“إذا كنتِ تنتظرين الشّرطة ، فمن الأفضل أن تتوقّفي. إنّهم مشغولون بتشريح الجثّة التي أعددتُها لهم. لقد زيّفتُ هويّتي كهاريسون ريجموند بشكلٍ مثاليّ ، فربّما يقيمون الآن حفلةً على شرفي”
“لا … ، لا حاجة لتخبرني بكلّ هذه التّفاصيل. قل لي فقط لماذا أحضرتني إلى هنا”
“آه، بالنّسبة لذلك، أريدكِ أن تساعديني لألتقي بالسيّد الكونت”
“لماذا أنا؟”
“لنقُل إنّه تعاونٌ بين البشر. ألا تملّين من العمل تحت سيّدٍ هو في الحقيقة شيطان؟ سمعتُ أنّ الكونتيسة وصفت الكونت الحاليّ بالشّيطان ، ألا يبدو ذلك مشؤومًا؟”
“من أين سمعتَ هذا؟”
“هل هذا مهمّ الآن؟”
“نعم، إنّه مهمّ. هذه إشاعاتٌ كاذبة اختلقها من يريدون تشويه سمعة عائلة بالتزغراف. شيطان ، ماء مقدّس … هل رجلٌ بمرتبة مفتّش يصدّق مثل هذه الخرافات اللاواقعيّة؟”
“حسنًا، سأعرف إذا أطلقتُ النّار عليه مباشرة. لكن المشكلة أنّ الأمور ليست مواتية. حاولتُ لقاء سيّدكِ، لكن كلبًا ما عضّني ولم أستطع الاقتراب”
تمتم هاريسون وهو يُظهر ساقه اليمنى الملفوفة بضمادات.
كلب؟ أيّ كلب … مهلًا؟ هل حقًا حقّق ذلك الكلب إنجازًا كهذا دون أن أعلم؟ أحسنتَ! لو فعلتَ شيئًا رائعًا كهذا ، كان عليكَ أن تبلغ فورًا!
كان يستحقّ عشر مكافآت على الأقلّ ، كان يجب أن يتباهى بذلك … لكن ، صحيح ، هو لا يتكلّم.
الآن أفكّر في الأمر ، على عكس كلب الجحيم الذي حقّق إنجازًا رائعًا ، لم يفعل كازيمير شيئًا طوال الرّحلة.
عندما أعود ، سأطلب منه تقريرًا مفصّلًا عن إنجازاته غير كتابة رسائل الحبّ لإيفريل، وسأوبّخه قليلًا.
“في الواقع ، كانت هناك فرصةٌ واحدة ، لكن عندما التقيته ، أصبتُ بحماسٍ شديد لدرجة أنّني لم أستطع إطلاق النّار. أردتُ أن أسأله الكثير ، لكنّ الوقت لم يكن كافيًا”
ما هذا؟ طريقته في التّنفس الثّقيل تبدو كالمنحرفين.
يبدو أنّه ليس مجرّد منحرفٍ عاديّ إذا تتبّعني إلى هنا.
“ربّما أردتُ أن أصدّق. أنّ لي رفيقًا في هذا الطّريق. إنّه طريقٌ وحيدٌ جدًا ، لا يقدّره العالم. لكنّني على حقّ. في النّهاية ، سيعرف الجميع أنّني على حقّ. إنّ إعدام المجرمين هو الطّريق الوحيد للعدالة.”
“…”
“لكن حتّى لو كان رفيقًا ، إذا ارتكب إعدامًا لا يستحقّه ، يجب أن يموت. لأنّ هذه هي العدالة ، لأنّني على حقّ…”
صرّ هاريسون على أسنانه بعنف، وعيناه تلمعان.
شعرتُ بقشعريرة من هالة القاتل الشّرس، لكن عندما استمعتُ إليه، بدا منطقه ضعيفًا لدرجةٍ مضحكة.
“أنا على حقّ لأنّني على حقّ”، هذا مستوى تفكيره.
حسنًا، دعني ألخّص.
بناءً على شهادته لإسحاق في الكنيسة ، يعرف أنّ أدريان ارتكب جريمة قتل. المشكلة أنّه بالغ في تفسير أسباب القتل.
يعتقد أنّه يحقّق العدالة بإعدامه للمجرمين ، لكنّه شاهد أدريان و هو يقتل ، فاعتبره رفيقًا محتملًا ، لكنّه يريد اختبار أهليّته …
ما هذا؟ هذا مجرّد هوسٍ متضخّم.
يقولون إنّ المجنون الذي يؤمن بقضيّة هو الأخطر في العالم.
“إذن، هيا، ساعديني بإحضار الكونت.”
“لماذا أفعل ذلك؟”
“يجب أن تفعلي. ألا تشعرين بجسمكِ يتصلّب منذ قليل؟”
“…”
“لا داعي للقلق. كلّ ما عليكِ هو إحضاره إلى المكان المحدّد، وأنا سأتولّى الباقي. عندها، سأعطيكِ هذا المصل.”
هزّ أمامي زجاجةً صغيرة تحتوي على سائلٍ شفّاف ، مرفقًا بابتسامةٍ شرّيرة.
يا له من خسيس. إذن هذا هو سبب تسمّمي ، لقد فعل ذلك لابتزازي.
ألقيتُ في داخلي كلّ الشّتائم الممكنة مستخدمةً “الخنزير” كمرجع، ثمّ شعرتُ بالأسف تجاه الخنازير.
“كيف يبدو الأمر؟ ثمنٌ رخيصٌ مقابل حياتكِ ، أليس كذلك؟ حتّى لو كنتِ خادمةً مخلصةً لعائلة الكونت ، فأنتِ تعرفين قيمة حياتكِ.”
تحدّث هاريسون بابتسامةٍ مزعجة.
ما هذا الأحمق؟ لقد أزلتُ السّم منذ زمن.
كدتُ أبصق في وجهه و أستمتع بردّة فعله ، لكنّني تماسكتُ.
لا داعي لإخباره بمعلومةٍ تفيده. يداي لا تزالان مقيّدتين أيضًا.
“صحيح، الآن أفهم ذلك.”
“هل تقبلين عرضي؟”
أومأتُ برأسي متظاهرةً بالبراءة، فأضاءت عيناه.
“لا خيار آخر. حياتي على المحكّ ، فهل هناك خيارٌ آخر؟ أنا مجرّد خادمةٍ تعيش يومًا بيوم. أعمل لعائلة الكونت من أجل المال، لكن المال لا يفيد إذا متّ”
“حسنًا، فكّرتِ جيّدًا.”
“إذن، حرّر يديّ أوّلًا. أريد إحضار الكونت بسرعة لأحصل على المصل. لا أريد أن أموت لأنّني تأخّرت.”
مال رأسه إلى الجانب ببطء. بدا و كأنّه أفعى تُفكّ لفائفها قبل افتراس فريستها، فارتجفتُ دون قصد.
هذا فيلم إثارةٍ قاتلة بكلّ معنى الكلمة.
أليس هذا انغماسًا مبالغًا فيه؟
“ذلك … كنتُ أمزح فقط. ظننتُ أنّك سترتعب وتهرب إذا قلتُ ذلك.”
“حقًا؟ لم يبدُ الأمر كذلك على الإطلاق.”
أعطني وقتًا للتفكير، من فضلك!
عادةً، ينتظر الأشرار حتّى يتحوّل البطل أو ينهي مونولوجه الطّويل، لكن هذا الرّجل لا يملك أدنى أخلاقيّات الشّر.
“اسمع، أيّها المفتّش. لمَ لا نتحدّث بهدوء بدلًا من هذا … آه!”
“للأسف، بعد أن وصلتِ إلى هنا، لا يمكنني ترككِ على قيد الحياة.”
حاولتُ بدء حوارٍ اجتماعيّ ولو متأخرًا، لكن الأنبوب الحديديّ هجم نحوي مجدّدًا.
دوّى صوتٌ معدنيّ مخيف عندما ضرب الأرض، فشعرتُ بقشعريرةٍ في ذراعي. يتحث وكأنّه في موقفٍ لا مفرّ منه، بينما هو من أغمى على شخصٍ في القرية وجلبني إلى هنا.
لكنّني حقًا لم أرد إكمال المهمّة الرّئيسيّة، فصحتُ دون استسلام:
“اسمع، اهدأ واستمع إليّ. لا أعرف ماذا رأيتَ في الكنيسة، لكنّه سوء تفاهم. يبدو أنّك تريد أن تكون رفيقًا لسيّدي الكونت، لكن إذا أطلقتَ النّار عليه فور رؤيته، سينزعج ويغادر فحسب.”
“لا يمكنني قبول شخصٍ كرفيقٍ دون إثبات.”
“لكن هذا الرّفيق الذي تتحدّث عنه، أنتَ من يريده من طرفٍ واحد! الكونت ليس لديه أيّ نيةٍ لذلك. ما فائدة الحديث عن الأهليّة وهو لا يفكّر في الأمر أصلًا؟”
‘إطلاق الرّصاص سيؤذي مشاعر الطّرفين فقط، أدريان لا يعرف حتّى أنّه مرشّحٌ ليكون رفيقك، وحتّى لو عرف، فمن الواضح أنّه لن يهتمّ، فلنذهب كلّ في طريقه.’
