الحادثة المفاجئة جعلت الجميع في حالة تأهّب للحظة، لكن ردّة فعل أنجلينا جعلت التوتر يهدأ.
شعروا بالارتياح ظنًّا منهم أنها تعرف أكثر ممّا كانوا يتوقعون بشأنِ الوحش.
“لكن، كيف سيخرج من العربة و هو بهذا الحجم؟”
و بينما كان الجميع لا يزال مذهولًا، طرحت أنجلينا سؤالًا غير متوقّع.
“كروونغ!”
و كأنّه يُجيب على سؤالها، بدأ ينبعث من جسـد الوحش ضوء.
و لم يمر وقت طويل حتى عاد إلى شكله الصغير الشبيه بالثعلب.
“كيوو!”
كان الشكل المألوف الذي يعرفه الجميع.
“هذا مفيد.”
ابتسمت أنجلينا و احتضنت الوحش الذي قفز إلى ذراعيها.
و بينما كانت تُربّت عليه، نزلت ببطء من العربة.
راقبت لورا أنجلينا وهي تنزل بخفّة، ثم أطلقت تنهيدة طويلة.
“يبدو أنّني لا أزال غير كافية لخدمة الآنسة.”
“هممم؟ ما هذا الكلام فجأة؟”
تذكّرت لورا أحداث الليلة الماضية.
“أختي، أظنّ أنّ الأمر بخير؟”
حتى بعد أن نامت أنجلينا، ظلّت لورا تُثبّت نظرتها طويلًا على النافذة.
لكنّ الوحش كان ينام بهدوء إلى جانب أنجلينا، و هارلي، التي ذاب قلبها من لطافة الوحش، أخفضت حذرها.
“ألا يجب أن نُغلق النافذة الآن؟ بالطبع، أنا أستخدم السّحر، و لكن…”
كانت هايلي تستخدم السّحر كي لا تصل الرّيح الباردة إلى أنجيلينا، لكنها كانت قلقة بشأن ما سيحدث بعد أن تغفو.
“لقد قابلتُ الكثير من الوحوش المختلفة من قبل، و على هذا المستوى، يبدو أنّه تكوّنت لديه مَودّة تُجاه الآنسة . و إلا لَكان قد أظهر علامات عدائيّة منذُ وقت طويل.”
بين الوحوش، كان هناك كثيرون ممّن يحبّون البشر و يسمحون لهم بالاقتراب منهم بسهولة.
اعتقدت هارلي أنّ هذا الوحش الثّعلب واحد من تلك الحالات.
“لا يمكننا ترك الآنسة تُصاب بالبرد بلا سبب.”
لذلك كانت هارلي تشعر بقلق أكبر على ظروف نوم أنجلينا.
بعد لحظة من التفكير، تقبّلت لورا رأي هارلي، بعدما رأت أنجلينا و الوحش نائمين بعمق.
“حسنًا، لنفعل ذلك.”
وكما قالت الآنسة، فكرت بما الذي يمكن لذلك الشيء الصغير أن يفعل؟
فأغلقت النافذة و أخفضت حذرها هي أيضًا.
بل و تركته إلى جانب الآنسة بلا قلق، ثمّ خرجت إلى عمليّة القضاء على الوحوش عند الفجر…
لكن أن يكون هذا الكائن قادرًا على فعل كلّ هذا.
ماذا لو أنّها شاهدته ينمو عبر النافذة ليلة أمس؟
مجرّد التّفكير في ذلكَ جعلها تتنهّد.
“أين يمكن أن أجـد خادمة أفضل من لورا؟”
غير مُدركة لما حدث ليلة الأمس، أمالت أنجلينا رأسها بحيرة.
“…أشعر أنّ مهاراتي ناقصة.”
أجابت لورا بهدوء.
رؤية سيّدتها تنام بسلام في المكان نفسه مع وحشٍ لم تعرفه إلا منذُ أيّام قليلة.
