لطيف.
فكرت رويلا بذلك وهي تنظر إلى ابتسامة هيلديون المتكلفة التي تشوّهت بشكلٍ محرج.
بصراحة، شعرت أن إحساسها هذا يجعلها تبدو كمنحرفة قليلاً.
‘لكن ما العمل؟ إنه لطيفٌ فحسب.’
تصرفه الواضح في غيرته كان لطيفاً لدرجة أنها أرادت أن تمازحه أكثر.
“هل هو كفؤٌ إلى هذه الدرجة؟”
عند سؤال هيلديون، هزّت رويلا رأسها بحماس متظاهرةً بالجهل.
“طبعاً، إنه كفؤٌ جداً. يجيد إدارة المتجر ويجلب المعلومات ببراعة. إنه حقاً جديرٌ بالثقة.”
“جدير……بالثقة؟”
صوت هيلديون، وقد صُدم، خفت تدريجياً.
أوه لا.
‘أميرنا القوي يشعر بالغيرة.’
بل، ألا يبدو على وشك البكاء؟ رغم أن ذلك سيكون لطيفاً أيضاً.
‘لكن يجب أن أتوقف قريباً.’
ابتسمت رويلا ابتسامةً محرجة وربّتت على ذراع هيلديون برفق.
“لكن، على الرغم من ذلك–.”
كادت أن تقول: “سموك هو الأفضل طبعاً.”
“……رويلا.”
“نعم؟”
“هل تفضلين النوع الجدير بالثقة، أم النوع اللطيف؟”
سأل هيلديون بصوتٍ جاد ووجهٍ متوتر قليلاً. و رويلا، التي كانت تحدّق فيه بوجه مشوش، لم تستطع منع نفسها من الضحك.
فجأة، بدأت تضحك بخفّة، مما جعل هيلديون يرمش بدهشة.
“رويلا؟”
“آه، آسفة، آسفة. تقصد أيهما أُفضل النوع الجدير بالثقة أم النوع اللطيف، صحيح؟”
بلع هيلديون ريقه. و رافق صوت البلع حركةً خفيفة في حنجرته. و ملامحه المتوترة بدت وكأنها تنتظر الجواب بترقب.
“بالنسبة لي، طبعاً……”
مدّت رويلا كلماتها، ثم احتضنت هيلديون بذراعيها بقوة وهي تُكمل،
“بالنسبة لي، طبعاً أحب النوع اللطيف! ولهذا السبب أحب سموك!”
“كحم.”
كان سعاله محرجاً، لكنه حمل لمحةَ رضا غريبة.
‘حقاً، إنه ألطف مخلوقٍ في هذا العالم.’
***
في إحدى الليالي المتأخرة. كان الزقاق الخلفي، الذي يكون هادئًا في العادة، صاخبًا على غير العادة.
بدأ الناس يتسللون إليه واحدًا تلو الآخر، و جميعهم يرتدون أغطية رأسٍ ويخفون وجوههم بأقنعة غريبة.
وجهتهم كانت إحدى الحانات.
“هيا بنا بسرعة. إن تأخرنا، سنقع في ورطة.”
“سمعت أن المزاد اليوم سيعرض ‘الماسة الملعونة’، هل سمعت بذلك؟”
“ومن سيشتري شيئًا كهذا؟”
“لا أدري. هواة الجمع المجانين سيتلهفون عليها بالتأكيد.”
لكن مقصدهم الحقيقي لم يكن الحانة، بل القبو السري الموجود أسفلها. وهناك، كان يُقام مزادٌ أكثر سرية.
المزاد السري اليوم كان يُعرف باسم “المزاد غير القانوني”. و معظم المعروضات فيه كانت سلعًا تم الحصول عليها عبر قنواتٍ غير شرعية.
وفي خضم ذلك،
“حقًا، العالم في انحدار. إنه الانحدار بعينه.”
قال أحدهم ذلك وهو ينظر بازدراءٍ إلى المارة ويهز لسانه.
كانت تلك رويلا، التي ارتدت هي الأخرى غطاء رأس وقناعاً مثل الآخرين.
“قلت مرارًا وتكرارًا، يجب أن يعيش الإنسان حياته باستقامة. مثلي تمامًا.”
تمتمها المتحسرة دفعت فابيان للسؤال وكأنه سمع شيئًا لا يصدق.
“ماذا؟ ما الذي تعنينه–؟”
“أنا صاحبة المتجر، ألا تتذكر؟”
“ما هذا الكلام، لا داعي لأن تتعبي نفسكِ بالشرح. كلامكِ طبيعيٌ ومنطقي تمامًا.”
“صحيح، خصوصًا أن وجهكِ يا سيدتي يوحي بالطيبة المطلقة!”
