أجابت سيلفيا المرتبكة وهي تدور بعينيها بسرعة.
“……صـ-صحيح. يبدو أن هناك سوء فهم ما.”
“أرأيتِ؟”
ابتسمت رويلا برفق، ومدّت يدها لتُمسك بيد سيلفيا.
التقت نظراتهما عن قرب بينما كانت تمسك بيديها بإحكام. و كان من السهل رؤية التجاعيد الطفيفة التي ظهرت على جبين سيلفيا.
“وقبل كل شيء، اليوم هو ميلاد الآنسة. يوم ميلادٍ سعيد، آنستي.”
ارتعشت زوايا شفتي سيلفيا قليلاً عند التهنئة العفوية.
***
“لكن، هل يمكن لبطلة الحفل أن تترك مكانها لفترة طويلة هكذا؟”
“……الآن بعد أن فكرت في الأمر، معكِ حق. عليّ العودة إلى مكاني.”
وما إن قالت ذلك وغادرت، حتى بدأن بقية الآنسات يتفرقون واحدةً تلو الأخرى.
وهكذا انتهى ما يُعرف بـ”تجمع مضايقة هيلينا” بشكل غير حاسم.
نظرت إلى ظهورهم وهم يبتعدون ونقرت لساني بضجر.
أوه، انظروا إلى ظهورهم غير الواثقة.
يتظاهرون بالمشي برشاقة، لكن في نظري، لا يبدو ذلك سوى هروب مذعور.
‘حسنًا، لن يحدث شيء لفترة من الوقت، على الأرجح.’
بعد ما حدث اليوم، حتى لو أرادوا مجددًا الوقوف في صف سيلفيا لإحراج هيلينا، فلن يكون الأمر سهلًا.
لكن، لماذا أرادت سيلفيا إلحاق الأذى بهيلينا في المقام الأول؟
بغض النظر عن الطريقة التي أنظر بها إلى الأمر، لا شك أن سيلفيا كانت المحرضة الرئيسية لهذه الأجواء.
وباعتباري شخصًا يتمتع بحدس حاد، يمكنني الجزم بذلك.
لكن الدافع وراء ذلك؟ لم أستطع فهمه.
لماذا، تحديدًا، هيلينا؟
فالعلاقة الوحيدة التي تجمعهما هي……
‘لا يمكن أن يكون بسبب ديموس؟’
……مستحيل، لا أعتقد ذلك.
إذا كان الأمر متعلقًا بديموس فقط، فهناك الكثير من الأمور غير المنطقية.
أولًا، ديموس لا يمتلك هذا القدر من الجاذبية.
ثانيًا، ديموس ليس جذابًا.
ثالثًا، ديموس ببساطة يفتقر تمامًا إلى الجاذبية.
لكي تتشاجر امرأتان على رجل، يجب أن يكون على الأقل يمتلك بعض السحر……لكن ديموس؟ لا.
‘لو كان هيلديون، لربما تفهمت الأمر.’
……إذا حدث ذلك، فهل عليّ أن أتشاجر معهم أيضًا؟
‘بغض النظر عن كل شيء، من الواضح أن سيلفيا ليست شخصًا جيدًا.’
يكفي فقط أن ترى تصرفاتها لتدرك حقيقتها دون الحاجة إلى التفكير كثيرًا.
بعد أن انتهيت من تأملاتي، التفت إلى هيلينا التي كنتُ قد نسيتها للحظة.
“هيلينا، ربما لديكِ سبب واضح على الأقل……هيلينا؟”
لكن المكان الذي كانت تقف فيه هيلينا كان فارغًا تمامًا.
إلى أين ذهبت؟
شعرت فجأة بشعور مزعج.
والآن بعد أن فكرت في الأمر، لم يظهر إشعار إتمام المهمة بعد……
دينغ-!
<تحذير ┐|゜□゜;| ┌!
تقدم المهمة منخفضٌ جدًا! تدهورت حالة هيلينا!>
وكما توقعت، ظهر أمامي تحذير ساطعٌ باللون الأحمر.
ثم، مباشرة بعد ذلك—
دينغ-!
<تم تفعيل الحظ، وتم منحكِ تلميحًا v(°∇^*)⌒☆
• التلميح: السطح>
‘انتظر، السطح؟’
لا يمكن أن تكون قد صعدت إلى السطح، أليس كذلك؟
وكأن هذا هو الجواب الصحيح، ظهرت فجأة علامة سهم في الهواء، كما لو كانت تخبرني باتباعها.
ثم تحركت بسرعة باتجاه السهم دون تفكير.
‘لماذا يوجد سطح في قاعة الحفل أصلًا؟!’
صرخت داخليًا بينما كنت أركض.
***
“إلى متى عليّ الانتظار بالضبط؟”
استند هيستين إلى الحائط ونظر إلى ساعته بنظرة خاطفة.
“سأذهب إلى مكان ما لفترة قصيرة، لذا أبقَ في مكاننا.”
