‘إذاً، الواقع كان مختلفًا عن القصة الأصلية منذ البداية؟’
إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن يكون المشهد الذي رأيته في الحلم مرتبطًا بشيء في الواقع.
وإلا، لما تمكنت من طرح كلمة المفتاح للمزامنة “التحقق من الحقيقة”، أليس كذلك؟
‘سأكتشف هذا الأمر تدريجيًا.’
على أي حال، كان هذا أمرًا يجب أن أحله وحدي. فأنا الوحيدة التي تستطيع رؤية النظام، وأنا الوحيدة التي تعرف القصة الأصلية.
وبينما كنت أفكر في ذلك، فتح هيلديون فمه.
“ربما يكون استنتاج القديسة صحيحًا.”
“أي استنتاج؟”
لقد ألقيت بالكثير من الكلمات، فماذا يقصد تحديدًا؟
أجاب هيلديون بنظرة جادة.
“الجزء المتعلق باستخدام الآنسة أستيان لقوة أهوبيف المقدسة.”
“…..ذلك الجزء؟”
دون أن أدرك، سألت مجددًا بدهشة. ففي الحقيقة، لم أكن أظن أن ذلك الجزء سيحظى بالتصديق بهذه السرعة.
حتى هِيستين بدا مذهولاً قليلًا، وكأنه يفكر في الأمر نفسه، بينما كان يحدق في هيلديون.
أما هيلديون نفسه، فقد تحدث بهدوء كالمعتاد.
“لطالما كنت أتساءل كيف تمكنت الملكة من إلقاء مثل هذه اللعنة. ولكن، إن كان هناك شخص قريب منها يستخدم القوة المقدسة لأهوبيف…..”
“إذاً، ربما استخدمت الآنسة أستيان قوتها لإلقاء اللعنة؟”
عندما أبدا هيستين موافقته وكأنه أدرك الأمر، أومأ هيلديون برأسه.
“حقًا، هذا يبدو منطقيًا. وبهذا، يمكننا فهم سبب ثقة الآنسة أستيان الكبيرة في كسر اللعنة.”
“بالضبط. بما أنها هي من ألقتها، فمن الطبيعي أن تكون واثقةً في إزالتها أكثر من أي شخص آخر.”
وضعنا “سيلفيا” و”الملكة” في مجموعة واحدة، وبدأنا الحديث من جديد.
الملكة هي من أمرت بإلقاء اللعنة. وسيلفيا هي من نفّذتها.
لكن في النهاية، لم نجد إجابة لأهم سؤالين.
أولًا، لماذا لعنت الملكة هيلديون؟
ثانيًا، لماذا تحاول جعل سيلفيا قديسة؟
“في النهاية، عدنا إلى نقطة البداية مجددًا.”
“علينا معرفة السبب حتى نتمكن من إيجاد دليل أو أي شيء آخر. فبدون دليل، لا يمكننا القبض على الملكة.”
كان هيستين محق. لدينا يقين، لكن ليس لدينا إثبات.
وبدون دليل واضح، حتى لو اتهمنا الملكة بناءً على الاحتمالات، فستنتهي الأمور دون نتيجة.
بل قد ينقلب الوضع ضدنا، متهمين إيانا بتلفيق التهم للملكة.
‘هذا سيكون مشكلة.’
إن حدث ذلك، فسيحاولون مجددًا في أي وقت.
فهم من خططوا لاغتيال أحد أفراد العائلة الإمبراطورية والتلاعب بمكانة القديسة.
أشخاص جريئون إلى هذا الحد لن يتراجعون لمجرد تعثرهم مرة واحدة.
لذلك…..
‘يجب أن نمسك بهم دفعة واحدة. دفعة واحدة فقط.’
بدا أن الجميع يفكرون في الأمر نفسه، حيث غرق كل منهم في أفكاره بنظرات حادة.
وانتهى الحديث عند هذا الحد.
إذ لم يكن هناك جدوى من الاستمرار في النقاش، فقد توصلنا إلى أننا لن نحصل على شيء جديد بهذه الطريقة.
“إذا راقبنا الوضع عن كثب، فقد نحصل على مزيد من الأدلة.”
“صحيح. وإن اكتشفنا أي شيء جديد، سأبلغكم به.”
“نعم، فلنفعل ذلك إذاً.”
صرير-
ما إن أنهيت كلامي حتى انزلق كرسي هيستين على الأرض.
“…..ستغادرُ بالفعل؟”
“نعم.”
“وماذا عن الطعام؟”
كنا في مطعم يضمن خصوصيةً تامة.
وكان موعد الغداء قد اقترب، لذا كنت أظن أنه سيتناول الطعام معنا قبل أن يغادر.
“لا بأس. يبدو أن لديكما حديثًا خاصًا لتتبادلاه، لذا سأترككما.”
