في اليوم التالي، كان موعد مباراة ألفونسو الفردية الأولى. في غرفة الانتظار، كان فرسان إدوارد يتجمعون حول ألفونسو، يملأون المكان بالضجيج والنصائح المتتالية، كل منهم يحاول إضافة كلمة تحذير أو تذكير.
“ماذا لو عبثوا بدروعك؟ ألن يكون ذلك محتملاً؟” تساءل آخر، وهو يتفحص درع ألفونسو بعين متشككة.
“حتى الماء يبدو مشبوهاً!” أضاف ثالث، وهو يشير إلى إبريق الماء على الطاولة بنظرة حذرة.
كان المكان يعج بالفرسان ذوي الأجسام الضخمة، يتحركون ويتحدثون بصخب، مما جعل ألفونسو يتنهد بعمق، وهو يشعر بالضيق من هذا الاضطراب.
قال، بنبرة هادئة لكن حازمة: “أنا من استمع إلى نصائح شارلوت أكثر من أي شخص. يكفي هذا، اخرجوا الآن!”.
“لكن، سيدي، ألا يساعد أن نذكّرك بكلام سيدتنا مرة أخرى؟” رد السير آرنو، وهو يبتسم بمكر.
“السير آرنو محق!” أضاف جان-جاك، وهو يومئ بحماس.
“لقد استفدت كثيراً من نصائح سيدتنا بنفسي.”
في أي وقت آخر، كان جان-جاك سيحاول تهدئة الفرسان، لكنه الآن يؤيد كلامهم بحماس غير معتاد.
بعد انتهاء المباريات الجماعية، قرر فرسان إدوارد المشاركة في المباريات الفردية أيضاً، ليس بهدف الفوز بالمراكز الأولى، بل للاستمتاع بالتجربة واختبار مهاراتهم.
كان جان-جاك أول من خاض مباراة فردية، وكاد أن يصاب بجرح خطير في يده. لكن ما منعه من الإصابة، وجعل الحادث مجرد “كاد أن يحدث”، كان نصيحة شارلوت.
ذات مرة، قالت له: “سير جان-جاك، ماذا لو ارتديت هذه القفازات المعدنية في المباراة؟”.
رد، وهو ينظر إلى القفازات بحيرة: “القفازات المعدنية ثقيلة وغير مريحة، ولا تُستخدم عادة في المباريات الفردية. هل هناك سبب لتوصيتك هذه؟”.
“تحدثت مع ألفونسو،” أوضحت شارلوت، “وإذا كان كوينسي يخطط لشيء، فقد يحاول إصابتكم بجروح خطيرة.”
أضافت أن كوينسي يستهدف ألفونسو بالدرجة الأولى، لكن فرسان إدوارد الآخرين لن يكونوا بمنأى عن خططه. “لست خبيرة بالسيوف، لكن ماذا لو خرج خصمك يحمل سيفاً ثقيلاً أو هراوة؟” قالت، وهي تشرح بهدوء.
كانت تشير إلى أن سلاحاً ثقيلاً قد يسحق يد الفارس إذا لم يكن محمياً جيداً، ولهذا أوصت بارتداء القفازات. كانت نصيحتها مباشرة نسبياً، رغم أنها حاولت صياغتها بلطف.
لو كان الفارس غير جان-جاك، لربما شعر بالإهانة من اقتراح حماية نفسه أكثر، معتبراً ذلك مساً بكبريائه.
لكن جان-جاك، بفضل حكمته وثقته بشارلوت بعد تجربة المباريات الجماعية، لم يكن من النوع الذي يتفاخر بغروره. قرر ارتداء القفازات رغم إزعاجها، واكتشف لاحقاً أن خصمه كان يستخدم هراوة ثقيلة، تماماً كما توقعت شارلوت.
فكر جان-جاك: ‘كان يستهدف يدي بعناد شديد، كنت سأكون في ورطة.’
