في لحظة رؤيته للمشهد في المدرجات، شعر ألفونسو بدمائه تتجمد في عروقه. ‘اا يمكن أن تكون شارلوت،’ فكر، محاولاً تهدئة نفسه.
بعقلانية، لم يكن من المفترض أن تكون شارلوت هناك. كانت قد أخبرته أن لديها موعداً في القصر الإمبراطوري اليوم، وأن حضور المباراة سيكون صعباً.
لكن شيئاً في داخله همس: ‘ماذا لو كانت هي بالفعل؟’.
رغم أنه لم يتمكن من رؤية وجه المرأة بوضوح بسبب المسافة، لاحظ أنها ترتدي فستاناً فاخراً، يشبه ما قد تختاره شارلوت. فوق ذلك، كانت قد خرجت اليوم دون مرافق، بعد أن رفضت اقتراحه بأخذ حارس.
قالت، بنبرة خفيفة: “القصر مليء بالناس، أليس كذلك؟ أن أحضر مع حارس سيبدو مبالغاً فيه، سأذهب بمفردي.”
أصرت على موقفها، واضطر ألفونسو للتراجع، لكنه الآن يلعن نفسه على قبوله. ماذا لو انتهت مهمتها مبكراً، وقررت القدوم لمشاهدة مباراته؟.
لم يكن هناك ما يضمن أن المرأة التي تُسحب بعيداً ليست شارلوت. مع هذه الفكرة، شعر ألفونسو بجسده يتجمد، كأن الدم توقف عن الجريان في عروقه.
نسى مكانه في الملعب، ونصائح شارلوت المتكررة بضرورة الحفاظ على تركيزه.
“لا ينبغي أن تتشتت أثناء المباراة،” سمع صوت برونو الساخر. “هل نسيت حتى الأساسيات لأنك دوق مدلل عاش في رفاهية القصور؟”.
لم يفوت برونو تلك اللحظة.
كان قد أثار موضوع “شريرة نوها” عمداً لزعزعة ألفونسو.
كانت تعليمات كوينسي واضحة:”عندما تصعد إلى الملعب، اذكر شارلوت نوها، أختي، بشكل عابر. أشر إلى أنها في المدرجات، وسيتولى الباقون الأمر.”
لم يتوقع برونو أن “تولي الأمر” سيعني هذا. ظن أنه مجرد تشتيت بسيط، لكنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك، بجلب امرأة تشبه شارلوت لتُسحب أمام عينيه.
كان يعلم أن القوة وحدها لا تكفي. سيف ألفونسو كان يحمل مهارة وخبرة لا يمكنه مجاراتها. لكن، في النهاية، أليس ألفونسو مجرد نبيل نشأ وهو يمارس المبارزة الراقية؟.
حتى لو قضى وقتاً طويلاً في الحروب، فكم مرة كان عليه، كقائد عام، أن يستخدم سيفه بنفسه؟.
“مكان كهذا، مليء بالفوضى، لا يناسب متعجرفاً مثلك!” صرخ برونو، وهو يهاجم.
تشينغ!
تصادم سيفه الثقيل بسيف ألفونسو بعنف. كان المشهد يشبه اللحظة الأولى من المباراة، لكن النتيجة كانت مختلفة تماماً.
“آه!”.
ألفونسو، الذي بدا في البداية غير متأثر بقوة برونو، لم يتمكن هذه المرة من تحمل ثقل السيف. انحنى سيفه بشكل غير طبيعي، غير قادر على تحمل الضغط.
كان يجب أن يوجه القوة بعيداً بدلاً من استقبالها مباشرة، لكن تشتته جعله يتحمل الضربة كاملة. سيف ثقيل كهذا، يصعب على أي شخص رفعه، قد هبط بقوة هائلة، مما جعل معصمه يعاني من ألم حاد.
“اللعنة،” تمتم ألفونسو، وهو يعض على شفته، وألم مبرح يعتصر معصمه.
لكنه لم يكن لديه وقت للانشغال بالألم. عاد بنظره بسرعة إلى المدرجات، لكن المرأة ذات الشعر الأحمر كانت قد اختفت.
‘هل أُخرجت من المدرجات؟’ تساءل، وقلبُه ينبض بقلق.
إذا كانت تلك شارلوت حقاً، وبدون حارس، فمن المؤكد أنها لم تستطع مقاومة من يسحبونها. لعن نفسه على سماحه لها بالذهاب بمفردها، ظناً منه أنها ستكون بخير.
‘لم أتوقع أن أندم على هذا القرار بهذا الشكل،’ فكر، والعرق البارد يتصبب من جبينه.
كان الندم يعتصره، لكن الألم في معصمه كان يزيد الطين بلة.’يبدو أن معصمي قد تضرر،’ فكر، وهو يدرك أن الإصابة في يده اليمنى، التي تمسك السيف.
في أي وقت آخر، كان سيختار التعامل بحذر مع السيف بدلاً من المخاطرة، لكن الوقت لم يكن في صالحه. كان عليه إنهاء المباراة بسرعة ليتأكد من سلامة شارلوت. تجاهل الألم، ورفع سيفه مجدداً، رغم أن الإحساس كان كافياً لجعل حتى رجل مثله يعبس.
كان خطأ برونو الوحيد هو افتراض أن ألفونسو يفتقر إلى الخبرة القتالية. على عكس توقعاته، شارك ألفونسو بنفسه في معظم المعارك التي قادها.
