نظرَت زوجة الماركيز غوسفيل إلى ابنها بدهشة، وسألته :
“هل ترغب في إذن الزواج أم تطلب مني التعاون؟”
“لا يهمني أيهما، طالما كانت النتيجة هي نفسها.”
أطلقت زوجة الماركيز غوسفيل ضحكة غير مصدقة، وقالت : “يبدو أن كلايسي ليست عادية، لقد استطاعت تغييرك، رغم أنك لم تكن تولي اهتمامًا حتى لأفضل الفتيات.”
“أعتقد ذلك أيضًا.”
.
“هذا ليس مدحًا.”
“لكنها حقًا شخص رائع.”
تجاهلت زوجة الماركيز غوسفيل تعليق ابنها، وابتسمت بسخرية.
“ما الذي يميزها؟، مظهرها؟”
“المظهر ليس مهمًا.”
“لكنها لا تزال جميلة للغاية.”
“إنها مجرد صدفة.”
بدأت الماركيزة تبحث في تعبيرات وجه ابنها بعينيها الضيقتين، لكنه كما هو معتاد، كان تقريبًا بلا تعبير.
قررت أن تأخذ الأمر في الاتجاه الإيجابي.
“حسنًا، إذا كنت قد أحببت فتاة مثل هذه، فلا بد أن بها مزايا، مزايا كبيرة، أتمنى أن لا يكون المظهر أحدها.”
“بالطبع”
وضعت والدته ذراعيها على صدرها واستندت بجسدها إلى ظهر الكرسي وسألت : “في اي عائلة أخرى، لا يجرؤ الأبناء على قول ‘سأتزوج من فلانة’، وإلا لطُردوا على الفور.”
“لا ينبغي عليكم طردي.”
أضحك هذا الرد البارد زوجة الماركيز غوسفيل للحظة، ثم عادت لتظهر تعبيرًا حازمًا وسألت : “أنا أم أصغر دوق، وسأعطيك فرصة عادلة، عد لي مزايا الفتاة التي تحبها، يجب أن تكون عشرة على الأقل، سبب موضوعي واحد لكل ميزة، لأكون صريحة، يمكنني سرد عشر مزايا عن زوجي”
بدا كيشين محتارًا للحظة ثم سأل بجدية : “هل يمكن اعتبار المظهر ميزة أيضًا؟”
“ألم تقُل أنك لم تحبها من أجل مظهرها؟”
“عليَّ ملء عشرة مزايا.”
“حسنًا، اذكر تسع مزايا دون احتساب المظهر.”
غرق كيشين في التفكير للحظة، بينما انتظرته والدته بصبر، مسندة برأسها على يدها حتى يتمكن من تنظيم أفكاره.
أخيرًا، فتح كيشين فمه ليتحدث.
“لديها الكثير من الأحلام، لكنها ليست غير معقولة، وهي ذكية، لديها حماس لكل شيء، ولكن طموحها ليس مفرطًا، تتقدم بشجاعة وتعبّر عن رغباتها بوضوح، هي صادقة بما يكفي لتقول كل ما عليها قوله، لكنها أيضًا تتمتع بالصبر لتحمل عدم احترام الآخرين، هي إيجابية، ولكنها ليست غير واقعية”
عندما أكمل كيشين تسع نقاط، توقف لحظة ثم أضاف : “وأيضًا، هي جميلة جدا جدا جدا”
“هل كان من الصعب عليك ملء عشر نقاط بشخصيتها؟”
“……”
“تسع نقاط عدد كبير، يبدو أن الفتاة جيدة، فهي ليست غريبة.”
تقدم كيشين خطوة إضافية، وسأل: “هل ستسمحين لي بذلك؟”
“كم من الوقت قضيتما معًا؟”
“لقد عرفنا بعضنا لمدة شهر تقريبًا، تأكدنا من مشاعرنا في 20 نوفمبر.”
كان يوم الحفل في الدوقية كبيرة، وكانا يظهران علاقة جيدة للغاية، يبدو أنهما تحدثا عن ذلك.
أخذت والدته نفسًا عميقًا، هل ينوي الزواج من فتاة يعرفها منذ شهر واحد فقط؟.
بالطبع، في حالة الزواج المدبر، قد يتزوج المرء من شخص لم يعرفه من قبل، ولكن هذا كان وضعًا مختلفًا.
بعد فترة من التفكير، أخذت نفسًا عميقًا آخر.