لا، أليس من الغريب أكثر تقبّلها لهذا الوضع بوصفه أمرًا طبيعيًا؟
…لستُ متأكّدة.
لطالما كانت الآنسة هكذا.
بالطبع، أمالت أنجلينا رأسها أكثر عند كلمات لورا.
“و ما الذي تحتاجه الخادمة لتبني مهارات من أجله؟ اتركي ذلكَ للفرسان.”
لم تفهم أنجلينا قلق لورا، و قدّمت مواساة لا علاقة لها بالموضوع.
“حسنًا إذن، سأذهب لأغتسل قبل أن أتناول الطعام الذي ذكرته هارلي.”
ثم اتّجهت نحو البحيرة و هي تدندن بلحن بسعادة .
تبعها الوحش الثّعلب بشكل طبيعيّ و هو يركض خلفها.
كان هناك توتّر خفيف و ارتباك بين الفرسان، لكن أنجيلينا لم تُلاحظ شيئًا.
و كان من الطّبيعي ألّا تُلاحظ.
لطالما أراد آنتـي أن تعيش أختـه وهي ترى فقط الأشياء الجميلة و تتلقّى فقط الحب، لذلك كان كلّ مَـنْ حولها أفرادًا مُدرّبين بعناية.
・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ・
“كان يجب أن أفعل هذا مُبكّرًا.”
كانت أنجلينا تشعر بالضيق من بقائها داخل العربة في كلّ مرة يتحرّكون فيها منذُ دخولهم غابة الظلام.
و اليوم، كانت تستمتع بالهواء الخارجي إلى أقصى حد.
“هل كانت العربة غير مريحة لكِ؟”
“لا، إنّها مريحة. و لكن مهما كانت العربة واسعة، فهي ليست مثل المشي بينما أنظر إلى هذا الطريق الممتدّ.”
“كان عليّ أن أجهّز لكِ حصانًا في وقت سابق.”
“لا بأس. لماذا سأحتاج حصانًا حين أملك هذا؟”
بعد أن مشَت قليلًا، جعل الثّعلب السحري جسـده يكبر و أخفض نفسه مُشيرًا لها أن تركب، و لم ترفض أنجلينا.
“يبدو أكثر راحة من الحصان؟”
فتحت أنجلينا ذراعيها لتستمتع بهواء الغابة و هي جالسة على ظهر الثّعلب المتضخّم.
في البداية حاولت هارلي تثبيت سرجٍ للراحة، لكن المخلوق رفض بشدّة، فجلست مباشرةً على ظهره.
لكن لم تكن هناك حاجة لذلك، فقد كانت أنجلينا تشعر بالرّاحة.
“لاحقًا، يجب أن أجرّب الركوب باستخدام اللّجام فقط. ألا تعتقدان أنّه سيكون سريعًا؟”
“كرووونغ!”
عند كلمات أنجيلينا، أطلق الثّعلب صوتًا وكأنه يقول:
“أليس ذلكَ واضحًا؟”
“لورا. هارلي. انظرا إلى هذا. يمكنني حتى أن أنام و أنا أركب عليه.”
ذهبت أنجلينا أبعد من ذلك، فاستلقت و تمددت فوق ظهر الوحش.
أطلقت هارلي صوت انبهار، بينما ابتسمت لورا معتبرة تصرّفات أنجلينا لطيفة.
لكن عند سماع صوت جاك و هو ينظّف حلقه، رفعت أنجلينا جسدها قليلًا.
“هممم، ربما هذا ليس لائقًا.”
شعرت بالأسف لعرض مثل هذا المنظر غير المُهذّب، و هي تفكر أنّ هارلي و لورا قد اعتادتا عليها، لكن الفرسان لن يكونوا معتادين على رؤيتها هكذا.
“إن كنـتِ متعبة، فهل ينبغي أن نقيم المخيّم هنا؟”
سألت لورا فورًا بعدما اعتقدت أنّ أنجلينا قد تكون محرجة.
“سواء توقّفنا الآن أو بعد قليل، سنصل على الأرجح إلى البوّابة الأولى بحلول الغد…”
كانت تحاول تغيير الموضوع بالكامل.
