يجب أن يبقى لقاؤنا اليوم سريًا مهما كان.
فلو وصلت حقيقة تواصلي مع سينا إلى مسامع جماعة الملكة، سيصبح الوضع في غاية الخطورة.
لو عرفوا أننا نحقق في أمر العقار الأزرق، فسيبذلون جهدهم للاستعداد بأي طريقة ممكنة.
‘لا يمكنني منحهم وقتًا لإخفاء الأدلة على عبث.’
في الأصل، لا يوجد ما هو أفضل من الهجوم المباغت عند ضرب العدو. لهذا يُطلق على الهجوم المفاجئ وصف الجُبن، لأنه يكون ناجحًا بدرجة جبانة.
وأنا، أحب الألعاب التي أملك فيها فرصةً الفوز.
‘وفوق ذلك، كم تعذبت وأنا أستعد لليوم.’
الشيء الذي غيّر مظهري ومظهر هيلديون اليوم كان “عنصرًا سريًا”.
وهو عنصر انتزعته بالقوة تقريبًا.
“آه، ألا يوجد قطة لتساعدني؟”
في البداية، بدأت أُلمّح أمام جيلي بهذه الطريقة.
فكروا بالأمر.
أنا أعيش وكأني تقمصت شخصية المحقق الشهير “نان”، وأقوم بمهامي بالكاد، ومع ذلك، النظام لا يساعدني إطلاقًا!
صحيح أنه يساعد من خلال المهام، لكنه لم يُظهر أي نوع من الكرم أو اللطف من تلقاء نفسه.
لهذا، كنت عازمةً على انتزاع “عنصر لإخفاء الهوية” بأي وسيلة.
هذا ظلم. ولا يمكنني تحمّله.
لكن، جيلي لم تكن سهلةً أبدًا، سواء كنت أتمتم أمامها أو أتكلم، كانت ترد عليّ بـ”نيان مياو نيان”.
‘حسنًا، إذاً أنتِ تتحديني؟’
ومنذ تلك اللحظة، بدأت حربنا الصغيرة أنا وهي.
“لقد أنهيت أيضًا مهمة إزالة أخطاء هيلديون عشر مرات، ألا يوجد شيء مفيد يمكن أن أستفيد منه…..؟”
“أعني، إذا كنت ستستغلينني، فعلى الأقل أعطني أداة! الأمر أشبه بأن تطلب مني كنس الأرض دون حتى مكنسة.”
“هاه…..أنا على وشك الذهاب لمقابلة شقيق سينا، لكن ماذا لو انكشف أمري في الطريق؟ ماذا لو تجمهر الناس فجأة؟ يطلبون توقيعًا، يصيحون طالبين المصافحة. ثم، بالصدفة، تقع عيني أحد أعوان الملكة عليّ. وأنا محاطة بالحشود لن ألاحظ حتى أنني انكشفت. وفي النهاية، تنكشف خطتنا كلها، ويضيع حلم كشف حقيقة العقار الأزرق، وأتلقى ضربةً مباغتة من الملكة. ثم أضطر أن أختلق كذبةً وأقول إنني ذاهبة لعلاج مريض. فتنتشر الإشاعة، ويبدأ الناس يتوافدون من كل مكان طالبين العلاج. ثم، خوفًا على سمعتي، أظل أركض بلا توقف، وهيلديون يفقد السيطرة بسبب اللعنة، وديموس يصبح ولي العهد، والملكة تضحك من وراء الستار، وسيلفيا تستولي على العالم، وفجأة يعود أهوبيف للحياة، فتنهار الحضارة، وينتهي العالم، وأموت أنا، وتموتين أنتِ، ويموت كل من يمر، شبابًا وشيوخًا، رجالًا ونساء…..سنموت جميعًا…..”
لم يُحسم أمر النصر أو الهزيمة إلا بعدما أنهيت الغناء من المقطع الأول إلى الثاني والثالث…..حتى الثاني عشر.
[حسنًا، فهمت، فقط توقفي مياو!]
وبالطبع، كان النصر من نصيبي.
هل سبق لك أن رأيت نظرة احتقار نابضة بالحياة على وجه قطة؟
نعم، أنا رأيتها.
على أي حال، مع إعلان استسلام جيلي، ظهرت نافذة النظام فجأة، وقدمت لي جرعتين من إكسير تغيير المظهر كهدية.
يمكن القول أن هذه كانت ثمرة معركة خضتها بدموعي وعرقي وجهدي.
ومن خلال ذلك، تأكدت من أمر واحد.
“كما توقعت، هناك شيء يربط بين النظام وجيلي، أليس كذلك؟”
على الأقل، من المؤكد أنهما يتواصلان من وراء ظهري.
المهم، وبفضل هذا الإكسير الذي حصلت عليه بشق الأنفس، تمكنت من إكمال تنكري بشكل مثالي، ولم يتبقَ سوى التمثيل بإتقان.
