وهكذا، بسبب حدة ملاحظته، وجد آرنو نفسه، دون قصد، في خدمة شارلوت كتابع مخلص. كيف يمكنه أن يرفض طلبها بمساعدتها في علاج مرضها العضال قبل أن يكتشف ألفونسو الحقيقة؟ لكن آرنو، بطباعه المخلصة، أصر في البداية على إخبار ألفونسو بحالة شارلوت.
فجأة، دوى صوت قوي عندما غرست شارلوت خنجرًا في سطح الطاولة الخشبية. رجف الخنجر في مكانه، ومع كل اهتزازة، شعر آرنو بقلبه يرتجف بنفس الإيقاع.
“إذا عرف ألفونسو بمرضي، سأموت في الحال!” قالت شارلوت بنبرة حادة، وعيناها تلمعان بحزم لا يقبل النقاش.
“لكن، ألا يجب أن نخبر السيد ألفونسو؟ هذا ليس أمرًا عاديًا!” رد آرنو، وصوته يحمل نبرة قلق وإصرار.
“كل إنسان لديه سر لا يريد أبدًا الكشف عنه، حتى لو كلفه ذلك حياته. ألا تفهم هذا؟” قالت شارلوت، ونظرت إليه بنظرة تحد. “إذا لم تستطع فهم ذلك، فافعل ما تشاء. أخبره، وسترى ما سيحدث بنفسك.”
كانت نبرتها تحمل تهديدًا خفيًا، لكنها كانت تعلم أنها تملك اليد العليا. أدرك آرنو، متأخرًا جدًا، أن هناك أوقاتًا يكون فيها الجهل هو الدواء الحقيقي.
“لو كنت أرغب في إخبار ألفونسو، لفعلت ذلك منذ البداية!” أضافت شارلوت بحدة. “إذا كان بإمكان ألفونسو مساعدتي، لما طلبت مساعدتك، سيد آرنو. لكن إذا لم تستطع مساعدتي…” توقفت، ثم بدأت تسعل بعنف. “كح! كح! كح!” كان سعالها يمزق صدرها، وكأن كل نفس يستنزف قوتها. “إذا استمر هذا الألم… ربما عليّ أن أستسلم للموت. أتمنى فقط ألا يحزن ألفونسو كثيرًا… كح!”.
“حسنًا، حسنًا! اللعنة، سأساعدكِ!” صرخ آرنو، وقد استسلم تمامًا. “ماذا تريدين مني أن أفعل؟”.
كان آرنو قد رفع راية الاستسلام. لم يكن بإمكانه تجاهل معاناة شارلوت، خاصة وهو يرى كيف يذوي ألفونسو بسبب حبه من طرف واحد لها. ‘السيد ألفونسو يدين لي بالكثير!’ فكر آرنو بحنق، وهو يمسك رأسه كأنه يعاني من صداع. ‘يا لي من فارس اختار السيد الخطأ!’ لكنه كان يعلم أنه لا مفر من هذا الموقف.
“أعرف شخصًا يمكنه علاج مرضي المميت هذا،” قالت شارلوت، وهي تستعيد رباطة جأشها. “لكن، كما ترى، حالتي الصحية سيئة للغاية، وأحتاج إلى مساعدتك للوصول إليه.”
“حسنًا، هذا ممكن. أخبريني بالمكان، وسأذهب بنفسي،” رد آرنو بحماس، مستعدًا لتحمل المهمة.
“المشكلة هي أنني لا أعرف المكان بالضبط،” قالت شارلوت، وكأنها تعترف بشيء محرج.
“إذن، يجب أن نبحث عن الشخص؟ كيف يبدو؟”.
“لا أتذكر بالضبط. أعتقد أن لديه عينين ذهبيتين، لكنني لست متأكدة.”
“حسنًا، ماذا عن اسمه، عمره، جنسه، مكان ولادته، أو مكان إقامته؟”.
“اسمه غابرييل. ربما يكون اسمًا مستعارًا، ولا أعرف شيئًا آخر عنه.”
نظر آرنو إليها بدهشة، ثم أومأ برأسه ببطء. “إذن، باختصار، لا تعرفين شيئًا عنه؟”.
“بالضبط،” أجابت شارلوت بهدوء.
“ومع ذلك، تعتقدين أنه يمكنه علاج مرضكِ العضال؟”.
“نعم.”
“وتريدين مني أن أصدق هذا؟ هذا أشبه بالبحث عن خاتم ذهبي في قاع المحيط!” صرخ آرنو، وقد بدا غضبه واضحًا. “كيف يُفترض بي أن أجد شخصًا في هذا القارة الشاسعة بهذه المعلومات الضئيلة؟”.
حافظت شارلوت على هدوئها، كأنها لم تتأثر بغضبه. “لو لم يكن هناك أمل، لما طلبت منك البحث. هل تعتقد أنني أمزح؟”.
كانت شارلوت، في تلك اللحظة، الشخص الأكثر إصرارًا على إيجاد غابرييل. أخرجت ورقة كانت قد أعدتها مسبقًا ووضعتها على الطاولة.
“ما هذا… رسمة؟” سأل آرنو، وهو ينظر إلى الورقة بحيرة.
“نعم، إنه منظر من سان بيل. هل تعرفه؟”.
كانت الورقة تحمل رسمًا بسيطًا، مستوحى من لوحة رأتها شارلوت في منزل غابرييل. لم يكن الرسم دقيقًا كاللوحة الأصلية، لكنه التقط السمات الأساسية للمدينة: مبانٍ متلاصقة بإحكام، قناة مائية تعبرها، وبرج ساعة يرتفع بين الأبنية كعلامة مميزة. كانت التفاصيل قليلة، لكنها كافية لتوجيه البحث.
