بسبب حضوري الطاغي الذي جذب انتباه الجميع في القصر، أسرعت بسحب والدي وهيلديون وعدنا إلى الغرفة.
هاه، ما هذه الفوضى بحق.
دوّي-
ما إن أُغلِق الباب حتى استدرتُ ووبّخت والدي.
“…..تطرد سمو ولي العهد بالكذب؟ هل تظن أن هذا منطقي؟”
“أهم، أنا لم أكذب قط.”
“لقد قلتَ أنني مريضة ولا يمكنني مقابلته.”
“في نظري، أنتِ لا تزالين مريضة. مريضةٌ بالكاد تقدر على لقاء أحد.”
“آه.”
هل تسمي هذا كلاماً يُقال الآن؟
لكن والدي لم يُبدِ أي نيةً للتراجع عن موقفه.
هاه، يا إلهي، يا للمصيبة.
“أعتذر يا سمو ولي العهد، سأعتذر بالنيابة عن والدي.”
“أنا بخير–”
“ولِمَ تعتذرين أنتِ؟!”
“آه.”
أرجوكَ، على الأقل افهم قصدي.
لكن للأسف، لم تُفهم نيّتي.
“من الأساس، ألم يحدث كل هذا لأن سموه أخذكِ سراً للخارج؟! حتى لو كنتِ قديسة، أن يُجبركِ على العمل بلا توقفٍ ليلاً و نهاراً، هذا استغلالٌ للعمل، استغلال!”
واو، هل يمكن لأحد أن يُسكت والدي، رجاءً؟
يبدو أن انهياري لمدة أربعة أيام قد صدمه كثيراً.
فهو في العادة رجلٌ يحافظ على وقاره أمام ولي العهد، لكنه الآن يتصرف بانفعالٍ وطفولية.
ليس أنني لا أفهمه، لكن ما ذنب هيلديون في كل هذا؟
‘ولماذا يبدو هيلديون وكأنه مذنبٌ حقيقي؟’
حتى نظراته توحي بإحساسٍ مقدّس بالذنب.
آه يا إلهي، يا للمصيبة.
‘هاه، لا أعلم حتى أنا ما يجري.’
وضعتُ يدي على رأسي ثم جلستُ على الأريكة بثقل،
“الأمر ليس كما تظنون. سمو الأمير لم يستغلني قط، بل أنا من جررته للخروج.”
“…..كـ-هم.”
“ثم إنني لم أنهَر بسبب الإرهاق أو المرض.”
حتى والدي، الذي كان يتظاهر بعدم الاكتراث، بدا وكأنه مهتمٌ قليلاً بما قلته فاختلس النظر إليّ.
“ألستِ تكذبين لتدافعي عن سموه؟”
“لا، ليس هذا ما أقصده…..”
“إذاً ما السبب؟”
“لقد حلمتُ بالسيدة لوكيرا، فشعرتُ بصدمةٍ شديدة وسقطتُ مغشيًا عليّ.”
[أ-أنا؟]
بمجرد أن ذُكر اسمي فجأة، اتسعت عينا جيلي ونظرت إليّ بدهشة.
ماذا؟ لماذا؟ ما المشكلة؟
‘دعيني أستغلّكِ قليلاً هذه المرة.’
هذا هو مبدأ التعاون المتبادل، أليس كذلك؟
“حلم؟”
“نعم، أنت تعرف عن العقار الأزرق الذي كنتُ أحقق فيه مع سمو ولي العهد صحيح، صحيح؟”
“طبعًا أعرف. الإمبراطورية تضجّ بالحديث عنه هذه الأيام.”
“في الحقيقة، الأمر مرتبطٌ بقضية أعمق بكثير.”
في تلك اللحظة، التقطتُ أنفاسي ثم نظرتُ نحو هيلديون، كأنني أطلب الإذن منه لأخبر والدي بكل شيء.
ورغم صمته طوال الوقت، إلا أنه بدا وكأنه فهم نظرتي، فأومأ برأسه بخفة.
“أبي، أرجوكَ استمع جيدًا لما سأقوله الآن.”
افتتحتُ حديثي بنبرةٍ جادة ومهيبة، ثم بدأت أشرح باختصار ما حدث حتى الآن.
عن لعنة هيلديون، وسيلفيا التي تستعمل القوة المقدسة لأهوبيف، وعن دور العقار الأزرق في تدمير الناس، وكل من يقف خلف هذه الأمور.
الحديث وصل حتى الملكة، والكونت، والدوق كيليان.
وخلال كل تلك التفاصيل، بدأ وجه والدي يزداد برودة شيئًا فشيئًا، حتى أنه في النهاية أطلق تنهيدةً عميقة.
“حقًا، لا أصدق ما سمعته.”
