واو، لقد كدت أن أقع للتو!
عند التفكير بالأمر، من الذي لا يستطيع الادعاء بأنه أتى من مكان بعيد؟
‘أوه، لقد كدت أشعر بالإهانة.’
تذكّري.
أنا شخصٌ ذهب إلى طائفةٍ دينية مزيفة وتمكنتُ من بيع كل أجهزة تنقية المياه هناك.
عندما تذكرت تألقي في الماضي، هدأ قلبي قليلاً.
“لا أعلم إن كنتِ حقًا هكذا…..لكن، جدتي، هل تشعرين مؤخرًا بصداعٍ أو عسر في الهضم أو تنميل في أطرافكِ؟”
“آه، كيف عرفتِ؟ هل أنتِ عرّافةٌ أيضًا؟!”
“لستُ عرّافة، لكنني قريبةٌ من ذلك نوعًا ما.”
فهناك فرقٌ بسيط بين العرافة والقداسة، أليس كذلك؟
ضحكت الجدة ضحكةً مفعمة بالسرور من إجابتي الهادئة.
“هاها، لقد كنتِ من نفس مجالنا. لم أكن مخطئة عندما شعرت بطاقةٍ غير عادية تشعينها.”
“نعم. يمكن قول ذلك. أسمع هذا كثيرًا. على أي حال، عذرًا لكننا مشغولون قليلًا…..”
سحبت ذراع هيلديون مع تحيةٍ بلا روح.
لكن الجدة كانت عرّافة لا تعرف الاستسلام.
“انتظري لحظة، يا آنسة!”
أمسكت بمعصمي بحركةٍ سريعة لا أعلم من أين ظهرت.
‘يا إلهي. كم هي مفعمة بالحيوية.’
“أنتِ فتاة عجولة حقًا. قلتِ إنكِ مشغولة، لذا سأقول شيئًا واحدًا فقط.”
“ما هو؟”
“حين تكونين في خطر، افتحي الصندوق الغريب الوحيد المتبقي. عندها، سيأتي الرعد والبرق لمساعدتكِ.”
صندوق غريب؟
رعد وبرق؟
لم أفهم شيئًا من كلامها واكتفيت بتحريك عينيّ بارتباك، لكن الجدة استعجلتني وأعادت السؤال.
“فهمتِ؟ يجب أن تفتحيه!”
“آه، نعم. سأفعل.”
أجبتها بلا تفكير، فأومأت برضا.
“جيد. قلتُ لكِ هذا لأنك تبدين كمن يعاني كثيرًا. ثم، أيها الشاب الذي بجانبها.”
“نعم.”
رغم النداء المفاجئ، أجاب هيلديون بهدوء.
حدّقت الجدة به و كأنها تخترقه بنظراتها، وكانت عيناها المجعّدتان حادّتين للغاية.
“أنتَ…..”
ما الذي تنوي قوله هذه المرة؟
“وسيمٌ جدًا.”
“…….”
“…….”
“هاها، حقًا إنكَ وسيمٌ للغاية. ربما تكون الأجمل في الإمبراطورية كلها. لو كنتُ أصغر بخمسين سنة، لكنت حاولت الفوز بكَ.”
صوتها وهي تلعق شفتيها بدا وكأنه نابعٌ من صدق مشاعرها، فسحبت ذراع هيلديون بخفة.
“هاهاها، لا تقلقي! لن أخطفه! أنتما تبدوان رائعَين معًا، فكيف لي أن أفرق بينكما؟”
ضحكت الجدة ضحكةً عالية عندما رأتني على ذلك الحال.
“يا إلهي، أنتما الاثنان حقًا مميزان! ربما لهذا السبب، توافقكما ممتاز! طاقتكما متناغمةٌ تمامًا. لو تزوجتما الآن، ستعيشان حياةً سعيدة مدى الحياة. أوه، أرى الهالة تلمع خلفكما!”
مع صراخها وهي تفتح عينيها على وسعهما، تبادلتُ و هيلديون النظرات بصمت.
ثم.
“تفضلي.”
“خذي أجرةَ طالعكِ.”
في الوقت نفسه، أخرجنا عملاتٍ ذهبية من جيوبنا.
***
“أظن أن المكان هنا.”
بعد الخروج من بيت العرّافة، وصلت إلى وجهتي وأنا في حالةٍ من الشرود الغريب.
“هل هذا هو المكان؟”
“آه، نعم. هذا منزل صديقتي.”
أتممت تمثيلي المتقن حتى أمام بيت سينا، ثم طرقت الباب بقوة دون تردد.