صحيح أنه فاز بالمباراة بفضل مهارته العالية، لكن هزيمة خصم مصمم على سحق يده دون قتله كانت مهمة شاقة. بدون القفازات، كان من المحتمل أن يصاب بجرح خطير كما أراد خصمه.
منذ ذلك الحين، أصبح جان-جاك يثق بنصائح شارلوت بشكل مطلق، كأنه مستعد لتنفيذها دون سؤال، مهما كانت غريبة.
قال بحماس: “نصائح سيدتنا لا تُضاهى! إنها امرأة حكيمة حقاً!”.
“شارلوت حكيمة بالتأكيد،” رد ألفونسو، وهو يهز رأسه بابتسامة خفيفة. “لكنني لا أعرف متى أصبحتم تثقون بها لهذه الدرجة!”.
تذكر كيف كان الفرسان متشككين عندما تزوجها، لكن الآن، بعد وقت قصير، ينظرون إليها بعيون مليئة بالثقة والإعجاب.
كان من المضحك أن ينصحوه الآن بالثقة بها، كأنه هو من يحتاج إلى الإقناع.
لكنه كان تغييراً مرحباً به.
:شارلوت شخصية رائعة،’ فكر ألفونسو، وهو يشعر بالرضا.
كان من الطبيعي أن ينتهي الأمر هكذا. كان من المستحيل مقاومة سحرها، سواء بالنسبة له أو للآخرين.
كانت شارلوت مكرسة لإدوارد بطريقة لا تجعل أحداً يصدق أنها سترحل بعد انتهاء عقدها لمدة عام.
‘إذا أعلنت رحيلها، ستنهال الانتقادات أكثر مما حدث عند زواجنا،’ فكر، وابتسامة ساخرة تعلو شفتيه.
تذكر ليلة الأمس، عندما احتضنها لفترة طويلة. وكانت أنحف مما تبدو عليه، كأنها تذوب بين ذراعيه. انتهى العناق الطويل بتحذيرها الأخير:
“كوينسي لن يتردد في استخدام أي وسيلة لقتلك،” قالت بحزم. “وإن لم يستطع، فسيرغب في إصابتك على الأقل.”
أضافت أنها فكرت في عشرين طريقة دنيئة يمكن أن يستخدمها كوينسي لعرقلته دون مواجهته مباشرة.
“لا تعتقد أن المباراة مجرد نزال أو معركة عادية. المباريات الجماعية أُقيمت بعيداً عن الأعين، لذا لم تشعر بثقل الوضع. لكن المباريات الفردية تُقام أمام مئات الأعين. سيشعرك ذلك بالضغط، وستجد نفسك مضطراً للانتباه للجمهور.”
كانت نقطة ضعف إدوارد واضحة: ألفونسو وجان-جاك وغيرهم اعتادوا القتال في ساحات الحرب، لكنهم لم يخوضوا مبارزات استعراضية كهذه.
كانوا عرضة لتأثير ردود فعل الجمهور، حيث يمكن أن تؤدي هتافات الاستهجان إلى تشتيت تركيزهم. أكدت شارلوت على ضرورة تجاهل الجمهور، مهما حدث.
“لا تفقد تركيزك، مهما حدث في المدرجات أو قاله خصمك لاستفزازك،” قالت، بنبرة حازمة.
كانت نصيحة بديهية، لكنها بسيطة لدرجة أنها قد تُغفل بسهولة. فجأة، قطع صوت الطبول أفكاره، فنهض ألفونسو، مدركاً أن الوقت قد حان لدخول الملعب.
“سأعود قريباً،” قال، وهو يتجه نحو الباب.
“احذر يديك!” صرخ أحدهم.
“لا تنسَ نصائح سيدتنا!” أضاف آخر.
ترك ألفونسو الفرسان خلفه، وهم يلقون بنصائحهم الأخيرة، وصعد إلى الملعب.
“ووووه!”.
“إدوارد! إدوارد!”.
كانت الهتافات الصاخبة، وصوت الطبول يهز الأرض. في تلك اللحظة، أدرك ألفونسو لماذا أصرت شارلوت على تحذيره.
