في الأصل، كان كوينسي أقل انخراطًا في الأوساط الاجتماعية من ألفونسو نفسه. لذا، كان من المدهش أن ينطق الآن بمعلومات لا يعرفها حتى أولئك الذين كانوا حاضرين في مكان الحادث يومها.
“كيف عرفت أن الجاني الحقيقي هو من أبلغ عن السرقة أولاً؟”.
“لقد تحققت من الأمر. إنها قضية تتعلق بشقيقتي، فلا يمكنني أن أقف مكتوف الأيدي، أليس كذلك؟”.
“هراء.”
رد ألفونسو ببرود، وتجهم وجهه بعبوس حاد. التحقيق؟ لم يكن ألفونسو ليغفل عن مثل هذا الأمر. لقد أجرى تحقيقًا شاملاً باسم إدوارد، لكنه حتى مع ذلك لم يتمكن من الوصول إلى التفاصيل الدقيقة للحادثة.
‘على الأرجح، بذلت عائلة هيريس جهودًا محمومة لإخفاء الأمر.’
بعد أن صفعت شارلوت تلك الخادمة علنًا، لم يكن من الممكن إخفاء هوية الجاني الحقيقي. لكن حادثة سرقة داخلية كانت بمثابة وصمة عار على سمعة العائلة. بالنسبة لهيريس، التي كانت تكافح أصلاً لتعزيز مكانتها في الأوساط الاجتماعية، كان من المنطقي أن تدفع مبالغ طائلة لإسكات أي تفاصيل إضافية.
لذا، ما لم تكن عائلة نوها تمتلك شبكة معلومات تفوق بكثير قدرات إدوارد، أو كانوا قادرين على اختراق أذهان المتورطين، فهناك احتمال واحد فقط: “أن يكون كوينسي نوها هو العقل المدبر وراء الحادثة.”
كأنما قرأ أفكار ألفونسو، ابتسم كوينسي بسخرية خفيفة. “يبدو أنك تشك بي. حسنًا، لمَ لا تذهب إلى شارلوت وتخبرها بما تفكر فيه الآن؟ أنا أيضًا فضولي. من ستختار أن تصدق، يا تُرى؟”.
أن يقول لها: “ربما يكون أخوكِ هو من دبر حادثة اتهامكِ بالسرقة.”
كيف سيكون رد فعل شارلوت إذا سمعت هذا الكلام؟.
‘الأمر واضح.’
تخيل ألفونسو نفسه وهو يتحول إلى محتال في عينيها، ونظراتها المليئة بالاحتقار تحرق وجهه. لكن، في الحقيقة، لم يكن هذا هو الجزء الأكثر أهمية بالنسبة له.
الأمر الأكثر أهمية هو: “أن كوينسي نوها هو أحد أفراد عائلتها المقربين.”
ربما كان الشخص الوحيد الذي تعتبره شارلوت عائلة حقيقية. إذا قطع ألفونسو هذه العلاقة بيده، ماذا سيحدث لشارلوت؟ هل سيضطرها إلى تحمل جرح جديد؟.
‘إنها معضلة.’
إذا لم تصدق شارلوت كلامه، فلن يكون هناك فائدة. وإذا صدقته، فستتألم.
أي الخيارين هو الأقل سوءًا؟ لم يستطع ألفونسو إيجاد إجابة. خاصة أن كل هذا مبني على مجرد احتمال أن يكون كوينسي هو المتورط.
طال الصمت، فضحك كوينسي بسخرية، كأنه توقع هذا الرد. “قرار حكيم. أحيانًا يكون السكوت هو الخيار الأفضل، ويبدو أنك، يا سيدي الدوق، تدرك ذلك جيدًا.”
اقترب كوينسي من ألفونسو، مرَّ بجانبه، وطرق على كتفه بخفة مرتين. “ألم تعرف منذ البداية؟ بالنسبة لشارلوت، أنت مجرد عملة ذهبية وجدتها ملقاة على الأرض.”
عملة التقطتها بمحض الصدفة. يمكنها أن ترميها في أي وقت، أو تعطيها لخادم كبادرة كرم، أو حتى تستبدلها بعملة جديدة في البنك. هكذا كان زوجها بالنسبة لشارلوت.
