‘هل يا ترى أخي بخير؟’
بينما كانت سينا تجتاز طريق الإخلاء بخطوات ثابتة، واضعةً يدها على كتف الشخص الذي أمامها، ألقت نظرةً خاطفة باتجاه ساحة القتال.
قبل لحظات فقط، كان شقيقها يخوض معركةً هناك. لكن وصفها بالمعركة قد يكون مبالغًا فيه، فقد طُرح أرضًا بضربة واحدة من سمو ولي العهد.
على أي حال.
‘ينبغي أن يكون قد أُجليَ بأمان.’
أطلقت تنهيدةً قلقة، ثم تحسست بيدها صدرها وأخرجت شيئًا ما.
قبل بدء مهرجان الصيد. كان هذا الشيء من بين البضائع المعروضة على الطاولات المنتشرة حول ساحة القتال.
إنها ما يُعرف بـ”صورة القديسة”.
‘اشتريتها لأنهم قالوا أنها تجلب الحظ، لكنهم مجرد محتالين.’
كانت قد اشترتها على أمل أن تفيد أخاها ولو قليلًا، حتى لو كان مجرد خداع للنفس، لكنها لم تكن تتوقع أن تكون عديمة الفائدة إلى هذا الحد.
‘لكن، حتى لو كانت صورةً لقديسة، هل يعقل أن مجرد رسم بسيط يجلب الحظ؟’
لقد كنت غبيةً لأنني انخدعت رغم أنني كنت أعلم أنها مجرد حيلة تجارية.
“هاه……”
أطلقت تنهيدة أخرى و في تلك اللحظة.
دوّي—!
فجأة، اهتز المكان بصوت انفجار مدوٍّ على مقربة منها.
“كياا!!”
“الـ……الحائط ينهار!”
تعالت الصيحات المذعورة بجوارها، وفي ذات الوقت، رأت الحائط وهو يتشقق أمام عينيها.
كان واضحًا كوضوح الشمس أنها ستُسحق تحته إن استمرت على هذا الحال.
لكن، من حولها، كان المكان مكتظًا بالناس من كل الجهات، ولم يكن هناك أي سبيل للهرب.
‘جسدي……لا يتحرك.’
وكأن ذلك لم يكن كافيًا، فقد تجمد جسدها من الخوف، ولم تستطع أن تتحرك قيد أنملة.
أه……هل سأموت هكذا؟
‘حقًا، لا شيء جيد يحدثُ بسببه أبدًا.’
‘جئت لتشجيع هذا الوغد، فماذا تكون هذه الميتة العبثية……!’
بينما كانت سينا تشتم شقيقها في أعماق قلبها، أغمضت عينيها بإحكام.
لكن في تلك اللحظة—
“تنحوا! تنحوا! أفسحوا الطريق!”
ارتفع صوتٌ قوي، وشعرت بدفعةٍ عنيفة على كتفها.
“تبًا، لماذا تدفعـ……”
كانت على وشك الاحتجاج، لكنها لم تستطع إكمال كلامها.
فالتي دفعتها لم تكن سوى القديسة، المتشبثة بظهر ولي العهد.
لم يلتفت أي منهما إلى سينا أو من حولها، بل كانا يحدّقان مباشرةً في الجدار المنهار.
وفي اللحظة التالية—
“أنقِذهم!!”
رفعت رويلا يدها عاليًا وهتفت بصوتٍ عالٍ. عندها، تجسّد مشهد لا يُصدَّق أمام أعينهم—
من يدها، انبعث ضوء مبهر، مشكّلًا حاجزًا شفافًا.
“هـ……هذا….”
بينما ترددت همهمة بين الحشود، انهار الجدار المتصدع في لحظة. لكن، بمجرد أن لامست الأنقاض الحاجز الذي صنعته رويلا، تحولت إلى غبار متلألئ و تلاشى في الهواء.
راح الناس يرمشون بذهول، و يحدقون في هذا المشهد المعجِز.
وسينا لم تكن استثناءً— فقد غمرها شعورٌ جارف.
كانت تظن أنها ستموت لا محالة، لكن القديسة نفسها تدخلت لإنقاذها.
