لكن لم يدم ذلك طويلًا.
“تادا!”
فابيَان غيّر تعابير وجهه وأخرج من جيبه ظرف مستندات.
“لحسن الحظ، حصلتُ عليه.”
‘لا، المزاح له وقت ومكان.’
نظرة لوئيلا الباردة جعلت فابيَان يضحك بحرج.
صفقة!
التصفيق المفاجئ جاء من هَامِيل.
“واو، يا للراحة! كنت على وشك أن أُصاب بخيبة أملٍ من عجز فابيَان!”
“…..أشعر أنني تلقيت إهانةً غريبة، هَامِيل.”
“هاه. أعضاء ميلورا باردين جدًا. أبرد من جهاز التكييف في الصيف.”
تظاهر فابيَان بالبكاء وهو يمد شفتيه ويسلّم المستندات.
“لكنني حصلت عليه بصعوبةٍ بالغة. لو لم يساعدني سموّه، لفشلتُ تمامًا.”
“…..سموّه؟ تقصد ولي العهد؟”
عندما سألت رويلا مجددًا، أومأ فابيَان برأسه.
“نعم.”
ما علاقة ولي العهد بالأمر الآن؟
‘كان من المفترض أن تكون مهمةُ سرقة المستندات من اختصاص فابيَان.’
حولت رويلا نظرها مباشرةً إلى هيلديون.
“سموّك من ساعدته؟”
“حدث ذلك بالصدفة، نوعًا ما.”
بالصدفة؟
هل يمكن تلخيص عملية تسللٍ إلى نقابة الظلام وسرقة وثائق سرية بـ”بالصدفة” فقط؟
من أجاب على تساؤلها كان فابيَان.
“التسلل إلى نقابة الظلام أمرٌ خطير نوعًا ما. يجب أن نقتحم المكان، نسيطر على الموجودين، ونبحث عن الأدلة. لذا كنا بحاجة إلى مساعدة شخصٍ قوي نوعًا ما…..”
“وكان ذلك الشخص هو سموّه، أليس كذلك؟”
“بما أننا كنا متوجهين إلى نفس المكان على أي حال، فقد بدا الأمر منطقيًا أكثر من إشراك شخصٍ آخر وزيادة عدد من يعرف السر…..سموّه قال ذلك بنفسه.”
“سموّه قال ذلك بنفـسه؟”
قالت رويلا ذلك وهي تضيق عينيها وتطيل نطق الكلمات.
“سابقًا أخبرني سموه ألا أتحرك خلسةً بطريقةٍ خطيرة، والآن هو من يتحرك من وراء ظهري؟”
عند توبيخها الذي جاء فجائيًا كطعنة خفيفة، رمش هيلديون بعينيه. ثم سريعًا ما تحدث،
“…..أنا آسف.”
أومأ برأسه واعتذر فورًا.
“همم. كما هو متوقعٌ من حبيبي.”
الاعتذار السريع رائعٌ فعلًا.
بينما كانت رويلا مندهشة، عبست بشفتيها قليلًا.
‘أها، إذًا هكذا يكون الشعور.’
في تلك اللحظة، أدركت رويلا أن هيلديون كان يشعر بنفس هذا الإحساس عندما كان يقلق عليها.
طبعًا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هيلديون هو الأقوى في هذا العالم، بينما هي مجرد دميةٍ ورقية تعرف فقط كيف تطلق بعض القوة المقدسة–
“لا، بل أنا من يجب أن يعتذر.”
“هاه؟”
“الآن فقط بدأت أُدرك حقًا كم كنتَ قلقًا عليّ في دار المزاد.”
“رويلا.”
“لذلك، سأعتذر مرة أخرى. ولنقل أننا متساويان الآن.”
“متساويان؟”
“كلانا أقلق الآخر مرة، فلنعتبر الأمور ملغاة، ما رأيكَ؟”
ابتسمت رويلا ابتسامةً عريضة، وبدا هيلديون مذهولًا للحظة، ثم ابتسم بدوره وأومأ برأسه.
وفي هذا الجو الودي بين الاثنين، ابتسم فابيَان هو الآخر وأومأ لنفسه.
‘هذا مُطمئن. ظننت أنني سأُقتل بسبب زلة لسان.’