يا إلهي.
حدد الأمر بدقة، فحاولت تفادي نظراته وأنا أشيح بعيني.
أنا…..في الحقيقة لدي حديث…..
‘أجل، لدي، لكن…..’
لسبب ما، بدا رأسي أكثر تشوشًا مما كان عليه عندما كنا نناقش أمر الملكة وسيلفيا.
لكن هيستين، دون أن يبدي أي تعبير، انحنى برأسه قليلًا.
“إذًا، سأذهب الآن.”
ثم غادر الغرفة بسرعة، وكأنه يخشى أن يمنعه أحد.
“لحظة…..”
حتى أن يدي التي امتدت لإيقافه لم تمسك سوى الهواء.
سحبتها بخجل، وابتلعت ريقي بصعوبة.
وفي تلك اللحظة…..
“رويلا.”
وصلني صوت منخفض وقوي من الجهة المقابلة.
فنظرت إلى هيلديون بعينين متوترة.
***
ما إن تلاقت أعينهما حتى اضطر هيلديون إلى فتح وإغلاق يده بخفة، غير قادر على تهدئة نبضه المتسارع.
‘…..ماذا أفعل الآن؟’
حتى هو، كان متوترًا من هذا الموقف بقدر ما كانت رويلا.
ولم يكن ذلك غريبًا.
فمن الأساس، كان هيلديون يرى النساء وكأنهن مجرد حصى متناثر على الطريق.
بمعنى آخر، لم يكن يهتم بهن على الإطلاق.
وفي حياته، كانت رويلا أول حب له. لذا، لم يكن لديه أي فكرة عما يجب أن يقول لها في مثل هذا الموقف.
لو كان الأمر في السابق، لكان قد عبّر عن مشاعره ببساطة قائلاً أنه يحبها.
‘…..لكن، لا يمكنني فعل ذلك الآن، أليس كذلك؟’
بالنظر إلى ما حدث سابقًا، وإلى ردود فعل رويلا اليوم، بدا واضحًا أنها أيضًا تشعر تجاهه بشيء…..ليس مجرد إعجاب عابر بين البشر.
ولكن، إدراكه لهذا الأمر جعل الحديث أكثر صعوبة عليه.
كيف يُفترض أن يعترف لشخص يعلم بالفعل أنه يبادله المشاعر؟
‘ألن أبدو منعدم الإحساس إذا قلت لها ببساطة ‘أنا معجب بكِ’ كما في السابق؟’
لم يكن هدفه مجرد إيصال مشاعره، بل كان يرغب في علاقة أعمق من ذلك.
إذا كان الأمر كذلك، أليس من الأفضل أن يعترف بطريقة أكثر احترامًا ورسمية؟
لحظة.
‘كيف يتأكد الآخرون من مشاعرهم ثم يبدؤون المواعدة؟’
ولم يكن هيلديون الوحيد الذي كان غارقًا في هذه الحيرة.
‘…..مواعدة؟ ما هذا؟ وكيف تبدأ أصلًا؟’
حتى رويلا كانت غارقةً في فوضى من التردد والارتباك.
ألم يعترف هيلديون بمشاعره بالفعل في وقت سابق؟ لكنها لم تتمكن من الرد عليه حينها.
إذًا، أليس من العدل أن تكون هي من يعترف اليوم؟
…..أليس هذا هو التوازن الصحيح في الأمور؟
‘لا أعرف. كيف لي أن أعرف؟ يجب أن أكون قد جربت شيئًا كهذا أولًا!’
وهكذا كان الحال.
هيلديون و رويلا.
رغم كونهما شخصين استثنائيين بكل المقاييس، إلا أنهما، عندما يتعلق الأمر بالحب، كانا أسوأ من الأطفال.
لدرجة أنهما لا يعرفان حتى كيف يعترفان بمشاعرهما، وظلا يراقبان بعضهما بارتباك، منتظرين تحرك الآخر أولًا.
و على غير المتوقع، كانت رويلا هي من رتبت أفكارها أولًا.
‘…..حتى إن ذهبت إلى القاع، فلا يهم بعد الآن.’
في الواقع، لم تكن قد رتبت أفكارها بقدر ما كانت قد استسلمت تمامًا.
“سموك.”
عند ندائها له بنبرة حازمة، ارتبك هيلديون قليلًا وحدّق بها.
وبما أن وجه رويلا كان جادًا للغاية، فقد أصبح وجه هيلديون جادًا بدوره.
“نعم.”
ردّ بصوت يحمل نفس العزيمة التي حملها صوتها.
تنهدت بعمق، ثم نظرت إليه مباشرة قبل أن تتحدث.
“في الحقيقة…..أعتقد أنني معجبةٌ بسموك.”
“….هل…..هل هذا صحيح؟”
سألها هيلديون متلعثمًا.
