كانت كلايسي في حالة من الذهول، أليس من المبكر جداً التحدث عن الزواج؟، هل يُعقل أن يطلب يدها للزواج بعد بضع لقاءات؟.
بالإضافة إلى ذلك، لم يكن الحديث عن الزواج يتم بين الأشخاص المعنيين فقط، حتى لو كان لديهم مشاعر متبادلة، فإن الترتيبات تُناقش بين أولياء الأمور.
‘صحيح أنني أعتني بميرين، لكنني لست وصيتها القانونية، إذا أرادت ميرين الزواج، فستحتاج إلى موافقة زوج اختي الكبرى، من أي عائلة ينحدر ديرنيك؟’
تدافعت العديد من الأفكار في ذهن كلايسي.
‘بما أن وضعي خاص، طالما كان الشخص المناسب من عائلة مشابهة، فلن يهتم والداي كثيراً بالتفاصيل، المشكلة هي أهل الطرف الآخر، لكن ميرين ليست مثلي، إنها الابنة الكبرى لزوج اختي الكبرى وسترث اللقب يوماً ما، لا أعتقد أن زوج اختي الكبرى سيسمح لها بالزواج من أي رجل تحبه دون تفكير.’
سألت كلايسي بحذر كي لا تُفاجئ ميرين.
“هل تقدم لكِ السير ديرنيك لخطبتكِ؟”
دفعت ميرين ذراع كلايسي بخجل.
“بالطبع لا، هل تعتقدين أنه سيفعل ذلك الآن؟”
ازدادت دهشة كلايسي.
“إذن، ما قصة الحديث عن الزواج؟”
استدارت ميرين بسرعة واضعةً يديها خلف ظهرها، وتقدمت بخطوات خفيفة في الممر.
“لم يجد السير ديرنيك الغرض الذي كان يبحث عنه هنا، وكان محبطاً جداً، لذلك قلت له إنني عندما أعود إلى مسقط رأسي سأدعوه مرة أخرى، وعدته بدعوته إلى منزل العائلة وكذلك إلى قصر كالاش، هل تعرفين ما الذي قاله لي حينها؟”
عندما التفتت ميرين، برز على خديها لون وردي جميل، كانت متحمسة، وسارت بخطوات سريعة نحو كلايسي وأمسكت بيدها.
“قال لي : ‘أن تدعيني إلى منزل والدكِ ومنزل عائلة والدتكِ … يبدو وكأننا مخطوبان.’ قال ذلك وهو يبتسم بطريقة لطيفة جداً!”
قفزت ميرين مبتسمة بسعادة غامرة، كانت مختلفة تماماً عن تلك الفتاة التي كانت تتودد للرجال غير المفضلين لديها فقط لتمنع زواج كلايسي، الآن كانت تبدو سعيدة بصدق.
تنهدت كلايسي.
‘إنها تحب ديرنيك فعلاً، هذه المرة، هي حقاً معجبة به’
كانت كلمات ديرنيك من منظور طرف ثالث تبدو مجرد مزحة، ولكن بالنسبة لميرين، بدا أن تلك المزحة جعلتها في غاية السعادة.
عبست كلايسي، من وجهة نظرها، بدا ديرنيك وكأنه زير نساء.
بينما كانت كلايسي وميرين تتناولان العشاء كل منهما غارقة في أفكارها، كان كيشين وديرنيك أيضاً يتناولان العشاء معاً في مكان آخر.
على الرغم من أنهما لم يكونا في نفس العمر، إلا أنهما كانا يلازمان بعضهما منذ الطفولة، أطول فترة قضياها بعيداً عن بعضهما كانت عندما كان ديرنيك في الثالثة عشرة من عمره، حيث انفصلا لبضعة أشهر.
كانت تلك الفترة نقطة تحول في حياتيهما، إذ بدأت مساراتهما تأخذ اتجاهات مختلفة تماماً، في ذلك الوقت، التقى ديرنيك بمنقذته التي أصبحت بمثابة النجم في حياته، بينما حصل كيشين على شرف يحمل معه دموع من الماضي.
قال ديرنيك وهو يتنهد في نهاية حديثه الذي طال خلال العشاء : “إذن الخلاصة هي أنني لم أتمكن من العثور على غرض الاخت ماري.”
لم يتحدث كيشين كثيراً، واكتفى في النهاية بالرد بكلمة واحدة : “نعم.”
تابع ديرنيك وهو يتمتم بحزن : “لكن لا بأس، فقد وعدوني بدعوتي لاحقاً إلى منزل العائلة، ربما أجد ما أبحث عنه حينها.”
ثم نظر إلى طبقه الفارغ قبل أن يبتسم فجأة وسأل : “لنترك حديثي هنا، ماذا عنك؟، كيف كان يومك؟، سمعت أنك تحقق في قضية ممتعة مؤخراً، هناك شائعات عن وجود جاسوس بين أعضاء فرقة مسرحية مشهورة، هل هذا صحيح؟”
عبس كيشين قليلاً.