مرت أكثر من ثلاثين دقيقة منذ أن قالت رويلا تلك الكلمات وغادرت.
ونتيجةً لذلك، كان التعامل مع الأشخاص الذين أرادوا التحدث إليها من مسؤولية هيستين بالكامل.
‘حسنًا، مقارنةً بالمبلغ الذي تلقيته، لم يكن ذلك بالأمر الصعب……’
لكنها تأخرت أكثر مما توقع، مما جعله يشعر بالقلق.
إذا حدث شيء ما للقديسة……
‘واه، سأكون أنا من سيموت، أليس كذلك؟’
بالطبع، الضحية الوحيدة هنا ستكون هو. وبالطبع، الشخص الذي سيقتله لن يكون سوى سيده.
تخيل هيستين مستقبله الكئيب، ثم ابتعد عن الحائط الذي كان يستند إليه. فقد كان ينوي البحث عن رويلا قبل أن يحدث أي شيء سيئ.
لكن قبل أن يتمكن حتى من التحرك—
“سيدتي القديسة.”
كانت رويلّا هي من جاءت إليه أولًا، تمشي نحوه بخطواتٍ سريعة. فرحب بها هيستين بوجه مرتاح.
“أين كنتِ بحق……؟”
“ذهبت إلى مكان ما لفترة قصيرة، لكن الأمر لم ينتهِ بعد، لذا عليّ الذهاب إلى السطح.”
“أي منطقٍ هو هذا؟”
“يمكنك اعتباره أسوأ منطقٍ ممكن. على أي حال، سأذهب مجددًا. إذا سأل عني أحد، فابحث عن عذر مناسب.”
تركت رويلا هذه الكلمات المختصرة واستدارت قبل أن يتمكن حتى من إيقافها.
ومثلما جاءت بخطوات سريعة، غادرت بنفس الحزم.
نظر هيستين إلى ظهرها القوي للحظة، مصعوقًا من مدى ثباتها.
‘يا له من ظهر جنرال شجاع……لا، ليس هذا هو المهم الآن.’
“عليّ أن ألحق بها.”
لا بد من متابعتها مهما كان الأمر.
أي آنسة نبيلة تصعد إلى سطح قاعة حفلة شخص آخر هكذا؟!
‘كما هو متوقع، فالعائد المرتفع يعني دائمًا أن العمل شاق.’
ردد تلك الحقيقة في ذهنه، مقتنعًا بأنه لا شيء مجاني في هذا العالم، وهمَّ بالتحرك.
صرير— دوي!
ثم فُتح باب قاعة الحفل، الذي ظل مغلقًا لفترة طويلة، وظهر شخصٌ ما.
في هذا التوقيت غير المعتاد، انجذبت أنظار الجميع نحو الضيف القادم.
وسرعان ما امتزجت على وجوههم مشاعر الصدمة والانبهار والدهشة.
“سمو ولي العهد؟”
“لماذا جاء سمو ولي العهد إلى هنا؟”
حتى هيستين نفسه لم يكن استثناءً من ردود الفعل تلك.
“……لقد أتيتَ إلى هنا في النهاية، كما توقعت.”
وبالتزامن مع تمتمته بنبرةٍ أشبه بالحسرة، استدار الضيف بنظرات حادة نحو هيستين مباشرة.
‘حقًا، في مثل هذه الأوقات، لا يمكن وصفه إلا بالوحش.’
فكر هيستين بذلك ثم ابتسم بخفة.
عندما تلاقت عينا هيلديون مع هيستين، تقدم نحوه كوحش غاضب.
نعم، لقد كان وحشًا حقيقيًا بالفعل.
‘أكرر مرة أخرى، كلما كان العائد مرتفعًا، كان العمل أشد قسوة، ولا شيء مجاني في هذا العالم.’
وفي تلك الأثناء……
“ماذا؟ هيلديون جاء إلى هنا؟”
وصلت أخبار زيارة هيلديون إلى أذن الملكة، التي كانت تستريح في الغرفة المُعدّة لها.
“لقد أرسلت له دعوة،……لكن….”
لم تتوقع أبدًا أن يحضر، طالما أنه ليس شريك القديسة.
“حسنًا، إذاً، مع من جاء؟”
“لقد أتى بمفرده، جلالتك.”
“هاه، حقًا؟”
ارتسمت ابتسامةٌ غامضة على شفتي الملكة عند سماع تقرير خادمها.
لطالما كانت تعتقد أنه على علاقة وثيقة بتلك الفتاة، لكن بما أنه حضر إلى الحفل بمفرده، فلا بد أن هناك فجوةٌ بينهما الآن.
وهذه……كانت فرصة.
فرصة لدفع سيلفيا إلى تلك الفجوة.
كون هيلديون قد جاء بمفرده، دون أي شريكة، يعني أنه لم تقع أي امرأة في قلبه بعد.
و على الفور، استدعت الملكة سيلفيا.
