– كيفية إنهاء عقد الزواج بشكل مثالي.
الفصل الثالث
هل كان ذلك تدخلًا إلهيًا؟.
كان من المفارقات أن الإجابة التي لم تجدها شارلوت بعد اجتيازها للجبال الثلجية كانت موجودةً لدى كيميائي منعزل يعيش في منطقةٍ لا تتجمد فيها الأنهار، أسفل تلك الجبال مباشرة. في كوخه المتواضع، كشف الكيميائي عن سرٍ مذهل.
“الطقوس تعتمد على رغبةٍ قوية في إعادة إنسانٍ إلى الحياة، وتحتاج أيضًا إلى وعاءٍ لتحقيق ذلك. لقد فعلتِ الصواب بحفظ الجثة في الثلج، فهذا يعني أن الشرطين الأساسيين قد تحققا.” قال الكيميائي بنبرةٍ هادئة وواثقة.
“إذن، هل يمكننا إعادة ألفونسو إلى الحياة؟” سألت شارلوت، وعيناها تلمعان بأملٍ حذر.
“الوعاء موجود، والطقوس جاهزة، لكن ينقصنا الوقود. الطقوس القوية تحتاج إلى كميةٍ هائلة من الطاقة.” أجاب الكيميائي، وأشار بإصبعه نحو شارلوت، وقال: “الوقود هو حياة الشخص الذي يحمل هذه الرغبة القوية.”
ساد صمتٌ ثقيل للحظة. كانت شارلوت تدرك تمامًا ما يعنيه ذلك.
“ارجعي إلى حياتكِ الآن، سيدتي. لديكِ الكثير: الجمال، الثروة، المكانة. لا يزال هناك وقت لتبدئي من جديد وتلتقي بشخصٍ آخر-” حاول الكيميائي إقناعها، لكن شارلوت قاطعته بنبرةٍ مرتجفة قليلًا لكنها مليئة بالحماس:
“حياتي؟ إنها كل ما يلزم، أليس كذلك؟”.
كانت عيناها تلمعان بفرحٍ غريب، كأنها وجدت أخيرًا الغرض الذي تبحث عنه. “إذا كان بإمكاني إعادة ألفونسو إلى الحياة، فحياتي تستحق هذا الثمن.”
بالنسبة لها، لم يكن هناك ما هو أثمن من إعادة الحياة للرجل الذي تسببت في موته. حياتها، التي أصبحت بلا معنى بعد رحيله، ستجد أخيرًا قيمتها إذا استُخدمت لهذا الهدف.
“اقتلني وأعده إلى الحياة.” قالتها بثبات، وهي تتخيل أن ألفونسو، الذي كرهها بشدة، قد يفرح عند سماع خبر موتها. “يمكنك أن تجعل الأمر يبدو كحادثٍ عرضي. لن يهتم أحد بفحص وفاة امرأة مثلي. قل إنك سمعت القصة بالصدفة أثناء مرورك بالقرب من قصرنا، وستحصل على مكافأةٍ سخية من عائلة إدوارد.”
“حسنًا…” تردد الكيميائي للحظة، ثم أضاف: “لكن هناك احتمال ألا أتمكن من إيصال أي رسالة.”
عبست شارلوت قليلًا، متسائلة: “وما السبب؟”
“الطقوس تعتمد على رغبتكِ. صحيح أن الهدف هو إعادته إلى الحياة، لكن النتيجة النهائية تعتمد على تفاصيل رغبتكِ. قد لا تكون كما تتوقعين.” شرح الكيميائي بنبرةٍ تحذيرية.
“ماذا تعني؟” سألت شارلوت، وهي تحدق فيه بقلق. لم تفهم تحذيره الغامض على الفور.
تنهد الكيميائي، مدركًا أنها لم تفهم، ثم أوضح: “حتى لو عاد إلى الحياة، قد لا يكون كما تتخيلين. إذا ركزتِ فقط على إعادته إلى الحياة دون التفكير في التفاصيل، قد تكون النتيجة غير متوقعة، ربما كارثية.”
ضحكت شارلوت فجأة، وهي تُرخي ملامحها المتجهمة. “إذا كان هذا ما تقصده، فلا بأس. أنا لا أريد سوى أن يعود ألفونسو إلى الحياة ويعيش بسعادة. إذا كانت الطقوس تعتمد على رغبتي، فسيكون بخير بالتأكيد.”
كانت رغبتها واضحة: أرادت إعادة كل ما فقده ألفونسو بسبب زواجهما – حياته، سعادته، وحريته. حتى لو لم تكن جزءًا من مستقبله، كانت مستعدة لقبول ذلك، طالما أنه سيعيش سعيدًا.
رأى الكيميائي الإصرار في عينيها، فبدت عليه علامات التردد والتعقيد. “مهما كانت النتيجة، فإن مدة الطقوس محدودة بسنة واحدة. إذا لم تتحقق رغبتكِ خلال هذا الوقت، سيصبح كل شيء بلا جدوى.”
