– كيفية انهاء عقد زواج بشكل مثالي.
الفصل 87
كانت شارلوت تجلس في مقصورة فاخرة مُعدة بعناية لاستضافة كبار الشخصيات، مرتفعة فوق المدرجات المزدحمة التي تطل على ساحة المباراة. كانت المقصورة مزينة بستائر مخملية حمراء ومقاعد مريحة مبطنة بالجلد، مما يمنحها إطلالة مميزة على الحدث.
بالطبع، كان بإمكان شارلوت متابعة البطولة من منزلها عبر البث المباشر الذي يُنقل عبر الكرات الطائرة، لكنها اختارت الحضور شخصيًا إلى هذا المكان.
السبب كان واضحًا ومباشرًا.
‘إذا حدث أي طارئ، يجب أن أكون هنا لأتحرك على الفور.’
لم تكن هذه البطولة مجرد حدث ترفيهي يمكن متابعته من بعيد براحة وهدوء. كانت لعبة معقدة مليئة بالمخاطر والمؤامرات، حيث كل خطوة قد تحمل عواقب وخيمة. وأكثر من ذلك، كان هناك سبب آخر جعلها تترك راحة منزلها وتحضر.
“هل سيكونون بخير؟ هل يستطيع فريق إدوارد الفوز؟”.
كانت صوفيا، التي تجلس إلى جانبها، تغرق في بحر من القلق. كانت عيناها ترتجفان وهي تفرك يديها بتوتر، عاجزة عن إخفاء مخاوفها. لم تكن صوفيا على دراية كافية بمهارات ألفونسو أو بقية الفرسان، مما زاد من قلقها حيال نتيجة هذه المباراة الحاسمة.
“لماذا أنتِ قلقة إلى هذا الحد، يا سمو الأميرة؟ ألفونسو موجود، وسيؤدي بشكل رائع، كما يفعل دائمًا.”
“أعلم أن ألفونسو أخي المذهل، لكن الفرق التي يواجهونها ليست عادية! لقد بحثت قليلاً، واكتشفت أن جميع الفرق تضم مقاتلين من الطراز الأول!”.
“حقًا؟ ومن هم هؤلاء؟ أخبريني المزيد.”
أثار فضول شارلوت، فأخرجت صوفيا، كما لو كانت تنتظر هذه اللحظة، ثلاث ورقات من جيبها بعناية. كانت كل ورقة تحمل تفاصيل دقيقة عن الفرق الثلاثة التي سيواجه فريق إدوارد في المباراة.
“متى حصلتِ على هذه المعلومات؟ جدول المباريات صدر اليوم فقط!”.
“أنا أميرة، أليس كذلك؟ عندما أريد شيئًا، لا شيء في الإمبراطورية يمكنه إيقافي.”
حتى لو كانت أميرة، فمن غير المرجح أن تكون صوفيا قد لجأت إلى رشوة منظمي البطولة، حفاظًا على سمعتها. بدلاً من ذلك، يبدو أنها جمعت معلومات شاملة عن جميع الفرق المشاركة، ثم اختارت هذه الورقات الثلاث بعناية لتكون دليلها.
“حسنًا، دعيني ألقِ نظرة.”
التقطت شارلوت الورقة الأولى، وفي تلك اللحظة بالذات، انفجرت المدرجات بهتافات صاخبة كالرعد، كأن الجماهير تنتظر هذه اللحظة لتطلق العنان لمشاعرها. كانت الكرات الطائرة للتصوير قد بدأت تعرض الفرق المشاركة واحدًا تلو الآخر، مما أشعل حماس الجمهور.
“واه! هذا مذهل!”.
“إنهم فرقة كراون المرتزقة!”.
“أليسوا ثاني أقوى فرقة مرتزقة في الإمبراطورية؟”.
“سمعت أنهم اختاروا نخبة مقاتليهم لهذه البطولة!”.
لم تكن هذه الأقاويل مجرد شائعات، فقد أشارت الورقة التي بيد شارلوت إلى أن فرقة كراون تضم مقاتلين ذوي مهارات استثنائية. أبرز إنجازاتهم كان القضاء على سحلية النار التي كانت تروع المناطق الجنوبية، وهي مهمة فشل فيها العديد من المقاتلين المهرة. هذا الانتصار جعلهم يحظون بشهرة واسعة، مما يجعلهم مرشحين بارزين في البطولة.
لكن، لسوء الحظ، كانت جميع الفرق المشاركة هذا العام من النخبة، مما جعل المنافسة شديدة الصعوبة.
“انظروا! إنهم عائلة تولوز! سمعت أنهم عاشوا في عزلة لسنوات، فمن كان يتوقع عودتهم لبطولة المبارزة؟”.
“عائلة تولوز؟ أليست تلك العائلة التي أنتجت أجيالاً من الفرسان الأسطوريين؟ لا بد أن فريقهم مليء بالمقاتلين المذهلين!”.
“وانظروا هناك! إنها علامة مجموعة بيرموندوا، المبارزين المتجولين!”.
