– كيفية إنهاء عقد زواج بشكل مثالي.
الفصل الثاني والعشرين
بمجرد أن أعلن ألفونسو قراره، اندلعت موجة من الفرح بين أتباع عائلة إدوارد. كانوا يحتفلون كما لو أنهم فازوا بمعركة حاسمة. من بينهم، كان لودفيغ الأكثر ابتهاجاً، فقد كان دائم المعارضة لفكرة الزواج من عائلة نوها، بينما ظل جان-جاك الأكثر هدوءاً، محافظاً على موقفه المحايد بأنه سيدعم أي قرار يتخذه ألفونسو، أياً كان شريك الزواج.
على أي حال، رحب الجميع بحماس بقرار ألفونسو الجديد، وبأمره الصريح بالإسراع في إتمام المفاوضات، بدأوا فوراً في وضع خطة للتواصل مع عائلة لافيروز. كل شيء سار بسلاسة وسرعة فائقة، وجاء الرد من لافيروز بسرعة غير متوقعة.
كان مضمون الرسالة التي كتبها كبير خدم لافيروز، باختصار، كالتالي: “إن سيد عائلة لافيروز وابنته موجودان حالياً في مدينة دواين. إنهما في زيارة مؤقتة، لذا يمكنكم إما انتظار عودتهما أو زيارتهما إذا كانت القضية عاجلة. ما رأيك، سيدي؟”.
“أخبرهم أنني سأزورهم بنفسي. لن أؤخر الأمر أكثر من ذلك،” أجاب ألفونسو بنبرة حاسمة، وعيناه تعكسان عزماً لا يلين.
وهكذا، تقرر سفر ألفونسو إلى دواين. في تلك اللحظة، لم يكن أحد من عائلة إدوارد يتخيل، ولو للحظة، ما سيحدث هناك. لم يخطر ببالهم أنه في دواين، حيث كانوا ينوون إتمام مفاوضات الزواج مع لافيروز، سيقابل ألفونسو شخصاً غير متوقع.
“شارلوت؟” تمتم ألفونسو بدهشة، وهو يراها أمامه فجأة.
***
كان لاختيار شارلوت لدواين سببان رئيسيان. الأول، أن دواين كانت مكاناً مميزاً بالنسبة لها، مكاناً يحمل ذكريات عزيزة ومشاعر عميقة تربطها بالبحيرة التي طالما أحبتها. والثاني، أنها علمت أن أديلين لافيروز ستكون هناك في هذا الوقت من العام.
كيف عرفت ذلك؟ الأمر بسيط. في إحدى محادثاتها السابقة مع ألفونسو، ذكر هذه التفاصيل عابرة.
“إلى دواين، ألفونسو؟” سألته شارلوت يوماً بنبرة فضولية.
“نعم، لدي أمور تجارية أناقشها مع الآنسة أديلين،” أجاب بهدوء.
“لمَ لا تناقشها في العاصمة؟” ردت شارلوت، وهي ترفع حاجباً في استنكار خفيف.
“لأن الآنسة أديلين ضعيفة الجسم، وتفضل قضاء موسم تغير الفصول في فيلا عائلتها في دواين. إنها مسألة صحية، ودواين ليست بعيدة، أليس من الأفضل أن أذهب أنا إليها؟” أوضح ألفونسو بمنطقيته المعتادة.
“حسناً، اذهب إذن. لكن، هل يمكنني دعوة السير نويل إلى القصر في غيابك؟” قالت شارلوت بنبرة متحدية، وهي تعلم أن كلماتها ستستفزه.
تجهم وجه ألفونسو على الفور. كان واضحاً أن فكرة دعوة رجل آخر إلى القصر في غيابه لم تكن لترضيه. “لقد أخبرتكِ سابقاً أن تتجنبي السير نويل. إنه ليس الشخص المناسب لكِ،” قال بنبرة صلبة.
“هذا قراري أنا،” ردت شارلوت بتحدٍ، وهي ترفع ذقنها بثقة زائفة.
“عائلة إدوارد لا تتسامح مع الفضائح. تذكري أنكِ في مركز يرتبط مباشرة بشرف العائلة،” أضاف ألفونسو، وعيناه تلمعان بحدة.
