‘هل الأمرُ صعبٌ إلى هذا الحد، لكن لماذا بحق؟’
لم تستطع سيلفيا إخفاء حيرتها.
لقد تحدثت بشكل صريح عن موضوع “اللعنة”، فكيف يمكن أن يكون رد الفعل هذا خاليًا من أي اهتمام إلى هذه الدرجة؟
لقد توقعت أن إقناع الآخرين وكسب ثقتهم قد يكون أمرًا صعبًا منذ البداية.
لكن رد الفعل هذا، المليء باللامبالاة، كان خارجًا عن توقعاتها تمامًا.
‘لا يمكن أن يستمر الأمر هكذا…..’
مع تزايد القلق في قلبها، فتحت سيلفيا فمها على عجل،
“هل قالت لكَ القديسة ربما بأنها ستقدم لكَ المساعدة؟ إذا كان هذا هو سبب عدم اكتراثكَ بي، فستندم على ذلك. أنا، بكل تأكيد، سأكون أكثر فائدةً من القديسة-!”
“لحظة.”
قاطعها هيلديون بحزم، مانعًا سيل كلماتها المتدفقة.
و استقر تعبير بارد على ملامح وجهه.
“هناك شيء غريب.”
“…..غريب؟”
“كيف يمكنكِ أن تكوني متأكدةً من ذلك؟”
“ماذا؟”
“أعني، كيف يمكنكِ أن تكوني متأكدةً بأنك ستكونين أكثر فائدةً من القديسة؟”
ارتجفت سيلفيا فجأة.
شعرت سيلفيا بأن شيئًا ما قد ساء بشكل خطير فتصلب جسدها.
‘لقد أفرطتُ في الحماس.’
في عجلتها، تركت كلمات لا يجب أن تقال تنساب من فمها.
“هذا لأن الجميع يقولون أن قوتي المقدسة متميزة حقًا…..”
“هل تعنين أنكِ، بناءً على مديح المحيطين بكِ، تثقين بأنك تتفوقين على القديسة؟”
ازدادت الشكوك في عيني هيلديون، فأصبحت أكثر حدة.
سيلفيا، التي كانت في حيرة من أمرها، عضت شفتيها بقوة وخفضت رأسها.
“أعتذر، لقد أخطأت في القول، كل ما في الأمر أنني أردت مساعدة سموك…..”
بينما كانت سيلفيا تخفت صوتها تدريجيًا، ضاقت عينا هيلديون.
“بالنسبة لهذا، يبدو رد فعلكِ مبالغًا فيه.”
كان الأمر وكأنها تحاول بأي وسيلة منع رويلا من مساعدة الأمير.
وفي الوقت نفسه، بدا وكأنها تريد إقصاء رويلا لتتدخل بنفسها في أمر اللعنة.
‘على أي حال، إنها امرأة غريبة.’
ثم تذكر فجأة، عائلة هذه المرأة،
“أستيان، أليس كذلك؟”
“…..نعم، هذا صحيح.”
“حسنًا، إذاً أستيان…..”
كانت أستيان هي العائلة الأم للملكة. والمفارقة أن الشخص الأكثر اشتباهًا بأنه العقل المدبر وراء اللعنة كان الملكة أيضًا.
الملكة، المشتبه بها كالعقل المدبر وراء اللعنة.
و امرأةٌ ذات قوة مقدسة عالية، تبنتها عائلة الملكة فجأة.
ثم، ذكرها للعنة أمامي وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة. هل يمكن أن يكون هذا كله مجرد صدفة؟
‘يبدو الأمر وكأنه سيناريو محكم الإعداد.’
نظر هيلديون إلى سيلفيا بعينين متجمدتين باردتين.
فارتجفت كتفاها تحت وطأة الرهبة التي شعرت بها من هيبته.
“على أي حال.”
لاحظ هيلديون ارتعاش كتفيها، فرفع حاجبًا واستمر في حديثه.
“أنا ممتنٌ لنوايا الآنسة في مساعدتي، لكن من الأفضل أن تتوقفي عند هذا الحد.”
“…….”
“في المقام الأول، أنا لست مهتمًا على الإطلاق بما طرحته الآنسة.”
احتضن هيلديون رويلا إلى صدره بقوة أكبر.
“لقد قررتُ بالفعل أن هناك شخصًا واحدًا فقط يمكنه التدخل في أمر جسدي.”
“…….”
“لذا، مهما رأت الآنسة فيّ، فأنتِ لا يمكنك مساعدتي، لأنني لا أنوي قبول أي مساعدة منكِ.”
لم تعرف سيلفيا كيف تجيب، ولم تجد ما تقوله.
