– كيفية انهاء عقد زواج بشكل مثالي.
الفصل 81
بعد عودتها إلى العاصمة، كانت أولى خطوات شارلوت هي استيعاب كل ما حدث خلال غيابها وألفونسو. استمعت بعناية إلى التقارير التي وصلتها من المقربين والجواسيس على حد سواء، محاولة رسم صورة واضحة للوضع الحالي. ‘احتفال تأسيس الإمبراطورية انتهى كما هو مخطط له، وقد عاد الأتباع إلى ديارهم’.
لحسن الحظ، لم تشهد إدوارد أي أحداث غير متوقعة خلال غيابهما. وصلتها أنباء تفيد بأن الإمبراطور برونو كان منزعجًا للغاية من إعلان زواجهما المفاجئ، لكن هذا لم يكن مصدر قلق كبير بالنسبة لشارلوت. كانت تعلم أن برونو مدين لألفونسو بسنوات من الخدمة المخلصة في ساحات القتال، مما يعني أنه لن يتدخل علانية لمنع ألفونسو من اتخاذ قراراته الشخصية، مهما كانت استفزازية.
فكرت شارلوت: ‘حتى لو أزعجه مشاركة ألفونسو في بطولة المبارزة، فلن يستطيع منعه بشكل مباشر.’
بفضل جهودها الدؤوبة، كانت الأمور حول ألفونسو مستقرة بشكل مدهش، خالية من أي تهديدات فورية. لكن الخطر الحقيقي كان يكمن في مكان آخر: عائلة نوها.
تلقت شارلوت تقريرًا مقلقًا: ‘الأب دومينيك في حالة صحية حرجة، وكوينسي يمسك الآن بكامل السلطة في نوها.’
خلال غيابها، استولى كوينسي على زمام الأمور في عائلة نوها بشكل علني، وهو تحرك لم تتوقعه شارلوت في هذا التوقيت. كانت تعلم أن هذا اليوم سيأتي عاجلاً أم آجلاً، فقد كان كوينسي، حتى في حياة دومينيك، يدير الأمور من خلف الكواليس، مستخدمًا والده كواجهة رسمية. لكنه كان دائمًا حريصًا على البقاء في الظل، يدير شؤونه بهدوء ودهاء. أما الآن، فقد تخلى عن هذا التمويه وتقدم ليترأس العائلة بنفسه، وهو تغيير جذري ومبكر بشكل غير متوقع.
فكرت شارلوت: ‘في حياتي السابقة، لم ينهار دومينيك إلا بعد عام من زواجي. هذه المرة، الأمور تسارعت بشكل ملحوظ.’
كانت متأكدة من أن تحركات كوينسي العدوانية مرتبطة بها. إن انشقاقها عن نوها وانضمامها إلى إدوارد كان بمثابة ضربة قوية لخطط كوينسي. هذا التغيير الجذري في ديناميكيات نوها لم يكن مجرد تحول داخلي؛ كان يمثل تهديدًا مباشرًا لإدوارد.
‘لو كان كوينسي يفكر بنفس طريقة دومينيك، لكان التعامل معه أسهل بكثير،: فكرت شارلوت. لو حاول كوينسي، مثل والده، استغلالها كأداة لتحقيق مكاسب سياسية لنوها، لكانت قادرة على التلاعب به بسهولة. كانت بارعة في التظاهر بالطاعة أمام دومينيك بينما تعمل سرًا لصالح إدوارد. لكن كوينسي مختلف. كان يعارض زواجها وانفصالها عن نوها، وسيفعل أي شيء لإعادتها إلى سيطرته.
‘كوينسي سيحاول جريي إلى نوها مهما كلف الأمر،’ استنتجت شارلوت.