“إذا تجرأ أي خادم على نشر إشاعات عن أمر سيدته، سأقطع لسانه بنفسي، فلا داعي للقلق. وبالمناسبة، ألستَ أنت من يسافر للقاء امرأة أخرى؟” ردت شارلوت بسخرية لاذعة، محاولة إخفاء الغضب الذي يعتمل في صدرها.
ضاقت عينا ألفونسو، وقال بنبرة مقتضبة: “سأعود بسرعة، ولن يكون هناك ما يدعو لقلقكِ. لستُ هنا لإثارة الفضائح.”
“وهل الفضائح تُصنع بمحض إرادتنا؟” ردت شارلوت بابتسامة باردة، وهي تميل رأسها باستخفاف. ثم أضافت، وهي تلوح بيدها: “اذهب وافعل ما شئتَ مع أديلين لافيروز، سواء أمسكتَ يدها أو قبلتَ شفتيها. متى كنتُ أنا من يهتم بمثل هذه الأمور؟”.
كانت كلماتها قاسية، لكن قلبها كان يغلي بالغيرة والغضب. اضطرت للتحكم بأنفاسها بعناية لئلا يرتجف صوتها. لكن إن كانت شارلوت بارعة في ارتداء قناع اللامبالاة، فإن ألفونسو كان يمتلك موهبة خارقة في تحطيم هذا القناع.
“لم أكن ألومكِ على سؤالكِ. أنا فقط أتساءل عن دوافعكِ. هل…” بدأ ألفونسو، لكنه لم يكمل جملته.
“هل ماذا؟” قاطعته شارلوت، وهي تضرب الطاولة بقبضتها بعنف، عاجزة عن كبح غضبها. كانت يدها ترتجف من الغيظ المكبوت، وهي تنظر إليه بنظرة مشتعلة. “هل ماذا؟ لا داعي للقلق، لن أؤذي أديلين لافيروز الثمينة تلك. فقط، أرجوك، لا تجعلني أسمع اسمها مرة أخرى!”.
تفاجأ ألفونسو بردة فعلها العنيفة. هل كان مندهشاً لأنه لم يتوقع هذا الغضب؟ أم لأن إجابتها لم تكن ما أراده؟ كل ما أظهره كان تجهماً خفيفاً في حاجبيه، يكشف عن استيائه. لكنه، كعادته، كان أكثر صبراً منها.
“حسناً، فهمت. لكن لا يمكنني السماح لكِ بلقاء السير نويل،” قال بهدوء قاطع.
“وماذا لو تجاهلت كلامك وفعلت؟ هل ستقتلني؟” ردت شارلوت بنبرة ساخرة، وهي تتحداه بنظرتها.
“من أجل شرف إدوارد، سأتحدى السير نويل في مبارزة،” أجاب ألفونسو بنبرة جادة.
كلمة “مبارزة” حملت وزناً ثقيلاً. كانت المبارزات وسيلة الفرسان للدفاع عن شرفهم، وفيها يموت أحد الطرفين حتماً. وبما أن ألفونسو لم يُهزم قط في مبارزة، فكان يعلن، بكل وضوح، أنه سيقتل نويل.
ضحكت شارلوت ضحكة صاخبة، خفيفة بشكل غير متناسب مع الموقف. “سيكون ذلك مشهداً يستحق المشاهدة،” قالت بنبرة مرحة، لكن في قلبها، شعرت بلحظة نادرة من الفرح الصادق. كلما تحدث ألفونسو بهذه الطريقة، شعرت كأنه يغار، وهذا جعلها تشعر، ولو للحظة، بأنها مهمة بالنسبة له.
لكن ما كانت تريد قوله حقاً لم يكن له علاقة بنويل. كانت تريد أن تقول: “إذا كنت ذاهباً إلى دواين، دعني أرافقك. أحب تلك البحيرة أيضاً، وأحب أجواء دواين في هذا الوقت من العام. أريد أن أرى بتلات الزهور الربيعية تطفو على سطح البحيرة التي تُسمى فنجان الإلهة، وأريد أن أراها معك.”
ربما كانت تلك الذكريات القديمة لا تزال تؤثر فيها. حتى بعد عودتها عبر الزمن، ظلت دواين مكاناً تسعى لزيارته. وقفت شارلوت على ضفة البحيرة، ممسكة بمظلتها، وهي تغرق في أفكارها بهدوء.