“هل هذا الفريق الذي وصل إلى النهائي العام الماضي؟ سأراهن عليهم بالتأكيد!”.
كما هو معتاد في مثل هذه البطولات، بدأت ساحة الرهانات تنبض بالحياة، حيث يتنبأ الناس بنتائج المباريات ويضعون رهاناتهم بحماس. ومع ذلك، كان فريق إدوارد الأقل حظًا في جذب الرهانات.
“إدوارد؟ حسنًا، هم بالتأكيد من النبلاء الكبار، لكن هل يمكنهم منافسة هؤلاء المحاربين المخضرمين؟”.
“حتى لو كان الدوق بطل حرب، فإن بطولة المبارزة لعبة مختلفة تمامًا.”
“لا يوجد حتى فرسان معروفون في فريقهم…”.
“معظم فرسان النبلاء يعتمدون على مكانتهم ويتصرفون بغطرسة. يا للأسف!”.
لم يكن هناك من يؤمن حقًا بقدرة فريق إدوارد على التفوق، وهذا لم يكن مفاجئًا. فلو كانوا يواجهون فرقًا عادية، لكان الأمر مختلفًا، لكن خصومهم هذه المرة كانوا جميعًا من النخبة، بحيث لا يمكن التنبؤ بسهولة بمن سيفوز. ونتيجة لذلك، لم يراهن أحد تقريبًا على إدوارد، مما زاد من قلق صوفيا الذي بدا وكأنه يتصاعد بلا توقف.
“لا يجب أن يخسروا… حظهم في الجدول سيء للغاية!”.
“حسنًا، هذا متوقع إلى حد ما. لا تقلقي كثيرًا، يا سمو الأميرة.”
أعادت شارلوت الورقات إلى صوفيا، محاولةً تهدئتها بنبرة هادئة ولطيفة. في تلك اللحظة، ظهر فريق إدوارد على شاشة الكرة الطائرة، يرتدون زيهم الأزرق الملكي، يتحركون بثقة وتناغم. نظرت شارلوت إليهم وتمتمت بهدوء، ونبرتها تحمل مزيجًا من الثقة والتفاؤل: “قضاء عشر سنوات في ساحات الحرب ليس بالأمر الهين. إنه دليل على قوتهم وصلابتهم، وهذا لن يمر دون أن يترك أثرًا.”
* * *
“يا إلهي، يا سيدي، الجميع هنا يبدو في قمة الحماس والطاقة!”.
“لا تسترخِ، آرنو. هل نسيت تحذيرات شارلوت؟”.
“بالطبع لم أنسَ! كيف يمكنني أن أنسى بعد كل تلك التحذيرات التي كررتها حتى أصبحت تتردد في أذني كالصدى؟”.
كان آرنو يتحدث بنبرة مرحة، لكنه سرعان ما استبدل مزاحه بنظرة حادة وجادة. لقد حان الوقت للتخلي عن الخفة والتركيز على المهمة. كان جميع فرسان إدوارد يفكرون في نفس الشيء، يتذكرون كلمات شارلوت التي حفرت في أذهانهم:
“من المحتمل أن يكون كوينسي قد اشترى ولاء فريق واحد على الأقل، وربما ثلاثة في أسوأ الحالات. لكنه لن يكون وقحًا لدرجة الكشف عن تحالفه مع الجميع، فهناك أعين تراقب عن كثب.”
أوضحت شارلوت أن كوينسي ربما وزّع أدوارًا مختلفة لكل فريق لخدمة خطته الماكرة. بمعنى آخر، كانوا يلعبون في لوحة شطرنج وضعها كوينسي بعناية، وعليهم النجاة داخل هذا المخطط والخروج منتصرين.
والسؤال الآن هو: كيف يتعاملون مع هذه اللعبة؟.
“هل تتذكرون الخطة جيدًا؟”.
“بالطبع، يا سيدي!”.
قبل أن يتمكن الفرسان من إكمال إجابتهم، دوى صوت بوق مدوي يعلن بدء المباراة، كأنه يهز أرض الغابة نفسها.
بووو!
“بدأت المباراة!”.
في لحظة، بدأ المشاركون بالتفرق بسرعة من نقطة التجمع، متجهين إلى الغابة الكثيفة للبحث عن النقاط الإستراتيجية المخفية بين الأشجار والصخور. كان عليهم الإسراع، فكل ثانية كانت ثمينة في هذه المرحلة. لكن فريقًا واحدًا فقط تصرف بشكل مختلف تمامًا.
“سأتولى هذا الرجل!”.
“استلوا سيوفكم!”.
فرقة كراون المرتزقة، بزيهم الأحمر اللافت الذي يبرق تحت أشعة الشمس، لم تتجه نحو النقاط مثل الآخرين. بدلاً من ذلك، أطلقوا خيولهم بسرعة مذهلة نحو فريق إدوارد الذي يرتدي الزي الأزرق، في هجوم مباشر وجريء.
كان هذا بالضبط ما تنبأت به شارلوت: “مهما فعلوا، سيحتاجون إلى فريق يبدأ الهجوم. عندما تبدأ المباراة، من المرجح أن يندفع فريق واحد نحونا بقوة.”