“إنه تحقيق سري، كيف عرفت ذلك؟”
أجاب ديرنيك بكل ثقة : “عمي أخبرني.”
هز كيشين رأسه بعد سماع إجابة ديرنيك الواثقة، بدت السعادة على وجه ديرنيك، فضرب قدم كيشين بخفة بطرف حذائه قائلاً : “يبدو أن الأمر صحيح بالفعل، أليس كذلك؟، من هو الممثل الجاسوس؟، هل هو أحد الممثلين الذين أعرفهم؟”
لم يكن من الصعب على ديرنيك معرفة نتائج التحقيق لو أراد، لكن كيشين لم يرغب في مشاركة تفاصيل التحقيق معه، لذا قرر تغيير الموضوع.
“لقد قابلت الآنسة كلايسي في المسرح الكبير.”
وقع ديرنيك فوراً في الفخ.
“حقاً؟”
توقف كيشين عن تقطيع طعامه ونظر إلى وجه ديرنيك المندهش.
“ألم تقل إن لديها موعداً معك؟، قلت إنها دعتك إلى منزلها.”
حك ديرنيك رأسه وضحك بخجل.
“هذا ما اعتقدته أيضاً، لكن عندما وصلت، وجدت ابنة السيدة ماري فقط، أما تاجرة الأسلحة، فقد كانت خارج المنزل.”
كيشين كان قد بدأ حديثه عن كلايسي فقط لتحويل اهتمام ديرنيك، ولكن مع استمرار الحديث عنها، بدأت مشاعر الغضب التي هدأت خلال النهار في العودة.
لاحظ ديرنيك تعبير كيشين السيء، فابتسم وقال بحماس : “لماذا؟، هل تقابلتما وتخاصمتما؟، يبدو أن وجهك ليس في أفضل حالاته.”
أجاب كيشين ببرود: “كانت في حالة جيدة مع رجل آخر.”
اتسعت عينا ديرنيك في دهشة : “رجل آخر؟، من هو؟، هل هو شخص نعرفه؟”
كيشين كان يعلم من هو الرجل، ربما ديرنيك يعرفه أيضاً، إذ أن عائلة الرجل قد خضعت لتحقيق كبير بسبب قضية السحر الأسود، لكن كيشين لم يرغب في الخوض في تفاصيل تلك القصة، فهز رأسه وأضاف : “رأيت فقط ظهره، لذا لا أعرف، على أي حال، تلك المرأة تبدو وكأنها لعوبة، في يومٍ تقول إنها تحبني، وفي اليوم التالي تعترف بأنها معجبة بك، ثم بعد ذلك مباشرة تبدو سعيدة مع رجل آخر.”
كلما تحدث كيشين أكثر، ازدادت مشاعر الإحباط لديه، كان من المحبط أن المرأة التي حركت مشاعره لأول مرة في حياته، تبين أنها لعوبة.
على الجانب الآخر، كلما شعر كيشين بالإحباط، زاد استمتاع ديرنيك بالموقف، حتى أنه كان يضحك بصوت عالٍ، ممسكاً بطنه من شدة الضحك، ثم سأل : “هل أنت غاضب لأن المرأة التي أعجبتك تخرج في موعد مع رجل آخر، كيشين؟، ولكنك لم تبدأ علاقة معها بعد، أليس كذلك؟”
قال كيشين ببرود : “اظن أنك وكلايسي تتفقان بشكل جيد.”
سأل ديرنيك : “لماذا؟، هل اقول كلاماً مشابهاً لكلامها؟”
أجاب كيشين : “كلايسي قالت شيئاً مشابهاً، سألتني إذا كان يجب عليها أن تحبني للأبد إذا أعجبت بي، وعندما قلت إن الوقت الذي استغرقته لتغيير رأيها كان قصيراً جداً، قالت إنه لا يهم إن كان اليوم أو الشهر، فكل شيء واحد بالنسبة لها.”
بينما كان كيشين يتحدث، كانت ملامح ديرنيك تتغير تدريجياً، واتسعت ابتسامته أكثر فأكثر، بعد أن أنهى كيشين كلامه، شعر بثقل في صدره، فشرب كأس كامل في لحظة واحدة.
لكن عندما أنزل كيشين الكأس، لاحظ أن تعبير ديرنيك كان غريباً للغاية، حتى أنه بدا متحمساً بطريقة غير مألوفة.
سأله كيشين بشك : “ما الأمر؟”
ضحك ديرنيك بشدة وأجاب : “استمعت لحديثك وأدركت أن كلايسي تشاركني نفس القيم.”
رد كيشين باستياء: “هل تقصد القيم المتعلقة باللعوبين العاطفيين؟”
“البعض قد يعتبرون ذلك لعباً، لكننا لسنا كذلك، نحن فقط نقطع المشاعر بسرعة ولا نتعلق!”