حاولتُ قول هذا بأكثر طريقةٍ لبقة، لكن هاريسون لم يستمع.
“اسمع، كلامي…”
«صحّتكِ الحاليّة أقلّ من ثلث الصّحة الكليّة.»
«هناك فجوةٌ كبيرة بين صحّتكِ وصحّة العدوّ.»
عندما أصابني طرف الأنبوب الحديديّ في ذراعي، تحول شريط الصّحة إلى اللّون الأحمر وومض.
مستواي 44، الصّحة الكليّة 1332، الحاليّة 441، وبعد الضّربة الأخيرة، انخفضت إلى 420.
هاريسون في المستوى 81، الصّحة الكليّة 1546، الحاليّة 1076… صحّتي انخفضت بشدّة بسبب السّم ، كيف يمكن أن يكون هذا عادلًا؟
صحيح أنّ صحّته انخفضت بسبب المخطوطات التي استخدمتُها، لكنّه كان تقريبًا بكامل الصّحة في البداية.
مع هذا الفارق في الصّحة، كيف هي مواجهة عادلة؟ إذا كنتَ حقًا تدافع عن العدالة، فلنلتقِ بعد استعادة الصّحة، أيّها الجبان!
بينما كنتُ أشتكي داخليًا، تفاديتُ هجمات هاريسون خمس مرّاتٍ على الأقلّ.
لو كنتُ أعلم، لكنتُ ارتديتُ فستان التّفادي. أنا بارعةٌ في التّفادي والإغاظة ثمّ الهجوم عندما أجد فرصة!
“لم أتوقّع أن تكوني خادمةٌ بهذه الولاء. تضحّين بحياتكِ من أجل سيّدكِ … هذا يجعلني أكاد أبكي.”
لكن وجهه الذي لا يُظهر أيّ عاطفة يجعل كلامه غير موثوق.
“كنتُ منزعجًا منكِ بالفعل، وإذا لم تنفع التهديدات، فمن الأفضل أن أتخلّص منكِ هنا.”
كانت عيناه باهتتين كعيون سمكةٍ ميتة.
“أنا على حقّ، حتّى قتلكِ صحيح، المجتمع لن يحاكمني…”
كان يهمهم وكأنّه ممسوس، لا يشبه المفتّش الذّكي الحادّ الذي كان يومًا. مهما حاولتُ إقناعه، لم يستمع، لكن كان عليّ أن أحاول قدر المستطاع.
“اسمع، لماذا أصبحتَ هكذا؟ لم تكن تخطّط لتصبح هكذا عندما أصبحتَ مفتّشًا، أليس كذلك؟ لماذا يجب أن أموت هنا، وأنا مواطنةٌ عاديّة، على يديك؟”
“ما الذي ستفهمينه؟ طوال تلك السّنوات الطّويلة … مهما قبضتُ عليهم وحبستُهم، لم يتلقّوا عقوبةً حقيقيّة وأُطلق سراحهم. هل تعتقدين أنّ أحدًا سيفهم شعوري؟”
“هذه مشكلةٌ يجب أن تُحلّ داخل مركز الشّرطة…!”
“الأمور الصّحيحة تتطلّب بعض التّضحيات. لا يمكنني أن أفشل في القضيّة الكبرى بسبب تردّدٍ في تقديم تضحياتٍ صغيرة. كلّ ما أحتاجه هو لقاء الكونت والتّحقّق منه.”
كنتُ آمل أن تنتهي المحادثة كما يحدث بين زملاء العمل الذين يشربون ويتحدّثون: “نعم، نعم، هكذا هو العالم. لكن طالما أنتَ على قيد الحياة، ستجد طريقةً للعيش. العالم قذر، ماذا نفعل؟”
لكن، يا إلهي، كانت مشكلته أعمق ممّا توقّعت. حسنًا، أفهم شعوره بالإحباط، لكن ما علاقتي أنا وأدريان بذلك؟
«-67»
«ضربةٌ قاضية! -80»
«ضربةٌ قاضية! -93»
بينما كان يهمهم بحزن، واصل هاريسون توجيه ضرباتٍ فعّالة، فاستمرّت صحّتي في الانخفاض.
هذا خطير، لقد انخفضت إلى أقلّ من 100.
بسبب عقوبة الماء المقدّس، لا تتعافى صحّتي … إذا استمرّ الأمر، قد أكون في ورطة.
كلانغ-!
عندما مرّ الأنبوب الحديديّ بمحاذاة شعري وضرب الأرض، استغللتُ الفرصة وحاولتُ تعثيره، لكن هاريسون توقّع ذلك وابتعد.
لكنّني توقّعتُ تفاديه، فمددتُ ساقي للخلف، لكنّه توقّع ذلك أيضًا وابتعد في الاتّجاه المعاكس.
توقّعتُ أن يوسّع المسافة، فنقرتُ بسرعة على أيقونة المخطوطة، لكنّه، كالشّبح، تفادى كرة النّار.
لكن، مستفيدةً من خبرتي في صالات الألعاب قديمًا، نقرتُ على الأيقونات بسرعة، فضربتُ هاريسون بأصواتٍ مرحة.
«-20»
«-11»
«-32»
«-5»
«-46»
هاه، كانت معركةً شاقّة. لقد استخدمتُ كلّ كرات النّار.
كان يجب أن أشتري المزيد من المخطوطات.
نظرتُ إلى شريط صحّة هاريسون الذي يومض بالأحمر وينخفض، لكنّه فجأة هجم نحوي. سمعتُ صوت ضربة، وأظلمت عيناي، وارتطمتُ بالعمود برأسي.
«ضربةٌ قاضية! -89»
فتحتُ عينيّ بصعوبة، والنّظام يخبرني أنّني في ورطة.
صحّتي المتبقّية 91 فقط … شعرتُ بالخطر، وأردتُ أن أشتكي من هذه المعركة غير العادلة.
بغضّ النّظر عن الألم، هجماته العاديّة قويّة، فلماذا تنجح ضرباته القاضية كثيرًا؟ هل لديه مهارة النّوم العميق؟ ألا يرتدي فستان الحظّ تحت معطفه الكبير؟
“اسمع، هل سننهي الأمر هنا حقًا؟”
“نعم.”
“ماذا عن الآخرين … الرّقيب جيفري؟ كان يتبعكَ دائمًا ، حتّى عندما كان يتذمّر ، كم كان يحترمك! هل تعرف كم عانى جيفري بسبب الشّاهد المزيّف الذي قدّمته؟ هل هذا أيضًا تضحيةٌ صغيرة للقضيّة؟”
“…”
في تلك اللحظة، بشكلٍ مفاجئ، اهتزّت عيناه المتعصّبتان.
هو الذي لم يتزعزع مهما قلتُ … كان يتردّد. لكن لم يكن لديّ وقتٌ للاستمتاع بذلك ، فنقرتُ على “الصّدمة الجسديّة” في قائمة المهارات، واندفعتُ دون تردّد.
إغماء أو إسقاط أغراضه، أيّهما كان جيّدًا.
هيا ، هيا ، اصدمه ، آه!
“آه!”
مع صوتٍ مدوٍّ كأنّ جبلين اصطدما ، انزلق هاريسون و ارتطم بالجدار.
كانت الأولويّة الأولى هي إفقاده الوعي، والثّانية إسقاط مسدّس الماء المقدّس، والثّالثة الأنبوب الحديديّ، لكن للأسف، تحقّقت الأولويّة الثّالثة فقط.
التقطتُ الأنبوب الحديديّ بسرعة و وجهته نحو رقبة هاريسون وهو يحاول النهوض.
“اجلس مجدّدًا، قبل أن أغرز هذا فيك.”
ضغطتُ الأنبوب على رقبته كأنّني سأخترقها ، فانزلق هاريسون إلى أسفل ، متّكئًا على الجدار. عندما رفع يديه ببطء، تنفّستُ الصّعداء داخليًا وأشرتُ برأسي.
“المسدّس المقدّس في جيبك، أخرجه. مع كلّ الرّصاص”
“تبدين واثقة. لو كنتُ مكانكِ، لطلبتُ المصل أوّلًا.”
“توقّف عن الكلام وأخرجه الآن. إذا كنتَ لا تريد الموت.”
بيدٍ تمسك الأنبوب وأخرى تضغط على أيقونة المهارة، ظهر سهمٌ غير مرئيّ في الهواء موجّهًا نحو هاريسون.
كان رأس السّهم الحادّ يصوّب نحو قلبه، لكنّه رفع شفتيه بابتسامةٍ ساخرة.
“لماذا؟ اقتليني وخذيه.”
“…”
“اسمعي، أيتها الخادمة. التبجّح لا ينفع. إذا تردّدتِ هكذا، لن تقتلي أحدًا في حياتكِ. لكن، بالطّبع، ليس الجميع قادرين على القتل.”