كان قد أصيب بجروح أخطر بكثير من هذا، ومع ذلك واصل القتال.
ذات مرة، بعد إصابة خطيرة في جنبه، ارتدى درعه وتظاهر بأنه بخير، مما جعل حتى السير آرنو يهز رأسه دهشة. الفرق الوحيد الآن هو أن ألفونسو في الماضي لم يكن يهتم بجروح جسده.
‘سأتلقى تأنيباً من شارلوت،’ فكر، وابتسامة مريرة تعلو شفتيه.
بعد كل تلك التحذيرات، عاد مصاباً. هل ستنفجر غضباً، تسأله أين كان عقله؟ أم ستعانقه بحزن، كما فعلت ليلة الأمس؟ ‘ربما كلاهما،’ فكر، وهو يستعد للقتال.
كان الأمر لا يهم، طالما أنها بخير.
أخذ نفساً عميقاً، ورفع سيفه، متجاهلاً ألم معصمه تماماً. في تلك اللحظة، قطع سيفه الهواء بحدة، ممزقاً أجواء الملعب.
***
“ووووه!”.
كانت هتافات الجماهير في الملعب تعلو بحماس شديد. كان عدد الحاضرين هائلاً، مما جعل المباني المحيطة بالملعب تهتز من شدة الضجيج.
نظرت امرأة ذات شعر أحمر، شارلوت، إلى النافذة للحظة، ثم استدارت، وفتحت فمها بنبرة حادة: “إذن، ما السبب الذي جعلك تسحبني إلى هنا، كوينسي؟”.
رفع الرجل ذو الشعر الأسود أمامها، كوينسي، عينيه ببطء. كانت عيناه الخضراوان، الباردتان كالمعدن، تحملان لمعة نادرة من الدفء.
“أسحبك؟ كلمة قاسية، خاصة أننا نلتقي بعد وقت طويل،” قال، بنبرة هادئة لكن مليئة بالسخرية.
“عندما تهدد شخصاً لا يرغب في رؤيتك، فهذا يُسمى سحباً،” ردت شارلوت بحدة.
“حقاً؟ لو علمت أنكِ ستقولين هذا، لكنت أرسلت أحدهم ليجلبكِ بالقوة،” قال، وهو يتمتم كأنه يفكر بجدية. “كان ذلك سيوفر عليّ الكثير من المتاعب.”
قبل لحظات، وبينما كانت شارلوت متجهة إلى مكان ما قبل بدء مباراة ألفونسو، أوقفها كوينسي.
“مرحباً، شارل، لم نلتقِ منذ فترة. هل نتحدث قليلاً؟” قال، ممسكاً بذراعها.
“كوينسي؟ هل فقدت عقلك؟ اتركني!” ردت، وهي تحاول تحرير نفسها.
“أنصحك بالمجيء بهدوء، إذا كنتِ لا ترغبين في رؤية زوجك الحبيب يموت،” أضاف، بنبرة باردة.
كانت تهديداته باستخدام ألفونسو فعالة بشكل مؤلم. ‘اللعنة عليه،’ فكرت شارلوت، وهي تحاول كبح غضبها.
تدفق صوت كوينسي البارد ببطء: “هل لا زلتِ تعتقدين أنكِ تحبين دوق إدوارد، شارلوت؟”.
“لا أعتقد، أنا أحبه،” ردت بحزم، وعيناها تلمعان بالتحدي.
“تتحدثين بثقة. يبدو أن شهر العسل كان ممتعاً. وهو يحبك بنفس القدر، أليس كذلك؟” سأل، بنبرة مليئة بالسخرية.
عبست شارلوت، وقالت: “كفى عن هذه الأسئلة التافهة. ما الذي تريده؟”.
“حسناً، لا داعي للمراوغة بيننا،” قال، وابتسم ببطء، كأفعى تفتح فمها. “عودي إلى نوها، شارلوت.”
“كما توقعت، لا شيء جديد،” ردت بسخرية. “لا يستحق الأمر استماعاً أطول.”
استدارت لتغادر، لكن كلمات كوينسي التالية أوقفتها في مكانها: “أليس دوق إدوارد يقاتل الآن؟ آمل أن يتمكن من التركيز جيداً. لقد أعددت له شيئاً ممتعاً.”
“ماذا؟ ماذا فعلت؟” صرخت، وهي تستدير نحوه.
“لا شيء كبير، مجرد مسرحية،” قال بهدوء. “سيدة ذات شعر أحمر تُسحب بعيداً بعنف.”
في هذه اللحظة، كان هناك امرأة تُشبه شارلوت تُسحب في المدرجات، في مشهد مُرتب بعناية. كان قد أخبر برونو بذلك مسبقاً، ليوجه انتباه ألفونسو إلى المشهد.
“المسافة تجعل من الصعب التعرف عليها من الملعب،” أضاف كوينسي. “إذا لم يهتم، فلن يؤثر ذلك. لكن إذا تشتت…”
“توقف!” قاطعته شارلوت، ووجهها يتقلص غضباً.
كانت تتوقع أن يلجأ كوينسي إلى حيلة، لكن هذه الخدعة الدنيئة فاقت توقعاتها. كانت تعلم أن ألفونسو، بمسؤوليته تجاهها، لن يتجاهل مثل هذا المشهد، مما زاد من غضبها. لكن ما أقلقها أكثر لم يكن الحيلة نفسها، بل شيء آخر.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 96"