كان يعني أنها ستموت كجزء من الطقوس، وقد لا يعود ألفونسو إلى الحياة على الإطلاق.
“هل أنتِ متأكدة من هذا؟” سأل الكيميائي مرةً أخرى.
“نعم.” أجابت شارلوت دون تردد.
هز الكيميائي رأسه بدهشة، وقال: “يبدو أنكِ لا تقدرين قيمة حياتكِ.”
“ليس هناك من لا يقدر حياته.” ردت شارلوت بهدوء. “لكن هناك أشياء تستحق التضحية بالحياة من أجلها.”
كانت سنواتها الماضية مليئة بالألم والبحث اليائس عن طريقة لإنقاذ ألفونسو. كم بكت، وكم ندمت على كل كلمةٍ قاسية قالتها له؟.
“حتى لو كرهتني، لا يمكنني تغيير شيء، ألفونسو. هذا الزواج كان لمصلحة عائلتي. إذا أردت لومي، افتح زجاجة خمرٍ جيدة ونادِني. إذا كان طعمها جيدًا، قد أسمح لك بصفعي.”
“ألفونسو، أليس عيد ميلادك الأسبوع القادم؟ أهنئك مقدمًا، لأنني لن أكون هنا. ألن يكون يوم ميلادك أفضل بدوني؟”
“لماذا لا أرتدي القلادة التي أرسلتها؟ أمرت الخدم بوضعها في المخزن لأنها بلا قيمة. هل تظنني سأرتدي شيئًا أرسله شخص يكرهني وأضحك كأنني حمقاء؟”.
كل ذكرى مع ألفونسو كانت مليئة بالكلمات القاسية التي قالتها له، ليس لأنها كرهته، بل لأنها أرادت حماية نفسها من الظهور بمظهر الضعيفة أمام رجلٍ يحتقرها.
‘في الحقيقة، كنت أريد أن أكون صادقة.’ فكرت شارلوت. كانت تريد أن تعتذر عن إجباره على زواجٍ لم يرده، أن تحتفل بعيد ميلاده بطريقةٍ بسيطة، أن تعترف بأن القلادة التي أرسلها كانت رائعة لدرجة أنها شعرت بأنها لا تستحقها. لكنها لم تستطع قول ذلك، خوفًا من أن تبدو ضعيفة أو مثيرة للشفقة.
‘لو كنتُ قد قلتُ ولو كلمةً واحدة من تلك الكلمات…’ ندمت شارلوت. لو كانت قد ابتسمت له ولو مرةً بصدق، لكان ذلك كافيًا.
“عشتُ حياتي بأنانية تامة.” قالت للكيميائي. “لهذا، أريد لمرةٍ واحدة أن أتخذ قرارًا من أجل من أحب.”
“التضحية بحياتكِ من أجل الحب؟ هذا يختلف تمامًا عما سمعته عنكِ.” قال الكيميائي بدهشة.
“هل سمعت عني؟ هذا المكان نائي جدًا.” سألت شارلوت بفضول.
“كنتُ متجولًا في الماضي، وأقمتُ في العاصمة لفترة. سمعتُ أنكِ لستِ من النوع الذي يقدم على خياراتٍ متهورة ومجنونة كهذه.” أجاب.
“حسنًا، هذا هو الحب.” ردت شارلوت بابتسامةٍ خفيفة.
أن تحب رجلًا يكرهها لدرجة أنها مستعدة للتضحية بحياتها؟ بالتأكيد سيراها البعض مجنونة أو حمقاء. لكنها لم تكترث.
‘حتى لو علمتُ أنني سأبدو سخيفة، فقد أحببته رغم كل شيء.’ فكرت. إذا كان هناك شعورٌ يجمع بين السخافة والنبل، فهو الحب بلا شك. لكن أن تموت من أجل من تحب أفضل بكثير من أن تتسبب في موته.
حتى لو لم يفهمها أحد، وحتى لو لم تستطع أن تكون جزءًا من مستقبل ألفونسو، كانت راضية طالما أنه سيعيش ويجد السعادة.
مد الكيميائي لها زجاجة دواء، وهو ينظر إليها بعيونٍ تحمل مزيجًا من الإعجاب والحيرة. “اشربي هذا، وسيبدأ الطقس.”
بدا وكأنه يأمل أن تتراجع، لكن شارلوت أخذت الزجاجة دون تردد وأفرغت محتواها في فمها.
لم يمضِ سوى لحظة حتى اجتاحها ألمٌ شديد، وغابت عن الوعي بسرعة.
كم مر من الوقت؟.
استيقظت شارلوت على أصواتٍ متداخلة.
فتحت عينيها ببطء لتجد نفسها في غرفةٍ مضيئة، وسقف قصر نوها المألوف يلوح أمامها.
“سيدتي؟ سيدتي، هل أنتِ بخير؟”.