‘هذه البيئة تجعل التركيز صعباً للغاية،’ فكر، وهو يشعر بثقل الأعين المسلطة عليه.
لكنه لم يكن ليخسر بسبب تشتت التركيز، وإلا لما راهن على أمنية مع شارلوت. لم يكن يستمتع بكونه محط الأنظار، لكنه لم يكن ممن يتأثرون بالكبرياء في مثل هذه المواقف.
نظر إلى خصمه، برونو، الذي خرج حاملاً سيفاً ثقيلاً، واستل ألفونسو سيفه ببطء. في تلك اللحظة، دوّت أبواق، وصرخ الحكم:
“بدء المباراة!”.
تشينغ!.
تصادمت السيوف ثم انفصلت بسرعة.(ملاحظة بسيطة، برونو ذا وبرونو الإمبراطور تشابه اسماء بس مو نفس الشخص)
اندفع برونو نحو ألفونسو، محاولاً اختباره بضربة مباشرة.
كان هذا التصادم الأولي خطوة روتينية لتقييم الخصم.
لوّح برونو بسيفه الثقيل بيد واحدة، وهو يسخر:
“توقعت أن أرى شيئاً مذهلاً من دوق إدوارد النبيل، لكنك مجرد مهرج! هل تظن أنك تستطيع فعل شيء بهذه القوة الضعيفة؟”.
“لا أعرف عن القوة، لكن إذا تحدثنا عن المظهر، فأنا بالتأكيد أفضل منك،” رد ألفونسو بهدوء.
“ماذا قلت؟” صرخ برونو، وقد احمر وجهه غضباً.
كان برونو رجلاً ضخماً ذا ملامح خشنة ومخيفة.
نظر إليه ألفونسو بنظرة عابرة، ثم أضاف: “لم أكن أعلم، لكن زوجتي تحب وجهي كثيراً. ربما ليس سيئاً أن يُطلق عليّ لقب المهرج.”
“أيها النبيل القذر، تجرؤ على السخرية مني؟” هدر برونو، وهو يشد قبضته على السيف.
“أقول الحقيقة فقط،” رد ألفونسو، وهو يبتسم بثقة.
لم يكن يكذب.
مؤخراً، لاحظ أن شارلوت كانت تحدق في وجهه أحياناً، مما جعله يدرك أنها معجبة بمظهره. لكن بالنسبة لبرونو، الذي لا يعرف هذا، بدت كلمات ألفونسو مجرد استفزاز رخيص.
‘يكفي هذا من الاستفزاز،’ فكر ألفونسو، وهو يستعد للخطوة التالية.
كان برونو قوياً بلا شك، لكن القوة وحدها لا تحدد نتيجة المبارزة. عندما رفع ألفونسو سيفه مجدداً، لاحظ ابتسامة خبيثة تعلو شفتي برونو.
“اسمع، أيها الدوق،” قال برونو، بنبرة مليئة بالخبث. “هل تعتقد أن زوجتك الحبيبة في أمان الآن؟”.
“لا تحاول خداعي،” رد ألفونسو بحدة. “زوجتي مشغولة اليوم ولن تحضر المباراة—”
“لا، انظر هناك!” قاطعه برونو، وهو يشير إلى المدرجات. “أليس تلك المرأة ذات الشعر الأحمر؟ شريرة نوها الشهيرة؟ يبدو أنها تُسحب إلى مكان ما!”.
“المرأة ذات الشعر الأحمر…”.
تجمد وجه ألفونسو، وشعر ببرودة تعتري جسده. كان يعلم أنه لا يجب أن يلتفت بعيداً عن خصمه، لكن كلمات برونو أجبرته على النظر.
في تلك اللحظة، التفت، ورأى امرأة ذات شعر أحمر. لم يتمكن من رؤية وجهها بسبب المسافة، لكن شيئاً واحداً كان واضحاً:
كانت تكافح وهي تُسحب بعيداً إلى مكان ما.
~~~
باقي 24 فصل للنهاية
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 95"