“وماذا نفعل إذن؟”.
“ماذا تفعلون؟ أهربوا منهم، بالطبع! إذا استمررتم في القتال معهم، متى ستتمكنون من التركيز على المباراة؟”.(صراحة مدري شارلوت المتكلم أو لا)
لم تكن شارلوت بحاجة إلى شرح كيفية الهروب، فقد كان فرسان إدوارد مدربين جيدًا على مثل هذه التكتيكات من خلال تجاربهم العديدة في ساحات الحرب. كانوا يعرفون كيف يتحركون كوحدة واحدة، يتناغمون كما لو كانوا جزءًا من آلة عسكرية دقيقة.
“امنحوا خيولكم الدفعة! لننسحب الآن!”.
“حاضر، يا سيدي!”.
بقيادة ألفونسو، بدأ فرسان إدوارد بتحريك خيولهم بسرعة عبر الغابة، وهم يشقون طريقهم بين الأشجار بمهارة وسرعة.
“يا رفاق، اسرعوا في المطاردة! لا تدعوهم يفلتون!”.
“حاضر، يا قائد!”.
في تلك اللحظة، بدأت فرقة كراون المطاردة بسرعة، وخيولهم تهز الأرض تحت أقدامها. لكن فجأة: “ماذا؟!”.
بينما كان الفرسان الأربعة بالزي الأزرق يندفعون إلى داخل الغابة، استدار أحدهم فجأة وأطلق سهمًا نحو المطاردين.
كانت المطاردة تجري بسرعة عالية، والغابة مليئة بالعوائق والأشجار، مما يجعل إطلاق الأسهم في مثل هذه الظروف مخاطرة غير معقولة.
لكن هذا لم يكن يشكل مشكلة للودفيغ بارتيليمي، الفارس الذي اشتهر بمهارته الاستثنائية في الرماية بالقوس، وهو ما جعله يبرز كفارس على الرغم من تفضيله للقوس على السيف.
“يا قائد! هؤلاء الأوغاد يطلقون الأسهم!”.
“ليسوا خطرين لهذه الدرجة! لا تبطئوا!”.
بالطبع، حتى لودفيغ لم يكن قادرًا على إطلاق الأسهم باستمرار وهو يمتطي حصانًا يجري بسرعة عالية. كان السهم الوحيد الذي أطلقه كافيًا لإرباك فرقة كراون وجعلها تترنح للحظة، مما أعطى إدوارد فرصة ثمينة.
وفي تلك اللحظة الحاسمة: “الآن، آرنو!”.
“حاضر!”
غيّر ألفونسو، الذي كان في المقدمة، مساره فجأة إلى اليسار، تبعه لودفيغ مباشرة بحركة سلسة. لكن الخطوة الحاسمة لم تكن لهما.
أرنو، الذي كان يتبعهما، انحرف فجأة إلى اليمين بحركة حادة، تقريبًا بزاوية قائمة، دون أن يبطئ من سرعة حصانه. كانت هذه إحدى مهارات آرنو الاستثنائية في الفروسية، التي اكتسبها من خلال خبرته الطويلة في المعارك حيث كان يواجه المطاردات المتكررة. كان معروفًا بقدرته على المناورة بسرعة وجرأة، مما جعله يُلقب بـ”الريح الجامحة” في ساحات الحرب.
تبعه جان-جاك بسرعة، وفي لحظة، انقسم فريق إدوارد إلى مجموعتين، اختفتا بسرعة بين أشجار الغابة الكثيفة، تاركين فرقة كراون في حيرة تامة.
“ما هذا الهراء؟!”.
“أبطئوا السرعة! سنصطدم!”.
حاول المطاردون سحب اللجام في وقت متأخر، لكن الخيول التي كانت تندفع بسرعة لم تتمكن من التوقف فجأة.
ولسوء حظهم، كان هناك جذع شجرة في طريقهم، مما تسبب في تعثر الخيول، وسقوط بعض الفرسان من على ظهورها وسط صرخات الإحباط.
“آه!”.
“اللعنة! هكذا لن نحصل على المال! كنت أخطط لسرقة جائزة كبيرة والفرار من هذه البطولة الملعونة!”.
“اخفض صوتك، يا قائد! قد يسمعوننا!”.
“تبًا!”.
ترددت صرخات فرقة كراون الغاضبة في أرجاء الغابة، كأنها تحمل صدى هزيمتهم المذلة. الكرات الطائرة للتصوير التقطت كل لحظة من هذا الفشل المدوي، مما جعل المشهد يبدو كمشهد من مسرحية درامية. في المقصورة، ابتسمت شارلوت بهدوء، بعيدًا عن أعين الجميع، وهي تراقب الشاشة بنظرة مليئة بالرضا.
‘انتهت الجولة الأولى بنجاح تام.’
الآن، حان وقت الجولة الثانية، وكانت شارلوت تعلم أن التحديات القادمة ستكون أكثر تعقيدًا.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 87"