2
في الطبقة الرفيعة من إلاريون، عاصمة إمبراطورية كارديان، كانت الآراء حول هيلينا وينستون متباينة بشدة.
في البداية، وصفتها صديقاتها بأنها ‘صديقة ممتعة’، ليست مجرد صديقة عادية، كنّ يؤكدن ذلك دائمًا، بل صديقة ممتعة حقًا.
أما الطبقة المحترمة من المجتمع، فغالبًا ما كانت تشير إليها بعبارة ‘الآنسة المزعجة من آل وينستون’، مع ابتسامة ودية لكنها متحفظة.
وكان هناك أيضًا بعض الرجال، الذين يُزعم أنهم وقعوا ضحية ألاعيبها، لا يستطيعون نسيانها، ويصفونها بأنها ‘امرأة ساحرة’، ويتفاخرون بكونهم من معجبيها.
وعلى النقيض، كانت بعض النساء، اللواتي اعتقدن أن هيلينا سرقت أحباءهن، يلعنّها بعبارة واحدة: ‘تلك الحقيرة’.
أما هيلينا نفسها فكانت ترى الأمر بشكل مختلف:
“أنا؟ أظن نفسي عادية فحسب.”
لكن هذه بالذات كانت سمعتها.
فبفضل ذكائها الحاد ولسانها البليغ، أصبحت نجمة المجتمع الراقي، وجمالها اللافت جعل اسمها دائمًا يُذكر بين أكثر النساء جاذبية في دوائر العاصمة الاجتماعية.
لقد ورثت سحرها وجمالها من والدتها ساندرا.
كانت ساندرا ذات يوم راقصة مدهشة هزّت أوساط المجتمع الراقي في العاصمة. كانت جميلة إلى حد أن الشائعات قالت إن الإمبراطور نفسه حاول أن يكسب ودّها.
لكن الرجل الذي اختارته في النهاية لم يكن سوى ادريان وينستون، رجل بسيط بلا ألقاب آنذاك، قليل الحضور في أعين الناس.
هذا الزواج الفاضح قلب العاصمة رأسًا على عقب مرة أخرى، لكنه للأسف لم يدم طويلاً.
بعد خمس سنوات فقط من الزواج، غادرت ساندرا منزل آل وينستون سرًا مع عشيق جديد، تاركة زوجها وابنتها.
تركت ساندرا زوجها بوصمة لا تُنسى في ماضيه، وألقى رحيلها بظلال ثقيلة على بيت وينستون العريق.
لكنها تركت شيئًا واحدًا جيدًا لابنتها هيلينا: جمالها المدهش، نسخة مطابقة لجمال أمها.
مع ذلك، لم تكن هيلينا ممتنة لهذا الجمال يومًا.
فهي ترى أن الرجال الوسيمين نادرون، أما النساء الجميلات فهن كالحصى على الطرقات.
عدم انسجامها مع ميا، زوجة أبيها التي دخلت البيت بعد اختفاء والدتها، بدا لها أمرًا طبيعيًا.
كانت هيلينا ابنة امرأة هاربة جلبت العار لاسم الكونت. لم ترث شكل أمها فحسب، بل أيضًا طبعها الناري، مما جعلها طفلة شديدة الصعوبة في التربية.
لو ادّعى أحد أن هيلينا وميا، النموذج الكامل للسيدة المهذبة، كانتا تعيشان معًا بسعادة، لبدت القصة ضربًا من الخيال.
بالنسبة لهيلينا، كان طبيعيًا أن تعيش مراهقة عاصفة وفوضوية. حتى الكونت الهادئ نفسه كان أحيانًا يُستفَز لغضب شديد بسببها.
وزوجة أبيها، التي كانت تتصرف دائمًا كقنفذ لكنها طيّبة من الداخل، ذرفت الدموع عليها أكثر من مرة.
أما هيلينا نفسها؟ فغالبًا ما كانت تشعر باللامبالاة.
فهي ترى أن مراهقتها العاصفة أمر طبيعي لا يستحق التفكير.
ومع ذلك، حتى هيلينا بدأت تتساءل هذه المرة إن كانت قد تجاوزت الحد.
وجه والدها النبيل الرزين احمرّ كثيرًا بسبب تصرفاتها، لكن هذه المرة كان الاحمرار مختلفًا، أكثر جدية.
“هيلينا…!.”
صرخ الكونت وينستون بصوت أجش وكأنه يعتصر اسمها من حلقه، ثم أمسك مؤخرة عنقه وترنح.
“عزيزي!.”
صرخت ميا وينستون بقلق وهي تندفع إلى جانبه.