لكن، بالطبع، لم تكن زيارتها لدواين مجرد رغبة في رؤية البحيرة. كان هناك هدف آخر: أديلين لافيروز. كانت شارلوت تأمل أن يساعدها لقاء أديلين على ترتيب مشاعرها المضطربة. كانت تخشى أن تندفع، بدافع الرغبة، لقبول عرض ألفونسو دون تفكير. شعرت أن مقابلة المرأة التي أحبها ألفونسو ربما تساعدها على اتخاذ قرار نهائي.
وهكذا، سافرت شارلوت إلى دواين بمفردها، دون مرافقين، متظاهرة بأنها سائحة عادية. اقتربت من أديلين، التي لم تتعرف عليها بسبب قلة ظهورها في الأوساط الاجتماعية نتيجة ضعفها البدني.
كانت أديلين تماماً كما تذكرتها شارلوت: فتاة بشعر أشقر قصير، ذات غمازات ساحرة تظهر عندما تبتسم.
– “لا تنسي شراء باقة من التوليب قبل مغادرتك! التوليب هنا رائع!”.
– “قلتِ إن اسمكِ ليلي، صحيح؟ أتمنى لكِ رحلة ممتعة، ليلي!”.
إذا كان ألفونسو رجلاً صلباً ومستقيماً، فإن أديلين كانت تجسيداً للطيبة. كانت كلماتها الخالية من أي خبث تذكّر شارلوت بمدى الراحة التي يمكن أن تجلبها المحادثات البسيطة، وفي الوقت ذاته، بمدى اختلافها عنهما.
بفضل هذا اللقاء، اتخذت شارلوت قراراً. ‘كوينسي كان محقاً،’ فكرت. ‘أنا لا أنتمي إلى عالمهما. إذا تورطت مع ألفونسو أكثر، قد أعرضه للخطر.’
قررت العودة إلى العاصمة وكتابة رسالة إلى ألفونسو: “أشكرك على عرضك، لكن لا يمكننا أن نكون معاً.” لم يكن قد مضى أسبوع بعد على مهلته، لذا كان الوقت لا يزال مناسباً.
بينما كانت شارلوت تعبر الجسر الخشبي فوق البحيرة، منهمكة في التفكير بمحتوى الرسالة، سمعته.
“ليلي؟”.
كان صوتاً مألوفاً ينادي من خلفها. في البداية، تجاهلت النداء، ظناً منها أنه ليس موجهاً إليها.
“ليلي؟ ليلي، أليس كذلك؟ ليلي!”
بعد أن تكرر الاسم ثلاث مرات، تذكرت شارلوت أن “ليلي” هو الاسم المستعار الذي استخدمته مع أديلين. وكان الصوت يشبه إلى حد كبير نبرة أديلين المرحة.
“لا، مستحيل،” فكرت، وهي تستدير ببطء. لكن عندما فعلت، شعرها الإحمر تطاير مع النسيم، وابتسامة أديلين المشرقة التي تبرز غمازاتها. وإلى جانبها، كان هناك شخص آخر يحدق بها مباشرة.
‘ألفونسو…’.
(صورة توضيحية)

في اللحظة التي تعرفت فيها على شعره الفضي، شعرت كأن قلبها توقف للحظة.
هل كان السبب هو وجود ألفونسو في مكان غير متوقع؟ أم كان الغضب الذي رأته في عينيه هو ما جعلها تشعر بهذا الاضطراب؟ لكن هذا اللقاء العفوي لم يكن المرة الأولى، ونظرة الازدراء في عينيه كانت مألوفة بالنسبة لها.
إذن، لم يكن الخوف أو الإحساس بالحرمان أو حتى الخجل كافياً لتفسير هذا الشعور المعقد. ربما كان السبب شيئاً آخر، لكن لم يكن لدى شارلوت الوقت للتفكير فيه، فقد اقتربت أديلين، مفعمة بالحماس، قائلة:”لم أتوقع أن ألتقيكِ هنا! كنت آمل ذلك، لكن لن أخطئ بهذا الشعر الأحمر!”.
~~~
لا تنسوا كومنتاتكم الحلوة يلي تخليني استمتع بالتنزيل
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 22"