“لقد كنت تراقبها لمدة شهر، ولكنني لم ألتقِ بها مطلقًا، لا يمكنني السماح لك بناءً على ما تقوله فقط، لم ألتقِ حتى بعائلتها.”
“سيأتون قريبًا.”
“هذا جيد، على أي حال، لقد فهمت رأيك، فلا تضغط علي أكثر من ذلك، أنا بحاجة إلى رأيي أيضًا، أريد أن أعرف المزيد عنها، سألتقي بوالديها.”
***
بعد عودة فلورنسا، كان على كلايسي أن تقضي السنة الجديدة مكتئبة.
كانت كلايسي، التي كانت سعيدة بتلقي عرض الزواج، تتجول في المنزل وكأنها مثقلة، مما أثر على الجو العام.
“لقد زارتكِ فلورنسا، لكن هذه هي المرة الأولى التي أراكِ فيها بهذا الشكل.”
قالت الخادمة بقلق وهي تحضر الإفطار.
“صحيح.”
أجابت كلايسي بلا حماس، وهي تتناول السلطة بفتور.
“بما أن الماركيزة غوسبيل علمت عني، فلا بد أن كيشين سيعرف قريبًا أيضًا، لا شك أنها تحدثت عني معه.”
هل سيشعر كيشين بخيبة أمل؟، هل ستعارض الماركيزة غوسبيل بشدة زواجه من فتاة مثلي؟
فقدت شهيتها تمامًا، ولم تستطع تناول نصف السلطة قبل أن تنهض من مكانها، مع كل لقمة كانت الأفكار السلبية تندفع إلى رأسها، مما جعلها تشعر بالاختناق.
“ألن تأكلي المزيد، آنستي؟”
نظرت كلايسي إلى الساعة، كان كيشين يرسل لها رسالة كل يوم في تمام الثامنة صباحًا، والآن كانت الساعة تشير إلى 7:50.
“لا أشعر بالجوع.”
تمتمت وهي تجلس مجددًا، متذمرة من بطء مرور الدقائق.
مرت عشر دقائق ثقيلة بشكل غير اعتيادي، جلست كلايسي وهي تشبك يديها معًا، منتظرة بفارغ الصبر، وعندما سمعت صوت الباب يُفتح، اندفعت بسرعة.
كان كبير الخدم قد دخل للتو، وقد أغلق الباب خلفه، وعندما رأت الرسالة في يده، هرعت نحوه على الفور.
فتحت الرسالة بسرعة، غير قادرة حتى على التنفس، ووجدت أنها بدأت بذكر الماركيزة غوسبيل، توقفت للحظة عن القراءة، متيبسة من القلق.
{لقد أخبرت والدتي عنا، قالت إنها ترغب في لقاء والديكِ}
لكن بقية الرسالة لم تكن كما تخيلتها، لم تكن الكارثة التي كانت تتوقعها.
“أوه؟”
ولم يكن هناك أي ذكر للشائعات التي كانت تقلقها.
“هل يُعقل أن الماركيزة لم تخبره بشيء عن تلك الشائعات؟، …لماذا؟”
بدأت تقلب الرسالة بين يديها، تبحث عن أي شيء آخر.
“آنستي؟، هل حدث شيء؟”
سألها كبير الخدم بقلق، فأجابت سريعًا: “لا، لا شيء”، ثم عادت إلى غرفتها.
“قالت فلورنسا إن الماركيزة لا تبدو كشخص يتأثر بالشائعات، ربما تريد التحقق بنفسها مما إذا كانت الشائعات صحيحة أم لا، يبدو أن هذا هو ما تفكر به، لو كانت تصدق الشائعات بالكامل، لما كانت قد خططت لمقابلة والدي من الأساس”
كان يجب أن تشعر بالأمل، لكن الأمل الذي تسلل إلى قلبها كان مصحوبًا بخوف غير مريح، استندت إلى الجدار، تحاول تهدئة أنفاسها.
بعد لحظات من محاولة استعادة هدوئها، بدلت ملابسها وخرجت إلى الخارج، عازمة على مواجهة ما سيأتي.
ركبت كلايسي العربة وتوجهت مباشرة إلى مقر الحرس، هناك، التقت بحارس تعرفه، فحياها بأدب.
“آنسة كلايسي، أتيتِ لرؤية نائب القائد، أليس كذلك؟، هل أخبره بقدومكِ؟”
كان صوته لطيفًا ووديًا، أومأت كلايسي بابتسامة خفيفة، فدخل الحارس بسرعة إلى الداخل.