بينما كانت عيناها تلمعان تأثرًا، نظرت فجأة إلى الصورة التي كانت تمسكها بيدها.
أيمكن أن يكون……؟
‘……هل أثّرت الصورة حقًا؟’
نعم، الآن بعد أن تأملت الأمر، شعرت وكأن الصورة تشع بطاقة روحانية لا يمكن تفسيرها.
‘لا بد أن أشتري المزيد منها في طريقي للعودة.’
بينما كانت سينا تحسم أمرها، سُمع صوت خافت.
“……لحظة. أظن أنني أسمع غناءً من مكان ما.”
كان هذا ما تمتم به أحدهم، وهو يحدق في رويلا بشرود.
‘الآن بعد أن فكرت في الأمر……’
شعرت سينا أيضًا وكأنها تسمع غناءً ما. كان لحنًا مقدسًا يبعث في القلب السكينة والطمأنينة.
‘هل هذا أيضًا من قوة القديسة؟’
حدّقت في رويلا بنظرة تجمع بين التساؤل والانبهار.
أما رويلا، التي كانت في مركز الأنظار……
‘ما هذا الغناء بحق؟!’
كانت ترتجف فزعًا من اللحن الغامض الذي بدأ يتردد في الأرجاء دون سابق إنذار.
ألقت نظرةً على الشاشة العائمة بنظرة حادة، لتقرأ ما ظهر عليها بنصف عين.
<تم تفعيل تذكرة تأثير العنصر لمرة واحدة!
• “نورٌ مقدس وأغنية” (عنصر تأثير): عند استخدام الطاقة المقدسة، ينبعث ضوء مبهر مصحوب بأغنية تبعث الطمأنينة.
رائع، أليس كذلك ٩(●ᴗ●)۶؟
(مدة الاستخدام المتبقية: 23:57:59)>
كان محتواها مثيرًا للإحباط لدرجة أنها لم تستطع سوى أن تتنهد.
***
“أقسم أنني سمعت غناءً منذ لحظات……”
هيلديون، الذي يبدو أنه سمع الأغنية أيضًا، مال برأسه متسائلًا وتمتم.
أجبت بابتسامةَ محرجة دون سبب واضح لشعوري بالإحراج.
“أليست أغنية تشجيع للسيدة لوكيرا؟”
“إذاً، تعنين أنها قوة السيدة لوكيرا؟”
لا، حسنًا……من الصعب تفسيرها بهذه الطريقة تمامًا……
بينما كنت أحاول التفكير في كيفية تصحيح ذلك، سبقني شخص آخر.
“إنها قوة السيدة لوكيرا!”
كان هذا صوت شخص ما صرخ بصوت عالٍ بعد أن استرق السمع لحواري مع هيلديون.
“لا، الأمر ليس كذلك……”
“آآآه!”
“تحيا القديسة! تحيا السيدة لوكيرا!”
سرعان ما غُمرت محاولتي للتوضيح بصيحات هادرة كالرعد. فاكتفيت برسم ابتسامةٍ غامضة بينما ركزت على استخدام القوة المقدسة.
حسنًا، أي فرق سيحدث هذا أو ذاك؟ هاها.
وبعد ذلك، تكررت مواقف مشابهة عدة مرات.
على “خريطة الأزمة”، كانت الأضواء الحمراء تومض بجنون في أنحاء ساحة القتال.
و بفضل ذلك، كان عليّ أنا وهيلديون التحرك بسرعة خاطفة كأننا هونغ غيل دونغ، ننتقل من الشرق إلى الغرب بلا توقف.
‘آه، استخدام القوة المقدسة ليس بالأمر السهل حقًا……’
بينما كنت ألهث وأمسح العرق المتجمع على جبهتي، سألني هيلديون،
“هل أنتِ بخير؟”
“نعم، أنا بخير. ماذا عنكَ، سموك؟”
“أنا على ما يرام.”
وبالفعل، بدا هيلديون وكأنه لم يتأثر على الإطلاق. رغم أنه كان يحملني ويجري بي في كل الاتجاهات، إلا أنه لم يُظهر أدنى علامة على الإرهاق.