في تلك اللحظة القصيرة، أدركت شارلوت بحدسها أن الطقوس قد نجحت. لقد عادت إلى الزمن قبل زواجها من ألفونسو.
***
“هل مر أسبوع بالفعل؟”
نظرت شارلوت إلى حديقة الشتاء تحت سماءٍ صافية، وهي تتذكر تلك اللحظة بحنينٍ ودهشة. كانت لا تزال تتذكر بوضوح اللحظات الأولى بعد عودتها.
عندما سألت الخادمة عن التاريخ، قفزت من السرير مصدومة، وركضت إلى المرآة.
“هذا غير معقول…”.
هل نجحت الطقوس حقًا؟.
في المرآة، رأت امرأةً ترتدي ثوب نومٍ رقيق، تحدق في انعكاسها بذهول. على الرغم من مظهرها غير المرتب بعد استيقاظها، كانت المرأة في المرآة جميلةً بشكلٍ لا يُضاهى. شعرها الأحمر الطويل، المموج قليلًا عند الأطراف، كان لامعًا وحيويًا. عيناها الخضراوان الذهبيتين، المائلتان قليلًا، كانتا تشبهان أوراق الشجر تحت ضوء شمس الصيف. أما يداها، اللتين كانتا تضغطان على المرآة، فكانتا ناعمتين بلا أي خدش.
كان هذا بعيدًا كل البعد عن صورتها أثناء تجوالها المحموم بحثًا عن طريقة لإنقاذ ألفونسو، عندما كان شعرها قد شاب ويداها قد تهالكتا.
لم تكن بحاجة إلى المزيد من الدلائل.
‘لقد عدت إلى الماضي.’
لم يكن هذا بالضبط ما توقعته، لكنه كان كافيًا. ‘إنه نوع من الإحياء، أليس كذلك؟’.
في البداية، شعرت بالارتباك، وتأكدت مراتٍ عديدة أنها ليست في حلم. لكن بمجرد أن اقتنعت بأن هذا حقيقي، شعرت بفرحٍ غامر. فرصة للبدء من جديد؟ يا لها من هديةٍ غير متوقعة!.
‘ذلك الكيميائي أكثر كفاءة مما توقعت.’ فكرت، وهي تبتسم. كانت تعتقد أن مجرد إعادة ألفونسو إلى الحياة سيكون كافيًا، لكن هذه الفرصة الجديدة كانت أفضل مما حلمت به.
كانت سعيدة لدرجة أنها كادت تحتضن الخادمة القريبة وترقص معها من الفرح.
لكن هذه النشوة لم تدم طويلًا. بعد فترةٍ قصيرة، تقيأت دمًا وسقطت مغشيًا عليها.
لحسن الحظ، استيقظت في لحظةٍ كانت فيها قد سقطت للتو من على الدرج، كما أخبرها الجميع. لم يستغرب أحد تقيؤها للدم، ظنًا منهم أنه نتيجة الحادث. الجميع، باستثناء شارلوت نفسها.
‘السقوط من الدرج؟ لم يحدث هذا في الماضي.’ فكرت. لم تكن أبدًا ضعيفةً إلى درجة تقيؤ الدم بسهولة.
‘هل هذه آثار جانبية للعودة بالزمن؟’ تساءلت.
كانت بحاجة إلى مقابلة الكيميائي لفهم الأمر، لكن عندما أرسلت أشخاصًا إلى المكان الذي التقت به فيه، عادوا بخبرٍ مفاجئ: لا أحد يعيش هناك.
‘قال إنه كان متجولًا، لذا قد يكون من الصعب العثور عليه.” فكرت شارلوت.
لكنها تذكرت تحذيره المتكرر: “مهما كانت النتيجة، فإن مدة الطقوس محدودة بسنة واحدة. إذا لم تتحقق رغبتكِ خلال هذا الوقت، سيصبح كل شيء بلا جدوى.”
‘أنا، التي كان يجب أن أموت كجزء من الطقوس، لا زلتُ على قيد الحياة. هذا يعني أن رغبتي لم تتحقق بعد.’ أدركت شارلوت.
رغبتها كانت أن يعود ألفونسو إلى الحياة ويعيش بسعادة. والطقوس اختارت العودة بالزمن كوسيلة لتحقيق ذلك. لقد نجحت في إعادته إلى الحياة، لكن… .
‘يجب أن يصبح ألفونسو سعيدًا حتى تكتمل الطقوس.’ فكرت. إذا فشلت، سيعود الزمن إلى مساره الأصلي، وسيموت ألفونسو وهي معه.
“إذن، الأمر بسيط.” قالت لنفسها بحزم. “بما أنني سأموت بعد عامٍ على أي حال، سواء نجحت أم فشلت، فكل ما عليّ فعله هو جعل ألفونسو سعيدًا.”
~~~
لا تنسوا كومنتاتكم الحلوة يلي تخليني استمتع بالتنزيل
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 3"