لم يبقَ سوى الصمت يحيط بألفونسو. فقط عندما أصبح وحيدًا تمامًا، استطاع أن يحرك قدميه الثقيلتين ليصعد الدرج.
كانت أشعة الغروب تتسلل عبر النافذة الطويلة، ملقية ضوءًا أحمر عميقًا. مع كل خطوة اقترب من السماء، ازداد اللون الأحمر كثافة.
كما في يوم مضى، أعمى الضوء عينيه، فتجهم وجهه. لكن هذه المرة، لم يمد يده ليحجب الضوء. لأن هذا الإحساس لم يعد شيئًا يمكن إخفاؤه بيديه.
حتى لو أغمض عينيه، سيظل يرى ذلك الأحمر. حتى لو عبس من وهج الضوء، لن يجد مفرًا.
الآن، كل ما يتبادر إلى ذهنه هو… .
“لقد رأيت العربة تغادر للتو. انتهى حديثكما؟”.
“شارلوت…”.
توقف ألفونسو، وجهه لا يزال متجهمًا. كانت شارلوت تقف أعلى الدرج، على بُعد خطوات قليلة. لو مد يده، لكان قد لمس طرف فستانها الأبيض.
نظرتها إليه من الأعلى أثارت ذكرى قديمة مألوفة. نعم، ذلك اليوم. اليوم الذي ركع فيه ليطلب يدها.
“لماذا جعلتني أقبل قدميكِ يومها؟”
“ماذا؟”.
بدت شارلوت مرتبكة من السؤال المفاجئ، صوتها يرتجف قليلاً، أكثر مما اعتادته. لكن، كالعادة، جاء ردها سريعًا. “كان ذلك مجرد تسلية. أليس التقدم للخطبة يتطلب الركوع؟ كنتُ فضولية لأرى إن كنتَ ستفعلها حقًا.”
“وإذا لم أفعل، ماذا كنتِ ستفعلين حينها؟”.
“كنتُ سأجد طريقة لجعلك تفعلها.”
تمتمت شارلوت، كأنها تحاول تذكر شيئًا بعيدًا. “حسنًا، الآن أفكر في الأمر، أنا نادمة نوعًا ما. كان يجب ألا أفعل ذلك.”
“لماذا؟”.
“لأنني اكتشفت بفضله مدى إزعاجك. وأنت… مزعج جدًا.”
كان صوتها هامسًا، ولسبب ما، بدا مترددًا، كأنها ليست واثقة من كلامها. أن تبدو شريرة نوها مترددة؟ هذا مستحيل، لكنه بدا كذلك.
أراد أن يرى تعبير وجهها، لكنها كانت تقف عكس الضوء، فلم يرَ سوى السماء الحمراء وخيالها المغمور باللون الأحمر. جذبه هذا المنظر بشكل غريب، فانفتح فمه دون إرادته.
“هل هذا سبب كراهيتكِ لي؟ لأنني… لستُ إنسانًا صالحًا.”
“ما الذي تتحدث عنه؟ ألا تعرف من أنا؟”
بدت شارلوت مصدومة، كأنها سمعت شيئًا لا يصدق. ارتفع صوتها أكثر من المعتاد. “اليوم مليء بالأمور التي لا أفهمها. هل تعتقد أنني، الشريرة، مؤهلة للحكم على إنسانيتك؟”.
“هذا حق طبيعي. لا يتعلق الأمر بكونكِ صالحة أو شريرة.”
“بالنسبة لي، الأمر متعلق!”.
“إذن، ما سبب كراهيتكِ لي؟”.
شعر كأن قلبه يتمزق، والكلمات تتدفق كالماء من كيس مثقوب، لا يستطيع السيطرة عليها. لم يكن فمه وحده هو الذي خرج عن السيطرة. قبل أن يدرك، كان قد بدأ يصعد الدرج.
خطوة. ثم خطوة أخرى.