“سينا! أنا هنا!”
وبعد لحظات، سُمعت خطواتٌ سريعة، ثم فُتح الباب بخجل.
فُتح الباب بالكاد بمقدار عقلة إصبع، وخرج منه صوت متوتر.
“…..إي، إيلا؟”
“نعم، أنا إيلا.”
“ما هو المكان الذي كنا نلعب فيه كثيرًا عندما كنا صغارًا؟”
“بيت كلب الجدة لِيان.”
هذا الحوار غير المعقول كان رمزًا متفقًا عليه مسبقًا.
كلمة سر ليست غريبة جدًا عند قولها فجأة، لكنها أيضًا ليست عادية جدًا.
صحيح أنها قد تبدو بسيطةً أكثر من اللازم، لكن،
لا يمكننا فجأة استخدام شيء مثل QP10WM3L83BO ككلمة سر، أليس كذلك؟
ويبدو أن سينا شعرت بالثقة حتى بهذه الكلمة البسيطة، ففتحت الباب على مصراعيه بعد أن كانت قد فتحته بخجل.
“كنت بانتظاركِ، إيلا!”
“سينا!”
“آه! من أنتِ؟!”
دُفِع الباب وأُغلق بقوة خلال ثلاث ثوانٍ فقط.
رتّبتُ غرتي التي تطايرت بسبب الهواء، ثم طرقت الباب من جديد.
‘آه، نسيت أنني غيّرت لون شعري وعينيّ.’
***
“آسفة، آسفة جدًا! لم أعلم أنكِ القديسة…..”
“لا بأس. هذا طبيعي. كان عليّ أن أخبركِ مسبقًا، أنا آسفة.”
“لا داعي للاعتذار! هذا لا يُعقل! لكن، من يكون هذا الشخص…..؟”
ألقت سينا نظرة خاطفة إلى هيلديون بطرف عينها.
فأجبتها وأنا أرفع كتفيّ بخفة.
“إنه سمو ولي العهد.”
“آه، سموه…..ماذا؟”
رمشة-رمشة-
بدأ وجه سينا، التي كانت ترمش بعينيها، يغرق تدريجيًا في الذهول.
“يا، يا له من تصرف وقحٍ مني…..أ، أتشرف بلقاء سمو ولي العهد!”
نهضت فجأة وكأنها ستنحني احترامًا له. لكن هيلديون أشار برأسه بخفة مانعًا إياها.
فتجمدت في وضعها المحرج، ثم استقامت وهي تدير عينيها بتوتر.
ثم همست متسائلة،
“ولكن، لماذا جاء سموه بنفسه…..؟”
“إنه يحقق سرًا بشأن ذلك الدواء. وقد جاء بنفسه خشية تسرب أي معلومات. وطبعًا، يجب أن تحفظي السر تمامًا يا سينا. هل يمكنكِ أن تعديني بذلك؟”
رغم أنني كنت أتكلم بلطف، إلا أن ما قلته كان نوعًا من التهديد.
فمجرد إفشاء هوية هيلديون كان بدايةً لذلك.
‘لن تجرؤ على التحدث عن أمرٍ يتورط فيه كل من القديسة وولي العهد.’
ليس لأنني لا أثق بسينا، لكن لا يمكنني الوثوق بها تمامًا أيضًا.
“بـ، بالطبع! سأحافظ على السر!”
كان وجهها وهي تهز رأسها بعزم يبدو عليه الحماس والجدية.
أومأتُ برضا، ثم أخذت أتلفت داخل المنزل.
“بالمناسبة، أين شقيقكِ يا سينا؟”
“آه، من هذه الجهة، تفضلا.”
تبِعناها كما أشارت لنا. وبعد خطواتٍ قليلة، تمتم هيلديون فجأة بصوتٍ خافت.
“هناك صوتٌ غريب.”
“صوتٌ غريب؟”
“نعم. يبدو كأنه…..أنين.”
عند كلام هيلديون، ردت سينا بصوت كئيب.
“إنه صوت أخي. يتأوه من الصباح حتى الليل، طوال اليوم.”
“يا إلهي.”
“كنت قلقةً جدًا من أنه قد…..يموت هكذا. لكن، لقد ساعدتِنا يا قديسة…..”
انقطع صوتها للحظة وكأنها تحاول حبس دموعها.
وفي تلك الأثناء، كنا قد وصلنا نحن الثلاثة إلى باب إحدى الغرف.
“هذه هي الغرفة التي يقيم فيها أخي.”