“حسنًا، ماذا حدث بشأن هيلينا؟”
سألتها الملكة بينما كانت سيلفيا تقف أمامها، وقد أُحضرت قسرًا.
تجنبت سيلفيا النظر مباشرةً إليها وأجابت بتردد،
“……لم يكن الأمر سيئًا.”
“لم يكن سيئًا؟”
“أقصد……لقد نجح الأمر بالفعل. إلى أن تدخلت تلك المرأة……”
“تلك المرأة؟ هل تقصدين القديسة؟”
أومأت سيلفيا برأسها، ووجهها يملؤه الغضب والإهانة.
كانت عيناها الذهبيتان تشتعلان بنار الحنق والمرارة.
عند رؤية مشاعرها المكشوفة، نقرت الملكة لسانها باستياء.
“ألا يمكنكِ فعل شيء واحد على نحو صحيح؟”
“لكن……هذا بسبب تلك المرأة……!”
“إلى متى ستلومين الآخرين؟ ألا تقلقين على شقيقتكِ ولو قليلًا؟”
“جـ-جلالتك!”
عند ذكر شقيقتها، شحب وجه سيلفيا تمامًا.
رأت الملكة رد الفعل الذي أرادته، فابتسمت بسخريةٍ وأمسكت بذقن سيلفيا، ثم همست بصوت بارد.
“على أي حال، أنتِ لا تروقين لي.”
“……لكنكِ تحتاجين إليّ، أليس كذلك؟”
“نعم، هذا صحيح. أحتاج إليكِ، لذا، أرجوكِ، تصرفي بشكل جيد.”
قالت الملكة ذلك وهي تربّت بخفة على خد سيلفيا بإصبعها السبّابة.
“سأتولى أمر هيلينا بنفسي. فنشر بعض الشائعات لتدمير سمعة شخص ما ليس بالأمر الصعب.”
نبرة صوتها الهادئة جعلت سيلفيا تعض شفتيها بغيظ.
‘لو كان الأمر بهذه السهولة، لكانت قد فعلته بنفسها منذ البداية.’
في النهاية، هؤلاء النبلاء لا يفعلون شيئًا سوى الجلوس وتحريك الآخرين كقطع شطرنج. و لا يتحركون إلا بعد أن تُستهلك دُماهم تمامًا، وكأنهم يتفضلون بذلك.
“على أي حال، دعي هيلينا وشأنها وركزي على هيلديون.”
“……ماذا؟”
عند سماع اسم هيلديون، ازدادت برودة وجه سيلفيا أكثر.
“سمعت أنه حضر الحفل. لم أكن أتوقع ذلك على الإطلاق، لكن يا لها من نعمة مفاجئة.”
‘نعمة؟ لا، هذا كان كارثة.’
“هل ولي العهد حقاً قد حضر الحفل؟”
“نعم. لذا، في هذه الفرصة، حاولي أن تهمسِ ببعض اللعنات لتسحري قلبه. هذا على الأقل أمرٌ تستطيعين فعله، أليس كذلك؟”
“……هذا….”
ترددت سيلفيا للحظة، مما جعل عيون الملكة تصبح حادة.
“ماذا، هل تنوين القول بأنه مستحيل؟”
“لا، ليس هذا، ولكن سمو ولي العهد شخصٌ ذكي وبارد الأعصاب. أعتقد أنه سيكون أفضل أن نتابع الخطة الأصلية ونتعامل مع المقربين أولًا.”
“هل تعنين هيستين؟”
“نعم. ماذا عن أن نبدأ بالتواصل مع المقربين أولًا لبناء الثقة؟”
“هممم.”
كلما طال تفكير الملكة، كانت سيلفيا تبتلع ريقها جافًا بشكل متكرر.
أومأت الملكة برأسها موافقة، كما لو أنها فهمت، ثم تنفست الصعداء.
“حسنًا، كما تشائين. المهم هو أنكِ يجب أن تتمكني من التحكم في هيلديون كما نرغب.”
“لا داعي للقلق بشأن ذلك. ففي الواقع، لقد تلقيت حظًا عاثرًا نقيًا للتو.”
لقد امتصت سيلفيا تمامًا حظ هيلينا العاثر والكئيب. و كان الحظ السيء النقي والواضح يعزز قوة أهوبيف داخل سيلفيا بشكل أكبر.
ثم، تلك القوة ستصبح……
“لذلك، يمكنني تعزيز اللعنة التي أصابت سمو ولي العهد بشكل أكبر. ربما، حتى قد تخرج عن السيطرة اليوم.”
ابتسمت سيلفيا ابتسامةً خفيفة. أما الملكة، فقد ابتسمت هي الأخرى، راضيةً، وأومأت برأسها.
__________________________
اليوم ؟ طيب اصبري شوي لين تزين علاقته برويلا
أو اذا زادت عليه يجي اشعار لرويلا ثم تروح تنقذه وتعترف بالغلط؟ ويهجد هاهاهااع✨
هيستين كان مساعد حلو 😔
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 118"