كيشين كان يؤمن بأن الحب لشخص واحد مدى الحياة يكفي، ورغم أنه كان يعتبر ديرنيك صديقاً جيداً، إلا أنه لم يفهم أبداً وجهة نظره هذه، هز كيشين رأسه معترضاً.
ديرنيك استمر في الابتسام بخبث وسأل : “كيشين، هل ما زلت تحمل مشاعر لكلايسي؟”
أجاب كيشين على الفور بامتعاض : “أبداً.”
لم يكن لديه أي اهتمام بالعلاقات الرومانسية، وربما لن يكون له أي علاقة طوال حياته، لكنه إذا كان عليه أن يحب أحداً، فإنه يريد حباً حقيقياً وأبدياً، حيث ينظر كلا الطرفين إلى بعضهما فقط دون أن يتأثر أحدهم بالآخرين، الحب العابر لم يكن يناسبه أبداً.
ضحك ديرنيك وسأل مجدداً : “إذاً، هل بإمكاني أن أحاول الاقتراب من كلايسي؟”
شعر كيشين بعدم الارتياح وسأله : “ألم تكن مهتماً بميرين؟”
رد ديرنيك بارتباك غير متوقع، متراجعاً إلى الخلف وكأنه شعر بالقشعريرة : “ماذا تقول؟، ابنة السيدة ماري هي ابنة شخص قدم لي معروفاً، لذا أتعامل معها بلطف، لا أكن اهتماماً للفتيات البريئات، العلاقات الرومانسية يجب أن تكون مع من يجلبون التحدي، مثل كلايسي.”
تحدث ديرنيك بوضوح، واضعاً الحدود بينه وبين ميرين، ثم نظر إلى كيشين وكأنه ينتظر موافقته، كيشين جلس صامتاً، يعبث بالكأس الفارغة أمامه.
بالطبع، لم يكن لديه أي اهتمام بكلايسي كالاش، لم يكن معجباً بالنساء اللعوبات مثلها، ولم يكن هناك أي فرصة أن يقترب منها في المستقبل.
“كيشين، لماذا لا تجيبني؟، إذا قلت إنك لا تهتم بكلايسي، فسأشعر بالراحة وأقترب منها.”
بعد فترة طويلة من الصمت، أجاب كيشين ببرود وهو ينهض : “لماذا تسألني الإذن؟، أنا وكلايسي لسنا متزوجين، كلاكما بالغين، فلتفعل ما تشاء.”
***
خلال الأيام التالية، استمر تساقط الثلوج بغزارة، ومع اشتداد البرد في الخارج، فضلت كلايسي البقاء داخل غرفتها الدافئة بدلاً من الخروج، كانت تجلس مرتاحة وتضيع الوقت.
بينما كانت ميرين تتجول في الأماكن المختلفة رغم الطقس البارد، كانت كلايسي تفضل الحفاظ على راحتها دون أن تعرض جسدها للإرهاق.
أخيراً، بعد أن أرسلت صديقتها فلورنسا عدة دعوات إلى كلايسي دون استجابة، لم تتحمل فلورنسا الأمر أكثر، فزارتها بنفسها وقامت بقرص وجنتيها.
قالت فلورنسا : “أيتها الكسولة، حتى زيارة المنزل المجاور أصبحت صعبة عليك؟”
ردت كلايسي: “أشعر وكأن جسمي يزداد ثقلاً يوماً بعد يوم.”
“كنتِ هكذا منذ الطفولة!، ما العذر هذه المرة؟”
فلورنسا أجبرت كلايسي على النهوض من السرير وألبستها ملابس الخروج بالقوة، لتجد نفسها مضطرة إلى مرافقة فلورنسا في عربة إلى الساحة.
كانت الساحة مغطاة بالكامل بالثلج الأبيض، بقايا الثلوج التي تراكمت على مدار عدة أيام لم تذُب بعد، وكان هناك العديد من رجال الثلج المنتشرين في كل مكان، بينما كان الأطفال يصرخون بفرح وهم يركضون.
عندما رأت كلايسي هذا المشهد المليء بالحياة، شعرت بالحماس أخيراً، سحبتها فلورنسا من العربة إلى الخارج.
وبمجرد أن خرجت إلى الهواء الطلق، شعرت كلايسي بالحيوية، استأجرت هي وفلورنسا أحذية التزلج وتوجّهتا إلى الجليد المتجمد.
بينما كانتا تتزلجان بسعادة على الجليد، بدأت كلايسي تلاحظ ديرنيك يمر من حولها من حين لآخر، وهي تمسك بيد فلورنسا، كانت تلتفت حولها باستمرار.
فجأة، سألها صوت من خلفها : “هل تبحثين عني؟”
فزعت كلايسي واستدارت بسرعة، تاركة يد فلورنسا وكادت تسقط.
أمسكت بها يد قوية قبل أن تسقط، كان ديرنيك.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 23"