مخاطر عالية، عوائد عالية (2)
حسنا ، إذا تمّ سؤالها اذا كان ذلك الكائن وحشًـا؟ فسيكون من الصعب الإجابة بنعم.
لا يمكن أن يوجد وحش يخترق حواجز طريق البرج و حواجز هارلي معًا .
و بالإضافة إلى ذلك، كان لطيفًا جدًا ليُعتبر وحشًا.
‘ليس وحشًا، بل كائن سحري؟’
على عكسِ الوحوش التي تتحرك بالرغبة في الأكل و الغريزة فقط، الكائنات السحرية كانت كائنات ذكية تمتلك قوى غريبة.
عددها قليل، لكنها حساسة، قادرة على التواصل مع البشر، و ذكية بما يكفي لتصبح رفيقًا لهم.
كان الدّوق السّابق كادنهارت شريكًا مع كائن سحري غريفين، يسيطران على سماء الإمبراطورية.
كانت قصة إنقاذ الغريفين للدوق عندما كان في خطر مشهورة.
بالطبع، ليست كل الكائنات السحرية شجاعة و قادرة على القتال بهذا الشكل، لكنها بالتأكيد خاصة.
إذا كان كائنًا سحريًا، فإن عدم تأثره بحواجز الوحوش يُفسر.
“لورا، هناك…”
أشارت أنجلينا نحو الثعلب و بدأت الكلام.
لكن عندما أدارت لورا رأسها، اختفى الثعلب من الرؤية.
لم يهرب أو يختبئ. اختفى بلطف كما لو استخدم سحر الشفافية.
“ما الخطب؟”
أدارت لورا، التي لم ترَ شيئًا، رأسها نحو أنجلينا مرّةً أخرى.
عندما ابتعدت نظرة لورا، عاد الثعلب للظهور.
كان ذيله الكثيف يتمايل بلطف كأنه يهمس “حاولي الإمساك بي”، و عيناه الزرقاوان الثاقبتان للمثبتتان على أنجلينا تتلألآن كنجوم.
عندما استمرت أنجلينا في النظر، أدارت لورا رأسها مرّة أخرى، و في كل مرّة كان الثعلب يختفي .
كأنـه يمزح.
‘يبدو أن لديه قدرة خاصة، إذًا هو كائن سحري بالتأكيد.’
سلوكه المتكيف مع الوضع يثبت ذكاءه.
‘لقد نجـا من أيدي البشر رغمَ مظهره اللطيف هذا.’
في الماضي، كان هناك بشر جشعون يصطادون الكائنات السحرية النادرة، يروضونها بالقوة و يستخدمونها للتسلية. لذا، أصبحت الكائنات السحرية نادرة الرؤية الآن.
‘إذًا، ما هدفه؟’
كانت أنجلينا تتساءل لماذا ظهرَ هذا الكائن السحري أمامها.
استمرت أنجلينا بالتحديق في مكان اختفائه.
“آنستي…؟”
نادتها لورا بصوتٍ قلق، غير قادرة على فهم أنجلينا التي تحدق في الفراغ.
كانت قلقة أصلاً بسببِ كابوس أنجلينا، والآن مع هذا السلوك غير المفهوم، تضاعف شعورها بالقلق.
“لا شيء. لنذهب.”
علمت أنجلينا بقلق لورا عليها ، فتحركت أولاً.
كان من الواضح أن ذلكَ الكائن لا نية لديه للهجوم ، لهذا غادرت دونَ إجراء خاص.
استمتعت أنجلينا بالاستحمام في مياه الينابيع الحارة بمساعدة لورا، و عند العودة بعد الاستحمام القصير، لم يكن الكائن السحري موجودًا.
لقاء عرضي ، لا أكثر و لا أقل .
توقفت أنجلينا عن التفكير و الاهتمام به.
“واو! جئتِ في الوقت المثالي! مرحبًا، آنستي! انتهى الطبخ للتو!”
عند العودة إلى المخيم، رحبت بها هارلي بحماس. و تمكنت من تناول العشاء فورًا.
شكله يشبه اللحم العادي، لكن طعمه مختلف.