لقد قال ذلك أمام “الرئيسة” بنية كسب نقاطٍ عند سمو ولي العهد: “سموّه هو من ساعدني”، لكن تطور الحديث بشكلٍ غير متوقع جعله يتصبب عرقًا.
لو أن العلاقة بينهما توترت ولو قليلًا بسبب ذلك…..
‘آه، لا أريد حتى تخيل الأمر.’
هز فابيَان رأسه بقوة، ثم بدأ يتسلل نحو هيستين ببطء.
“ما هذا؟ لا تقترب.”
“لحظة، لماذا لا أحد يقلق عليّ؟”
“لا تهمس في أذني، هذا يسبب لي قشعريرة.”
“أنا جاد! لماذا لا أحد يقلق عليّ؟”
“ربما لم يكونوا قلقَين.”
“حتى لو كان الوضع خطيرًا، كنت أنا في خطرٍ أكبر، صحيح؟!”
أجاب هيستين بلا روح وهو يدفع نظارته إلى الأعلى،
“عدتَ حيًا، هذا إنجاز.”
“أنتَ حقًا…..نحن أصدقاء، صح؟”
“هاه.”
“هاه؟! أتنهّدت؟! أجبني، نحن أصدقاء أم لا؟”
اكتفى هيستين بالتحديق في الفراغ بصمت.
وأثناء انشغال هيستين بمحاولة تحمل فابيَان، كانا رويلا وهيلديون يتفقدان الوثائق.
وبعد أن دققا فيها طويلًا، تبادلا النظرات وابتسامةٍ خفيفة.
“هذه بلا شك ستكون دليلًا حاسمًا، أليس كذلك؟”
“بلى، يبدو كذلك.”
الوثائق كانت مأخوذة من نقابة الظلام التي أوكلها الكونت بمهمته. وكانت تتضمن بطاقة إثبات الهوية التي كتبها الكونت بخط يده، إضافةً إلى تأكيد الطلب.
عندما قال فابيَان في البداية أنه سيجلب هذه المستندات، بدا الأمر مشكوكًا.
“هل من المعقول أن تحتوي نقابة الظلام على مستنداتٍ مهمة كهذه؟”
“من المحتمل أن تكون موجودة. بما أن نقابة الظلام تتعامل مع مهامٍ خطيرة، فهي دقيقةٌ جدًا في التحقق من هوية من يطلب الخدمة. خصوصًا في المهام عالية الخطورة، لا يُسمح بإرسال وسيط، بل يجب أن يتولى الشخص نفسه تقديم الطلب.”
“همم، هكذا إذًا؟”
“نعم. خاصة “عصابة العقارب الحمراء” التي تواصل معها الكونت هذه المرة، فهم أكثر تشددًا. مقابل تولّي مهمةٍ شديدة الخطورة، يستخدمون هوية العميل كرهينة.”
“أي أنهم يتجنبون أن يُحمَّلوا المسؤولية وحدهم؟”
“صحيح. لكن في المقابل، من مبادئهم أنهم يتلفون الأدلة تمامًا بعد إتمام المهمة.”
لذا، كان لا بد من مداهمة المكان قبل انتهاء المهمة وسرقة الأدلة. قبل أن يتم إتلافها.
و بطبيعة الحال، كان لا بد أن يتم تنفيذ الخطة بسرعة ودون أي لحظة راحة.
التسلل سرًا إلى نقابة الظلام لسرقة الأدلة، ثم التوجه إلى قصر الكونت بدلًا من أفراد النقابة لإنقاذ الأشخاص هناك.
بصراحة، الكلام سهل، لكن الخطة لم تكن بسيطةً على الإطلاق. ومع ذلك، كل من شارك فيها أنجز مهمته بدقة.
دينق-!
<اكتملت مهمة “جمع الأدلة (2)”!
• تم الحصول على دليلٍ يثبت تواطؤ الكونت مع نقابة الظلام.
تهانينا (*≧∀≦*)!>
ظهر إشعار النظام مصحوبًا ببريقٍ من اللمعان، وكأنه يؤكد لها الأمر.
‘هذا يعني أن هذه الأدلة ستكون مفيدة.’
الضربة القاضية التي كانت تنتظرها.