كان لديه بعض التوقعات، لكن سماعه لذلك منها مباشرةً كان له وقع مختلف تمامًا.
شعر وكأن قلبه لم يعد ينبض، بل كاد أن يتوقف تمامًا.
و لمَ لا؟ لو توقفت عقارب الزمن عند هذه اللحظة، لكان ذلك مثاليًا بالنسبة له.
“نعم، هذا صحيح. أنا معجبةٌ بسموك! لكن، ماذا عنك؟ هل تغيرت مشاعركَ-؟”
“هذا مستحيل.”
قطع هيلديون كلامها بحزم.
“لم تتغير مشاعري ولو للحظة واحدة. ما زلت معجبًا بكِ، رويلا.”
“…..هكذا إذاً.”
“…..نعم، هذا صحيح.”
……
حسنًا. فهمت. والآن ماذا؟
‘من الجيد أنه لا يزال يشعر بالمثل.’
لكن…..ماذا بعد؟ هل يعني هذا أننا أصبحنا في علاقة الآن؟ أم أن علينا قول ذلك رسميًا أولًا؟
بينما كانت تحك أنفها بتردد، أدارت رويلا عينيها يمينًا ويسارًا قبل أن تتحدث بخجل.
“إذًا، هل نحن نواعد بعضنا الآن؟ أم أنه يجب علينا الاعتراف بذلك رسميًا…..؟”
“أعتقد أنه من الأفضل أن نعترف بذلك رسميًا، فهذا سيكون أكثر ملاءمة من حيث الإجراءات.”
“آه، الإجراءات. صحيح، فالإجراءات مهمة.”
وافقت رويلا على كلام هيلديون وأومأت برأسها، ثم أضافت بصوت منخفض،
“إذًا، هل يجب أن أكون أنا من يعترف…..؟”
“لا. أود أن أفعلها بنفسي، من فضلكِ.”
“آه، حسنًا. لا بأس عندي. هل ستفعلها الآن؟”
لو سمعهما أحد، لتساءل عمّا يجري بينهما، فهذه لم تكن محادثة طبيعية على الإطلاق.
لكن بالنسبة لهما، كان الأمر جديًا تمامًا، وكانا مقتنعين بأنهما يسيران وفق “الإجراءات” بالشكل الصحيح.
وبما أنهما قررا الالتزام بالإجراءات، فقد اقترح هيلديون،
“إذًا، هل يمكنني الاعتراف رسميًا خلال مهرجان الصيد بدلًا من اليوم؟”
“مهرجان الصيد؟”
كررت رويلا كلامه بدهشة.
أومأ برأسه بجدية تامة وشرح،
“إذا حصلت على المركز الأول في مهرجان الصيد، فسيتم منحي بروشًا يُدعى قلب البركة كمكافأة. وهناك أسطورة تقول أنه إذا قُدم هذا البروش أثناء الاعتراف بالمشاعر…..فلن ينفصل الشخصان أبدًا طوال حياتهما.”
“آه…..”
يا لها من أسطورة محرجة.
‘بصراحة، لست من النوع الذي يؤمن بمثل هذه الأساطير.’
لكن ملامح هيلديون كانت جادةً للغاية، فلم تستطع قول ذلك بصراحة.
بالإضافة إلى ذلك، لسبب ما، شعرت بقليلٍ من الحماس يتسلل إلى قلبها.
‘إذًا، هذا يعني أنه لا يريد أن يفترق عني أبدًا، أليس كذلك؟’
يا إلهي. هاها. يبدو أنه يملك جانبًا لطيفًا بشكل غير متوقع.
ابتسمت رويلا برضا وأومأت برأسها.
وبعد فترة، قبل يومين من مهرجان الصيد…..
“أهاهاها! أنتما حقًا لطيفان جدًا! إذًا، اتفقتما على أن يتم الاعتراف رسميًا في يوم المهرجان وفقًا للإجراءات؟! هاهاها!”
“نيلا، لا تضحكي كثيرًا. ماذا لو شعرت رئيستنا بالإحراج لدرجة أنها ستقرر القفز من النافذة؟! عليها أن تتلقى الاعتراف في يوم المهرجان، أليس كذلك، رئيسة؟”
بينما كانت نيلا تضحك حتى كادت تختنق، وكان هاميل تحاول تهدئتها بوجه جاد، شعرت رويلا برغبة شديدة في عض لسانها من الإحراج.
يا لها من كارثة…..فمي كان مشكلتي دائمًا.
____________________
علمتهم😭😭😭😭😭😭😭
يانه هيلديون ورويلا بزران ما كأنهم بالغين وش ذا الكيوت الي بيتواعدون🤏🏻
وناسه لا أوصيك يا هيلديون خل الاعتراف طبيعي بدون صراخ واحراجات
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 127"
😍 😍