فقد تلقت بالفعل نظراته الباردة مرات عديدة. وكانت تعلم أن أي زلة لسان إضافية هنا ستؤدي بالتأكيد إلى عواقب لا يمكن تداركها.
في هذه الأثناء.
“دعينا نعتبر ما حدث اليوم وكأنه لم يكن. ومهما رأت الآنسة مني، سيكون من الأفضل لكِ أن تنسيه وتبقي صامتة.”
تحدث هيلديون بنبرة شديدة البرودة، وكأنه يقدم نصيحةً تشبه التهديد.
ثم تابع حديثه،
“وإن كنتِ واثقةً من نفسكِ، فاحذري من الغرور الذي يدفعكِ لاحتقار الآخرين. خاصةً عندما يتعلق الأمر بالقديسة.”
“سـ-سأكون حذرة.”
أجابت سيلفيا وهي تخفض رأسها. و نظر إليها هيلديون للحظات من الأعلى.
ثم استدار بهدوء وبدأ يمشي نحو عربة عائلة بريتا.
كانت سيلفيا، التي كانت تكتم أنفاسها وتعض شفتيها بقوة، ترفع رأسها خلسةً لتراقب ظهر الشخص الذي يبتعد.
عبر كتف هيلديون، لمحت يد رويلا ملفوفةً حول عنقه بطريقة غير متقنة.
كانت تلك اليد البيضاء الناعمة تتأرجح كمنديل أبيض علق بغصن شجرة.
حدقت سيلفيا في تلك اليد بذهول، ثم غاصت نظرتها إلى الأسفل ببطء.
لقد سُبقت مرة أخرى.
‘من قبل شيء تافهٍ كهذا…..’
لمع في عينيها الذهبيتين بريقٌ في الظلام، و مزيج واضح من العداء، والشفقة المتعجرفة، وشعور متضخم بالنقص.
كانت كلها متشابكة معًا.
***
“نعم، لنقفز إلى الأسفل!”
ابتسمتُ بخفةٍ وفتحت النافذة على مصراعيها.
و ما إن تظاهرت بوضع قدمي على إطار النافذة حتى هرعت جين وماري مذعورتين لاحتضان خصري.
“آنستي! لا يمكنكِ فعل هذا!”
“بالضبط! حتى لو كنتِ في حالة ثمالةٍ شديد لدرجة أن الدوق حملكِ إلى هنا…..!”
“حتى لو أننا بالكاد وضعناكِ في السرير، ثم نهضتِ فجأة تصرخين ‘أحضروا لي هيلديون!’ مما جعل الدوق يمسك برأسه من الخلف…..!”
“حتى لو أن السيد الشاب، الذي استيقظ على صراخكِ، قام بطق لسانه ثلاث مرات، فلا يمكنكِ فعل هذا!”
كنت أستمع إليهم بصمت، ثم استرخى جسدي المتشنج ونظرت إلى الاثنتين.
“…..أنتما، هل تكرهانني؟”
‘آه، يا لصداع الكحول!’
بعد أن هدأت تلك الجلبة، استلقيت على السرير مرة أخرى.
كانت آثار الشمبانيا الذي شربتها بالأمس لا تزال عالقةً بقوة. حقًا، المشروبات اللذيذة ذات الدرجة العالية تترك صداعًا يدوم طويلًا.
نعم، الصداع شديد إلى هذا الحد…..
“لكن لماذا تبدو أحداث الأمس واضحةً جدًا في ذهني؟”
تمتمت لنفسي في ذهول وأنا لوحدي. و تذكرت بوضوح الموقف المحرج الذي تسببت به أمام هيلديون بالأمس.
“أحبكِ.”
و كلمات الاعتراف التي كررها مرارًا وتكرارًا.
“مجنونة، مجنونة، مجنونة!”
دفنت وجهي في الوسادة وصرخت بصوت عالٍ.
شعرت بحرارة شديدة في وجهي، وكان جسدي كله يرتجف بحيث لم أعد أطيق الأمر.
كان تذكر تلك الذكريات الواضحة بعقل صافٍ يجعلني أشعر وكأنني أموت أكثر فأكثر.
وعلاوةً على ذلك، كان هناك ذكرى أخرى تكاد تجننني.
“لقد قررت بالفعل أن هناك شخصًا واحدًا فقط يمكنه التدخل في أمر جسدي.”
“لذا، مهما رأت الآنسة فيّ، فأنتِ لا يمكنكِ مساعدتي، لأنني لا أنري قبول أي مساعدة منكِ.”
صوته الحازم وهو يتحدث.
في الحقيقة، عندما كان هيلديون يتحدث مع سيلفيا، كنت قد استيقظت بالفعل. لكنني لم أستطع إيجاد اللحظة المناسبة لفتح عيني، لذا تظاهرت بالنوم فقط.
