“إذن، أنـتِ تقولين إنّه بليك كادنهارت، الملقّـب بلقب أفضل سيّاف في الإمبراطوريّة؟ ابن شقيق الإمبراطور؟”
كانت أنجلينا تُطلق الكلمات وكأنّها تنفي الحقيقة، لكنّ إجابة لورا لم تتغيّر هذه المرّة أيضًا.
“نعم.”
أمام هذه الإجابة الواضحة التي بـدت و كأنّها منعشة، فُتح فـم أنجلينا بدهشة.
امتزج الارتباك بالحيرة، فتشكّل على وجهها تعبيرٌ مضحك بعض الشيء.
‘لا، ما هذا…!’
مسحت أنجلينا جبهتها بيدها.
كان الأمر مذهلاً لدرجة لا تُصدَّق.
‘لماذا يتعرّض شخصٌ مثل بطل الرواية للابتزاز في إقطاعيّتنا…!’
فالت ضحكة ساخرة.
بليك كادنهارت.
كان بطـل حسبَ ذاكرتها.
ليس مجرّد بطل، بل بطلٌ مثاليّ يتمتّع بشعبيّة هائلة.
كان يمتلك كلّ الصفات الضروريّة لبطل رواية رومانسيّة.
أوّلاً، وُصِـف بأنّه يمتلك جمالاً لافتًا للأنظار، بحيث يُعرف أنّه وسيم حتّى لو تـمّت رأيته من داخل عربة مارّة.
كان ابن شقيق الإمبراطور، وفي الوقت نفسـه الدوق الوحيد في الإمبراطوريّة، ممّا يضمن مكانته العالية، و كان يُعرف بأنّه أفضل سيّاف في الإمبراطوريّة بمهاراته الاستثنائيّة.
و هل هذا كلّ شيء؟
بالطبع ، لا.
كان يتمتّع أيضًا بشخصيّة رائعة.
كان دائمًا إلى جانب البطلة عندما تحتاجه، كان يحترمها دائمًا، و يتحدّث بأسلوب أنيق كرجل نبيل.
فضلاً عن ذلك، كان رجلاً مخلصًا ينظر إلى البطلة فقط. لذا، مهما نظرت إليه ، كان بطلاً مثاليًّا يحظى بشعبيّة هائلة بين القرّاء.
بالطبع، حتّى شخص مثله كان له عيبٌ واحد.
‘نعم، كان مثاليًّا باستثناء أنّه لا يملك المال.’
كان عيبـه هو الفقر.
كانت عائلة الدوق، رغمَ لقبها الرفيع، تفتقر إلى المال.
في الرواية، وُصِف الأمر بأنّـه “حتّى لو تـمّ نهـب كلّ المخازن، لن يتمّ إيجاد حبّة أرز واحدة”.
لم تكن عائلة الدوق دائمًا فقيرة. كان لها أيّامٌ مجيدة في الماضي.
لكنّ الأمور انقلبت عندما اختار الدّوق السّابق زوجة جديدة بطريقةٍ خاطئة.
كانت والدة بليك، رغمَ أنّها من عائلة كونت في المناطق النائية، امرأة رائعة تحـبّ الدوق.
لكن للأسف، توفّيت بعد وقتٍ قصير من ولادة بليك.
لو كان الدّوق يتمتّع بشخصيّة هادئة، لكان الأمر أفضل، لكنّه كان عاطفيًّا جدًّا و لم يتمكّن من تحمّل الخسارة.
حاولَ التغلّب على اكتئابه بالانخراط في معارك ضدّ الوحوش.
و استغلّت الإمبراطورة، التي كانت دائمًا تتربّص بعائلة الدوق، هذه الفرصة.
ادّعت أنّ بليك الصغير بحاجة إلى أمّ، و أنّه إذا كان الدّوق سيواصل الذهاب إلى المعارك، فعليه أن يعيّن سيّدة للعائلة.
فوقع الدوق، الذي فقد حكمته بعد خسارة حبيبته، في فـخّ الإمبراطورة و تزوّج من امرأة قدّمتها له، وكانت تلكَ بداية كلّ المصائب.
كانت الزوجة الجديدة، التي تظاهرت بالحبّ، في الواقع تابعة للإمبراطورة.
حين أدرك الدّوق الحقيقة، قام بتطليقها فورًا، لكنّه للأسف لم يتمكّن من إصلاح ما تدمّر.
تفاقمت إصاباته من معارك الوحوش، فتوفّي هو أيضًا.
و هكذا، ورث بليك الصغير لقب الدوق الفارغ، و كومة ديون هائلة، و ثقـة مهشّمة، و إقطاعيّة مدمّرة.
حاول بليك الصغير جاهدًا مواجهة كلّ ذلك.
لكنّ الأمر لم يكن سهلاً بسبب تدخّلات الإمبراطورة.
كانت تدفعه باستمرار إلى معارك الوحوش، وكان الناس الذين لا يعرفون الحقيقة يشيرون إليه كمجنون متعطّش للدماء مثل والده.
كانت معركة وحيدة.
‘لكنّ هذا جعله رجلاً أكثر رعبًا، كما في إعدادات الرواية.’
بالطبع، كبطلٍ موهوب، نجحَ بليك في التغلّب على كلّ شيء و كبـرَ ليصبح أقوى.
أباد قبائل الأورك في الشمال، و قضى على التواد في الشرق، و أزال أيّ ذريعة أو وسيلة لدفعِه إلى المزيد من المعارك.
عندما عـاد من المناطق النائية، لم يعـد طفلاً بعد الآن. كان وحشًا يحمل في قلبه الانتقام و الغضب العميق.
‘كنتُ أعلم أنّ هذا حدثَ قبل بداية الرواية بسنتين…’
تنهّدت أنجلينا.
كانت تعلم أنّ الرواية تبدأ بموتها. وأنّ هذا الموت سيحدث بعد سنتين.
لكنّها لم تفكّر أبدًا في ربط ذلكَ بعودة البطل.
كانت تعتقد أنّها شخصيّة لا علاقة لها بالرواية الأصليّة…
‘لكن لماذا، لماذا كان البطل، الذي من المفترض أن يكون مشغولاً بإصلاح إقطاعيّته المدمّرة و طرد الخونة و استعادة النفوذ، يتعرّض للابتزاز في إقطاعيّتنا!’
كلّما فكّرت أنجلينا في الأمر، شعرت بمزيد من الذهول.
‘لو كنتُ أعلم أنّه البطل، لما تورّطتُ معه بهذا العمق.’
تمتمت أنجلينا في سرّها و هي تُحدّق بالسيف السحريّ على الطاولة.
‘إذن، هذا هو السّبب.’
‘يبدو أنّ هذا هو أرتواس، أو أرياس، أو أيًّا كان ذلك الشيء الذي ذُكـر في الرواية.’
كان ذلكَ كنز عائلة البطل، الذي يقع بطريقةٍ ما في يـد وليّ العهـد.
في الرواية، حاولوليّ العهـد ، الذي كان يتربّص بالبطل طوال حياته، استخدام هذا الكنز للسيطرة عليه.
لكنّ تدخّل البطلة أفشل تلكَ الخطّـة، و كان ذلك حدثًا صغيرًا مُرضيًا ضدّ وليّ العهـد ، الذي لعـبَ دور الشرير الثانويّ.
‘كيف وصل كنز عائلة الدوق إلى يد ولي العهد من الأساي؟ يبدو أنّ ذلك حدثَ عبر هذا المزاد.’
ربّما كان الرجل في الشرفة رقم 5 أحد أعوان ولي العهد .
“هوو…”
أطلقت أنجلينا تنهيدة، عميقة مليئة بشعور الظلم.
‘لو كان هناك وصفٌ في الرواية يقول إنّ الكنـز عبارة “سيف”…’
كانت الرواية تُشير إلى الكنز فقط دونَ تفاصيل، فلم تدرك أنجلينا حقيقته.
كانت رواية غير دقيقة في تفاصيل الإعدادات.
و هناك سبب آخر لشعورها بالظلم.
‘ألم يُذكر أنّه وسيمٌ يجذب أنظار الجميع أينما كان؟’
في الرواية وصِفَ أنّـه حتّى لو كان مغطّى بدماء الوحوش في ساحة المعركة، إلا أنّـه كان يُشبَّـه بوردة سوداء نبيلة و أنيقة.
لكن…
‘أخي آنتـي أوسم بكثير!’
مهما فكّرت في الأمى، كان شقيقها آنتـي هو الأفضل.
‘أخي هو الشرير الخفيّ و ذلكَ الرجل هو البطل، أليس كذلك؟ إذن ، كيف يمكن للشرير أن يكون أوسم من البطل؟’
الأمر ليس أنّ بليك قبيح، فقد كان وسيمًا بالفعل . كانت هذه المرّة الأولى التي تجـد فيها شخصًا غير أخيها وسيمًا.