“يجب أن نجد هذا المكان،” قالت شارلوت بحزم. “وإن أمكن، الشخص الذي رسم هذه اللوحة. إنه الخيط الأول للوصول إلى غابرييل.”
***
بعد ثلاثة أيام، في قلعة بيهونيك، كان ألفونسو يتجول في الممرات بنظرة قلقة.
“سيرجو، هل تعرف أين آرنو؟” سأل أحد أتباعه.
“آرنو؟ أظن أنه خرج لتلبية طلب السيدة شارلوت. هل أبحث عنه؟”.
“لا، لا داعي،” رد ألفونسو، وهو يلوح بيده لإنهاء الحديث. كان الجواب متوقعًا، ولم يكن هناك حاجة للمزيد من التفاصيل.
‘ثلاثة أيام بالفعل،’ فكر ألفونسو، وشعور بالقلق يتسلل إلى قلبه. كان هناك شيء غريب في تصرفات آرنو وشارلوت. بالأحرى، شارلوت نفسها لم تُظهر أي تصرف غريب بشكل واضح—كانت تقضي معظم وقتها محتجزة في غرفتها، كما أخبره الخدم.
“تقضي أيامها داخل غرفتها، لا تطلب شيئًا ولا تسمح لأحد بالدخول،” كانت التقارير التي تصله دائمًا. لم يكن بإمكانه رؤيتها مباشرة، لأنها كانت تتجنبه بشكل واضح منذ تلك اللحظة التي طردته فيها من غرفتها بنبرة لم يعهدها منها.
“لا أريد مواصلة الحديث معك. اخرج الآن!” كانت كلماتها حادة كالسكاكين، ووجهها متصلب بطريقة لم يرها من قبل. هل كانت كلماته عن القلق عليها قد أزعجتها إلى هذا الحد؟.
‘كان طلبًا صعبًا بالنسبة لي أن أقوله،’ فكر ألفونسو بحزن. لم يعتد أبدًا التعبير عن مشاعره، فهو رجل اعتاد إخفاء عواطفه تحت قناع اللامبالاة. كان يعلم أنه مختلف عن الآخرين—بارد، منعزل، يفتقر إلى العاطفة التي يمتلكها الآخرون. كان ذكاؤه الحاد ومهاراته الاستثنائية في التحليل هي ما أخفت هذا النقص. لكنه كان يعرف الحقيقة: لم يكن إنسانًا كاملاً.
:حتى أمي تخلت عني،’ فكر، وشعور بالمرارة يعتصره. لو لم يكن يحمل اسم إدوارد العريق، لكان الآن مجرد متشرد يتجول في الشوارع، ممسكًا بسيف رخيص. لكن حتى مع هذا الاسم، لم يتغير شيء في جوهره. كان يعيش حياة منعزلة، خالية من الروابط العاطفية أو الأهداف الكبيرة.
“لا تحتفظ بأحد إلى جانبك، ألفونسو. هذا هو مصيرك،” كانت كلمات أمه التي لازمته طوال حياته. كان يؤمن أن هذه هي الحياة المناسبة له—حياة العزلة—حتى قابل شارلوت.
غيرت شارلوت كل شيء. جعلته يشعر بالخجل من نفسه، بالغضب، بالرغبة الملتهبة التي لم يعرفها من قبل. أمامها، كان يتحول إلى رجل عادي، مليء بالعيوب والمشاعر المتناقضة. كانت تجعله يشعر بأنه إنسان، رغم كل شيء.
‘لم أكن أعلم أنها ستكرهني لهذه الدرجة،’ فكر، وشعر بألم حاد في صدره. كان يشعر وكأنها أكدت له أنه مجرد غريب، شخص لن يتمكن أبدًا من الاقتراب من قلبها. ومنذ تلك اللحظة، استمرت في تجنبه، مما جعله يشعر بالعجز. كل ما استطاع فعله هو مراقبتها من بعيد، محاولًا إخفاء قلبه المحترق بالشوق والأسى.
لكن هذا لم يكن السبب الوحيد لقلقه. كان هناك شيء آخر يزعجه أكثر: آرنو جويل.
قبل ثلاثة أيام، جاء آرنو إليه وقال إنه سيذهب إلى سان بيل بناءً على طلب من شارلوت.
“السيدة شارلوت طلبت مني شيئًا، لذا سأذهب إلى سان بيل. إنها رحلة قصيرة على ظهر الجواد، وسأعود قبل غروب الشمس،” قال آرنو بنبرة عادية.
“شارلوت طلبت منك شيئًا؟” سأل ألفونسو، وقد أثار الأمر شكوكه. لم يكن هناك أي تقارب واضح بين آرنو وشارلوت.
شعر آرنو بنظرة الشك، فتذمر وأضاف: “لا تنظر إليّ هكذا! أنا نفسي أشعر بالإزعاج. قالت إنها تريد توتًا أسود!”.
“التوت الأسود ليس في موسمه الآن،” رد ألفونسو بحيرة.
“هذا ما قلته! أقسم أن طلب التوت البري في الشتاء كان سيكون أسهل!” تذمر آرنو، وهو يحك رأسه بنزق. “على أي حال، لا أظن أن بيهونيك، هذه القرية النائية، لديها ما تبحث عنه. لذا سأذهب إلى سان بيل. هناك الكثير من التجارة بفضل القناة، فربما أجد توتًا أسود جاء من مكان دافئ.”
كان الطلب غريبًا وغير منطقي—فاكهة خارج موسمها؟ لكن ألفونسو لم يرد منع آرنو، خاصة أن هذا كان الطلب الأول من شارلوت. لكنه لم يستطع التخلص من شعور غامض بأن هناك شيئًا غير صحيح في هذه القصة.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 75"