أما الحارس الآخر، الذي لم يكن يعرفها، فقد نظر إليها وإلى زميله بدهشة، ثم عاد ليحافظ على تعبيره الخالي من المشاعر وينظر إلى الأمام مباشرة.
بعد لحظات، عاد الحارس الذي يعرفها.
“يمكنكِ الدخول، آنسة كلايسي، أنا الحارس ويل، أحد أفراد الفرقة الأولى تحت قيادة نائب القائد، لا تترددي في طلب أي شيء تحتاجينه.”
عندما قال ذلك، ظهر الذهول على وجه الحارس الاخر، وهو يحدق في كلايسي باندهاش.
‘يبدو أن هناك شائعات تتداول بشأن علاقتي مع السير كيشين’
ابتسمت كلايسي ابتسامة محرجة ودخلت مسرعة إلى الداخل.
كان كيشين جالسًا خلف مكتبه، لكنه وقف فور دخولها واتجه نحوها بخطوات واسعة، أمسك بيدها وقبَّل ظهرها، مما جعل الحارس الذي رافقها يتراجع بخفة، مصدومًا.
‘لا يبدو أن كيشين غاضب’
تنفست كلايسي الصعداء وهي تتأمل وجهه.
“هذه المرة جئتِ شخصيًا بدلًا من الاكتفاء برسالة.”
قال كيشين بابتسامة وهو يمسك بيدها ويقودها نحو الأريكة، وبينما تجلس، لمحت كلايسي وسادة وردية وحيدة في الغرفة ذات الألوان الهادئة، فانفجرت ضاحكة.
“ما هذه؟”
“ألا تحبين اللون الوردي؟”
“وكيف عرفت؟”
توجه كيشين إلى مكتبه وفتح درجًا، ليظهر كومة من الرسائل الورديّة التي أرسلتها له، شعرت كلايسي بالإحراج وأسرعت إلى إغلاق الدرج.
“أنا أحب الوردي، لكني أحب أيضًا الأصفر والأخضر الفاتح، ولكنني استخدمت الوردي بكثرة لأنني أحبه، ولأنني أحبك أنت أيضًا.”
عانقت كلايسي الوسادة وهي تنظر إليه بخجل، ثم ابتسمت، ضحك كيشين بخفوت وقال :
“عندما تنظرين إليّ هكذا، أشعر بالارتباك.”
“وكيف أنظر إليك؟”
“كما لو كنتِ تعلمين أنكِ أجمل شيء في هذا العالم.”
“ما هذا الكلام!”
ضحكت كلايسي وهي تضرب ذراعه بخفة بالوسادة، فأخذ كيشين يمازحها ويتظاهر بالهروب، ركضت خلفه، يملؤهما المرح، حتى قاطع لحظتهما صوت طرق على الباب، عادت كلايسي إلى الأريكة وجلست سريعًا.
“أحضرت الشراب.”
كان الحارس الذي دخل يحمل القهوة، وكان وجهه مألوفًا لكلايسي.
“آنسة كلايسي، أنا الحارس فيلز، المساعد الشخصي لنائب القائد.”
ابتسم الحارس لها بلطف وهي ترد الابتسامة، مما جعلها تشعر بسعادة غامرة.
كانت معتادة على أن يعاملوها كزائرة غريبة، لكن الآن، بعدما بدأوا يرونها وكأنها جزء من حياة كيشين، شعرت بفرحة خفية.
أخذت كلايسي رشفة من قهوتها وابتسمت بهدوء.
“ولكن، آنسة كلايسي، ما الذي جاء بكِ إلى هنا اليوم؟”
تلاشت سعادتها في لحظة بعد أن طرح كيشين السؤال، عادت إليها مشاعر القلق والتوتر وهي تتذكر سبب زيارتها.
وضعت فنجان القهوة على ركبتها ونظرت إلى كيشين، عندما رأت وجهه الخالي من أي علم بالمشكلة، شعرت برغبة في تجاهل الموضوع والحديث عن أشياء لطيفة فقط.
ترددت طويلًا، وكيشين انتظر بصبر، وبعد لحظات من التردد، تمكنت أخيرًا من الكلام.
“جئت لأخبرك بشيء، إنها شائعة سخيفة وغير صحيحة، لكنني أردت أن تعرف قبل أن تسمعها من أي شخص آخر.”
التعليقات لهذا الفصل " 43"