حينها.
“كيييييه—!”
فجأة، سُمِـع صراخ وحش.
في لحظة، ظهرت سهام ضوئية عند أطراف أصابع هارلي، و الفرسان ومن بينهم جاك قاموا برفع أسلحتهم.
كما أخرجت لورا نجوم الرّمي من تحت كمّهـا، لكن قليل من الأشخاص لاحظوا ذلك.
و بينما امتلأ الجوّ بالتوتّر، تبادلت لورا و هارلي النظرات.
فقد كانوا قد قضـوا بالفعل على الوحوش المحيطة فجر اليوم، لذا لم يكن يجب أن يتبقى شيء في طريقهم.
كان الأمر غريبًا.
“بالفعل… هذه هي غابة الظلام.”
غير مُدركة لما كانت لورا و هارلي تفعلانه سرًّا عند الفجر، تحدّثت أنجلينا بهدوء وهي تنزل من على جسد الكائن السحري .
أخفض الثعلب السحري جسـده ليسهّل عليها النزول، ثم التـفّ حولها.
بـدا وكأنه يفعل ذلك بدافع المودّة أكثر منه لحمايتها.
أخرجت أنجيلينا وجهها فقط فوق ظهر الثّعلب، و نظرت باتّجاه مصدر الصوت.
بانغ! بانغ!
كانت الأصوات عالية جدًا و متداخلة على نحوٍ لا يُمكن أن يصدر من مجرّد مرور وحش.
“يبدو… أنّ أحدهم يقاتل؟”
قالت هارلي وهي تُطلق تعويذة استطلاع نحو جهـة الصوت.
“أتعنين أنّها ليست وحوشًا تتقاتل فيما بينها، بل هناك أشخاص؟”
“يبدو كذلك…”
تجهّمت هارلي و كأنّها لا ترى بوضوح رغمَ السّحر.
“هاه…؟”
ثم ، و كأنّها رأت شيئًا، أصدرت صوت دهشة.
“ما الأمـر؟”
تجهّـم وجـه لورا.
“آه، حسنًا…”
بـدت هارلي مرتبكة و نظرت إلى لورا و أنجلينا بحذر.
“ما الأمر؟ تكلّمي.”
عندما تحدّثت لورا بحدّة، شرحت هايلي بتردّد.
“إنّهم بالفعل أشخاص. و يبدو أنّهم دخلوا من جهة مختلفة، و ليس من مدخل ممرّ البرج. يبدو أنّهم عبروا غابة الظلام و وجدوا ممـرّ البرج.”
“لقد اختاروا طريقًا في غايـة الإزعاج. هل هم صيّادون؟”
“لا، إنهم…”
و بينما تردّدت مجددًا في الكلام، همست في أذن لورا.
عند سماع سبب تردّدها، لمعت عينا لورا ببريق غريب.
“ما الذي يجري؟”
حثّتهم أنجلينا على الكلام.
ماذا يمكن أن يكون ليتحدّثا بهذا الحذر و السرّيّة؟
حتى الفرسان انتظروا إجابة لورا بوجوه قلقة.
“إنّـه شخص تعرفينه يا سيّدتي…”
“آه، أظـنّ أنّهم لاحظونا أيضًا. إنّهم يقتربون.”
قاطعت هارلي كلمات لورا بعدما التقطت ذلك من خلال سحرها.
عند سماع خبر اقترابهم، زاد الفرسان من حذرهم، و قالت أنجيلينا بصوتٍ محتار:
“لا يوجد أحد أعرفه قد يأتي إلى غابة الظلام…”
لكن قبل أن تُكمل كلامها، ظهرَ الطرف الآخر.
“آه.”
عرفتهم أنجيلينا فورًا، و أطلقت شهقة بلا وعي.
عندما رآها الطرف الآخر الذي اقترب بحذر، تمتم بصوتٍ مرتبك.
التعليقات لهذا الفصل " 21"