السبب واضح. كانت شارلوت، لسنوات طويلة، أداة كوينسي الأكثر فعالية. لم تكن مجرد تابعة مطيعة؛ بل كانت سلاحًا متعدد الاستخدامات، تحمل اسم نوها المرموق وتتمتع بمهارات لا تُضاهى. كانت لا غنى عنها بالنسبة له. بالنسبة لكوينسي، الذي لا يعير قيمة لحياة الآخرين، كانت شارلوت استثناءً: تابعة لا يمكن تعويضها تحمل اسم نوها وتاريخها.
‘فوق ذلك، أحمل لقب ” شريرة نوها” سيئة السمعة’ فكرت شارلوت. بالنسبة لمعظم الناس، كان هذا اللقب عارًا، لكن كوينسي كان يراه ميزة.
تذكرت حديثًا سابقًا معه: “شارلوت، أن يكون لكِ لقب يعني أنكِ تملكين تأثيرًا حقيقيًا. الناس إما سيرهبونكِ أو يعجبون بكِ. إنه أمر رائع.”
ردت شارلوت وقتها بحنق: “إنه مجرد لقب سيء!”.
ضحك كوينسي وقال: “في الأوساط الاجتماعية، لا يوجد سلاح أفضل من ذلك.”
كوينسي، على الرغم من أنه لم يكن نشطًا اجتماعيًا، كان يفهم علم النفس البشري بعمق. كان يعرف كيف يوجه الناس ويتلاعب بهم، وكان يستخدم شارلوت كأداة مثالية لتحقيق أهدافه.
تذكرت شارلوت موقفًا محددًا عندما قال لها: “شارل، ارتدي هذا الفستان في الحفلة الليلة.”
نظرة إلى الفستان وقالت بدهشة: “فستان إمباير؟ هذا أسلوب قديم، منذ متى كان موضة؟ سيتهمونني بالتخلف بالتأكيد!”.
رد كوينسي بهدوء: “الموضة تدور وتعود. وأنتِ قادرة على أن تكوني رائدة الموضة.”
في ذلك الصيف، كانت الفساتين المنفوشة (بيل دريس) هي الموضة السائدة. لكن كوينسي أصر على أن ترتدي فستان إمباير، وهو تصميم خفيف وكلاسيكي يبدو غريبًا مقارنة بالاتجاهات الحالية. كالعادة، أطاعت شارلوت، وإذا بها، في أقل من أسبوع، تشعل موجة جديدة في العاصمة.
كانت النساء يتحدثن بحماس: “في هذا الحر الشديد، الفساتين الثقيلة مرهقة. لكن فستان الإمباير خفيف ومريح جدًا!”.
“كنت أظن أنه قديم، لكنه ليس سيئًا على الإطلاق. هل رأيتم كيف ارتدته السيدة نوها؟ طريقتها في ربط الحزام بشكل مرتخٍ كانت مذهلة!”.
“سمعت أن الإكسسوارات الطويلة المعلقة على الحزام هي الموضة الجديدة!”.
الفستان الخفيف المصنوع من قماش ناعم، مع قفازات طويلة من الشاش وحزام مرتخٍ، أصبح رمزًا للأناقة في صيف حارق. النساء، اللواتي سئمن الفساتين الثقيلة، تبنين الموضة الجديدة بحماس، وانتشرت معها الأنماط الكلاسيكية الأخرى. كما توقع كوينسي، أصبحت شارلوت رائدة الموضة، وأُطلق على طريقة ربط الحزام اسم “عقدة نوها”، تكريمًا لتأثيرها.
كانت شارلوت بمثابة واجهة عرض لنوها، سلعة مثالية تثير إعجاب النساء وغيرتهن، وتجذب الرجال بجمالها بينما تثير احتقارهم في الوقت ذاته. لكن هذا الدور انتهى الآن. زواجها المفاجئ وانفصالها عن نوها غيّرا كل شيء.
‘بدوني، سيكون كوينسي وحيدًا في نوها،’ فكرت شارلوت. حتى لو تزوج كوينسي لتعزيز نفوذه الاجتماعي، فلن يتمكن أبدًا من تحقيق نفس التأثير الذي كانت تحققه شارلوت. كان هذا هو السبب وراء رغبته اليائسة في استعادتها. كل موجة تثيرها شارلوت كانت تجلب لكوينسي مكاسب هائلة، كأنها أوراق نقدية تتساقط في يديه.