قال فابيان وهاميل ذلك وهما يرفعان إبهاميهما إعجابًا بتفاخرها الرائع.
“صحيح. بالنسبة لي، أعيش حياةً مستقيمة جدًا.”
حتى عندما أُوكلت فجأةً بمهمة إنقاذ هذا العالم، اتبعت الأمر دون اعتراض.
صحيح أن حياتها كانت رهينةً بذلك، لكن……على أي حال هذا ماتفعله.
“إذا، هذا هو المكان الذي كنتَ تتحدث عنه؟”
“نعم، إن حالفنا الحظ، قد نعثر على الشيء الذي تبحثين عنه يا رئيسة.”
أجاب فابيان بعينين متألقتين.
والمقصود بـ”الشيء” طبعًا، كان “الدواء الأزرق”.
قبل فترةٍ قصيرة. بعد لقائها بأخ سينا، أوكلت رويلا إلى فابيان مهمةً إضافية تتعلق بـ”سيلفيا والدواء”.
عندها، تحدث فابيان بحماس،
“لدي معلومةٌ مناسبة تمامًا في الوقت المناسب.”
“وما هي؟”
“أنتِ، أقصد سيدتي الزبونة الكريمة، ترغبين في معرفة المزيد عن “الدواء الأزرق”، صحيح؟ وتحديدًا، من يوزعه، وكيف يتم توزيعه، أليس كذلك؟”
“صحيح، تمامًا.”
“في هذه الحالة، هناك فرصةٌ جيدة.”
فرصة جيدة؟
عندما أبدت رويلا اهتمامًا، تابع فابيان بحماس،
“أنا أعرف بعض تجّار السوق السوداء، ولديهم خبرةٌ كبيرة في التوزيع غير القانوني.”
“……أنت لست مجرمًا أيضًا، صحيح؟”
“ماذا تقولين! أنا مدير نقابةٍ شريف وقانوني. وأدفع ضرائبي بانتظامٍ أيضًا.”
طالما أنه يدفع الضرائب، فلا بأس.
أزالت رويلا شكوكها وهزّت رأسها موافقة.
“إذاً، ما هي هذه الطريقة؟”
“هوهو، في الواقع……”
وهكذا، انتهى بهم المطاف في هذا المكان. المزاد السري المقام في زقاقٍ خلفي.
كانت تفكر في القدوم مع هيلديون في البداية، لكنها تراجعت خوفًا من أن يجذب حجمه الضخم الانتباه الشديد.
‘وفوق ذلك، ربما كان سيصرّ على المجيء وحده بحجة أنه أمرٌ خطير.’
أن ترسله وحده إلى مكانٍ كهذا……آسفة، لكن ذلك ليس خيارًا موثوقًا تمامًا. لأن المشاركة في مزادٍ غير قانوني تتطلب جرأةً ووقاحة، وهو يفتقر إلى ذلك قليلًا.
‘لدى هيلديون مجالاتِ تخصصه الخاصة.’
ولهذا، أتت رويلا برفقة فابيان وهاميل بدلًا من هيلديون.
فابيان لجمع المعلومات، وهاميل للحماية الشخصية.
بقدر ما يمكن القول، فإنهما حليفان موثوقان.
نظرت رويلا إلى الاثنين الواقفين على جانبيها برضى، ثم حدّقت نحو الحانة بنظرةٍ هادئة.
“بالفعل، هذا المكان يبدو مناسبًا تمامًا.”
***
في تلك الأثناء، في نفس اللحظة.
“تم تجهيز البضاعة، أليس كذلك؟”
“بالطبع. وقد بدأنا بنشر الخبر بين من يعرفون قيمتها.”
همس رجلان مجهولا الهوية بصوتِ خافت أمام تمثال منحوت.
أحدهما كان الدوق كيليان، والآخر بجانبه كان الكونت إيليان.
“تذكر، هذا العمل الفني يُعرض باسم عائلتكَ اليوم. لم تنسَ ذلك، أليس كذلك؟”
عند تنبيه الدوق، سخر الكونت في سره.
‘أستطيع رؤية نواياه بوضوح.’
إن انكشف الأمر، فسيُلقي باللوم كله عليه ويتهرب الدوق من المسؤولية.
الدوق حقيرٌ ومخادع، لكن لم يكن هناك خيار آخر. لكن المال كان مغريًا جدًا ليرفضه بدافع القلق فقط.
“بالطبع. لا تقلق. لكن، بشأن الأجر المتفق عليه…..”