كما هو متوقع، إنه حقًا أقوى شخص في العالم بلا منازع في هذا العصر.
تنهدت بإعجاب بينما كنت أفتح الخريطة.
“إلى أين علينا الذهاب الآن؟”
“همم……لا أدري. لا يوجد أي موقع وميض بعد الآن.”
المكان الوحيد الذي كان لا يزال يومض باللون الأحمر على الخريطة هو الموقع الذي كنا نقف فيه الآن.
المكان نفسه الذي نجحنا للتو في منع انفجاره.
لم يظهر أي بقعة حمراء جديدة على الخريطة بخلاف هذا المكان.
“يبدو أنه لم يعد هناك أي انفجاراتٍ أخرى—”
تمامًا حين كنت أقول ذلك.
كووووووم-!
دوى انفجارٌ هائل من فوق رأسي مباشرة. و قبل أن أستوعب الأمر، رأيت الجدار وهو ينهار أمامي.
‘الآن وقد فكرت في الأمر……’
عادةً، عند انتهاء حالة الطوارئ، تختفي البقع الحمراء من الخريطة.
لكن رغم أننا نجحنا في منع الانفجار للتو، لم تختفِ البقعة الحمراء التي كانت فوق هذا المكان.
بمعنى آخر، هذا المكان لا يزال في حالة أزمة.
‘لقد لقد كنتُ غافلة……’
حتى قبل أن أنهي توبيخ نفسي، انهار الجدار المتداعي وسقط فوقي.
مددت يدي محاوِلةً لاستخدام القوة المقدسة، لكن كان ذلك بلا جدوى.
كوووم-!
و مع صوت ضخم، اندلعت عاصفة غبار.
***
“رويلا!”
صرخ الدوق بصوت عالٍ حتى كاد صوته ينفجر عندما شاهد المشهد من الجهة المقابلة. بينما كانت يده ترتجف دون توقف.
‘ما هذا؟ ما الذي يحدث هنا؟’
لم تعد خصلات شعر رويلا الوردية التي كانت تتلألأ عن بُعد تظهر، فقد كانت مدفونةً تحت أكوام الحجارة.
كان الدوق شاحب الوجه، فاندفع إلى المكان دون أن يستطيع التقاط أنفاسه.
“…….”
و المشهد الذي واجهه كان أكثر فظاعة.
جدار متهدم تمامًا. و أشخاص مدفونين تحت أكوام ضخمة من الحطام، لا يظهر لهم أي أثر.
“ر-رويلا.”
أغلق الدوق فمه بإحكام وبدأ في تحريك يده بعنف ليزيل الحطام.
رغم محاولات بعض الأشخاص من حوله لإيقافه، دفعهم بعيدًا بشدة واستمر في تحريك يده.
و كان كل ما يدور في ذهنه هو أنه يجب عليه إنقاذ رويلا بأسرع وقت ممكن.
كان الناس في حالة صدمة عميقة، يفكرون في القديسة و ولي العهد اللذين كانا يجريان بعجلة لإنقاذهم حتى اللحظة السابقة.
كان الجو هادئًا. و كان الجميع قد شعروا بموت الاثنين وكأنهم عرفوه مسبقًا.
وفي وسط ذلك،
“يا له من أمر مؤسفٍ حقًا.”
تمتمت الملكة بصوت خافت وهي تراقب الدوق من بعيد، ثم وضعت يدها على صدرها.
من الوهلة الأولى، كان يبدو وكأنها تعبر عن أسفٍ، لكن في الواقع كان في كلماتها سخريةٌ واضحة.
“سيلفيا.”
“نعم، جلالة الملكة.”
“اذهبي مع ديموس لمساعدة الناس. بما أن ولي العهد والقديسة قد دُفنا تحت الحطام، فلا بد أن الناس في حالة من الفوضى.”
مسحت الملكة زاوية عينيها بمنديل، ثم راحت تداعب رأس سيلفيا بلطف.
“طالما أنك وُلدتِ بالقوة المقدسة، يجب أن تعرفي كيف تفرقي بين العطاء و الواجب.”