وكان هذا الدليل أحد تلك الضربات الحاسمة التي ستفي بالغرض.
‘لم يتبقَ سوى واحد.’
إن تمكنوا من الحصول على “دليلٍ حاسم” واحد فقط بعد، فإن كفّة المعركة ستميل بالكامل لصالحهم.
“جمعنا الأدلة بأمان، وأنقذنا الناس من دون إثارة شكوك الكونت. إذًا ما تبقى الآن هو–”
دورها هي.
توجهت أنظار رويلا نحو الأشخاص المترنحين.
بلع-
ابتلع باسكال ريقه الجاف وهو يحبس أنفاسه تحت وطأة النظرات الموجهة إليه.
‘ما الذي كانوا يتحدثون عنه؟’
بسبب همساتهم فيما بينهم، لم يتمكن من سماع أي شيء.
هل يمكن أن يكون ولي العهد والقديسة قد تحالفا…..
‘وينوون دفننا جميعًا؟’
لـ-لا، مستحيل…..
***
“هيا، التالي.”
“آآآه…..”
“هوب، تحمّل!”
“أوه، أشعر أن جسدي خفيفٌ ومنتعش.”
لا تتذكر كم مرة أعادت هذه العملية. لا بد أنها فعلتها ثلاثين مرة على الأقل.
مسحت العرق المتصبب من جبينها، وأدارت رقبتها يمينًا ويسارًا، حينها، لامس خدّها منديل أحدهم.
“آه، سموّك.”
“لقد بذلتِ جهدًا كبيرًا. أتشعرين بالتعب؟”
“لا، الأمر لا يُذكر. بما أن الآخرين قاموا بدورهم، يجب أن أقوم بدوري أيضًا.”
كان دورها هو معالجة المصابين.
وبما أنها ظلت تفعل ذلك طوال الأيام الماضية، لم يكن الأمر صعبًا عليها.
فقط…..كانت مرهقةً قليلًا.
“لكن يبدو أنكِ أنهيتِ معظمهم بالفعل.”
الذين أنهوا العلاج جلسوا في صفوف تحت إشراف هيستين وفابيَان.
ولأن العلاج كان يُجرى بهدوءٍ داخل الغابة، كان من غير المرغوب فيه أن يُثير أحدهم أي صخب أو تصرف مفاجئ.
“يمكنكِ تأجيل البقية إلى وقتٍ لاحق.”
“لا بأس. من الأفضل أن أنهي الأمر الآن إن كنا نريد إجلاءهم بأمان.”
تمدّدت وويلا قليلًا لتفرد جسدها، ثم ألقت نظرةً حولها.
وبعد أن تأكدت من أن لا أحد يراقبها–
“…..رويلا؟”
“فقط سأُعيد شحن طاقتي قليلاً.”
أسندت وجهها على يد هيلديون.
ذلك الإحساس البارد الذي لامس خدّها المحموم كان واضحًا تمامًا.
يده، التي تصلبت من التوتر ولم يعرف ماذا يفعل، تحركت بهدوء لتلامس خدها بلطف.
لكن، وقت “إعادة شحن الطاقة” لم يدم طويلًا.
“أأرسل لكِ المريض التالي؟!”
ما زال هناك من ينتظر دوره.
“نعم، دعه يتقدم.”
أجابت وهي تعيد ضبط جلستها وتستعيد تعبيرها الهادئ. فلم تكن تريد أن تبدو مرهقةً أمام من ينتظرون العلاج.
في تلك اللحظة.
“همم؟”
أمسك هيلديون بيدها خلسة. من بعيد، و كان أحد المرضى يترنح بينما يسنده فابيَان.
“سـ، سموّك؟”
“شعرت أن طاقتكِ ما زالت ناقصة.”
“نعم؟”
قبلةٌ خفيفة.
دون أن تملك فرصة للسؤال، طبع هيلديون قبلةً رقيقة على ظاهر يدها ثم ابتعد.
“هذه شحنةُ طاقةٍ أُخرى.”
لم تملك رويلا سوى أن ترمش بعينيها وهي تنظر إلى ابتسامته التي رسمت قوسًا هادئًا على شفتيه.
هل…..هل هذا الرجل للتو…..
هاه، هاهها……
يا له من أمرٍ عجيب.
‘حقًا، هو يعرف كيف يعيد شحن الطاقة.’
أفضل حبيب. أنصح به بشدّة.
بفضل “شحنة الطاقة” المفاجئة من هيلديون، تمكنت من إنهاء علاج بقية المرضى بسهولة.
“ألم يتبقَ أحد الآن؟”
“نعم، المريض الذي انتهيتِ منه للتو كان الأخير.”
“آآآه، لقد انتهينا فعلًا.”
وبينما كانت تترنح من الإحساس بأنها أنهت كل شيء أخيرًا، ناولتها هاميل شيئًا ما.
“هذا منشّط لاستعادة الطاقة. تفضلي، سيدتي.”
“أوه، شكرًا لكِ.”
جاء في وقته تمامًا، فهي كانت بحاجةٍ له الآن.
بالطبع، لا تدري إن كان سيضاهي فعالية قبلة اليد من هيلديون.
نظرت بطرف عينها نحو هيلديون، ثم شربت المنشّط دفعةً واحدة.
“هاه!”
كان فعّالًا جدًا.
رغم أنها تشعر بالذنب تجاه هيلديون، إلا أن تأثيره كان أقوى بكثيرٍ من قبلة يده.
حقًا، لا بد للإنسان أن يعتمد على الدواء ليستمر.
وفي وسط هذا الإدراك المرير، ابتلعت ما تبقى من الدواء، ثم تقدّم فابيَان وقدّم لها شيئًا.
“هذه ملخص لأحاديث الناس هناك.”
عندما تناولت الورقة وأمعنت النظر فيها، أُضيفت بعض الشروح.
“كما كان متوقعًا، فإن توقيت ومكان تناولهم للأدوية يتوافق تقريبًا مع مسار تحركات الآنسة آستيّان.”
“كما توقعتُ إذًا.”
كنت قد تلقيت نتائج التحقيق الذي كلفته به أمس حول “مقارنة مسار تحركات مرضى تأثير الأدوية الزرقاء مع تحركات سيلفيا”، وكان الأمر كما توقعت.
كان المسار الذي سلكته سيلفيا يتقاطع مع أماكن وتوقيتات تناول المرضى للأدوية الزرقاء.
أومأ هيلديون برأسه بجدية عندما سمع التفاصيل.
“الآن أصبح الأمر مؤكدًا.”
“ماذا تعني؟”
“أعني أن الملكة، والكونت آستيّان، وعائلة كيليان قد تحالفوا معًا.”
كان كلامه صحيحًا.
حتى الآن، كانت معظم تخميناتنا افتراضاتٍ مثل “قد يكون هذا صحيحًا”، ولكن الآن أصبحت الافتراضات يقينًا.
الملكة، وسيلفيا، والكونت آستيّان، وعائلة كيليان.
كانوا متعاونين معًا بشكلٍ مؤكد. في كل شيء يتعلق باللعنة والأدوية الزرقاء.
لكن، بقي شيءٌ واحد لم يكن واضحًا.
بيب-
من السهل أن نفهم لماذا تحالفوا لجعل ديموس الإمبراطور.
لكن، لماذا؟
بيب-
‘لماذا دمروا العالم؟’
على عكس الواقع، في الأصل نجحوا في خطتهم.
و رويلّا، وكذلك هيلديون، ألم يُلقيا حتفهما؟
كان من الواضح ما سيحدث بعد ذلك حتى دون أن نرى القصة التالية.
بيب-
بمساعدة سيلفيا، الكاهنة المزيفة، سيطر ديموس على عرش الإمبراطور.
لكن، ماذا حدث بعد ذلك ليتجسد أهوبيف ويدمر العالم؟
‘هناك أمرٌ غير مريح.’
ثم.
‘ماهو هذا الصوت “بيب” الذي سمعته طوال الوقت؟’
___________________
حتنى نفسس مدري وش بيب ذاه وانا اترجم احسبني غلطانه😂
المهم هيلديون يجنن ما امداه يستوعب مغازلة هيلديون الا سرد هو بمغازله ثانيه😭
هيستين بعد التمر والنبذ الي جاه راح يردها في فابيان✨
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 156"