عندما توقف، فتحت شارلوت فمها. “أنتَ أيضًا تكرهني، أليس كذلك؟”
تجمدت الكلمات في حلقه. لم يكن الأمر كما لو أنها لمست نقطة حساسة كما في الماضي. كان مجرد إحساس غامض بالنفي يتدفق داخله.
“أنا أرد كل شيء. الإحسان بالإحسان، والشر بالشر. إذا احتقرتني، فسأرد الاحتقار.”
من مسافة قريبة، كانت عيناها الذهبيتان تحدقان فيه مباشرة. ربما بسبب الغروب أو شعرها الأحمر، بدت وجنتاها محمرتين.
لو كان الصمت يُصنع كجوهرة، لكان هذا شكلها.
في تلك اللحظة، شعر ألفونسو أنه يستطيع أن يرى كل شيء: اهتزاز خصلات شعرها، حركة جفونها الدقيقة. وهكذا، حفظ تلك اللحظة في قلبه، حتى دقات قلبه.
في اللحظة التي التقت فيها أعينهما، توقف عن التنفس دون إرادة. نبضاته المتسارعة لا يمكن إخفاؤها. رغبة عارمة في الركوع والتشبث بفستانها، حتى لو كان ذلك خضوعًا.
في تلك الليلة، وقع ألفونسو في حب شارلوت. حتى اللحظة التي ابتلع فيها كأس السم الذي قدمته له.
(هنا نعرف كل شي عن حياتهم السابقة من وجهة نظرها ووجهة نظر زوجها وتكملة القصة من هنا هي الفصوا يلي استعاد فيها ذاكرته أول مرة وبكذا ماضي شارلوت وألفونسو انذكر بالقصة كاملة بكل تفاصيلها)
***
“ألفونسو! هل ستبقى صامتًا حقًا؟”.
استفاق ألفونسو من أفكاره. في الماضي، لم يكن الموت يحمل أي معنى بالنسبة له، لكن الأمور تغيرت الآن. كل ما يحبه، سعادته، كلها كانت أمامه الآن.
كان وقت شاي الزوجين في إدوارد. في يوم دافئ، كانت شارلوت قد رفعت شعرها الأحمر بأناقة، مزينة بزخارف تذكّر بكروم العنب. أبعدت كوب الشاي بعيدًا، وعيناها تلمعان بحماس.
“قلتُ لك أن تخبرني لماذا وقعتَ في حبي. قلتَ إن الأمر لم يكن في هذه الحياة!”.
نعم، هذا صحيح. لهذا كان غارقًا في أفكاره الطويلة.
ابتسم ألفونسو بلطف ونظر إلى زوجته. “في الحقيقة، كنتُ أكثر فضولاً لمعرفة لماذا كرهتني، وليس لماذا أحببتني.”
“كراهيتي لك؟ لقد أخبرتك بالفعل.”
منذ عودتها من الموت، لم تعد شارلوت تخفي شيئًا عن ألفونسو. سبب كراهيتها له في حياتها السابقة – أو بالأحرى، عداءها له – كان بسيطًا.
كان ألفونسو مستقيمًا للغاية.
بالنسبة له، الركوع أمام شريرة مثلها لم يكن حتى مصدر إهانة. في اليوم الذي تقدم لخطبتها، رأت شارلوت عدم تأثره بأي شكل، فشعرت بالخجل من نفسها.
كان ألفونسو، بمجرد وجوده، يجعلها تدرك دناءتها، ولهذا السبب، لم تستطع إلا أن تحبه.
“الآن دورك. لن تتهرب بجبن، أليس كذلك؟”.
ضحك ألفونسو بدلاً من الرد. ثم، أعاد كوب المشروب الذي أبعدته شارلوت إلى مكانه أمامها بعناية.
“أنا جبان. اشربي.”
“ألفونسو! هل ستفعل هذا حقًا؟!”.
احتجت شارلوت بشدة، لكن ماذا يمكنه أن يقول؟ حاول أن يجد إجابة عن سبب حبه لها، فاستعرض ماضيه كله، لكنه لم يجد جوابًا واضحًا. حتى الآن، كان يعتقد أن الكلمات التي يملكها للتعبير عن مشاعره تجاه شارلوت قليلة جدًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات