعلق برويلا؟”
رغم رده الجاف، تمتمت نيكيتا كما لو كانت تحدث نفسها.
وهنا تجمدت ملامح هيلديون للحظة.
“…..كيف عرفتِ؟”
“وهل هناك من يمكنه التأثير عليك عاطفيًا غير رويلا خاصتنا؟”
“رويلا خاصتنا؟!”
قال هيلديون ذلك بانفعال، فأطلقت نيكيتا ضحكةً خفيفة ساخرة.
‘هل هذا هو المهم بالنسبة له الآن؟ أنني قلت “رويلا خاصتنا”؟’
“وماذا في ذلك؟ إنها صديقتي. بل، خطيبة ابني المستقبلية أيضًا.”
عند كلمة “خطيبة ابني المستقبلية”، ارتخت أخيرًا الجبهة المتجهمة لهيلديون تدريجيًا.
“…..عند التفكير بالأمر، هذا ليس لقبًا سيئًا أبدًا.”
“أليس كذلك؟ إذًا، ما الذي يشغل بالكَ؟”
اكتفى هيلديون بإلقاء نظرةٍ خاطفة على ساعته بدل الرد.
“آه، مملٌ كعادتكَ. هيسيتن، ألا تعرف لماذا هو يتصرف هكذا—”
“لا أعرف، ولا أريد أن أعرف.”
“…..أوه، حسنًا.”
وبعد هذا الرد القاطع، اكتفت الإمبراطورة بهز كتفيها دون أن تسأل أكثر.
حسنًا، لا بأس. لا يبدو أمرًا كبيرًا.
‘ربما كان يريد أن يأتيا معًا، لكن اضطرا للحضور كلٌ على حدة، لذا هو ينتظرها فحسب، أليس كذلك؟’
هكذا فكرت ببساطة وهي تنظر إلى الساعة كما فعل هيلديون. لكن سرعان ما أدركت أنها كانت مخطئة.
“لماذا لم تصل القديسة بعد؟”
“الحدث على وشك أن يبدأ.”
“المزاد من المفترض أن تديره القديسة بنفسها—”
وبينما كان موعد الحدث يقترب، ولم تظهر رويلا بعد، بدأ التوتر يخيّم على وجوه أعضاء المعبد بوضوح.
ومع وصول الدوق متأخرًا قليلًا، عبس وجهه بحدة عندما لاحظ غيابها، وأخذ يتلفت قلقًا في كل الاتجاهات.
حتى الإمبراطور أظهر انزعاجه من تجاوز رويلا للموعد المحدد.
‘…..هل يعقل أن مكروهًا قد حصل لها فعلًا؟’
تسللت مشاعر قلق غريبة إلى قلب نيكيتا، فعادت بنظرها نحو هيلديون مرة أخرى.
__________________
شكل ذي خطة رويلا؟ انها تروح لحالها وتصير طعم؟ ليه يختي قلب ابوس بيطيح😭😭😭😭
هيلديون لو بيده طار الحين بس المشكله انه مب ساحر
نيكيتا عندها كلمة سريه عشان يروق هيلديون
الي هي: خطيبة ولدي المستقبلية✨
Dana
التعليقات