ضحك هاريسون وهو يعبث في جيبه، ثمّ أخرج سيجارًا ووضعه في فمه. هذا المجنون لاذعٌ حتّى في هذه اللحظة.
صررتُ على أسناني داخليًا وأمسكتُ الأنبوب بقوّة.
في هذه اللحظة، بدا أنّني أملك الأفضليّة، لكن الحقيقة ليست كذلك.
يائسةً، صحّتي منخفضة لدرجة أنّ ضربةً قاضية واحدة ستُنهيني، بينما لا يزال لدى هاريسون أكثر من 900 نقطة صحّة.
قد يبدو واثقًا الآن لأنّه يعتقد أنّني مسمّمة ومتردّدة في القتل، لكنّه سيكتشف الحقيقة عاجلًا أم آجلًا.
يجب أن أنهي الأمر بسرعة.
مع بقاء عددٍ قليلٍ من المخطوطات، كان هناك طريقٌ واحدٌ فقط للفوز.
الآن، وأنا أضغط على أيقونة المهارة، هي الفرصة المثاليّة، لكن كما لاحظ هاريسون، كنتُ لا أزال متردّدة.
لأنّ قتل هاريسون سينهي اللّعبة.
كان قلبي يخفق بشدّة. لو كان الأمر مجرّد قتل ، لكنتُ فعلتُ ذلك منذ زمن. لكن التّفكير في الانفصال عن أدريان جعلني أتوقّف.
و بينما كنتُ أبحث بيأسٍ عن حلولٍ أخرى، تساءلتُ: هل هناك طريقةٌ لإقناع هاريسون؟ هل يمكن أن تتغيّر المهمّة؟ أو أن يتغيّر العدوّ الطّبيعيّ؟ أو أن تُرفع لعنة أدريان؟
لكن كلّها كانت غامضة وغير مؤكّدة، لا شيء يضاهي المهمّة الرّئيسيّة الحمراء أمامي.
شعرتُ بالغضب يغلي. القتل، المذبحة، وقتل العدوّ الطّبيعيّ.
لماذا تجبرني هذه اللّعبة دائمًا على القتل؟ أليست هناك مهمّات أخرى؟ إنّها لعبة رعب، لكن هل هذا كلّ شيء؟ إذا انتهت اللّعبة، هل سأتمكّن من العودة…؟
“ههه، تعبيركِ يستحقّ المشاهدة. كما قلتُ، ليس الجميع يستطيع القتل.”
عضضتُ شفتيّ لأمنع نفسي من الصّراخ.
يداي ترتجفان من الغضب، لكن هاريسون، الذي فسّر ذلك بشكلٍ مختلف، ضحك بصوتٍ عالٍ.
حدّقتُ به بعيونٍ تكاد تنزف، وأعدتُ التّفكير في المهمّات الرّئيسيّة التي تردّدت في ذهني.
القتل، المذبحة، وقتل العدوّ الطّبيعيّ… عادةً، تكون المهمّات الرّئيسيّة مرتبطة بغرض اللّعبة أو قصّتها، لكن هذه اللّعبة كانت مختلفة.
هل كتبها المخطّط بقدميه…؟
مهلًا، هل هي فعلًا غير مرتبطة؟
هذه اللّعبة كانت لعبة رعب في الأصل. لعبةٌ تجعلكَ تقتل لاستعادة قوّة الشّيطان…
“ما الخطب؟ كنتِ مليئةً بالحماس للقتل، لكن عندما جاءت الفرصة، لم تستطيعي، أليس كذلك؟”
“…”
“يداكِ ترتجفان بشدّة. إنّه أمرٌ يثير الشّفقة. لمَ لا تتخلّين عن هذا وتُحضرين الكونت؟ لستُ سأقتله، فقط سأتحقّق منه. إذا كان بريئًا، لن يموت، أليس كذلك؟”
الآن فهمتُ. لماذا ظهرت لي ثلاث مهمّات رئيسيّة …
المهمّة الأولى ، القتل ، أنقذتُ بها حياة أدريان.
الثّانية ، المذبحة ، استعاد بها أدريان قوّته الكاملة.
و المهمّة الأخيرة ، قتل العدوّ الطّبيعيّ … كانت لإزالة العائق الأخير أمام أدريان ، لتحقيق غرض اللّعبة.
منذ البداية ، لم يكن هاريسون هو المهمّ.
أيّ شخصٍ يمكن أن يُنهي اللّعنة كان سيفي بالغرض.
حتّى لو تجنّبتُ هذا الآن، سيعود بشكلٍ آخر.
إمّا بقتل عدوّ طبيعيّ ، أو بمهمّةٍ أقسى.
وفقًا لغرض اللّعبة الأصليّ ، حتّى يكتمل أدريان …
“هيلدا.”
أدريان، لقد دخلتُ هذه اللّعبة لإنقاذك.
***
العثور عليها كان سهلًا.
بفضل الدّم الذي أعطاها إيّاه مسبقًا ، كان بإمكانه تتبّع آثارها.
بل يمكنه حتّى رؤية ما فعلته في كلّ نقطة. لكن ، على عكس عادته في التّمتع بكلّ لحظة ، لم يكن لديه الوقت لذلك الآن.
لم يستطع أدريان تصوّر أنّ هيلدا غادرت بإرادتها.
لو كانت هي، لكانت ودّعته وجهًا لوجه.
إذن، لا بدّ أنّ إنسانًا آخر اختطفها … كيف يجب أن يتعامل معه؟ طوال الطّريق ، غرق أدريان في التّفكير. سيقتله بالطّبع، لكن المهمّ هو مدى القسوة التي سينهيه بها.
لم تُرضِه كلّ طرق التّعذيب التي عرفها. أراد أن يجعله يندم على كلّ نفسٍ يتنفّسه. و سيحرص على ذلك.
وصل أخيرًا إلى غرفةٍ حجريّةٍ مظلمة تحت الأرض ، مهجورةٍ منذ زمن ، تفوح منها رائحة العفن. شعر بحضور شخصين.
نزل السّلالم بسرعة ، فرأى هيلدا تمسك أنبوبًا حديديًا ، و هاريسون متّكئًا على الجدار. كان عدوّه الطّبيعيّ ، لكن في تلك اللحظة ، لم يكن مهمًا.
بعد المذبحة في الكنيسة ، كانت القوّة الخارجيّة التي ظلّت ثابتة تزداد قوّةً بشكلٍ ملحوظ.
على عكس الماضي ، حيث كانت تدور حول هيلدا كضبابٍ أسود ، كانت الآن ملتصقةً بها كأنّها جزءٌ منها. أدرك بحدسه أنّ المهمّة الثّالثة ، الأخيرة ، قد أُعطيت لها.
يجب أن أثق بهيلدا.
حاول كبح القلق الذي هدّد بابتلاعه ، متمسّكًا بالأمل.
في خضمّ التّغيّرات المستمرّة ، اختارت هيلدا البقاء إلى جانبه مرّاتٍ عديدة ، و أثبتت ذلك.
رغم رؤيته للقوّة الخارجيّة التي تحوم حولها ، لم يحبسها لأنّه آمن بأنّ خياراتها السّابقة ستستمرّ في المستقبل.
“هيلدا.”
لكن هيلدا الآن كانت مختلفة.
عيناها، التي كانت دائمًا قويّة وواثقة، بدتا حزينتين.
كان الحزن يملأ عينيها، كأنّ الدّموع على وشك السّقوط.
لماذا تبدين هكذا ، هيلدا؟ قلتِ إنّكِ ستبقين إلى جانبي دائمًا ، فلماذا تبدين و كأنّكِ سترحلين قريبًا …؟
هل اتّخذتِ قرارًا ما في هذه الأثناء؟ شعر أنّ القوّة الخارجيّة حولها تشتدّ ، و عالمها يبتعد عن عالمه لحظةً بلحظة.
ارتجفت يداه. لا أستطيع أن أفقدكِ. أنتِ كلّ ما أحتاجه.
أرجوكِ، لا تتركي يدي.
‘إذن ، اقتلها و خذها’
همس صوتٌ مروّع ، كأنّه سمعَه من قبل، في أذنيه.
توقّفت أنفاسه، لكن الهمس استمرّ.
‘هذه الفتاة ستعود إلى عالمها وتنساكَ بسرعة. قلوب البشر خفيفة وعابرة، يا للأسف’
‘ستجد إنسانًا آخر و تتزوّج ، و ستصبح أنتَ مجرّد اسمٍ لا تتذكّره. ستبقى وحدك ، أسير مشاعر تافهة ، طوال حياتك. يا للشّفقة …’
‘هل يمكنكَ تحمّل ذلك؟ هل ستسمح لإنسانةٍ تافهة أن تسيطر عليكَ هكذا؟’
‘إذا كنتَ تخاف من الفقدان ، فعليكَ أن تقتل. إذا لم تستطع امتلاكها ، فحطّمها. احتفظ بالجثّة على الأقلّ و عش معها. هذا هو حبّنا ، أليس كذلك؟’
***
كنتُ أعتقد طوال هذا الوقت أنّ هذه اللّعبة تدفعني للقتل، لكنّني كنتُ مخطئة. كان القتل هو الطّريقة الوحيدة لإنقاذك.
