– كيفية انهاء عقد زواج بشكل مثالي.
الفضل 51
ديدييه لو.
شابٌ وسيمٌ ذو شعرٍ بني مجعد يترك انطباعاً قوياً، يخدم كفارس شاب في الحرس الإمبراطوري للقصر.
‘فارس من عامة الشعب بامتياز غير مسبوق.’
بفضل موهبته الفذة في المبارزة بالسيف، تم الاعتراف بمهارته الاستثنائية، مما أهّله لنيل لقب “بارون” بشكل خاص، وهو لقب نبيل متواضع، مكّنه من الانضمام إلى صفوف الحرس الإمبراطوري.
من الخارج، بدا ديدييه شاباً صلباً وطيب القلب، يتمتع بسمعة حسنة وسلوك نبيل. لكن، كان هناك سرٌ يعرفه عددٌ قليل جدًا: ديدييه هو الحبيب السري للأميرة صوفيا، المعروفة بطباعها المتمردة والجريئة.
لم يكن يعلم بهذا السر سوى ثلاثة أشخاص فقط: صوفيا، ديدييه، والمربية التي ربت الأميرة منذ طفولتها.
كانت المربية تدرك جيدًا أن اكتشاف هذا السر من قبل الإمبراطور برونو سيُشعل عاصفة من الغضب بين الأشقاء، وربما يؤدي إلى كارثة دموية. لذلك، بذلت المربية جهودًا خارقة للحفاظ على سرية هذا الحب، مما ساعد الثنائي على بناء علاقتهما بهدوء بعيدًا عن أعين المتطفلين.
لكن الآن، يبدو أن هناك شخصًا رابعًا قد انضم إلى دائرة المطلعين على هذا السر.
‘أنا بالذات.’
شارلوت نوها.
امرأة ذات نظرة ساخرة وثاقبة، وجهت عينيها نحو صوفيا التي كانت تثور غضبًا أمامها، وهي تقفز وتصرخ كمن فقد صوابه.
“كيف عرفتِ بحق السماء؟! هل تعتقدين أنني سأوافق على زواجك من أخي ألفونسو إذا استمريتِ في هذا التصرف؟!”.
كانت صوفيا غاضبة بشكل واضح، وكأن النار تشتعل في عينيها. وكان ذلك متوقعًا تمامًا.
فقد كانت مربيتها شخصية دقيقة وحذرة للغاية، وبذلت كل ما في وسعها لإخفاء علاقة صوفيا الرومانسية. لذلك، كانت صوفيا واثقة تمامًا أن لا أحد يعلم بشأن حبها لديدييه.
نعم، هكذا كانت الأمور… حتى تلك اللحظة المشؤومة. في يوم مشمس، كانت صوفيا تتأهب لركوب الخيل مع ابن عمها ألفونسو، وكانت في مزاجٍ مرح، حتى فاجأها ألفونسو بجملة غير متوقعة: “صوفيا، سمعتُ أنكِ تواعدين شخصًا ما.”
كانت تلك الجملة كالصاعقة. شعرت صوفيا وكأن قلبها توقف عن النبض، أو كأنها على وشك السقوط من على ظهر حصانها الذي كان يعدو بسرعة. لم تجد كلمات لتعبر عن صدمتها، سوى أنها شعرت كأن أحشاءها تتساقط.
“مـ، مـ، ماذا تقصد؟! من الذي أواعده أنا؟!”.
“ديدييه لو.”
“…”
للأسف، لم تكن صوفيا موهوبة في الكذب، خصوصًا عندما يتم مفاجأتها بهجوم مباشر كهذا. تحول وجهها إلى لوحة من الارتباك، كمن غُمر وجهه بالطين. لم تتمكن من إنكار الأمر، وكان صمتها بمثابة اعتراف صريح.
ونتيجة لذلك، تعرضت صوفيا لموجة من التوبيخ من ألفونسو، لكنها لم تكتفِ بالصمت. كانت أفكارها تتسارع، تحاول معرفة كيف اكتشف ألفونسو هذا السر.
‘كيف عرف ألفونسو بحق السماء؟’.
كانت مساعدة المربية مضمونة تمامًا. إذا كان الإمبراطور برونو نفسه لا يعلم شيئًا، فمن المفترض أن ألفونسو لا يعلم أيضًا. إذن، كيف حدث هذا؟.
بعد تفكير عميق، قررت صوفيا مواجهة سيرجو، الرجل المقرب من ألفونسو والذي يعمل كمساعد له في كل شؤونه.
“أنا، أنا لا أعلم شيئًا! لا أفهم عما تتحدثين!”.
“حقًا لا تعلم؟ أنا أعرف كل شيء بالفعل! إذا لم تتحدث بصراحة، سترى ما سيحدث!”.
“مـ، ماذا تقصدين، سمو الأميرة؟ أرجوكِ، ارحميني! كل ما أعرفه هو ما قلته للتو!”.
لكن الشيء الوحيد الذي اكتشفته صوفيا هو أن سيرجو لم يعرف بشكل مفاجئ.
‘إذا كان ألفونسو قد عرف بنفسه، فلا بد أن سيرجو كان يعلم.’
كل ما يقوم به ألفونسو يمر عبر سيرجو، فهو مساعده الأول والمقرب. إذا كان سيرجو لا يعلم شيئًا، فهذا يعني أن ألفونسو لم يكتشف الأمر بنفسه.
‘إذن، الإجابة واضحة.’
شخصٌ ما أخبره.
ومن سيكون هذا الشخص؟.
“شارلوت نوها!”
يا لها من مخلوق ماكر!.
كيف تجرؤ على استغلال نقطة ضعفي لتهديدي؟!.
بل وتجرؤ على إقناع ألفونسو أيضًا بهذه الطريقة!.
ليس هذا فحسب، بل أخبرته عن علاقتي بديدييه؟!.
لم يكن بإمكان صوفيا أن تظل هادئة بعد كل هذا. لذلك، قررت مواجهة شارلوت لتضع حدًا لهذا الهراء.
لكن عندما وصلت إلى شارلوت، لم تُظهر الأخيرة أي علامة من الذعر. بدلاً من ذلك، استقبلت صوفيا بهدوء وأدخلتها إلى مكتبتها، ثم فتحت الحديث بجملة هادئة وسط صراخ صوفيا: “يبدو أن هناك سوء تفاهم، سمو الأميرة. لم أكن أنوي طلب إذنك. كل ما أردته هو مساعدتك.”
“ماذا؟! يا لكِ من منافقة! توقفي عن هذه الحيل الرخيصة وأخبريني الحقيقة! كيف عرفتِ؟!”.
“لا يمكنني إخبارك بذلك.”
أكتفت شارلوت بهز كتفيها، ثم استندت إلى ظهر الأريكة بنعومة وسألت: “لكن، إلى متى كنتِ تنوين إخفاء علاقتكما؟”.
“ماذا؟”.
“إذا واصلتما المواعدة، ألن يأتي يومٌ تتزوجان فيه؟ سواء كان ذلك مع ديدييه لو أو مع شخص آخر. سمعتُ من ألفونسو أن جلالة الإمبراطور بدأ يفكر في تزويجك.”
عند ذكر الزواج، شحب وجه صوفيا.
كان الإمبراطور برونو يؤمن بأن الزواج السياسي هو واجب لا مفر منه على أي فرد من العائلة الإمبراطورية. بالنسبة له، كان ذلك جزءًا لا يتجزأ من مسؤوليات من يحمل دماء عائلة جينيفييف الإمبراطورية.
وبالتالي، حتى لو كانت صوفيا أخته الصغرى المحبوبة، فمن المستحيل أن يسمح لها بالزواج من فارس من عامة الشعب مثل ديدييه.
‘لحسن الحظ، ألفونسو لم يخبر جلالته بعد.’
لكن شارلوت، تلك المرأة الغامضة التي تقف أمامها، كانت لغزًا لا يمكن فهمه. ما الذي تخطط له؟.
“وما شأنكِ أنتِ بذلك؟ أصلاً، أنا وديدييه لسنا في علاقة جادة!”.
“حقًا؟”.
“نعم! ذلك الفارس العامي! لقبه تافه، لا يملك أرضًا ولا ثروة، بل إنه يتيم بلا عائلة! ما الذي قد أريده منه؟!”.
“يكفي.”
قاطعتها شارلوت بحزم، وأمسكت بيد صوفيا.
“توقفي عن قول كلام لا تعنينه. هذا لا يؤذي إلا نفسك.”
“وماذا تعرفين أنتِ…”.
“أعرف جيدًا. لقد مررتُ بتجربة التقليل من شأن من أحب لحماية كبريائي.”
نظرت صوفيا إلى شارلوت بعينين مليئتين بالدهشة.
“أنتِ… لديكِ شخص تحبينه؟ من هو؟”.
“من سيكون؟ ألفونسو بالطبع.”
ردت شارلوت دون تردد، مما جعل صوفيا تتسمر في مكانها مصدومة.
“كاذبة!”.
“لمَ سأكذب؟”.
“لكي تقنعينني بالموافقة على زواجكما!”.
