عندما أصبحا أخيرًا بمفردهما، أعاد هيلديون السؤال الذي لم تسنح له الفرصة لطرحه من قبل.
فابتسمت رويلا برفق وأومأت برأسها.
“نعم، أنا بخير. الأمر مجرد أنني أجاري والدي في مبالغته. لسوء الحظ، أغمي علي في العربة أثناء عودتي إلى المنزل—”
“إغماء؟ هل أغمي عليكِ؟”
“آه، لم يكن أمرًا كبيرًا، لقد أغمي علي وكأنني سقطتُ في النوم بسبب الإرهاق فقط……”
توقفت رويلا عن الكلام وهي تحرك عينيها عندما رأت رد فعله العنيف غير المتوقع.
“كما توقعت، لقد أجهدتِ نفسكِ كثيرًا في ذلك اليوم. من الطبيعي أن يقلق الدوق عليكِ بهذا الشكل.”
‘يا إلهي، لم يكن الأمر بذلك السوء حقًا.’
بدلًا من الرد، اكتفت رويلا بابتسامة محرجة.
“على أي حال، أنا بخير الآن. وهذا هو الأهم. ماذا عنكَ، سموك؟ هل أنتَ بخير؟”
“……أنا بخير تمامًا. لأن رويلا قامت بحمايتي.”
“ماذا؟ بل سموكَ هو من حماني.”
“…….”
لما لم يرد هيلديون؟
عضّت رويلا شفتيها بإحكام.
‘ما به الآن؟’
لماذا يتصرف وكأنه يحفر حفرةً عميقة لنفسه؟
تنهدتُ بخفّة، ثم مددتُ يدي دون تردد وأحطتُ وجنتي هيلديون براحة يدي. ثم اتسعت عينا هيلديون مندهشًا من هذا التلامس المفاجئ.
عندما تلاقت أعينهما، ابتسمت رويلا بلطف،
“أنا بخير حقًا. لذا، لا تستمر في صنع ذلك الوجه الكئيب، فهذا يحزنني.”
“……هاه.”
زفر هيلديون نفسًا خفيفًا وأومأ برأسه بشرود. و بعد لحظات، ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ خفيفة.
‘إنه لطيفٌ فعلًا.’
ابتسمت رويلا ابتسامةً عريضة وسحبت يديها من على وجنتيه.
“على أي حال، هذا ليس الأمر المهم الآن.”
“لكن حالتكِ الصحية أهم من أي شيء—”
“إنها مهمة، لكنني بخير. لذا، سأتحدث عن شيء آخر.”
“شيء آخر؟”
أومأت رويلا برأسها قليلًا، مترددةً للحظة حول من أين تبدأ حديثها، ثم فتحت شفتيها ببطء،
“أعتقد أن الحادث الذي وقع يوم مهرجان الصيد كان نوعًا من الإرهاب. حادثًا مفتعلًا من قِبَل شخص ما.”
“نحن أيضًا نحقق في الأمر على هذا الأساس. لم نتوصل بعد إلى الجهة المسؤولة أو دوافعها.”
“كما توقعت.”
“هل لديكِ أي شكوكٍ أو دلائل؟”
“هذا……”
لكن رويلا لم تستطع الجزم بسهولة بأن الملكة هي المشتبه بها.
‘لا يمكنني التحدث عن القصة الأصلية هكذا.’
كانت شكوكها تجاه الملكة نابعة من الشائعات التي بدأت تنتشر مؤخرًا، بالإضافة إلى الحوادث التي وقعت في القصة الأصلية بشكل مريب.
أما السبب الأول، فيمكنها شرحه، ولكن……
“لكن الشك بناءً على هذا وحده يبدو ضعيفًا جدًا.”
همهمت رويلا قليلًا، ثم هزّت رأسها—لكنها سرعان ما أومأت مجددًا.
“الملكة.”
“الملكة؟”
تنهدت، ثم أومأت مرة أخرى وكأنها قررت المخاطرة.
“هناك شائعاتٌ تنتشر عن سموك في الخفاء هذه الأيام. يُقال إن ولي العهد مصابٌ بلعنة، و أن الحادث وقع بسببها. و لحسن الحظ، لا أحد يصدقها، لكن الأشخاص الذين يعرفون بشأن اللعنة هم……”
“باستثناء من يمكن الوثوق بهم، لا أحد سوى الآنسة أستيان والجهة التي تقف خلفها.”
“نعم. لكن نشر هذه الشائعات فور وقوع الحادث لا يبدو أمرًا عشوائيًا. يبدو أنهم خططوا لهذا مسبقًا، وإذا كان الأمر كذلك، فقد تكون الملكة هي المدبّرة أيضًا.”
“هذا منطقيٌ للغاية.”