“طبعًا. هل رأيتني يومًا أخل بوعدي؟”
تحدث الدوق كيليان بنبرةٍ منزعجة، فانحنى الكونت وهو يجيبه بخنوع،
“لا يمكن ذلك أبدًا. فقط أردت التأكيد لا أكثر. يمكنك أن تثق بي.”
“حسنًا، إذًا، واصل عملك.”
وبعد أن اختفى الدوق أولًا، تمتم الكونت الذي بقي وحده بنبرة جشعة.
“ههه، يا لك من كومة مال محبوبة.”
كانت يده تلمس التمثال المنحوت بحذر شديد، وكأنه يتعامل مع كنز لا يُقدّر بثمن.
بعد قليل، دخل أحد العاملين المسؤولين عن إدارة المزاد ودعاه للانتقال إلى القاعة.
وبغرور، وضع الكونت يديه خلف ظهره، ودفع بطنه إلى الأمام وهو يوصيه،
“هذا غرضٌ في غاية الأهمية. إن حدث له أي خدش، فلن أسامحكم. هل هذا واضح؟!”
“نعم، مفهوم.”
عاد الكونت يتفحّص التمثال بعينيه الجشعتين، ثم مرّر يده على لحيته ببطء وخرج من الغرفة.
وبدأ المزاد بعد لحظات.
***
“لكن بالمناسبة، يا سيدتي…..”
في خضم سير المزاد.
وسط ضوضاء المزايدات والمنافسة على الأسعار، همست هاميل بحذر.
رويلا، التي كانت تحدّق إلى المنصة بعينين خاليتين من الاهتمام، أمالت رأسها نحوها.
“همم؟”
“كيف سنعرف متى يظهر الشيء الذي نبحث عنه ونقوم بالمزايدة عليه؟”
كان كلامها منطقيًا.
فمنذ بداية المزاد، مرت قطعتان بالفعل. لكن رويلا ظلت على حالها، دون أن تُبدي أي رد فعل أو اهتمام.
فهي من الأساس لم تكن تعرف أين يمكن أن تعثر على “الدواء الأزرق”.
ولا يمكنها بالطبع أن تشتري كل شيء يُعرض.
‘رغم أن لدي ما يكفي من المال.’
لكن ذلك سيكون تبذيرًا سخيفًا.
بتكاسل، هزّت كتفيها أمام هاميل،
“أصلًا، مثل هذه الأمور لا يمكن معرفتها مسبقًا.”
“هاه؟”
“تابعي فقط، وستفهمين. أليس كذلك، فابيان؟”
“نعم، بالتأكيد.”
وبين هذين المحتالَين—أو لنقل، شخصين فاسدين بفعل المجتمع—كانت هاميل الوحيدة التي نظرت إليهما برأس مائل في حيرة.
لكن، لم يمضِ وقتٌ طويل حتى قال لنفسه،
“هذا هو.”
حتى هاميل استطاعت فورًا أن تفهم ما قصداه الاثنان بجوّ “الإشارة الواضحة”.
و بالفعل، كان من المستحيل ألا تلاحظ ذلك.
“المعروض التالي في المزاد هو…..تمثال “الرجل الحزين لكن غير الحزين”!”
وما إن ظهر تمثالٌ ذو تعابير غريبة حتى تغيّر جوّ المزاد بطريقةٍ مريبة.
وفجأة، بدأ الناس من كل حدب وصوب يقفزون ويزايدون على السعر.
“مليون شلن!”
“مليون ومئتان!”
“مليون وخمسمئة!”
كانت منافسةً شرسة لدرجة أنها بدت كأنها حرب.
وسط هذا كله، ابتسمت رويلا وهزّت رأسها بخفة.
“أرأيتِ؟ واضحٌ تمامًا، أليس كذلك؟”
“بالفعل. كأنهم جميعًا فقدوا عقلهم. لكن، مع ذلك، لا يمكننا أن نكون متأكدين، أليس كذلك؟”
“لسنا بحاجة ليقينٍ مطلق.”
يكفي فقط أن نختار بضعة أشياء تبدو واعدةً ونأخذها، وسيكون ذلك إنجازًا بحد ذاته.
لكن في الواقع، لم يكن هناك داعٍ للشك، فهذا التمثال تحديدًا كان بوضوح مرتبطًا بـ”الدواء الأزرق”.
‘خطأ النحس.’
الدليل القاطع كان يتسرب من التمثال نفسه.
دينغ–!
وفي تلك اللحظة بالذات، رنّ صوت تنبيهٍ مرح، مؤكّدًا إحساسها باليقين.
_______________________
هيلديون على طول نسى الغيره يوم ضمته يضحك😭
بس خير حسبتها بتناديه باسمه
المهم واضح عندنا اكشن جديد مع ذا المزاد
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 149"
أين هي الفصول من 150~157؟