هدوؤها النادر في إظهار المشاعر، و الثقل الذي تحمله كلماتها المُلقاة ببطء.
“بمجرّد ظهورها في المجتمع الراقي، ستتدفق طلبات الزّواج عليها كالمجانين.”
حتى الآن، لم يكـن عدد النبلاء الذين تقدموا بطلبات زواج بمجرّد بلوغها سن الرشد قليلًا على الإطلاق، و ذلكَ لمجرد ربط أنفسهم بعائلة فلوبيرت.
لكن إذا انتشر خبر جمالها هذا، فلا يمكن تخيّل مدى اشتداد المنافسة.
“حسنًا، في النهاية، ستتزوّج من ولي العهد، أليس كذلك؟”
تذمّـر ميسون، الرجل الذي ظهر من السطح، كما لو كان يشعر بالأسف.
كان ارتباط عائلة فلوبيرت بالإمبراطورة معروفًا حتى للنبلاء الذين في الحدود، لذا كان من الطبيعي أن يفكر هكذا.
استمع “صاحب التذكار”، بليك كادنهارت، إلى كلام ميسون بهدوء، ثم تحدث بهدوء:
“…يبدو أنها لم تتعرف عليّ حقًا.”
“كما لا نعرف الكثير عنها، ربّما تكون هي أيضًا غير ملمّـة بأخبار المجتمع الراقي؟ حسنًا، بما أنّـكَ يا سيدي، كنتَ دائمًا في حملات التطهير، فوجهكَ ليس معروفًا على نطاق واسع.”
تنهّـد بليك بخفّـة عند هذا الرد، ثم أمسكَ بإحكام باللوحة الخشبية التي كان يحدّق بها لفترة.
“بريئـة، لكنها ليست غبيـة . متسامحة ، لكنها ليست ساذجـة.”
لم يكن بليك ينوي خداعها منذُ البداية.
عندما سمعَ أن إرث عائلته، “أرتواس”، الذي فُقـد بسببِ الدّوقة السابقة، ظهر في مزاد فلوبيرت ، حاولَ بشتى الطرق استعادتـه.
بالطبع، تواصلَ مع الماركيز فلوبيرت، مالك المزاد، و عرض دفع الثمن مقابل إعادته، لكن طلبه رُفض بحدّة.
بل إن آنتـي فلوبيرت تجاهل جميع اتصالاته بعد ذلك، كما لو أنه لا يريد حتى التحدث.
حاولَ التفاوض مباشرة مع المزاد، لكن ذلك فشلَ مرّةً تلو الأخرى.
كانت الإجابة الوحيدة التي تلقاها هي أن عليه المشاركة في المزاد بنفسه.
للأسف، لم يكن لدى عائلة كادنهارت المال الكافي لذلك، و لا حلفاء ليمدوا يـد العون.
لذا، جاء إلى هنا و هو يتشبث بأي أمل، مستعدًا لإثارة فوضى في المزاد أو تهديد المشتري إذا لـزم الأمر.
اصطدامه بتلك العصابة كان لأنهم كانوا يتحدثون عن موقع مستودع المزاد، فاقترب للحصول على معلومات.
لكنه لم يتوقع أن يلتقي بأخت الماركيز فلوبيرت.
كان ذلكَ حصادًا غير متوقع حقًا.
طردت تلكَ المرأة أفراد العصابة بطريقة مذهلة ولم تتردد في توبيخـه.
“قد تواجه يومًا ما شخصًا أقوى منكَ و تقـع لمشكلة كبيرة.”
كانت هذه أول مرّة يسمع فيها مثل هذا الكلام.
لا يوجد أحد في هذه القارة يتفوق عليه في استخدام السيف، فما هذا الهراء؟
لكنه أدرك أن هذا كان نوعًا من القلق من جانبها، فبدأ بليك يفكّر بسرعة.
هذه المرأة مختلفة عن آنتـي فلوبيرت.
كان الماركيز فلوبيرت سيجعل رجال العصابة يـرون الأمرّين، ربّما بقطع ألسنتهم أو أطرافهم، بدلاً من التسامح معهم.
لا، بل ربّما لم يكن ليتدخل لمساعدته من الأساس.
“زهرة ترعرعت في بيت زجاجي.”
هكذا قيّـم بليك أنجلينا، و لهذا أوقفها عندما كانت على وشكِ الرحيل.
“قد يبدو وقحًا أن أقول هذا في أول لقاء، لكن بما أننا التقينا هكذا…”
أضاف كلمات طويلة لكسر حذرها و استدراج تعاطفها. وعندما شعر أن قلبها قد لان، خلع قلنسوته في الوقت المناسب.
توقع أنها ستتعرف عليه و تتفاجأ.