“……حقًا؟”
“نعم.”
“أليس هذا سببًا ضعيفًا بعض الشيء؟”
عند سؤال رويلا القلق، أومأ هيلديون برأسه دون تردد.
“لا يمكننا التحقيق مع الملكة كمشتبه بها مباشرة. لكن يمكننا البقاء حذرين واتخاذ الاحتياطات. كما أنني أنوي التحقيق في علاقتها بالحادث مع هيستين بشكل منفصل. وأعتقد أن هذا وحده ذو قيمة كافية.”
شعرت رويلا بوخز دافئ في صدرها بسبب إجابته المطمئنة.
كم عدد الأشخاص الذين يمكن أن يستمعوا إليها بجدية ويتقبلوا كلماتها بهذه الطريقة؟
ارتفعت زوايا شفتيها لا إراديًا من شدة رضاها.
“همم، بما أننا تحدثنا عن هذا، لنناقش أمرًا آخر أيضًا.”
“نعم، تفضلي.”
“في يوم مهرجان الصيد، أثناء المباراة النهائية، ألم تلاحظ شيئًا غريبًا؟”
عند سؤالها، تقلّصت ملامح هيلديون قليلًا كما لو كان يسترجع ذكريات ذلك اليوم.
ثم سرعان ما أومأ برأسه ببطء.
“نعم. شعرت أن تحركات الخصم كانت غير طبيعية.”
كما توقعت، يبدو أن هيلديون قد لاحظ الأمر أيضًا.
‘لكنه لم يتوصل بعد إلى أمر العقار الأزرق.’
بالطبع، لو لم تكن قد رأت الزومبي في حقل الذرة عبر حلمها أثناء حادثة محل الرهن، لما تمكنت بسهولة من الربط بين غرابة ما حدث في مهرجان الصيد والعقار الأزرق.
“أعتقد أن الأشخاص من معسكر الذئاب تناولوا العقار الأزرق في ذلك اليوم.”
“العقار الأزرق؟ تقصدين ذلك الذي صودر أثناء حادثة محل الرهن؟”
“نعم، هذا هو. في الواقع، عندما وقعت تلك الحادثة، رأيتُ حلمًا. وكان المشهد الذي رأيته يشبه ما حدث كثيرًا.”
بما أن هذا الأمر لم يكن مرتبطًا بالقصة الأصلية، شرحت رويلا الأمر بصراحة، لكنها أضافت تلميحًا،
“كان حلمًا أظهرته لي السيدة لوكيرا.”
“إذا كان الأمر كذلك، فمن الضروري التحقيق فيه.”
“أليس كذلك؟ إذا بحثنا في الأمر، قد نتمكن من معرفة مصدر العقار.”
“هذا صحيح. شكرًا لكِ على هذه المعلومات القيمة.”
أجابها هيلديون بجدية.
وهكذا، انتهت كل القضايا المهمة التي كان على رويلا إيصالها.
والآن، لم يتبقَ سوى……
‘……بالاعتراف.’
يبدو أن كليهما كان يفكر في الشيء نفسه، حيث غرق المكان في صمتٍ محرج للحظات.
‘ماذا عليّ أن أفعل حيال هذا؟’
كان الحديث عن هذا الموضوع أصعب بكثير من القضايا السابقة. فلم تكن تعرف حتى كيف تبدأ الحديث، بينما كان قلبها ينبض بعنف.
‘لحظة، القلب؟’
تذكرت فجأة أنها كانت تنوي أيضًا الاستفسار عن قلب أهوبيف الذي رأته في حلمها.
‘كاد أن يفوتني ذلك!’
أُعجبت رويلا بنفسها لتذكرها الأمر في الوقت المناسب، وسارعت لفتح فمها.
“أنا—”
“رويـ—”
“آه، تفضل أنتَ أولًا.”
“لا، أنتِ تحدثي أولًا.”
تحدث كلاهما في نفس الوقت، ثم سارعا للتنازل لبعضهما البعض.
‘حسنًا، ربما من الأفضل أن أبدأ بهذا الحديث أولًا.’
بعد أن اتخذت قرارها، أومأت رويلا برأسها بخفة وبدأت الحديث.
“هل تعرف أين يتم ختم قلب أهوبيف داخل القصر الإمبراطوري؟”
“قلب أهوبيف؟”
ارتسمت على وجه هيلديون تعابيرُ غريبة وهو يجيب، مما دفع رويلا إلى التوضيح بسرعة.
“آه، إذا كان من الصعب الإجابة، فلن أسأل عن الأمر.”
“لا، الأمر ليس كذلك. فقط……لا يمكنني الإجابة لأنني لا أعرف.”