كان صوت هيلديون، الذي كنت أسمعه وأنا مغمضة العينين، باردًا للغاية.
كان مختلفًا تمامًا عن النبرة التي يستخدمها عندما يتحدث إليّ، مما جعل قلبي يرتجف دون سبب واضح.
ولسبب ما، شعرت بشيء مضحك ولكنه ممتع بشكل غريب…..
في تلك اللحظة.
“آنستي، الدوق يطلب منكِ تناول الطعام معًا. هل هذا مناسبٌ لكِ؟”
جاء صوت جراهام مع طرق على الباب.
***
‘آه، أشعر أنني عدت إلى الحياة.’
كان الطعام المقدم عبارةً عن يخنة طماطم خفيفة وحارة.
كنت أفكر بالفعل كيف يمكنني التخلص من آثار الثمالة هنا، لكن من كان يظن أن هناك طعامًا رائعًا كهذا…..!
“كيف تشعرين الآن؟”
بينما كنت أتناول اليخنة بشراهة دون توقف، سألني الدوق بهدوء.
“أنا بخير. أعتذر عن الموقف المحرج الذي تسببتُ به.”
أجبت بأكبر قدر ممكن من الهدوء. فأومأ الدوق برأسه.
لكن.
“إذاً، ما الذي حدث بينك وبين سمو الأمير بالأمس؟”
“…….”
لم أستطع الحفاظ على رباطة جأشي مع السؤال التالي. و ضحكت بشكل محرج ثم هززت رأسي.
“هاه؟ لم يحدث شيء على الإطلاق.”
“بالنسبة لذلك، بدا أنكِ كنت تصرخين طوال الليل مطالبةً باستدعاء سمو الأمير، حتى أنكِ ناديته باسمه مباشرةً بكل ألفة.”
“…..أليس من الطبيعي أن يشعر المرء وهو ثملٌ أن العالم كله أصبح صديقاً له؟”
لكن الدوق لم يتراجع هنا. و ضيق عينيه وتمتم بنبرة مليئة بالشك.
“بالنسبة لذلك، بدا أنكِ كنت تنادينه دائماً ‘سمو الأمير’ فقط. علاوةً على ذلك، عندما نقلناك وأنت ثملة إلى العربة…..كح. لا شيء.”
قطع الدوق كلامه فجأة وأطلق سعالًا محرجًا.
لا أعرف السبب، لكن يبدو أنه يريد إخفاء حقيقة أن هيلديون حملني وأنا ثملة ونقلني إلى العربة…..
‘للأسف، أنا أعرف كل شيء بالفعل.’
كم كنت أتمنى لو أنني لم أكن أعرف أيضًا.
‘…..لا، ربما كنت سأشعر بالإهانة قليلًا لو لم أكن أعرف.’
“وجهكِ محمر، أختي.”
“آه.”
ما أيقظني من أفكاري الشاردة كان همس راون.
ما الذي كنت أفكر فيه حتى وأنا على مائدة الطعام…..
“ربما بسبب أن اليخنة حارة بعض الشيء.”
“إذاً، هل أطلب منهم تحضير واحدةٍ بطعم أقل حدة؟”
يا له من حديث قد يسبب كارثة!
“لا، لا. أنا أحب الأطعمة الحارة!”
هززت رأسي بسرعة، ثم تناولت ملعقةً من اليخنة ووضعتها في فمي بشكل متظاهر.
عند رؤية ذلك، رفع راون كتفيه بخفة. و شعرت بنظرات الدوق الحادة من جانبي.
واه، حقًا، إنه شعور مميت.
بينما كانت تلك الوجبة الخانقة تقترب من نهايتها.
“رويلا.”
نادى الدوق باسمي مرة أخرى.
ما الذي يريد قوله هذه المرة؟
“نعم، أبي. تفضل.”
لكن، ما خرج من فمه كان شيئًا لم أتوقعه على الإطلاق.
“هل تعرفين ابنة الكونت أستيان؟”
“ابنة الكونت أستيان، أتقصد…..”
كان الحديث عن سيلفيا.
رفعت كتفيّ وأجبت،
“نحن مجرد معارف على مستوى تبادل التحية فقط.”
“حقًا؟ إذاً، هذا غريب.”
رمشت بعينيّ عند سماع صوته المتذمر وهو يميل رأسه متسائلًا.
غريب؟ ما الذي يقصده بالغرابة؟
____________________
وجع؟ لايكون سيلفيا تبي الدوق بعد في صفها؟؟
المهم وش كان يبون من راون؟ كان بأرحم سيلفيا وأكبها بس معليش اذا بتلمس راون وتقعد على عنادها ذاه تاكل تبن وتستاهل الي بيصير لها
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 113"