لكن…
“قل ما هو طلبكَ حتى أقرر ما إذا كنت سأوافق عليه.”
لم يتغير موقفها.
كان هذا المتغير الأول.
من الواضح أنها لم تكـن تعامله على أنّـه دوق كادنهارت.
كل ما رآه فيها كان معاملة لا تختلف عن معاملتها لمواطن عادي.
لذا، تردد للحظة.
“أنا…”
هل يجب أن يكشف عن هويته؟
لكن فجأة، خطرت له فكرة.
إذا استغل قلبها الرقيق بذكاء، ربّما يستطيع استمالتها دونَ الكشف عن هويتـه.
“أحتاج إلى المال.”
فبدأ يمثل بوقاحة.
“تواصلت مع المزاد لإعادته، لكنهم قالوا إنه ليس عليهم واجب إعادته.”
روى قصته دون أن تُسأل.
كما توقع، أظهرت تعبيرًا متعاطفًا.
على عكسِ نبرتها اللامبالية وتعبيرها الذي يبدو غير مهتم، بـدت كامرأة يسهل التأثير على قلبها.
غالبًا ما يُظهـر الأشخاص الذين نشأوا بعيدًا عن السياسة في بيئة محمية تعاطفًا زائدًا مع الآخرين، و اعتقد كادنهارت أنها من هذا النوع.
“ألا يمكن استثناء العنصر من المزاد؟”
لذا، ضغطَ عليها قليلاً.
توقع إحدى ردتي فعل:
إما أن تقول إنها لم تفكر في ذلكَ و توافق على الفكرة بسذاجة،
أو أن ترفض المساعدة قائلة إن ذلكَ ليس من سلطتها.
في الحالة الأولى، كان سيتركها تستخدم منصبها لاستعادة التذكار، و في الحالة الثانية، كان سيكشف عن هويته و يطالب بلقاء آنتـي.
كلا الخيارين كانا لصالحـه.
“حتى لو كنتُ أخت سيّد عائلة فلوبيرت، فهذا يتجاوز الحدود.”
وكما توقع، جاء أحد الردين.
“إذا لم نحترم القواعد التي وضعناها، فما المعنى منها؟”
شعر بالذنب قليلاً لأنّ ردّها كان أكثر نزاهة مما توقع، لكن…
“إذا كنتُ قد قلت شيئًا يتجاوز الحدود، فأنا أعتذر. في الحقيقة…”
على أي حال، شعرَ أنه حصلَ على ما يريد، فاستعد لإخراج شعار عائلة كادنهارت لإثبات هويته.
كان ينوي طلب لقاء آنتـي فلوبيرت.
حتى آنتـي فلوبيرت لن يستطيع رفضه إذا جاء كضيف لأخته.
لكن…
“قُـدْني إليه.”
سبقته أنجلينا قبل أن يكشف عن هويته.
“دعني أرى هذا الإرث.”
كان هذا المتغير الثاني.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ.
“حسنًا، لماذا لا نشارك في المزاد؟”
قالت إن الطريقة الوحيدة لاستعادة العنصر هي المزايدة، و انخرطت بالفعل في المزاد.
و لم تنتـهِ المتغيرات.
“مليار.”
ألقت بمبلغ مذهل بسهولة و استعادت الإرث بسرعة مذهلة.
بل بـدت مستمتعة بذلك.
“كيف يجرؤ على محاولة التغلب على فلوبيرت بالمال.”
كان يعتقد أنها بريئة، لكن عندما اشتعلت روح المنافسة فيها، لم يستطع بليك إبعاد عينيه عنها.
كانت امرأة لا يمكن توقعها.
و استمرت في تحدي توقعاته حتى النهاية.
“لكن لا يمكن استبعاد احتمال أنّكَ محتال و أن هذا السيف يخص شخصًا آخر، أليس كذلك؟”
لم تكـن الآنسة الساذجة التي يسهل خداعها كما ظـنّ.
“أثبت ذلك. أثبت أن هذا حقًا إرث عائلتك.”
كانت مستعدة لتقديم المساعدة و إنفاق المال بسهولة مدهشة، مما جعله يتساءل عما إذا كانت تعرف هويّتـه بينما تتصرّف بهذه الطّريقة عن قصد، لكن هذا لم يكن صحيحًا.
بـدت و كأنها أدركت قيمة “أرتواس” بسرعة، لكنها لا تكن تعرف أنه تذكار عائلة كادنهارت، مما يظهر براءتها.
ساعدته ضد العصابة و كأنها طيبة القلب، لكنها أشارت بحدّة إلى الحدود التي يجب احترامها.
كانت امرأة مليئة بالتناقضات.
“لكنكَ لم تستعد ‘أرتواس’ في النهاية، هل أنتَ بخير مع هذا؟”
بينما كان بليك يفكّر في أنجلينا، سأل ميسون.