كان صوته ثقيلاً لدرجةٍ يصعب تصديق أنه نفس الشخص الذي كان يتصرف كطفلٍ قبل قليل.
“أن يرتكبوا أمرًا بهذه الخطورة طمعًا في العرش…..هذا أمرٌ لا يُغتفر.”
“صحيح، والأسوأ من ذلك، إن تركنا الأمر على حاله، فقد يعود أهوبيف فعلًا.”
“يجب أن نمنع حدوث هذا مهما كلّف الأمر.”
هززت رأسي موافقةً على كلام هيلديون، ثم نظرت إلى والدي بنظرة معاتبة.
“بالضبط. لذا، توقف عن اتهام الأبرياء، وساعدني يا أبي، أرجوكَ.”
“همم، حسنًا، بما أنها حالةٌ طارئة فلا مفرّ. ولكن، هل لديكم طريقةٌ مؤكدة للإيقاع بهم جميعًا؟ الأدلة التي جمعتموها حتى الآن ممتازة، لكن–”
توقف أبي عند هذا الحد، لكنه لم يكن من الصعب تخمين ما كان سيتابع به.
من الواضح أنه يقصد أننا بحاجةٍ إلى دليل أكثر قوة وحسمًا.
‘حتى في المهمة، طُلب منا ثلاث أدلة.’
دليلٌ واحد. كنا بحاجة إلى دليل واحد إضافي وأكيد.
وبالنسبة لهذا الجزء–
“لقد فكّرت بالأمر مسبقًا.”
بمجرد أن قلتها، التفت كلاهما نحوي في اللحظة نفسها.
ابتسمتُ ابتسامةً خفيفة وأشرت لهما بيدي كما لو أنني سأكشف سرًا.
وبعد لحظات…..
ما إن انتهيتُ من شرح الخطة حتى جاء الرد مباشرة.
“لا يمكن.”
“أنا أعارض.”
يا للمفاجأة، من يراهم يظن أنهم اتفقوا مسبقًا.
“مع ذلك، هذه الطريقة هي الأكثر ضمانًا.”
“لكنها أيضًا قد تعرّضكِ للخطر.”
“صحيح، رويلا. لا يمكننا السماح لكِ بأن تضعي نفسكِ في موقفٍ خطير.”
مرة أخرى، جاء الرد متشابهًا.
“أعرف أنكما قلقان علي، وأقدّر ذلك كثيرًا. لكن هذه المرة…..لا أستطيع التراجع.”
نعم، لقد حان الوقت لإنهاء هذا الصراع الطويل حقًا.
“أريد أن أعيش في عالمٍ آمن، مع من أحب، بسلام…..وبأسرع وقتٍ ممكن.”
“رويلا.”
رددت على نداء هيلديون الضعيف بابتسامةٍ خفيفة، ثم أكملت.
“الآن هو أفضل توقيتٍ ممكن. خصومنا محاصرون، وإن أُتيحت لهم فرصة للرد، فلن يفوّتوها مهما كلف الأمر.”
بمعنى آخر، إن نصبنا لهم الفخ الآن، فهم في وضعٍ لن يستطيعوا فيه إلا الوقوع فيه رغم علمهم بأنه فخ.
هذه هي الفرصة. فرصة لرمي الطُعم.
“لذا، أرجوكما، شاركوني في هذه المهمة. موافقان؟”
وفي النهاية، من رفع الراية البيضاء كانا هيلديون وأبي.
***
<عاجل!
• إقامة فعالية تبرعاتٍ برعاية القديسة!
: تُقام فعالية تبرعات ضخمة تحت رعاية القديسة. ويُقال أن الحدث سيكون على شكل مزاد خيري، وستُخصص العائدات لمساعدة ضحايا “العقار الأزرق” الذي يُثير ضجةً في جميع أنحاء الإمبراطورية هذه الأيام.
كل من المعبد والعائلة الإمبراطورية عبّرا صراحةً عن تطلعهما لهذا الحدث وأعلنا نيتهما بالحضور.
ومن المتوقع أن يكون هذا الحدث حافلاً بحضور كبار الشخصيات…
وبسبب مخاوف أمنية، سيُسمح في الوقت الحالي بحضور النبلاء فقط.
إلا أن الهدف المعلن هو تحويله لاحقًا إلى فعالية تشمل جميع أبناء الإمبراطورية.>
راحت الملكة تتصفح المقال ببطء.
كان هذا أحد المقالات المنتشرة في جميع أرجاء الإمبراطورية مؤخرًا.
أينما ذهبت، كانت تجد مقالًا مشابهًا.
‘القديسة، القديسة، القديسة.’
تباً لتلك القديسة!
بينما كانت تضغط بأطراف أظافرها على زاوية الجريدة بانفعال، تجرأ الكونت أستيان وتحدث بصوت خافت وهو يراقب مزاجها.