‘سأبدو كأي حبيبة عادية، مهما كان الثمن.’
…..بالطبع، نحن حبيبان عاديان فعلًا.
في تلك اللحظة تحديدًا.
“آه!”
انجذب جسدي بقوة إلى صدر هيلديون.
كانت العضلات المتينة تحت القميص تفيض حضورًا لا يمكن تجاهله.
‘يقولون أن في هذا العالم أشياء لا يمكن إخفاؤها.’
ومن المؤكد أن عضلات صدر هيلديون واحدة منها.
“هل أنتِ بخير، إيلا؟”
“آه…..نعم. لكن، ما الأمر؟”
سألته بعينين واسعتين باستغراب، فأشار هيلديون بطرف عينه إلى جانبي.
“يا إلهي!”
نظرت إلى الجانب، وقفزت بفزع.
رفّ الكتب المؤقت الموضوع خارج المكتبة كان قد سقط بطريقة مخيفة.
إحدى الأرجل كانت مكسورة، ويبدو أن توازنه اختل فسقط.
“ألم تلاحظي؟ لقد أحدث صوتًا عاليًا.”
“لم ألاحظ. كنت شاردةَ الذهن للحظة.”
“يحدث هذا أحياناً. المهم أنكِ لم تصابي.”
أومأ برأسه وكأنّه يتفهّم، وابتسم برقة.
كان الارتياح المرتسم على وجهه صادقًا لدرجة أن قلبي خفق فجأة دون إرادتي.
وفي اللحظة نفسها، عاد إليّ واقعٌ كنت قد نسيته تمامًا أثناء انغماسي في التمثيل.
‘الآن بعد أن فكرت بالأمر…..هذا أول موعد حقيقي لنا فعلًا.’
حتى بعد بدء علاقتنا، لم نحظَ بموعد حقيقي واحد.
و في لقائنا السابق أيضًا، كل ما فعلناه هو الحديث المطوّل عن جماعة الملكة، ثم افترقنا.
‘كنا منشغلين ومضغوطين طوال الوقت.’
فبعد أن قامت جماعة الملكة بهجوم إرهابي جريء، أصبح من المستحيل التنبؤ بما قد يفعلونه لاحقًا، وكنت شديدة التوتر حيال ذلك.
كنت أريد أن أنهي كل شيء بسرعة، وأتحرر من هذا النظام ومن قدري الملعون.
فكيف لي أن أملك رفاهية التفكير في موعد غرامي؟
“لماذا تنظرين إليّ هكذا؟”
بينما كنت أحدق فيه بشرود بعد هذا الإدراك المفاجئ، سألني هيلديون بهدوء.
“فقط…..لأنني سعيدة.”
“نعم؟”
“لأننا نمشي معًا…..وهذا يسعدني.”
“…..أنا أيضًا سعيد.”
عندما أجاب هيلديون بارتباك، أومأت برأسي ببطء.
“إذًا، هل نتابع المشي؟ كحبيبين…..بحنان.”
“نعم، نعم.”
ومنذ تلك اللحظة، بدأنا نمشي معًا بخطى خجولة ومتوترة.
كان الإحساس مختلفًا تمامًا عما شعرت به وأنا منغمسة في التمثيل.
فقلبي لم يتوقف عن الخفقان بقوة، وعضلات هيلديون المشدودة التي تلامس ذراعي كانت تشتتني بشدة.
‘أليس هذا بمثابة تعذيب للقميص؟’
ربما سيرفع القميص عليه دعوى قضائية قريبًا.
هيلديون مذنب. مذنب لا محالة.
“أنتم هناك! أيها الثنائي الجميل الذي يليق ببعضه!”
بينما كنت أغرق في أفكاري التافهة وسط دوامة تدور في رأسي، سمعت فجأة صوتًا ينادينا.
أنا وهيلديون توقفنا عن السير تقريبًا في اللحظة نفسها، والتفتنا نحو بعضنا.
ثم نظرنا باتجاه مصدر الصوت.
“نحن؟”
“هل تقصديننا؟”
سألنا بصوت واحد تقريبًا، فهزّت جدة وجهها مليء بالتجاعيد رأسها بسعادة.
“نعم، أنتما! تبدوان كثنائي رائع بحق!”
“ها، هاه…..هل ترين ذلك؟”
“هل نبدو كذلك فعلًا؟”
“طبعًا! من النظرة الأولى واضح أن بينكما انسجامًا كبيرًا. ستظلان تحبان بعضكما إلى الأبد.”
“بلى، هذا مؤكد.”
الجدة التي أضافت همهمةً صغيرة في نهاية كلامها، بدأت تتراجع إلى الوراء ودخلت متجرًا صغيرًا.
ثم بدأت تلوّح لنا بحماس وكأنها تطلب منا أن نتبعها.