“نعم، سأفعل.”
ابتسمت سيلفيا ابتسامةً خفيفة، ثم توجهت نحو الدوق كيليان وديموس.
‘حسنًا، الأمور تسير على ما يرام.’
نظرت سيلفيا باتجاه قبر الحطام، ثم توجهت بابتسامة أكثر إشراقًا نحو الأشخاص الذين كانوا يفرون.
“مرحبًا، سيلفيا.”
رحب بها ديموس وهو يتمايل بشكل مبالغ فيه وكأنه يعرج.
“آه، هل أصبت؟”
“لقد تعرضت لتمزق بسيط أثناء مساعدتي في إجلاء الناس.”
أجاب ديموس بصوت عالٍ عن عمد وهز كتفيه. ثم مسحت سيلفيا دموعها، و انحنت على ركبتها.
أصابت ركبتها الأرض وأصبح فستانها فوضويًا، لكنها لم تبدُ مهتمةً بذلك.
“لحظة فقط، سأعالجك.”
ومع حركتها، لمع ضوءٌ خفيف من يدي سيلفيا.
“يا إلهي، لا أشعر بأي ألم.”
“إذاً، هذا خبر جيد.”
نهضت سيلفيا وهي تهز ركبتيها، ثم نظرت إلى الأشخاص الذين كانوا يرمقونها وأفتتحت حديثها.
“إذا كان هناك أي شخص مصاب، تعالوا إلي. سأعالجكم.”
“إذاً، أنا أيضًا……”
“وأنا أيضًا، من فضلكِ……”
لكن الاهتمام بها لم يستمر طويلاً.
كوووانغ-!
مع دوي انفجار مدوٍ، انفجر عمودٌ من الضوء الأبيض من بين أكوام الحطام. وفي نفس اللحظة، بدأ الحطام المتساقط من الجدار المنهار و يتناثر كأشعة ضوء.
***
قبل دقائق قليلة.
“آه، رأسي……”
بعد انهيار الجدار. أمسكت برأسي الذي كان يؤلمني وفتحت عيني.
كان آخر شيء رأيته هو الحطام المتراكم بشكل متقاطع والذي كان يتأرجح بشكل خطير.
‘كيف حدث هذا؟’
بالتأكيد، انهار الجدار. و لم يكن لدي وقت لاستخدام القوة المقدسة، وبعد ذلك……
‘فجأة، انهارت الأرض.’
مع انهيار الجدار، شعرت بأن الأرض كانت تنخفض فجأة، وسقط جسدي بقوة.
لحسن الحظ، تداخل الحطام المنهار معًا بشكل فوضوي مكوناً سقفًا مؤقتًا.
حتى وإن كان هذا غير مستقر للغاية، على الأقل تمكنا من تجنب الكارثة الكبرى التي كانت ستحدث لو دفنا تحت الجدار مباشرة.
‘لكن، كيف يمكن أن يحدث شيءٌ كهذا؟’
لماذا انهارت الأرض فجأةً هكذا؟
لا، هذا ليس المهم الآن.
أولاً، يجب أن أجد هيلديون……
“……سموك؟”
لم يكن من الضروري البحث عن هيلديون، لأنه كان مستلقيًا بجانبي مباشرة.
لكن لم أكن أعرف أنه كان هناك لأنه لم يتحرك.
فتحت عيني بشكل واسع ونظرت إلى هيلديون، متسائلةً عما كان يتسرب من ظهره.
‘لا يمكن أن يكون……!’
غمرتني مشاعر القلق، وشعرت كما لو أن قلبي سقط فجأة.
“……سـ-سموك!”
انتشر صراخي بين الناس الذين كانوا يئنون ويتألمون.
______________________
الله ياخذ سيلفيا وديموس هيلديون وش صار له! ظهيره المسكييييين
المهم واضح الي قاطع سيلفيا الزفته النور الابيض رويلا وعساها حطت كل ذا القوة على هيلديون😂
المهم الدوق يحزن جتني الرجفه معه بالغلط ياعمري هو😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 133"