في النّهاية ، أدركتُ هذه الحقيقة المربكة ، لكن عندما رأيتُ وجه أدريان ، أصبح كلّ شيء واضحًا بشكلٍ مدهش.
هاريسون سيطارد أدريان إلى النّهاية.
حتّى لو لم يكن الآن، فبجنونه المذهل، سيُصيب قلبه برصاصة الماء المقدّس عاجلًا أم آجلًا.
قوّة أدريان لن تؤثّر على عدوه الطّبيعيّ، فيكون عاجزًا.
سواء هُزم على يد هاريسون، أو قتل هاريسون بنفسه ليتحقّق لعنة ليليث، أو عاش في خوفٍ دائم من عدوٍّ غير مرئيّ يطلق النّار في أيّ لحظة، أو عانى من مرضٍ يعود مجدّدًا … طالما هاريسون موجود، نهاية أدريان ستكون مأساويّة.
النّظام لن يستسلم بسهولة، لكن إذا حالفني الحظّ، قد أعيش حتّى الموت دون إنهاء اللّعبة.
لكن إذا كانت نهاية أدريان مأساويّة … فلا معنى لبقائي في هذا العالم. ما الجدوى من العيش في عالمٍ بدونك؟
إذا تخلّصتُ من هاريسون ، سيكون أدريان آمنًا في المستقبل. و أنا الوحيدة القادرة على قتل هاريسون.
شعرتُ بالإحباط.
ظننتُ أنّ لديّ خيارات، لكن منذ البداية كان هناك خيارٌ واحدٌ فقط.
منذ دخولي اللّعبة، كان الجواب محدّدًا، ولم يكن لديّ حقّ الاختيار. ربّما لم يكن لديّ منذ لحظة لقائي بأدريان.
فكّرتُ في آلاف الأسباب لعدم إنهاء اللّعبة.
بعد أن قتلتُ بالفعل، ماذا سأكون إذا عدتُ؟ غير ملائمةٍ اجتماعيًا؟ أدريان سيبكي كثيرًا بدوني، ماذا لو غضب وقتل أبرياء؟
من أجل سلام العالم، يجب أن أبقى … لكنّها كلّها كانت أعذارًا. كلّ ما أردته هو أن أكون مع أدريان، أن أعيش حيث هو.
كنتُ أتمنّى ذلك بشدّة.
“إذا كان علينا الانفصال على أيّ حال، أريدكَ أن تعيش في عالمك”
لستُ أنهي اللّعبة لأترك أدريان. أنهيها لأنقذه.
اتّسعت عينا أدريان من الصّدمة.
يبدو أنّ صوتي الضّعيف وصل إليه بوضوح رغم المسافة.
ربّما كان يعرف منذ زمن أنّ هذا سيحدث، ولذلك لم يثق بي تمامًا.
هل يعرف أدريان أنّ هذا خيارٌ لا مفرّ منه؟ أتمنّى ألّا يشعر بالجرح من التّخلي عنه.
آسفة، الآن أرى أنّ لديكَ كلّ الحقّ في عدم الثّقة بي.
“آسفة، أدريان.”
ابتسمتُ بضعف وقدّمتُ وداعًا ربّما يكون الأخير.
آسفة. آسفة لأنّني لم أستطع حمايتك حتّى النّهاية. آسفة لأنّني قلتُ إنّني أحبّك ثمّ أتركك. آسفة لأنّني لم أحفظ وعدي.
“لكنّني لا أريدكَ أن تتألّم أكثر.”
ربّما يقول شخصٌ ما إنّ هناك خيارًا أفضل. ربّما أندم على هذه اللحظة لاحقًا، لكن الآن، هذا هو الأفضل.
في تلك اللحظة القصيرة وأنا أرتب أفكاري، نسيتُ هاريسون للحظة.
فجأة، دفعني ونهض، وأخرج مسدّسه.
بينما سقطتُ للخلف، أخطأت مهارتي الهدف، وكان مسدّس هاريسون يصوّب نحو أدريان بدقّة.
سمعتُ صوت الزناد يُسحب، لكن أدريان لم يحاول التّفادي، عيناه مثبتتان عليّ.
فتحتُ نافذة المهارات بسرعة.
«لقد استخدمتِ مهارة “التوازن للضّربة القاضية”.»
«تبقّى لكِ 1 نقطة صحّة.»
كان هاريسون على وشك إطلاق النّار على أدريان، فأمسكتُ بأيّ شيءٍ بيدي ورميته. أدركتُ بعد رميه أنّه حجرٌ صغير.
طق-! طانغ-!
صوت الحجر يصيب مؤخّرة رأس هاريسون، وصوت الرّصاصة، دويا تقريبًا في وقتٍ واحد.
«ضربةٌ قاضية! -1»
مع صوت الرّصاصة العالي، مرّت الرّصاصة بمحاذاة كتف أدريان، وارتطمت بالباب وارتدّت. سقط هاريسون.
ومض شريط صحّته الأحمر عند 1 ثمّ تحول إلى 0.
أردتُ أن أودّع أدريان للمرّة الأخيرة، لكن إشعارات النّظام تدفّقت وأعاقت رؤيتي.
«لقد أكملتِ المهمّة الرّئيسيّة – قتل العدوّ الطّبيعيّ.»
«تهانينا! لقد أكملتِ جميع المهمّات الرّئيسيّة.»
«اللّعبة انتهت، ستعودين إلى شاشة تسجيل الدّخول.»
في تلك اللحظة، أضحى كلّ شيء أبيض، وطُردتُ من اللّعبة بلا رحمة.
***
“اقتلها و خذها. هذه هي غريزتنا.”
ضحكة ليليث أزعجت أذنيه بلا توقّف.
عادةً، كان سيتجاهل هذا الصّوت، لكن هذه المرّة لم يستطع.
كان الإغراء القويّ يهزّ قلبه ويُجفّف حلقه.
تسارعت أنفاسه.
هل سيكون احتضان جثّتكِ أفضل من ترككِ؟ حقًا؟ كنتُ سأفعل أيّ شيءٍ لأكون معكِ. الشّياطين يمكن أن تكون سعيدة حتّى بهذه الطّريقة.
إذا كان عليّ أن أفقدكِ ، إذن … سأقتلكِ.
عندما نظر مدفوعًا بالغريزة القاتلة ، توقّف قلبه فجأة. تبخرت كلّ الأفكار القاسية التي كانت تلوّن ذهنه فجأة.
كنتُ أعتقد أنّني أفهم.
بعد أن أحببتُ ، أدركتُ مشاعر التّعلّق و القلق. اكتشفتُ في حبّي لهيلدا شيئًا من هوس ليليث المروّع مرّاتٍ عديدة.
ظننتُ أنّني يومًا ما قد أفهم ليليث، التي كنتُ أكرهها.
لكن لا. أنا …
‘لماذا تنكر؟ أنتَ تتوق إليه بشدّة!’
كان الصوت يصرخ بيأس.
لا، لا … هزّ رأسه ببطء.
أريدكِ إلى جانبي. لا أريدكِ أن تخافي منّي. لا أريد أن أترككِ.
لكن أكثر من ذلك ، لا أريدكِ أن تموتي. لا أريدكِ أن تبكي أو تحزني.
إذا كنتِ تستطيعين أن تكوني سعيدةً بدوني …
“أتمنّى أن تكوني سعيدة.”
أكثر ممّا آمنتِ بي و أحببتِني.
تلاشى صوته كشمعةٍ تنطفئ.
كان يبكي منذ زمن. دموعٌ حقيقيّة ، لا زيف فيها ، انسابت بلا توقّف. ضبابٌ غطّى عينيه ، فلم يستطع رؤيتكِ.
ربّما أنا ، كشيطان ، لا أستحقّ هذا التّفكير. أنا رماديّ ناقص ، لا أنتمي لأيّ عالم. أينما كنتُ ، أنا نصفٌ فقط.
“إذا كان علينا الانفصال على أيّ حال ، أريدكَ أن تعيش في عالمك”
و أنا كذلك.
“آسفة ، أدريان. لكنّني لا أريدكَ أن تتألّم أكثر”
و أنا كذلك ، هيلدا …
أتمنّى أن تكوني سعيدة.
بقدر دفء حبّكِ لي ، و بقدر حبّي لكِ.
لم أستطع فعل شيء. استعاد كلّ قوّته ، لم يعد يتألّم كالسّابق ، لكنّه كان عاجزًا بشكلٍ مروّع.
لم يستطع سوى انتظار قرارها كحكمٍ بالإعدام.
دوّى صوت الرّصاصة معلنًا النّهاية، واختفت هيلدا من أمامه.
في تلك اللحظة ، اختفت كلّ الألوان.
لم يبقَ سوى جسدٍ رماديّ بلا وجهة ، مرّةً أخرى.
عندما قُتل هاريسون، العدوّ الطّبيعيّ، انتهت اللّعنة أخيرًا.