أنا وهيلديون ترددنا قليلًا.
كان لدينا وقت كافٍ قبل موعدنا، لكن…..
‘هل نذهب؟’
‘لمَ لا؟’
تبادلنا الحديث بنظرات فقط، ثم توجهنا نحو الجدة.
وليس لأننا صدقنا أنها قالت أننا نبدو كثنائيٍ رائع، أبدًا.
بل لأنني من بلدٍ تربي على احترام الكبار، وأعاني من مرض يجعلني غير قادرةٍ على تجاهل أي جدة أمر بجانبها.
“هيهي، تفضلا بالدخول. أحسنتما فعلًا.”
ضحكت الجدة بخفة وهي ترحب بنا عندما دخلنا المتجر، ثم جلست بسرعة في مكانها.
في تلك الأثناء، أخذت أنا أتفحص المكان بنظرة سريعة.
هذا المكان…..
“هل هو محل عرّافة؟”
“إجابة صحيحة، يا ابنتي.”
ضحكت ضحكةً تشبه ضحكات الساحرات في القصص المصورة.
الكرة البلورية التي أمامها، بحجم رأس الإنسان، بدت وكأنها خرجت لتوها من أحد أفلام الرسوم المتحركة.
تأملت هذا المكان غير الواقعي بإعجاب خفيف وفكرت،
‘أوه. إنها محترفة.’
أي شخص يمكنه أن يرى أنها عرّافة تحاول اصطياد الأحبة وتحصيل بعض المال بحجة قراءة الطالع والقدر.
وبالنسبة لي، التي لا تؤمن بالخرافات أو التنجيم، فالعرّافة ليست إلا نوعًا من المحتالين ضمن نطاق واسع.
‘لم تصب ولا قراءة واحدة في حياتي السابقة.’
قالوا إن لديّ حظًا في المال، وأنا كنت فقيرةً حد البؤس.
قالوا إنني أتمتع بحظ في العائلة، بينما كنت منبوذةً ومهملة.
وقالوا إنني محظوظةٌ في الزواج، بينما لم أكن أملك وقتًا حتى للتفكير في الحب، من شدة انشغالي بكسب لقمة العيش.
‘كلها كانت هراء.’
بسبب هذه التجارب، توقفت تمامًا عن تصديق العرافات.
“هل نخرج؟”
همس هيلديون في أذني بعدما لاحظ نظراتي الباردة نحوها.
“هممم، لما لا؟”
فأنا أساسًا لا أؤمن بهذا النوع من الأمور، فما الفائدة من البقاء؟
شعرت أنني قد أسمع شيئًا مزعجًا بلا داعٍ، ما قد يفسد مزاجي أكثر.
فاتخذت قراري.
“دعنا فقط نغادر—”
“أتيتِ من مكانٍ بعيد جدًا، أليس كذلك؟”
في تلك اللحظة، خيّم الصمت.
وصوت العجوز الذي قطع كلمتي خرج و كأنه صدى يتردد في كهف عميق، يدخل أذني بثقل غريب.
كان أمرًا عجيبًا.
لم تكن سوى همهمة خرجت منها بهدوء، وكأنها تتحدث مع نفسها.
كنت على وشك أن أسحب ذراع هيلديون، لكنني تجمدت في مكاني، أحدّق بالعجوز بثبات.
“…..ما معنى ذلك؟”
سألتها بشفاهٍ مرتجفة، فابتسمت ابتسامةً واسعة، كاشفةً عن أسنانها.
“كما قلت، يا ابنتي. لقد أتيتِ من مكانٍ بعيد جدًا.”
“…..؟”
مكان بعيد جدًا…..
هل يمكن أنها تقصد…..
‘هل تتحدث عن حياتي السابقة؟’
قبل أن أدخل إلى جسد “رويلا”؟
جفّ حلقي فجأة، وحتى عندما ابتلعت ريقي، لم يكن سوى ريق جاف بالكاد نزل.
لم أستطع حتى فتح فمي، واكتفيت بالتحديق فيها بصمت، فالعجوز التي كانت تضحك بخفة توقفت عن الضحك وأمالت رأسها بفضول.
“لا، بل…..ذهبتِ ثم عدتِ مجددًا، أليس كذلك؟”
ذهبت ثم عدت؟
حين أعدت التفكير في كلماتها، شعرت بصدمة هائلة تهز كياني.
‘يا إلهي، هذا يعني أن……’
______________________
-⭕️التنزيل بيصير اربع فصول يوم ايه ويوم لا 😘
المهم
وااو قصدها رويلا الحاليه هي اصلا رويلا ؟
والاحلام الي تشوفها صدق عاشتها؟
وراحت للعالم الحديث ورجعت الحين لعالمها الصدقي؟
فنتاستك الصراحه
بس هيلديون تكفون لايدري بذاه ولا بيقعد يلوم نفسه لأنه قىٌلها😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 145"