لكنّ المشكلة أنّه لم يكن وسيمًا بما يكفي ليُذهلها كما وصفت الرواية.
هل كان ذلك الوصف هو من وجهة نظر البطلة الواقعة في حبّـه؟
‘على أيّ حال، لا يمكن الوثوق بهذه الرواية.’
قرّرت أنجلينا أن تتذكّر محتوى الرواية بحذر، ثمّ لفّـت أرتواس بقطعة قماش مرّةً أخرى.
‘حسنًا، ما حدثَ قد حدث، لا يمكن تغييره.’
كعادتها، كانت أنجلينا سريعة التأقلم مع الواقع، فتخلّصت من شعورها بالحيرة و الأفكار المعقّدة.
ما حدثَ لا يمكن التراجع عنه. لذا، كان من الأفضل التفكير ببساطة لصالح سلامتها العقليّة.
‘في النهاية، لم يكن الأمر حدثًا كبيرًا، أليس كذلك؟’
صحيح أنّ المشهد الذي كانت البطلة ستنتقم فيه من ولي العهد قد ضاع، لكنّه لم يكن حدثًا حاسمًا يربط البطل بالبطلة.
كانت مساعدتها في استعادة كنز عائلته أمرًا مقلقًا بعض الشيء، لكنّه، من منظور القصّة الكليّ، أمر يمكن تجاوزه.
‘عندما يأتي ليثبت أنّه الكنز، سأعيده له بسرعة و أتخلّص منه.’
في عالم الرواية المليء بالمصادفات، لقاءٌ عابر بين البطل و أخت الشرير لن يكون أمرًا كبيرًا.
‘ليس لديّ وقت للتفكير في هذا، فأنا مشغولة بكتابة قائمة أمنياتي.’
العالم مليء بالهموم و المشاكل.
لا فائدة من التمسّك بما لا يمكن حلّـه.
تخلّصت أنجلينا من قلقها و ابتسمت براحة.
لكنّها كانت الوحيدة التي شعرت بالراحة.
كانت تعابير الشّخصين اللذين شاهدا كلّ شيء من الجانب مظلمة.
سألت هارلي، التي كانت أصغر من لورا، بإشارات بعينيها و شفتيها:
‘أختي ، هل الآنسة بخير؟’
بالنّسبة إلى أنجلينا، كانت ابتسامتها تعبيرًا عن الراحة، لكن بالنّسبة إلى هارلي، بـدت كابتسامة شخصٍ تخلّى عن كلّ شيء، ممّا جعلها تشعر بالأسى.
بعد أن تنهّدت مرّات عديدة كما لو أنّ الأرض ستنهار، كان من الطبيعيّ أن تثير تعابيرها القلق.
أجابت لورا و هي تهـزّ رأسها بعيونٍ تقول:
‘يبدو أنّ لقاءها بالدّوق كادنهارت سبّـب لها التوتر.’
كانت عائلة الماركيز فابيليون، أقرباء الإمبراطورة، على عداء قديم مع عائلة الدوق كادنهارت.
لذا، كان من الطبيعيّ أن تكون عائلة الماركيز فلوبيرت، التي تدعم الإمبراطورة، على خلاف مع كادنهارت أيضًا.
وعلى الرّغمِ من تظاهر الآنسة بعدم الاكتراث، إلا أنّهـا كانت تحـبّ عائلتها و تهتمّ كثيرًا بأخيها الماركيز فلوبيرت ، الذي يتحمّل مسؤوليّة العائلة.
لم تكن تشتكي أبدًا منذُ صغرها حتّى لا تقلق أخاها.
كانت دائمًا حذرة في كلامها و تضع قيودًا على تصرّفاتها، ممّا يثير شفقة مَـنْ يراهـا.
لذا، من المؤكّد أنّها الآن قلقة من أن يكون للقائها بالدّوق كادنهارت تأثيرٌ سلبيّ على عائلة فلوبيرت.
شعرت لورا بالأسى.
‘ربّما كان عليّ ألاّ أخبرها.’
‘ما قيل قد قيل، لكن يجب أن نكون أكثر حذرًا في المستقبل.’
جدّدت لورا عزمها.
بأمر من الماركيز، ستحمي الآنسة من أيّ ضرر.
أومأت هارلي برأسها بتعبيرٍ جادّ ، موافقةً على كلامها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 9"