“سواء وافقتِ أم لا، سنتزوج. هذا لا يعنيني.”
ثم أضافت شارلوت بهدوء:”لكن، ألا تعتقدين أن من الأفضل أن نتحدث عن قصتكِ مع السير ديدييه؟ أعرف طريقة يمكنني مساعدتكِ بها.”
في الحقيقة، كانت شارلوت تعلم نهاية قصة حب صوفيا المأساوية.
كانت تعلم أن صوفيا، بسبب خوفها من أن يعرف أحد بعلاقتها، ستواصل إخفاء حبها حتى تقرر فجأة الإعلان عن زواجها والهروب مع ديدييه.
لكن هذا القرار سيؤدي إلى كارثة: سيصدر الإمبراطور برونو أمرًا بإعدام ديدييه وأسر صوفيا. وفي محاولة لحماية ديدييه، ستقف صوفيا أمام السهم الذي يُطلق نحوه، لتلقى حتفها بدلاً عنه.
كان ذلك هو اللحظة التي ستجعل كل جهود ألفونسو، الذي حاول مساعدة صوفيا سرًا، تذهب سدى.
‘سواء عاشت الأميرة صوفيا أم ماتت، هذا لا يعنيني كثيرًا.’
لكن ما كان يهم شارلوت هو ألم ألفونسو. إذا تكررت تلك المأساة، فإن سعادة ألفونسو ستتلاشى إلى الأبد.
‘وعلاوة على ذلك، أحتاج إلى صوفيا قليلاً الآن.’
تغيرت نظرة شارلوت الباردة إلى ابتسامة ناعمة.
“إذا ساعدتني في شيء واحد فقط، سأجعل زواجكِ من السير ديدييه حقيقة. أقسم بذلك، حتى لو كلفني ذلك حياتي.”
“ها، كنتُ أعلم أنكِ تخططين لشيء!”.
“أحب ألفونسو، وليس أنتِ. هذا واضح، أليس كذلك؟”.
ردت شارلوت ببرود، مما جعل وجه صوفيا يتقلص. لم يكن غضبًا هذه المرة، بل كان تفكيرًا عميقًا. كانت كمن يواجه قرارًا صعبًا، كأنها تُجبر على شرب كأس من السم.
لكن، ما العمل؟.
مهما فكرت صوفيا، لم تجد طريقة لتكون مع ديدييه بسلام دون مساعدة.
“حسنًا… ما الذي تريدين مني أن أفعله؟”.
سمٌ كان أم لا، لم يكن أمامها خيار سوى شربه.
***
كان طلب شارلوت من صوفيا بسيطًا لكنه حاسم: أن تُعد صوفيا عربة ملائمة للسفر بعيدًا عن القصر الإمبراطوري.
كان الهدف هو استغلال احتفالات عيد التأسيس التي تُقام في القصر لتغيير العربات دون لفت الانتباه.
كانت صوفيا الشخصية المثالية لهذه المهمة، لأن القصر كان بمثابة منزلها، ولأنها لم تكن متورطة بشكل مباشر مع عائلة إدوارد، مما يعني أن تحركاتها لن تثير الشبهات.
استغلت شارلوت هذه النقطة بذكاء، وتفاوضت مع صوفيا بمهارة، مما جعل الأمور تسير بسلاسة.
لكن، لم تخلُ الأمور من بعض العقبات.
“سيدي، ألم أخبرك؟ أنا أعارض هذا بشدة!”.
كان لودفيغ، الذي سيتولى وكالة شؤون عائلة إدوارد في غياب ألفونسو وشارلوت، أكثر المعارضين حدة.
“إنه زواج رب عائلة إدوارد! كيف يمكن أن يتم دون مراسم رسمية، وكأننا نهرب كاللصوص؟!”.
“لماذا؟ أنا أجد الأمر ممتعًا.”
“أرنو، اصمت!”
ضحك أرنو، معتبرًا الأمر مثيرًا، لكن باقي الأتباع بدوا غير راضين تمامًا. حتى لو قبلوا بزواج شارلوت وألفونسو، فإن تنظيم الزواج بهذه الطريقة العشوائية كان أمرًا لا يمكن تقبله بسهولة.
خاصة بالنسبة لألفونسو، الذي كان معروفًا بطباعه التقليدية الصلبة، لم يكن هذا التصرف ليحقق أي نتيجة إيجابية.
لكن شارلوت، كعادتها، لجأت إلى مرونتها الاستثنائية.
“السير لودفيغ بارتبليمي، هل ترغب في عقد رهان معي؟”.
~~~
لا تنسوا كومنتاتكم الحلوة يلي تخليني استمتع بالتنزيل
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 51"