الآن، بعد أن خرج كوينسي إلى العلن كزعيم نوها، لن يتردد في استخدام أي وسيلة لاستعادتها. وهذا يعني شيئًا واحدًا: ألفونسو في خطر.
كانت خطة شارلوت لإشراك ألفونسو في بطولة المبارزة، حيث تطاير السيوف والخناجر، تحمل مخاطر جسيمة.
‘إذا شارك ألفونسو في البطولة، فلن يفوت كوينسي هذه الفرصة،’ فكرت شارلوت. كانت متأكدة من أن كوينسي سيحاول إيذاء ألفونسو بأي وسيلة ممكنة.
هذه كانت المشكلة الأولى. إذا نجحت خطة كوينسي، فإن حياة ألفونسو وحب صوفيا سينهاران في لحظة.
تمتمت شارلوت لنفسها: ‘لا أريد المقامرة بهذا الشكل…’.
كانت تدرك جيدًا المخاطر. في أعماقها، كانت تتمنى لو تستطيع إبقاء ألفونسو في أمان داخل المنزل، بعيدًا عن صوفيا ومخططاتها. قضت وقتًا طويلاً تفكر في هذا الخيار، لكنها واجهت معضلة أخرى.
‘إذا تخليت عن مساعدة صوفيا، فإنها ستواجه مصيرًا مأساويًا،’ فكرت شارلوت. إما أن تموت صوفيا، أو تعيش كلاجئة مطاردة، بعيدة عن الحياة التي أحبتها. تخيلت شارلوت وجه صوفيا، مليئًا بالأمل واليأس في آن واحد، وهو يطفو أمام عينيها في الفراغ.
تذكرت حوارًا بينهما:
“شارلوت، أعتذر عن تصرفي الوقح تجاهكِ. لقد أسأت فهمكِ,” قالت صوفيا بحرج.
ردت شارلوت: “لا داعي لذلك. أفهم موقفكِ تمامًا.”
أصرت صوفيا: “لا، أنا جادة. وهذا نوع من هدنة السلام بيننا.”
بعد أن تصالحتا، فتحت صوفيا قلبها لشارلوت، كأنهما صديقتان حميمتان. كشفت عن شعورها بالوحدة الذي عانت منه لسنوات.
“لم يكن لدي صديقات مقربات. بعد وفاة أمي وسيدة إدوارد السابقة، التي كانت بمثابة أم بالنسبة لي، لم أجد أحدًا أتقاسم معه أحاديثي. جلالة الإمبراطور مشغول دائمًا، وألفونسو كان غائبًا في الحروب. أما الآخرون، فيعاملونني كأميرة، فيبقون على مسافة مهما حاولت التقرب.”
كانت صوفيا تأمل أن يتغير هذا عندما يتزوج ألفونسو وتصبح هناك سيدة إدوارد جديدة. في الأوساط الاجتماعية، حيث تسود التسلسلات الهرمية، كان من الطبيعي أن تكون أقرب صديقات الأميرة أو الإمبراطورة هي سيدة من طبقة مماثلة، مثل دوقة. لكن عندما علمت أن “شريرة نوها” هي من ستتولى هذا الدور، شعرت بخيبة أمل كبيرة.
“لكنني الآن أرى أنني كنت مخطئة،” اعترفت صوفيا. “رأيت كيف تتعاملين مع ألفونسو، وغيرت رأيي. أريد أن نكون صديقتين.”
كانت صوفيا صريحة وعاطفية، وهي صفات نشأت عليها كأميرة. هذه الصراحة والدفء هزتا قلب شارلوت، التي لم تفكر يومًا في بناء علاقات حقيقية خارج ألفونسو. كانت شارلوت، رغم قوتها، ضعيفة أمام الأشخاص الصادقين والمحبين مثل صوفيا.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 81"