“……لكن قلب أهوبيف مختومٌ داخل القصر الإمبراطوري، أليس كذلك؟”
“نعم، هذا ما سمعته. كما قيل أن سلالة العائلة الإمبراطورية المباركة وُجدت لحراسة ختم القلب. لكن هذا كل ما أعرفه. لا أحد في العائلة الإمبراطورية يعلم الموقع الدقيق الذي خُتم فيه القلب.”
“حتى جلالة الإمبراطور لا يعرف؟”
“أعتقد ذلك.”
غرقت رويلا في التفكير العميق على الفور.
‘لا أحد يعرف موقع القلب؟’
حتى الإمبراطور نفسه؟
‘ولكن يُقال أن سلالة العائلة الإمبراطورية المباركة موجودة لحماية ختم القلب.’
ضيّقت رويلا عينيها، و عند هذا الحد كان نظرها موجّهًا نحو صدر هيلديون.
‘إذاً، حقًا كما رأيتُ في الحلم……’
وشعر هيلديون أيضًا بنظرتها الثاقبة.
“……رويلا؟”
“آه، آسفة. خطرت لي فرضيةٌ فحسب.”
“فرضية؟”
“نعم. ربما يكون المكان الذي خُتم فيه قلب أهوبيف……لا، لا شيء. سأخبركَ لاحقًا.”
كان هذا موضوعًا حساسًا لا يمكن التحدث عنه بسهولة.
أن يكون قلب أهوبيف مختومًا داخل جسد إنسان……
‘لننتظر حتى تتقدم مزامنة الحقيقة أكثر.’
إذا ارتفعت نسبة مزامنة الحقيقة، فسأتمكن من التأكد مما قالته لوكيرا في الحلم.
ابتلعت رويلا كلماتها الأخيرة ورمشت بعينيها. بينما كان عقلها مشغولًا بالتفكير في الرد.
‘كيف يجب أن أجيب؟’
ببساطة، “نعم، موافقة”؟ أم أجعل الأمر أكثر درامية وأذرف بعض الدموع؟
وأخيرًا، فتح هيلديون فمه ببطء.
“حسنًا، جلالة الإمبراطور يود منحكِ مكافأةً بمناسبة مهرجان الصيد—”
“نعم، موافقة.”
“……ماذا؟”
“……هاه؟”
وسط لحظةٍ من التساؤل المتبادل، بدأ وجه رويلا يحمر تدريجيًا.
……يا له من أمر.
أدركت رويلا على الفور أن هناك شيئًا غريبًا للغاية، لكنها رسمت ابتسامةً مشرقة على وجهها متظاهرة بالبراءة.
“جلالة الإمبراطور سيمنحني مكافأة؟ واو، هذا رائعٌ جدًا.”
“آه، صحيح. أنتِ سريعةُ البديهة.”
“هاها. نعم، يمكنني القول أنني بارعة في قراءة المواقف. هاها.”
لم يلحظ هيلديون ضحكتها المتكلفة، بل أومأ برأسه بسعادة وأكمل حديثه.
“جلالته يود الإشادة بإنجازاتك في مهرجان الصيد، لذا قرر منحكِ مكافأة. لقد أمر بنقل رسالة مفادها أنه سيمنحكِ ما ترغبين به كمكافأة، لذا عليكِ إبلاغنا بما تريدين.”
“سيمنحني ما أريده كمكافأة؟”
“نعم، لذا لا تترددي في طلب أي شيء.”
بعد تفكير قصير، ابتسمت رويلا برفق وأومأت برأسها.
“نعم، سأفعل ذلك. لكن، هل يمكنني إبلاغ جلالة الإمبراطور بنفسي مباشرة؟”
تفاجأ هيلديون قليلًا من هذا الطلب غير المتوقع، لكنه أومأ برأسه. فقد كان يعتقد بالتأكيد أنها ستطلب منه نقل الرسالة بدلًا منها.
“كما ترغبين.”
لكن ما لم يكن يتوقعه هو أن هذا لم يكن كل شيء.
“حسنًا، سأفعل ذلك. إذاً، هل انتهى الأمر لهذا اليوم؟”
سألت رويلا بوجه مشرق ومنتعش.
ورغم كونه بطيئًا في بعض الأحيان، إلا أن هيلديون كان يملك حدسًا غريبًا يجعله يلتقط المعاني الخفية بسهولة.
أمرٌ بالمغادرة.
كان هذا، في جوهره، نوعًا من أمر الطرد غير المباشر.
________________________
هيلديون انطرد😭😭!
الفصل حوسه جالسين يناقشون قضايا مهمة بس كل واحد يفكر في الاعتراف اخرتها انطرد😭
يمكن تقول للإمبراطور بارك لعلاقتنا وكذاته عشان كذا طردت هيلديون لايعترف قبلها ؟ هذا ماسنعرفه في الفصل الجاي
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات