عندما رفعت كلايسي الجزء العلوي من جسدها وجلست على حافة السرير، وقف كيشين بعد أن كان قد انحنى بركبتيه ليتمكن من مقابلة نظراتها.
لكن مستوى النظر بين الشخص الجالس والشخص الواقف لم يكن متساويًا، لذلك ما كانت ترى كلايسي أمامها هو فقط سروال كيشين.
شعرت كلايسي بالإحراج، فخفضت نظرها واكتفت بالتحديق في قدمي كيشين.
عندما بدأت يد كيشين تدخل بين شعرها وتخلع زينة الرأس قطعة تلو الأخرى، لم تتمكن كلايسي من رفع رأسها أكثر، كلما خف وزن رأسها، كانت كلايسي تنحني برأسها أكثر.
في كل مرة كان كيشين يضع الزينة الثقيلة على الطاولة، كان الصوت الصادر من القطع يبدو لكلايسي كأنه صوت ساعة كبيرة تحسب العد التنازلي.
“هل وضعوا كامل مخزون الإمبراطورية من الزينة والدبابيس برأسكِ؟”
لمسات كيشين البطيئة زادت من توترها، ووجدت كلايسي نفسها تبلع ريقها مرارًا.
وأخيرًا، عندما اختفت كل زينة الرأس، شعرت كلايسي بأن قلبها ينبض بعنف لدرجة أن بطنها بدأت تؤلمها.
عندما وضعت يد كيشين بحذر على خدها، لم تستطع كلايسي التحمل أكثر فاتكأت عليه وتنفست بعمق، عندها سألها كيشين:
“إن كنتِ متعبة، هل ننام فقط اليوم؟”
“…”
هزت كلايسي رأسها نفيًا بينما كان جبينها لا يزال ملتصقًا بملابس كيشين، كانت تشعر بالقلق والتوتر، لكنها لم تكن تريد ذلك.
لكن عقلها كان خاليًا تمامًا، ولم يبقَ من عزمها القوي الذي كانت تشعر به حتى البارحة شيء.
هل كان الاستماع فقط إلى شكوى ميرين في الليلة السابقة للزفاف وعدم الاستعداد النفسي هو السبب؟، شعرت كلايسي كأنها مستكشفة تقف أمام كهف مظلم تنظر بشوق إلى الضوء الساحر في الجهة الأخرى، تُرى هل يشعر كيشين بنفس الشعور؟.
بينما كانت كلايسي تغرق في أفكارها وتحاول الهروب للحظات، كان كيشين يفك الخطافات الموجودة في ظهر فستانها، ويفك الرباط الضيق بعناية.
عندما سحب كيشين الرباط الأخير، شعرت كلايسي بالثوب الثقيل الذي كان يلف جسدها يتفكك وينزلق بهدوء إلى الأسفل.
كلايسي بسرعة قبضت على آخر شريط ربط، لكن الفستان الثقيل لم يتوقف بمجرد أن خضع للجاذبية، في النهاية، بقي في يد كلايسي فقط شريط الرباط، بينما انزلق الفستان بالكامل إلى الأرض.
في لحظة ابتسم كيشين وقبّل جبينها.
“ماذا ستفعلين بهذا الشريط؟”
نظرت كلايسي إليه بغضب، فاقترب كيشين وقبّلها هذه المرة بين حاجبيها، ثم سحب الطرف الآخر من الشريط الذي كانت تمسكه.
عندما انتقل الشريط إلى يده، احمر وجه كلايسي بشدة ورفعت الغطاء وهربت إلى داخله.
كيشين لم يلاحقها، كان هادئًا تمامًا، حبست كلايسي أنفاسها وأرهفت السمع لما يجري في الخارج.
عندما توقفت عن التنفس، سمعت صوتًا خافتًا يأتي من خلف الغطاء.
“ما الذي يفعله؟”
حاولت التركيز أكثر لمعرفة مصدر الصوت، فاكتشفت أنه صوت احتكاك الملابس، اتسعت عينا كلايسي بدهشة.
فتحت الغطاء قليلاً ونظرت إلى الخارج.
عندما التقت أعينهما، شعرت كلايسي بالصدمة وأعادت الغطاء بسرعة، لكن ضحكته كانت قد وصلت إليها.
همس كيشين بإعجاب، مما جعل وجه كلايسي يزداد احمرارًا، رغم أنهما كانا تحت الغطاء ولم تستطع رؤية وجهه، شعرت بالإحراج الشديد.
كانت لمسته تختلف عن أي شيء شعرت به من قبل، رقيقة لكنها ثابتة.
كلايسي كانت تتحسس وجهه، ثم دفعت يدها بين شعره، في الظلام، فقد شعره الأحمر لونه، لكن ملمسه الناعم انتشر فوق ظهر يدها، مما جعلها تشعر بقربه أكثر من أي وقت مضى.
***
بعد انتهاء حفل الزفاف، تفرق الضيوف بعضهم إلى وجهاتهم، في حين تجمع آخرون مع أصدقائهم المقربين للذهاب معًا إلى مكان آخر.
كانت ميرين ترغب في العودة إلى المنزل، لكنها لم تستطع بسبب إلحاح السيد والسيدة كالاش، فقرروا جميعًا الذهاب إلى منزل فلورنسا مع بعض الأقارب، تاركين الزوجين الجديدين وحدهما في بيت الزوجية.
في البداية، بقيت ميرين مع الأقارب، لكنها لم تكن قريبة منهم بما يكفي لتستمتع بوقتها، كانت علاقاتها مع السيد والسيدة كالاش قليلة، ولم تكن قريبة من خوالها أيضًا، كما أن أخوتها الصغار لم تكن تتحمل رؤيتهم، وكانت علاقتها مع فلورنسا سيئة منذ البداية، مثل الأعداء.
في النهاية، خرجت ميرين من المنزل، غير قادرة على تحمل الجو، وجدت نفسها تسير نحو المعبد الذي أقيم فيه حفل الزفاف، كان الليل قد حل، والمعبد هادئ، كان الكهنة المناوبون يحملون فوانيس صغيرة ويتجولون في المكان.
مرت ميرين بجانبهم، تحييهم بإيماءة، وتوجهت إلى قاعة الصلاة في المعبد.
لكنها تفاجأت بوجود ديرنيك هناك، كان راكعًا أمام المنبر الصغير الذي وقف عليه الكاهن الكبير أثناء خطبته، وقد ضم يديه وأغمض عينيه في صلاة عميقة.
بدت صورته وهو يصلي بتلك الطريقة مقدسة لدرجة أن ميرين شعرت بالدهشة، ديرنيك الذي عرفته كان رجلًا حرًا يفعل ما يشاء، وتلك الروح الحرة هي ما جعلته جذابًا في نظرها.
لكن رؤيته هنا، وحيدًا في المعبد في منتصف الليل، وهو يصلي، جعلها تشعر بالغرابة.
“ديرنيك؟”
نادته ميرين بحذر، فتح ديرنيك عينيه ببطء، ثم استدار لينظر إليه، وعندما رآها، ظهرت في عينيه نظرة مختلطة بالحزن والرضا.
“أنتِ تشبهين ماري كثيرًا.”
“هل أزعجتك؟”
سألت ميرين، وهي تشعر بالأسف، أجابها ديرنيك بينما يتحرك ليترك لها مساحة للجلوس.
“بالعكس، حضوركِ الآن يجعلني أكثر سعادة.”
“حقًا؟”
“نعم، كنت أصلي لأجل ماري، وها أنتِ، التي تشبهينها كثيرًا، أتيتِ فجأة، يبدو الأمر كما لو أن السماء أرسلتكِ لي.”
تحدث ديرنيك بنبرة هادئة، مما جعل ميرين تشعر بالغرابة.
تساءلت، ماذا فعلت والدتها لديرنيك ليشعر بكل هذا الامتنان؟، عندما يتحدث عن والدتها، تشعر كما لو أنه يتحدث عن معبود ما وليس عن شخص كان على قيد الحياة.
ليس كل من يتلقى مساعدة من شخص آخر يشعر بهذا الامتنان الشديد، فماذا قدمت والدتها لديرنيك، ابن الدوق الأكبر، ليشعر بهذا الامتنان العميق ويقدسها هكذا؟.
لا بد أن هناك قصة عظيمة وراء ذلك، لكن والدتها لم تذكرها أبدًا، لم تتحدث حتى عن تقديمها المساعدة لأي شخص.
صمت ماري أثناء حياتها وامتنان ديرنيك الذي لا يمكن فهمه أحيانًا جعلا ميرين تشعر بالخوف.
التعليقات لهذا الفصل " 59"