وبينما كانت تسنده، وجهت إلى هيلينا نظرة حادة.
هيلينا، التي كانت سترد بالنظرات كما اعتادت دائمًا، تراجعت فجأة.
“يا إلهي…”
حين كانت صغيرة ولا تفهم، كانت تتشاجر مع زوجة أبيها بكل قوتها.
لكن الآن هيلينا تعرف بالضبط ما يحدث.
أرخَت كتفيها وأخفضت رأسها متعمدةً أتعس ملامح تستطيع رسمها.
زوجة أبيها، التي ما زالت تحمل شعورًا صامتًا بالذنب لأنها لم تكن أطيب مع هيلينا الصغيرة، انهارت فورًا.
رأت هيلينا الطاقة تفرّ من عينيها.
في النهاية، صاحت الكونتيسة وهي تمسك عنقها مثل زوجها بيأس.
“أقسم أنك ستكونين نهايتي!.”
كان سبب غضب الكونت وينستون وزوجته الكونتيسة ليس سوى الفضيحة التي جمعت بين هيلينا وولي عهد الإمبراطورية، روفوس أربيند.
العاصمة الإمبراطورية كانت تضج بالشائعات حولهما.
الفضيحة كانت كالتالي:
“الآنسة هيلينا وولي العهد روفوس شوهدَا معًا، وشهدهما بنفسها جلالة الإمبراطورة وخطيبة ولي العهد، السيدة من بيت الدوق بايارد.”
المشكلة كانت في العبارة المبهمة ‘شوهدَا معًا’.
عقليًا، لا يبدو الأمر مثيرًا للجدل.
لكن بفضل المكانة الاجتماعية لكليهما، انتشرت الشائعة التي كانت قد بدأت أصلاً وخرجت عن السيطرة، يغذيها خيال النمّامين ذوي العقول البذيئة.
ومع ذلك شعرت هيلينا بظلم شديد.
بعد أن خفضت رأسها للحظة، رفعته وتكلمت بوضوح:
“وللتوضيح فقط، أنا لم أنم مع سمو ولي العهد.”
عند كلماتها تحول وجه الكونت وينستون ليس إلى الأحمر فقط، بل إلى أرجواني داكن، فيما أطلقت الكونتيسة صرخة حادة.
“إليزا، آيرا، هنري! اخرجوا فورًا! قلت اخرجوا حالاً!.”
التفتت هيلينا لترى وجوه إخوتها الصغار الفضوليين يطلّون من شق باب المكتب.
هتف هنري الصغير بفرح.
“أختي تقول إنها لم تنم معه!.”
أسرعت إليزا الذكية بوضع يدها على فم هنري وسحبته بعيدًا.
بعد أن تأكدت من أن باب المكتب قد أغلق، واصلت هيلينا الشرح:
“أعني، لو فرضنا ثلاثة خطوات أ، ب، ج… نحن حتى لم نصل للخطوة أ.”
صرخ الكونت وينستون ووجهه الآن أحمر مؤلم.
“هيلينا، يكفي! لا أريد سماع تفاصيل حياتك العاطفية!.”
دارت هيلينا بعينيها وقالت:
“صحيح، بالطبع. فقط أردتُ ان أوضح أنني لم أكن لأفعل شيء خطير يؤدي لفضيحة كهذه.”
حين بدا على الكونت أنه سيفقد وعيه، تكلمت الكونتيسة مكانه.
“هيلينا، سواء كان أ أو ج، هذا ليس المهم. ما يهم هو أن ولي العهد خاطب، وأنك شوهدتِ معه من قِبَل جلالة الإمبراطورة وخطيبته!.”
صمتت هيلينا عاجزة عن الكلام.
وللإنصاف، كان يمكنها أن تدافع عن نفسها أكثر.
كانت أديلا بايارد، خطيبة ولي العهد، روفوس أربيند، امرأة معروفة بالجمود لدرجة أنه رغم أنها في التاسعة عشرة، انتشرت في المجتمع الراقي شائعة أنها تبدو وكأنها قد تعدت عامها التسعين.
وكان معروفًا أيضًا أن ولي العهد يكرهها.
يتصرف وكأن زواجه من أديلا حكم بالإعدام عليه، ويقضي أيامه في مغازلة كل فتاة متاحة في المجتمع الراقي بالعاصمة.
كانت هيلينا تظن أنها لو جمعت كل النساء اللواتي وقعن في سحر الأمير، لملأن بسهولة القاعة الإمبراطورية الكبرى.
بالطبع، هي لم تكن واحدة منهن.
علاقتها بولي العهد كانت… مختلفة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"