خفّ الألم الذي كان كالسّجن لسنواتٍ طويلة تدريجيًا حتّى اختفى. كأنّ حبلًا يخنق قلبه انقطع ، و اندفعت أنفاسه.
انتهت اللّعنة تمامًا، لكن عالمه تحطّم إلى أشلاء.
كيف يكون عالمي شيئًا غيركِ؟
عشتُ حياةً لا تُحصى من السنوات ، لكنّني كنتُ سعيدًا للحظاتٍ قصيرة. خلال فترةٍ وجيزة شعرتُ و كأنّها لحظة ، كنتُ سعيدًا بشكلٍ ساحر.
كان العالم يبدو أسودَ و أبيضَ فقط ، لكن عندما كنتُ معكِ ، لم يكن سيئًا على الإطلاق. بل شعرتُ أنّه كان جميلًا.
شعرتُ بنهر الرّبيع وضوء الصّيف لأوّل مرّة.
كيف سيكون الخريف و الشّتاء معكِ؟
أتمنّى أن يكون هذا الشّتاء أكثر برودة، لأتمكّن من تدفئة يديكِ الباردتين. فكّرتُ بأفكارٍ جعلتني أشعر بالغرابة تجاه نفسي، وتوقّعتُ الوقت المتبقّي بحماس.
كلّ ذلك كان له معنى فقط لأنّكِ كنتِ موجودة.
“…”
لم أستطع إصدار صوت، وبكيتُ بصمت.
أنا من فقدكِ ، هيلدا.
لأنّني لم أستطع مواكبتكِ ، و لأنّني لم أثق بكِ ، غادرتِ.
ليس لكِ ذنب ، كلّ اللّوم يقع عليّ.
لذا ، أرجوكِ ، انظري إليّ مجدّدًا. خذيني معكِ.
أخرجيني من هذا الظّلام البارد ، كما فعلتِ دائمًا …
لذا ، يجب أن أجد طريقةً ما. لأنّني من فقدكِ.
لأنّني لم أستطع مواكبتكِ …
بحثتُ عنها بكلّ قوتي.
كانت مجرّد قطرة دمٍ باهتة ، لكنّني تتبّعتُ أثرها حتّى النّهاية. كان الأمر كمحاولة سماع صوت احتكاك ثوبٍ في قاعةٍ مزدحمة بالنّاس و أصوات الأوركسترا ، لكنّني فتّشتُ كلّ أثرٍ صغير.
الأمل الوحيد كان شعوري بوجود هيلدا الباهت ، و اليأس كان أنّني مهما حاولتُ ، لم أستطع الوصول إليها هنا.
كانت بعيدةً جدًا، وقد أفقدها تمامًا إذا أخطأتُ.
تمسّكتُ بالأثر الضّعيف بيأس، واستدعيتُ كلّ الطّرق السّحريّة التي أعرفها، مستحضرًا المعرفة التي اكتسبتُها من الكتب القديمة التي قرأتُها بشراهة مؤخرًا.
هيلدا ، فقدانكِ كان خطأي. لذا ، إذا لم تستطيعي العودة ، سأذهب أنا إليكِ. كما عبرتِ الزّمن و الفضاء لتجدينني ، حان دوري الآن لأجدكِ.
لو أستطيع لقاءكِ مجدّدًا ، لا يهمّني ما سيحدث لأيّ شيءٍ آخر.
حتّى لو كان ذلك العالم نفسه.
***
في فضاءٍ أبيض شاسعٍ بلا بدايةٍ أو نهاية، وصلتُ إلى المكان الذي سمّاه النّظام شاشة تسجيل الدّخول، وانهرتُ باكيةً على الأرض.
هاريسون … مات ، أليس كذلك؟ بما أنّني أكملتُ المهمّة الأخيرة ، فأدريان آمنٌ الآن ، صحيح؟
على الرّغم من أنّنا انفصلنا ، إلّا أنّه يمكنه العيش بدون تهديد العدوّ الطّبيعيّ ، و هذا يكفي. كان قويًا منذ البداية ، و عاش طويلًا بدوني ، لذا سيستمرّ بالعيش جيّدًا.
كونه كائنًا يتجاوز البشر ، أتمنّى أن ينساني بسرعة.
أن يعتبرني مجرّد تسليةٍ عابرة خلال سنواته العديدة ، أن يعتقد أنّني أصبحتُ ضعيفةً بسبب اللّعنة ، و أنّ حبّي له كان خطأً عابرًا. أتمنّى أن يلومني بشدّة ، لكن ألّا يحزن كثيرًا.
“أدريان …”
لكنّني أعرف أنّ ذلك لن يحدث.
كان يبكي بالفعل عندما غادرتُ.
رغم أنّ قوّته كانت كافية لمنع ذلك ، لكنّه وقف عاجزًا كمن ينتظر حكم الإعدام. لم أستطع حتّى أن أودّعه للمرّة الأخيرة.
لو كنتُ أعرف أنّ هذه النّهاية تنتظرني ، لكنتُ عاملته بطريقةٍ أفضل.
أندم الآن على صباح هذا اليوم. لماذا غضبتُ و صرختُ بسبب الدّم؟ كان يجب أن أحضر له دلوًا منه بدلًا من كأس نبيذ.
كان يجب أن أخبره بكلّ شيء بعد انتهاء المهمّة بدلًا من التّخطيط لذلك فقط، وأن أعود مباشرةً إلى القصر.
هذا الصباح، كان حضنه دافئًا جدًا، ويداه التي كانت تداعبني كانت رقيقةً لدرجة البكاء.
لا أريد أن أنسى، لكنّها تبدو الآن كحلمٍ بعيد.
عيناه المليئتان بالعاطفة عندما كان ينظر إليّ تؤلمني الآن بشكلٍ لا يُطاق. ضربتُ صدري بقوّة، لكن الألم لم يتلاشَ، فانحنيتُ وأجهشتُ بالبكاء.
دينغ دونغ-!
أدريان … أدريان. حتّى لو انفصلنا ، ما زلتُ أحبّك.
حتّى لو مرّت أزمنةٌ طويلة ، لن أنساك.
دينغ دونغ-!
لكن أتمنّى أن تنساني.
أتمنّى أن تنسى كلّ الأوقات السّعيدة التي قضيناها معًا.
إذا تذكّرتَ ذكرياتنا و حزنتَ ، سأكون أكثر حزنًا من بعيد …
دينغ-! دينغ-! دونغ-!
… ما هذا الصّوت منذ قليل؟ أنا أبكي الآن ، و كلّما حاولتُ خلق جوٍّ دراميّ ، يقاطعني.
«تهانينا على إكمال اللّعبة!»
كنتُ سأكتفي بكتم الصّوت، لكن فجأة انطلق صوتٌ مزعج مع ألعابٍ نارية تنفجر من كلّ جانب. الموسيقى الخلفيّة كانت مرحةً لدرجة أنّها جعلتني أرغب في البكاء أكثر.
لم أستطع الرّؤية جيّدًا بسبب الدّموع ، لكنّني أعرف أنّ النّظام يتصرّف بلا لباقة كسوسيوباتيّ.
هل هذا وقت الاحتفال؟ تجعل اللاعب يبكي دمًا ثمّ تحتفل؟
أردتُ أن أمسك النّظام من رقبته ، لكنّه ، بغضّ النّظر عن ذلك ، محا الرّسالة الاحتفاليّة وبدأ يكتب كلماتٍ جديدة.
«”هيلدا” هي شخصيّة لاعب صُنعت لأجل لعبتك.»
«خصائص هيلدا:
– المستوى: 44
– المهنة: خادمة
– المهارات المملوكة: 7
– المخزون: ممتلئ
– المهمّات المكتملة: 3
– المسار الذي اخترته: حليفة الشّيطان»
تدفّقت حروفٌ بيضاء ببطء في الهواء مع صوتٍ تأثيريّ قديم مرح. يبدو أنّ النّظام كان ينتظر ليُظهر قائمة النّهاية.
حاولتُ البحث عن زرّ التّخطّي، لكن نظام لعبةٍ غير ودود للاعبين لن يُنشئ شيئًا كهذا. من يشاهد قوائم النّهاية هذه الأيّام …؟
رفضتُ عربت الدّم التي قدّمها أدريان، فأصبحتُ الذّراع اليمنى المؤقّتة، ثمّ الذّراع اليمنى الرّسميّة بعد القتل.
أتذكّر شجاري مع كازيمير للحفاظ على منصب الذّراع اليمنى، ما زال يضحكني. وفوق ذلك، علاقة الحبّ. لقد فعلتُ الكثير في اللّعبة، أليس كذلك؟
«اللقب الفرعيّ الذي حصلتِ عليه:
– مساعدة الإعدام»
آه، هذا! ساعدتُ في توفير الحبل للإعدام ، و استفدنا أنا و أدريان.
«سمعتكِ:
– مستوى السّمعة: 0
– مستوى السّمعة السيّئة: 17
– الأشرار الذين أغويتهم بالسّمعة السيّئة: 898
– نقاط السّمعة السيّئة المستخدمة لتحسين المهارات: 16»
عندما فُتح نظام السّمعة السيّئة ، تذكّرتُ كيف رحّب بي غروفر ، و كيف هرب الأخيار خوفًا منّي. كان ذلك محيّرًا ، لكن الآن، في ظلّ الوضع الحاليّ، يبدو كأيّامٍ سعيدةٍ بريئة.
«الأشخاص الذين أحبّوكِ:
– إميلي: (*’▽’*) تنتظر هيلدا … المستوى 3 (10/30)»
كنتُ أشاهد كأنّني أتصفّح ألبومًا قديمًا ، لكن عندما رأيتُ اسمًا مألوفًا يظهر ببطء ، تجمّدتُ.
“إميلي…”
يا إلهي، إميلي تنتظرني.
لا تعرف حتّى أنّني اختفيتُ. قبل أن يهدأ حزني بسبب أدريان، بدأت الدّموع تتجمّع مجدّدًا بسبب إميلي.
إميلي، لا تنتظريني. لن أستطيع العودة.
ستصلها أخبار اختفائي ، وهي رقيقة جدًا، كم ستصدمها الأخبار … لم يتلاشَ حزني بسبب أدريان، وتذكّر إميلي زاد من ألمي. شعرتُ أنّني قد أختنق بالدّموع.
«- كايدن: |ˬ•’๑) ينتظر هيلدا … المستوى 10 (الحدّ الأقصى)
– غروفر: |ˬ•’๑) ينتظر هيلدا … المستوى 10 (الحدّ الأقصى)
– روزي: (‘✪▽✪’)♡ لديها أخبار أنّ طولها زاد 0.3 سم و تنتظر هيلدا … المستوى 10 (الحدّ الأقصى)
استمرت أسماء من التقيتُ بهم في اللّعبة بالظهور، لكنّني لم أستطع القراءة بسبب الدّموع.
حاولتُ كبح البكاء ومسح الدّموع بأكمامي، لكن عينيّ بقيتا مغرورقتين. تساءلتُ فجأة عمّا أفعله هنا وحدي.
الأشخاص الذين أريد رؤيتهم، الذين ينتظرونني، هناك.
لا تنتظروني، أيّها الحمقى.
لا تحزنوا أو تبكوا. لا أستطيع العودة لمواساتكم.
«~النّهاية~»
«لقد انتهت لعبتكِ. هل استمتعتِ؟»
“لماذا … لماذا لا يوجد ذكرٌ لأدريان؟ أرني أدريان …”
أرجوك ، دعني أحتفظ بذكرى أخرى قبل أن أغادر.
بكيتُ وتوسّلتُ، لكن الحروف البيضاء اختفت بلا رحمة، منهيةً قائمة النّهاية.
يا إلهي، هذه أوّل مرّة أبكي فيها هكذا أثناء قائمة النّهاية.
«اللّعبة انتهت، ستتمّ تسجيل الخروج بعد قليل. 10، 9…»
“مهلًا، مهلًا! حقًا؟ هكذا تنتهي؟ أليست هذه شاشة تسجيل الدّخول؟ لا يمكنني إعادة تسجيل الدّخول؟”
«8، 7، 6»
“أريد مواصلة اللّعبة. هناك الكثير من الألعاب التي يمكن مواصلتها بعد النّهاية!”
«5، 4…»
“نقلتني إلى هذا العالم كما شئتَ، والآن تريد إعادتي كما تشاء! قلتُ إنّني لا أريد العودة!”
«3، 2»
ركعتُ وتوسّلتُ، وحاولتُ الإقناع والغضب، لكن لا شيء نفع لأنّ الخصم كان النّظام. ماذا أفعل؟ هل هذه النّهاية حقًا؟
آسفة، أدريان. آسفة لأنّني غادرتُ دون وداع. أتمنّى ألّا تشعر بالجرح من التّخلي عنك.
اختفيتُ أمام عينيك مباشرة، كم ستبكي ذلك البكّاء، وهل سيتوقّف …؟ لكن ماذا أفعل؟ أنا نفسي لا أظنّني سأتوقّف عن البكاء.
بينما كنتُ أجهش بالبكاء وأنا أفكّر أنّ كلّ شيء انتهى، سمعتُ صوتًا كراديو مكسور.
ززز- ، ززز-
رفعتُ رأسي قليلًا لصوتٍ مزعج كالتّشويش. الحروف البيضاء التي لم تتوقّف رغم توسّلي توقّفت عند «1».
ززز ، ززز … مع ارتفاع الصّوت ، كبرت الحروف و صغرت ، مشوّشةً كإشارةٍ سيّئة. ومضت الأرقام بشكلٍ غير منتظم ثمّ اختفت، وظهرت كلماتٌ جديدة بسرعة.
«أدريان يحاول تجسيد عالمه في عالمك.»
«أوقفي فوضى أدريان بسرعة.»
«دمج عالمين مختلفين سيُسبّب فوضى عظيمة. أنقذي العالم بإحساسكِ بالعدالة!»
كان النّظام متلهّفًا لدرجة أنّه محا الرّسالة الأولى المليئة بالصّدق وأظهر رسالةً ثانيةً رسميّة.
«تمّ فتح مهمّة مخفيّة.»
«المهمّة المخفيّة – منع فوضى الأبعاد
الرّتبة: عالية
الخاصيّة: يجب إكمالها بأسرع وقتٍ ممكن»
“ما؟ ما هذا؟”
«الخاصيّة: يجب إكمالها بأسرع وقتٍ ممكن»
كنتُ مذهولةً من الوضع المفاجئ، لكن السّطر الأخير كبر بحجمٍ هائل وقترب من وجهي.
تجسيد؟ أيعني هذا أنّ عالم أدريان وعالمي سيندمجان؟ هل سينشأ قصر بالتزغراف بجانب محطّة سيول، وقرية بجانب ميونغدونغ؟ مدينة سيول الخاصّة ببالتزغراف؟
يا إلهي، ماذا يفعل أدريان؟ لم أظنّه سيبقى ساكنًا إلى الأبد، لكن لم أتوقّع أن يتحرّك بهذه السّرعة.
دمج عالمين؟ هذا عملٌ ضخم!
«الخاصيّة: يجب إكمالها بأسرع وقتٍ ممكن جدًا!»
بينما كنتُ غارقةً في التّفكير، كبر النّظام الحروف لدرجة أنّ عينًا واحدة لا تكفي لرؤيتها.
انظر إلى هذا التّعجيل. لو كان للنّظام يد، لدفعني.
حتّى لو فكّرتُ قليلًا، أعرف أنّ أدريان يفعل شيئًا مذهلًا ، وأنّ دمج العالمين سيُسبّب فوضى عظيمة، لكن…
“لماذا يجب أن أكمل هذه المهمّة؟ أليس هذا لصالحي؟ إذا اندمج العالمان، سأعيش مع أدريان دون انفصال.”
«دمج عالمين مختلفين سيُسبّب فوضى عظيمة. أنقذي العالم بإحساسكِ بالعدالة!»
“ليس لديّ إحساسٌ بالعدالة. بعد أن جعلتني أقتل ، تتحدّث عن ماذا الآن؟”
دوّى صوتٌ هائل كأنّ جبلًا ينهار من بعيد. ربّما لأنّ ما يفعله أدريان ضخمٌ للغاية، أثّر حتّى هنا. تجمّد النّظام مذهولًا من ردّي البارد، ثمّ محا الرّسالة وأظهر واحدةً جديدة.
«الأشخاص الذين تحبّينهم …»
“لا يهمّ. ليس لديّ عائلة في كوريا، ولا أحد ينتظرني.”
«قد ينهار العالمان إذا أخطأتِ. أنقذي العالم بسرعة!»
“بعد أن انفصلتُ عن حبّي الأوّل، هل هذا وقت القلق على الآخرين؟ إذا كان العالم سينهار، فلينهار الجميع. لن يكون الأمر ظالمًا إذا انهار الجميع. آه، فليُدمَّر كلّ شيء.”
«;;;;»
“ما هي المهمّة المخفيّة هذه؟ تظنّ أنّ تسميتها مهمّة تجعلني مضطرّة لفعلها؟ حتّى لو كانت هناك مكافأة ، قد أفكّر ، لكن بدون مكافأة، تتحدّث عن إحساس العدالة؟ هل هذه لعبة؟”
«المكافأة: ?»
“آه، لا أعرف!”
استلقيتُ على الأرض، فأضاف النّظام عبارة المكافأة.
حسنًا، هكذا يجب أن يكون.
التّواصل مع اللاعب يبدو صادقًا وجميلًا.
“في هذه الأيّام، ألعابٌ لا تعرض المكافآت مسبقًا؟ المرّة الماضية، عندما أظهرتَ زنزانةً مخفيّة، كانت المكافأة علامة استفهام. عانيتُ كثيرًا ولم أحصل إلّا على شيءٍ تافه. تطلب منّي المخاطرة بحياتي لمهمّةٍ بدون مكافأة؟ لن أفعل، سأتوقّف!”
«المكافأة: مجموعة فساتين أسطوريّة»
عندما لوّحتُ بيدي بلامبالاة، محا النّظام علامة الاستفهام و قدّم مكافأةً جديدة.
مجموعة فساتين أسطوريّة، وليس فستانًا واحدًا! لم أتوقّع أن يقدّم عرضًا قويًا منذ البداية.
كم ستكون قيمتها إذا بعتُها؟ بدأ عقلي الرأسماليّ يحسب، لكنّني استعادتُ رباطة جأشي بسرعة.
“مهمّة لإنقاذ العالم وكلّ ما تقدّمه هو قطعة قماش؟ كم تكلف هذه الفساتين؟ عندما أعود إلى كوريا، لن تكون للأغراض قيمة. هل هناك لعبة تقدّم قمامة كمكافأة؟”
بينما كنتُ أتذمّر وأشير بإصبعي، محا النّظام الرّسالة مرّةً أخرى. يبدو أنّه يفكّر بعمق لأنّ العرض التّالي لم يظهر بعد.
«المكافأة: مجموعة فساتين أسطوريّة»
«المكافأة: ….»
«المكافأة: حقّ اختيار السّيرفر»
“ما هو حقّ اختيار السّيرفر؟ لا تتحدّث بشكلٍ غامض، أعطني تفسيرًا.”
«المكافأة: حقّ اختيار السّيرفر (يمكنكِ اختيار تسجيل الدّخول إلى عالم أدريان أو عالمكِ)»
هذا ما أردتُه.
بما أنّ النّظام أحضرني إلى اللّعبة وأنهاها كما يشاء، فمن الطّبيعيّ أن يكون قادرًا على منحي حقّ الاختيار.
كنتُ على وشك القبول فورًا، لكنّني توقّفتُ. همس عقلي الرأسماليّ أنّني قد أحصل على المزيد إذا ضغطتُ.
“أقبل، لكن مع مجموعة الفساتين الأسطوريّة. لا أريد واحدةً بمستوى صفر ، أعطني مواد تثبيت التّعزيز حتّى المستوى 10.”
«المكافأة: حقّ اختيار السّيرفر + مجموعة فساتين أسطوريّة + مواد تثبيت التّعزيز للمستوى 10»
وافق دون تردّد. يعرف أنّني الخيار الوحيد له.
“و أضف 10 مليارات ذهبة.”
«…»
“فكّر في كلّ الأموال التي نهبتها منّي. إذا حسبتَ التعويض عن الأضرار النّفسيّة و الفوائد القانونيّة ، سيتجاوز ذلك 10 مليارات بسهولة، أليس كذلك؟”
بالطّبع ليس صحيحًا، لكن إذا أصررتُ، فهذا يكفي.
هذه المرّة، استغرق الأمر وقتًا أطول، كأنّه يفكّر بعمق.
مجرّد تحديث بضعة أرقام، ومع ذلك يتصرّف ببخل!
«المكافأة: حقّ اختيار السّيرفر + مجموعة فساتين أسطوريّة + مواد تثبيت التّعزيز للمستوى 10 + 7 مليارات ذهبة»
“لا، لن أفعل.”
«المكافأة: حقّ اختيار السّيرفر + مجموعة فساتين أسطوريّة + مواد تثبيت التّعزيز للمستوى 10 + 10 مليارات ذهبة»
“و أضف تأثيرًا دائمًا لمضاعفة الخبرة. إذا بدأتُ اللّعبة ، يجب أن أصل إلى الحدّ الأقصى.”
«لا يمكن زيادة المكافأة أكثر.»
“لا يعجبني، فافعل ما شئتَ. دمّر العالم أو لا، الأمر متروك لك. لو ذهبتَ أنتَ لإيقاف أدريان، أعتقد أنّه سيستمع جيّدًا، أليس كذلك؟”
«المكافأة: حقّ اختيار السّيرفر + مجموعة فساتين أسطوريّة + مواد تثبيت التّعزيز للمستوى 10 + 10 مليارات ذهبة + تأثير دائم لمضاعفة الخبرة»
«لا يمكن زيادة المكافأة مطلقًا بعد الآن.»
«لن يُسمح بالابتزاز أكثر.»
يؤسفني أن تسمّيه ابتزازًا. قل إنّه دبلوماسيّة.
كنتُ سأتوقّف على أيّ حال ، لذا كان التّوقيت مثاليًا.
بينما كنتُ أتباهى بأنّني أمنحه هذا القدر من التّساهل ، صمت النّظام مذهولًا. وعندما نهضتُ، أظهر رسالةً على الفور.
«تسجيل الدّخول إلى اللّعبة مجدّدًا.»
«جارٍ تحميل الموارد … (1%)»
يبدو أنّه متعجّل جدًا، إذ قفزت النّسبة بسرعة من 1% إلى 10%، 32%، 51%.
كان ظلّ امرأة ترتدي زيّ خادمة يركض فوق شريط التّحميل لطيفًا للمشاهدة. 69% ، 88% … عندما وصلت إلى 100% وامتلأ الشّريط، أضاءت عيناي بنورٍ ساطع.
عندما خفت الضّوء المبهر تدريجيًا وتنفّستُ الهواء البارد، أدركتُ أنّني عدتُ إلى المكان الذي يجب أن أكون فيه.
كان المكان الذي أعادني تسجيل الدّخول إليه هو الغرفة الحجريّة تحت الأرض حيث كنتُ قبل تسجيل الخروج.
ألمتني عيناي بسبب الضّوء السّاطع، ولم أستطع الرّؤية إلّا بعد فترة.
يجب أن أجد أدريان أوّلًا.
بمجرّد استعادة بصري، نظرتُ حولي بسرعة، لكن كلّ شيء كان كما هو، باستثناء غياب أدريان. هل صعد إلى الأعلى؟
كوووم-!
فجأة، دوّى صوتٌ هائل كأنّ العالم ينهار، وهزّ الأرض بشدّة.
تساقط الرّمل من السّقف. يبدو أنّ هذا المكان سينهار، يجب أن أخرج بسرعة. هرعتُ نحو السّلالم، لكن شيئًا ما لفت انتباهي وجعلني أتوقّف.
هاريسون … كان ممدًا كما مات بعد إصابته بالحجر.
ماذا أفعل؟ إذا بقيتُ هنا ، ستنهار الغرفة و تسحقني.
تردّدتُ لحظة، ثمّ عدتُ إلى السّلالم، وحملته على ظهري وتوجّهتُ إلى السّطح.
رغم أنّه حاول قتلي أنا وأدريان، لكنّ الرّقيب جيفري قد يرغب في العثور على جثّته على الأقلّ.
على أيّ حال، كنتُ أعرفه، ومشاهدة جسده يتحطّم مقززة.
لم يكن قد تصلّب بعد، فكان من السّهل حمله، لكن الثّقل الغارق والبرودة غير البشريّة أثارت قشعريرة.
“ما … كلّ هذا؟”
بعد أن صعدتُ السّلالم بصعوبة ووضعتُ هاريسون، رأيتُ سماءً كئيبة مثل الغرفة الحجريّة.
كووم-! ، كووم-! هزّت اهتزازاتٌ قويّة الأرض و السّماء.
“ألم رؤيتكِ تختفين أمام عينيّ مرّة واحدة يكفي. إذا فعلتُ هذا، لن أضطرّ للخوف من فقدانكِ مجدّدًا. إذا فاتتني هذه الفرصة، قد لا تتكرّر.”
“لا، ليس كذلك! سأشرح، فقط أوقفه وانزل!”
“كان خطأي لأنّني لم أستطع مواكبتكِ. كان خطأي …”
هذه مشكلة.
ربّما لأنّنا انفصلنا مرّة، فقد أدريان عقله مجدّدًا.
هل كلامي أثاره؟ غطّى دخانٌ أسود السّماء ككابوس، و تسارعت سرعة اندماج العالمين. كيف يحدث هذا؟
بدلًا من إكمال المهمّة، عجّلتُ بنهاية العالم!
“لقد عدتُ! عدتُ بهذه السّرعة! أدريان! ألن تنزل لرؤيتي؟”
“لأنّني لم أستطع مواكبتكِ ، أنتِ …”
“لا! ليس خطأك! انظر إليّ مرّةً أخرى! هل ما زلتَ ترى القوّة الخارجيّة حولي؟ هل أبدو كأنّني سأختفي فجأةً مجدّدًا؟”
“…”
وصلت صرختي اليائسة إليه، فنزلت عيناه.
عيناه المرتجفتان كموجاتٍ صغيرة. انسكب ألمٌ كأنّ لحمًا يُمزّق. شعرتُ بالأسى والغثيان لأنّ هذا نتيجة اختياري.
“أرجوك، ثق بي مرّة واحدة فقط. هذه المرّة، أعدك. لن أختفي، وإذا اختفيتُ، سأعود كما فعلتُ الآن!”
“…”
“لم أخلف وعدًا قطّ، أليس كذلك؟”
تضرّعتُ أن تعود عيناي للتّألّق بالقوّة و الإرادة كما في السابق. أردتُ أن أُظهر إيمانًا أقوى من قبل.