“إنها فرصة يا جلالتك.”
“…..فرصة، أهكذا تراها؟”
سألت الملكة بنبرة حادة، فأومأ الكونت برأسه بثقة دون تردد.
“نعم. صحيح أن هناك بعض الأمور المريبة، لكن مع ذلك…..لا يمكن إنكار أنها فرصةٌ بالفعل.”
وكان محقًا في ذلك.
رغم أن شعورًا مزعجًا وغامضًا كان يراودها، إلا أن الملكة كانت تعلم أن هذه الفرصة لا تُعوّض لبدء التحرك.
فعالية تُنظّمها القديسة ويحضرها عددٌ كبير من كبار الشخصيات.
إن تم تحويل هذا الحدث إلى فوضى، ودُفع هيلديون إلى فقدان السيطرة–
ىفحينها ستتجه كل الشكوك والاتهامات نحوه وحده.’
وفوق ذلك، يمكن تحميل القديسة، بصفتها المنظمة، جزءًا من المسؤولية أيضًا.
وفوق هذا كله، كانوا الآن محاصَرين من كل الجهات.
‘لعنة هيلديون تزداد ضعفًا، وقوة القديسة تزداد قوة.’
صحيحٌ أنهم تخلصوا بسرعة من الأدلة المرتبطة بالعقار الأزرق، لكن القلق ظل يراودهم.
وإن تم تقييدهم أكثر، فسوف يصبح من الصعب عليهم التحرك بحرية. بل وقد يضطرون للاختباء لفترة طويلة.
وإن حدث ذلك، وتمكنت القديسة من تطهير هيلديون من لعنته تمامًا أثناء اختبائهم؟
“حينها ستتحول خطتنا إلى مجرد ورقةٍ بالية، لا، إلى قمامة لا قيمة لها.”
تمتمت الملكة بتلك الكلمات، ثم وجّهت بصرها نحو سيلفيا التي كانت تقف هناك صامتةً بارتباك.
“سيلفيا.”
“ن-نعم! يا جلالتك.”
“ما مدى بقاء أثر اللعنة في جسد ولي العهد حاليًا؟”
ترددت سيلفيا قليلاً، ثم تنهدت وأجابت بتردد،
“…..لقد تلاشى الكثير. إن استمر الحال هكذا، فهناك احتمال حقيقي بأن تتمكن القديسة من تطهيره بالكامل.”
“كما توقعت…..إذًا هذا هو الوضع حقًا.”
تمتمت الملكة بنفاد صبر، فسارع الكونت بإضافة كلامه،
“جلالتك، يجب أن تنتهزي هذه الفرصة. قد تكون بالفعل الفرصة الأخيرة أمامنا.”
“أنا أيضًا أرى ذلك…..”
أجابت سيلفيا بحذر، مؤيدةً له.
وإن كانت هي، التي عادةً ما تلتزم الصمت، تبادر بالكلام الآن، فهذا يعني أن الوضع بات طارئًا حقًا.
“الفرصة الأخيرة، هاه…..”
نعم، إن كانت كذلك، فلا بد من انتهازها حتى إن كان ذلك يعني تحمل بعض المخاطر.
لكن، رغم اتخاذ القرار بالمضي قدمًا، كان هناك ما يثير القلق.
وهو–
“لكن، ماذا لو قامت القديسة مجددًا بمنع ولي العهد من الانفلات عن السيطرة؟”
في كل مرة كاد فيها هيلديون أن يفقد السيطرة، كانت رويلا تتدخل وتوقفه.
مما يعني أن من أفسدت جميع الفرص السابقة، هي بالضبط من تنظم هذا الحدث.
طالما أن الاثنين سيكونان في نفس المكان، فهناك احتمالٌ كبير أن تنتهي الأمور بالفشل من جديد.
“تلك الفتاة المزعجة…..”
ضغطت على صدغها المتألم محاولةً تهدئة أعصابها، وفجأة جاءها صوت خافت من جانبها.
“مـ-ماذا لو قمنا بفصل الاثنين عن بعضهما؟”
“نفصل بينهما؟ وكيف تنوين فعل ذلك؟”
سألتها الملكة مستنكرة، فترددت سيلفيا قليلًا ثم أجابت،
“…..نقوم، مثلاً، باختطاف القديسة؟”
كانت إجابةً ساذجة، لكنها جعلت وجهي الملكة والكونت يزدادان جدية.
“ليست فكرةً سيئة.”
“أجل. فكل خطةٍ تنطوي على مخاطرة، وهذه تستحق التجربة.”
وعندها، ارتسمت على شفتي سيلفيا ابتسامةٌ خفية تنمّ عن سر دفين.
__________________
شكل اهوبيف هو الي قالها الفكره
هيلديون ليه مابكى😭😭😭😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 161"