“لا يهم.”
“ماذا؟ لكن…”
“لقد منعته من الوقوع في يـد ولي العهد، وهذا يكفي في الوقت الحالي.”
لم يكن بليك الوحيد الذي عرف أن “أرتواس” ظهر في مزاد فلوبيرت.
كان ولي العهد ايدن غراندونيا قد اكتشف ذلك أيضًا.
كان ولي العهد يبذل قصارى جهده للعثور على نقاط ضعف بليك.
لذا، كان من المؤكد أنه سيشارك في هذا المزاد للحصول على “أرتواس”.
إذا وقـعَ السيف في يد أي شخصٍ آخر، فقد يكون ذلك مقبولًا، لكن إذا وقـعَ في يد ولي العهد، فستكون تلكَ مشكلة كبيرة.
لذلك، تحرك بليك بسرعة لمعالجة هذا الأمر قبل أي شيء آخر.
“لكن أليس فلوبيرت من حلفاء الإمبراطورة؟ إذن، ألن يكون الأمر مسألة وقت حتى ينتقل إليها؟”
أبدى ميسون قلقه، لكن بليك هـزّ رأسه.
نظرَ بعيون متقلصة نحو الاتجاه الذي اختفت فيه أنجلينا.
“تلكَ المرأة لن تعطي السّيف لأخيها.”
“كيف تعلم ذلك؟”
“…مجرّد حدس.”
كان الأمر مضحكًا، لكنه حقًا مجرد “حدس”.
تلكَ المرأة المليئة بالتناقضات لن تتدخّل في سلطة أخيها. كان ذلكَ واضحًا من محادثتهما.
لكن، و لهذا السبب بالذات، شعرَ بشكلٍ مضحك أنها لن تعطي السيف، الذي قد يكون مفيدًا سياسيًا، لأخيها.
ليس لأنها في صراع قوى أو نزاع سياسي مع أخيها، بل لأن هذا يبدو جزءًا من طباعها.
“حسنًا… فليكن.”
لم يعترض ميسون، لأنه يعلم أن “حدس” سيّـده غالبًا ما يكون صحيحًا.
بدلاً من ذلك، طرح سؤالاً آخر.
“لكن، أليس اكتشاف هويتكَ مسألة وقت؟ حتى لو لم تتعرف عليك تلك السيدة، بدا أن الحارسين بجانبها كانا يعرفانك.”
ربّما لن تقابلكَ… تمتم ميسون، لكن بليك تحدّث بنبرةٍ غير مبالية:
“هذا لا يهـمّ أيضًا.”
“ماذا؟ لكن السيف…”
“لقد صنعت مبررًا كافيًا لزيارة عائلة فلوبيرت.”
حـرصَ بليك على الاحتفاظ باللوحة الخشبية التي أعطتـه إياها بعناية.
على أي حال، منعَ السيف من الوقوع في يد ولي العهد، و خلقَ نقطة اتصال مع فلوبيرت.
كانت هذه رحلة مربحة.
“حسنًا، بما أنّـكَ تقول ذلكَ يا سيدي.”
لم يفهم ميسون نوايا سيّده تمامًا، لكنه قبـلَ الأمر.
بالتأكيد سيتعامل مع الأمر بطريقته.
“لنعـد.”
بدلاً من التفكير، استدار بليك و تحرك، و تبعـه ميسون.
“آه، بالمناسبة، في المرة القادمة التي تقابلها فيها، سأقـف بجانبكَ.”
بالطبع، لم يتوقف فمـه أثناء المشي.
“هل تعرف كم كانت الطاقة المخيفة التي أطلقتها تلكَ الخادمة تجاهي؟ خادمة تطلق طاقة مظلمة كهذه!”
تذكّـر ميسون تلكَ الخادمة التي تُدعى لورا، التي لم تكـن تبدو كخادمة على الإطلاق، و ارتجف.
“كنتُ أخفي وجودي، لكنها حدّقت مباشرةً في مكاني و استمرت في إظهار نجمة الرمي من كمّهـا…”
فركَ ذراعيه و هو يتحدث ، و استمر في التذمر حتى وصلوا إلى قصر الدوقية.
・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ・
“مـاذا؟!”
عندما عادت أنجلينا إلى القصر و غيّرت ملابسها، كانت تشرب الشاي عندما أصدرت صوتًا عاليًا، و هو أمر غير معتاد بالنسبة لها.
انتابتهـا القشعريرة.
“أعيدي. ما الذي قلتِـه؟”
نظرت إلى لورا بعيون تأمل أن تكون قد سمعت خطأ، لكن إجابة لورا كانت كما هي.
“ذلكَ الرّجل لم يكـن مجرّد فارس عادي، بل كان الدّوق كادنهارت.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 8"