أردتُ أن أجعله يمسك يدي بثقةٍ لا يمكن تجاهلها.
“أرجوك، تعال إليّ.”
مددتُ ذراعي بحذر ، كما لو كنتُ أتحدّث إلى حيوانٍ صغيرٍ مصاب. رأيتُ عينيه الزرقاوين ترتعشان كالموجات من بعيد.
كان دائمًا هكذا: يبدو قاسيًا لكنّه ضعيف ، حازم لكنّه ليس قاسي القلب. تمنّيتُ أن يكون كذلك الآن ، أن يثق باختياري مرّةً أخرى، وكان قلبي يحترق من الشّوق.
“أرجوك، أدريان…”
“…”
كوووم … هدأت الاهتزازات التي كانت تقلب الأرض تدريجيًا، وتوقّفت السّماء التي كانت تهبط كأنّها ستسقط.
أصبحت صورة المدينة المعلّقة كالمرآة شفّافةً كما لو أنّها تذوب في الماء، واستعادت السّماء لونها الأصليّ.
وفجأة، كان أدريان أمامي.
“…هيلدا.”
أسند رأسه على كتفي. كان أنفاسه ترتجف بضعف.
“هيلدا … هل أنتِ حقًا هنا؟ هل عدتِ فعلًا؟”
“نعم، أنا هنا. أنا حقًا أنا. توقّف عن الارتجاف.”
“أنتِ حقًا…”
دموعٌ تنهمر بلا توقّف. يداه الباردتان ، الخاليتان من الدفء ، تتحسّسان ذراعيّ كأنّهما تتأكّدان من وجودي.
بعد أن فرك وأمسك وأفلت يديه بيأس عدّة مرّات ، انفجر أنفاسه بقوّة.
“عندما اختفيتِ، أنا… ظننتُ أنّني سأموت.”
“آسفة.”
لم أستطع قول شيءٍ سوى “آسفة”.
كرّرتُ “آسفة، آسفة”، فارتفع ظهره وهبط بعمق.
“كدتُ أفقد عقلي.”
“آسفة لأنّني اختفيتُ فجأة، أنا آسفة.”
“ظننتُ أنّني لن أراكِ مجدّدًا، أنا…”
“آسفة، حقًا… آسفة.”
«لقد أكملتِ المهمّة المخفيّة.»
«سيتمّ منح مكافآت إكمال المهمّة.»
«يتمّ استخدام حقّ اختيار السّيرفر.»
بينما كنتُ أربت على ظهره المرتجف وأبكي، ظهرت كلماتٌ بيضاء فوق كتف أدريان.
ظهر رمز تذكرة صغيرة تحته، ثمّ تمزّق إلى نصفين كعلامة على الاستخدام.
«اختاري السّيرفر:
عالم أدريان / عالمكِ»
تمّ تفعيل حقّ اختيار السّيرفر تلقائيًا، وتألّقت الخيارات أمام عينيّ.
عالم أدريان وعالمي الأصليّ.
كنتُ أظنّ أنّني سأتردّد ولو قليلًا عند لحظة الاختيار، لكن هذه المرّة لم يكن هناك أيّ تردّد. أمسكتُ ظهر أدريان بكلتا يديّ وسحبته بقوّة، مفتوحة العينين بدموع.
أنتَ تعرف اختياري بالفعل.
«لقد اخترتِ “عالم أدريان”.»
دون أن أضغط، اختفى عالمي من الخيارات، وبقي عالم أدريان فقط.
هذا العالم، الذي دخلته فجأة وأردتُ دائمًا الهروب منه، اخترتُ البقاء فيه الآن بإرادتي.
ومع ذلك، كان من الغريب ألّا أشعر بأيّ ندم.
«ستستمرّ لعبتكِ.»
ظهر إشعار يعلن انتهاء كلّ شيء ثمّ اختفى. كان المشهد، بدون إشعارات تعيق الرّؤية، جميلًا بشكلٍ جديد.
السّماء الصّافية بعد زوال العاصفة، طرقات القرية الهادئة، الستائر التي تتمايل عبر النّوافذ المفتوحة، نسيمٌ منعش وصوت الأوراق. والدفء الذي تمسّكتُ به خوفًا من اختفائه مجدّدًا.
في هذا الواقع الجديد، عانقتُ من أحبّ بكلّ قلبي.
***
كنتُ سأعانقه بكلّ قوتي، لولا أنّ النّظام أطلق إنذارًا بصوتٍ عالٍ وتحوّلت الشّاشة إلى اللّون الأحمر.
مع زيادة الدّفاع، لم أعد أقلق بشأن الجروح البسيطة، وبفضل الأحذية، استعادتُ صحّتي بسرعة.
“عندما اختفيتِ، أنا… ظننتُ أنّني سأموت”
كنتُ راضيةً عن مشترياتي عندما أعادني صوته المرتجف إلى الواقع.
يبدو أنّه يريد استكمال حديثنا السابق. شعرتُ بالأسى فوضعتُ يدي على مؤخّرة عنقه ودلّكتها برفق.
“آسفة.”
“كدتُ أفقد عقلي.”
“آسفة لأنّني اختفيتُ فجأة، أنا آسفة.”
“ظننتُ أنّني محاصرٌ في كابوسٍ لا مفرّ منه.”
“آسفة…”
كان جسمه يرتجف كما لو كان باردًا جدًا. انتقل حزنه إليّ بالكامل، وشعرتُ بألم في عينيّ من مجرّد الاستماع إليه.
“ظننتُ أنّنا سننفصل حقًا… لأنّني لم أستطع فعل شيء…”
“…”
“في الحقيقة، كنتُ قادرًا على منعكِ. كان بإمكاني، لكنّني لم أستطع…”
“أدريان.”
“أنا من فقدكِ…”
بكى وهو غارقٌ في اليأس العميق.
كنتُ أظنّ أنّه قد يلومني أو يشعر بالجرح لأنّني تخلّيت عنه، لكنّني كنتُ مخطئة. كان أدريان يكره نفسه ويلومها لأنّه لم يستطع مواكبتي. كان ذلك مؤلمًا لقلبي.
“…اسمع، دائمًا أطلب منكَ أن تثق بي، أليس كذلك؟ لكن في الحقيقة، أحيانًا أفقد الثّقة بنفسي. أتيه أحيانًا في الظّلام”
“…”
“هذه المرّة كانت كذلك. واجهتُ جدارًا هائلًا لا يمكنني تجاوزه، وكدتُ حقًا ألّا أعود. أردتُ رؤيتكَ على الفور، لكنّني لم أستطع، فكنتُ حزينةً و غاضبة … و خائفة. حتّى فكّرتُ أنّني قد لا أراكَ مجدّدًا.”
عندما أمسكتُ خدّيه بحذر، رفع رأسه الذي كان معلّقًا على كتفه بضعف.
لم نمضِ سوى لحظاتٍ منفصلين، لكن وجهه كان مليئًا بالشّوق. دموعه تغلغلت في راحتيّ.
عيناه الزرقاوين كانتا جميلتين كالأمواج.
بالتّأكيد، فرحة اللقاء بعد الانفصال أعظم بكثير من حزن الانفصال. على الأقل، كنتُ كذلك، لذا ابتسمتُ له.
مهما ابتسمتُ ، لن أكون أجمل من أدريان ، لكن أردتُ أن تنتقل سعادتي إليه بالكامل.
“لكن هذه المرّة كانت مختلفة. كان كلّ شيء مظلمًا، لكن فجأة انفتح طريق. لم أفعل سوى السّير فيه.”
“…”
“شكرًا لأنّك ناديتني بشدّة.”
بينما واصلتُ الحديث بنبرةٍ مشرقة، كان أدريان يتحسّس وجهي ببطء. عيناه المتّقدتان بالعاطفة تبعتا يديه.
من جبيني إلى أنفي، جفنيّ المبلّل بالدّموع، خدّيّ المتورّدين، وصولًا إلى شفتيّ. تتبّعت يده، التي تشكّ في أنّني وهم، منحنى شفتيّ برفق.
“…هيلدا، هل يمكنني تقبيلكِ؟”
“لو لم تفعل، كنتُ سأفعل.”
“ماذا أفعل؟ أشتهي قبلةً منكِ أيضًا.”
“لا تقلق، سأعطيكَ قبلاتٍ حتّى تملّ منها …”
اصطدمت شفاهنا. كانت القبلة المتعجّلة قاسية.
دُفعتُ إلى الحائط، وحاولتُ تحريك رأسي لأتنفّس، لكن أدريان تبعني بعناد وألصق شفتيه بشفتيّ.
حاول الاقتراب أكثر لكنّه عاقه صوت الدّرع المزعج مرّاتٍ عديدة. رفع يده عدّة مرّات ليخلّصني من الدّرع المزعج، لكنّه عاد للتركيز على القبلة كأنّه مأخوذ.
همست أنفاسه السّاخنة في أذني.
يبدو أنّ هذه القبلة ستستغرق وقتًا طويلًا لتنتهي.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 200"