قالت سينا ذلك وهي تشير إلى الباب، بنبرة توحي بتوتر طفيف.
“أستطيع سماع الصوت فعلاً.”
كان من خلف الباب صوت أنينٍ واضح، تمامًا كما وصفه هيلديون.
وليس مجرد أنين، بل صوت مريضٍ يحتضر بطريقة مأساوية.
في تلك اللحظة، توقفت لا إراديًا وقطبت جبيني. فقد كانت هناك ذكرياتٌ سيئة قد عادت إلى ذهني.
“ما الأمر؟”
سألني هيلديون بقلق، بعدما لاحظ بسرعة التغير في وجهي. فهززت رأسي بخفة وأجبته.
“لا شيء. فقط…..أشعر بالقلق بشأن كم يعاني من الألم. وفكرت كم كان الأمر صعبًا على سينا. أشعر بالأسى عليها.”
“آه…..يا قديسة…..”
ضحكتُ بخفة أمام صوت سينا المتأثر. و شعرت بوخز في ضميري،
‘في الحقيقة، السبب مختلف تمامًا…..’
خلف أنين المريض، كان وجه شخصٍ آخر يتكرر في ذهني.
جدتي من حياتي السابقة، تلك التي ربتني.
تحديدًا، صورتها قبل وفاتها مباشرة، حين كان المرض قد أنهكها تمامًا، كانت تسيطر على أفكاري.
كنت أنا الوحيدة التي اعتنت بها خلال مرضها.
وبسبب أوضاعنا الصعبة، كانت تدخل المستشفى وتخرج منه باستمرار.
ولم يكن أحد غيري إلى جوارها في تلك الأيام القاسية والوحدة، ما جعل الأمر أشد ألمًا.
لم يكن التعب الجسدي الموجع، بل أنينها المتواصل والمليء بالألم.
من الصباح حتى الليل، طوال الوقت الذي كانت تتنفس فيه. خرج منها أنينٌ بدا وكأنه معركةٌ بين الحياة والموت.
وفي النهاية، توقف الأنين فجأة بعد أن كان يملأ المنزل طوال اليوم.
ولا تزال سكينة تلك اللحظة مطبوعةً في ذاكرتي بوضوح.
تلك السكينة التي تسود حين ينتصر الموت على الحياة، سكونٌ يبعث القشعريرة.
‘…..لقد مضى كل ذلك.’
لكن، لماذا تبقى هذه الذكريات واضحةً بهذا الشكل؟
مسحت كفي المتعرق بخفة على طرف فستاني، ثم مددت يدي نحو مقبض الباب.
كانت أطراف أصابعي ترتجف دون سبب.
‘يا لي من حمقاء فعلاً…..’
وقبل أن تلمس يدي المقبض —
فجأة.
أُمسكت يدٌ بمعصمي برفق.
“…..أه؟”
حدّقت مأخوذةً في اليد الكبيرة التي أحاطت بمعصمي، ومن فوقي جاء صوت هامس،
“دعيني أفتح الباب.”
رفعت رأسي باتجاه الصوت.
رغم أن لون عينيه مختلف، إلا أن نظرته المستقيمة التي اعتدت عليها كانت تنظر إليّ بعطف.
“قد يكون هناك خطر. في مثل هذه الأمور، دعيني أتولى الأمر من الآن فصاعدًا.”
وأخيرًا، ابتسم بخفة وفتح الباب دون تردد. وقد وضع جسده أمام الباب كحاجز، تحسبًا لأي طارئ.
كان الأمر غريبًا.
مع انفتاح الباب، ارتفع صوت الأنين ليصبح أوضح وأكثر إيلامًا.
ومع ذلك، لم أشعر بشيء.
فجأة، كانت رعشة أصابعي قد اختفت. ر رمشت بعيني وأنا أحدّق في ظهر هيلديون.
ذلك الظهر العريض الذي وقف بثباتٍ أمامي، منحني شعورًا غريبًا بالأمان.
حتى الذكريات القديمة التي كانت تهاجمني أحيانًا، شعرت وكأنها تتبدد تمامًا خلف ذلك الظهر.
يا للعجب…
‘…..الحبيب عريض الظهر، لا يُعلى عليه.’
وبهذا الاستنتاج الغريب والدافئ، دخلنا نحن الثلاثة الغرفة التي كان فيها شقيق سينا.
__________________________
جتني الصيحه يوم قالت السكون الي جا بيتها بعد الأنين للحين تتذكره 💔
هيلديون يجننن يجنننننن😭
سينا تضحك تصبح خوية لهاميل😂
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 146"