قالت هارلي إنه يشبه لحم الأرنب، لكنها لم تأكل لحم أرنب من قبل، فكيف ستعرف؟
مع امتلاء بطنها، شعرت أنجلينا بالكسل، فعادت إلى العربة و استلقت على السرير المؤقت.
‘هل سأستطيع النوم بعد نومي لوقتٍ طويل في النهار؟’
إذا لم أنـم، ماذا قد أفعل في الليل؟ هل أطلب من لورا حبوبا منومة؟
بينما تفكر في أمور تافهة، خطرت لها فكرة مفاجئة.
‘بالمناسبة، نحن في وسط غابة الظلام، هل من الطبيعي أن تكون هادئة هكذا؟’
حتى في القرية، كانت تسمع أصوات الوحوش بشكلٍ خافت، لكن هنا كان المكان هادئًا بشكلٍ غريب.
‘هل هناك سحر عزل صوتي على طريق البرج؟’
إذا كان كذلك، فالبرج أكثر دقّـة مما توقعت، في تلك اللّحظة.
دينغ-دينغ- دينغ—
رن إنذار من جانبِ العربة.
صوت يشبه جرسًا أو خدش معدن، كان إنذار كرة الاتصال المرئي لأنجلينا.
أخرجت أنجلينا كرة الاتصال من الصندوق.
آنتـي فلوبيرت
بعد التأكد من اسم المرسل، لعبت أنجلينا بالكرة التي في يدها و الحامل بجانبها لفترة.
“كيف تعمل هذه؟”
هارلي أخبرتها.
كرة الاتصال المرئي تحتاج عادةً إلى طاقة سحرية من ساحر أو قوة مقدّسة من كاهن لتعمل.
لكن بفضل الحامل المحمل بالطاقة السحرية لأنجلينا و الذي صنعته هارلي ، يمكن تشغيلها بمجرّد وضعها عليه.
المشكلة أنها لا تتذكر كيفية التثبيت.
كافحت أنجلينا لفترة.
رفعته هكذا ثم هكذا، حتى سمعت نقرة، فتثبتت الكرة في الحامل.
تدفقت طاقة الحامل إلى الكرة ثم،
بوم__
ظهرت الصورة.
-لينا!
خرجَ صوت متحمس.
“أخي.”
-لينا، لماذا أنـتِ مقلوبة؟
“همم؟ مقلوبة؟”
مع كلام آنتـي، أدارت أنجلينا الجهاز يمينًا و يسارًا. بفضل تعليمات آنتـي ، تمكنت أخيرًا من ضبط الزاوية.
“حسنًا. هل أصبحتُ مرئية بشكلٍ جيد الآن؟”
-نعم، جيد. لكن لماذا أصبح وجه لينا أنحف بنصف وجهها المعتاد؟
“ماذا تقصد؟ استحممت للتو في مياه ينابيع حارة و أكلت ثلاث حصص لحم.”
ربّما أصبح دهنيّ، لكنه ليس أنحف بكل تأكيد.
-غريب. في نظري، تبدو لينا نحيفة.
“يبدو أن كرتكَ معطلة. إنها تجعل الناس نحيفين.”
عرفت أن هذه طريقة أخيها في التعبير عن قلقه، فلم تأخذها على محمل الجد.
“أنتَ، هل أكلت العشاء؟”
-نعم لقد أكلت… لكن بدون لينا، كنت أشعر بالوحدة.
“كُـل مع السير جايكوب.”
-هو ممل جدًا. لا يتكلم كثيرًا.
تذكرت أنجلينا جايكوب الذي يجيب دائمًا بـ”نعم” أو “لا”، فأومأت متعاطفة مع آنتـي.
“السير جايكوب صلب قليلاً. لكنه يؤدي عمله جيدًا.”
ربّما لهذا يتناسب مع أخي المرح.
-صحيح.
“لكن، أخي.”
-نعم، ماذا؟
“هل جئتَ إلى غابة الظلام من قبل؟ غير ذلك الوقت الذي أنقذتني فيه.”
-…لماذا؟
“هناك شيء غريب.”
-ما الغريب؟
تحرك آنتـي في مقعده و كأنه على وشكِ القفز من مكانه.
بالطبع، لم تـرَ أنجلينا هذه الحركة لأنها تمـدّ يدها نحو النافذة.
“إنّـه هادئ بشكلٍ غريب.”
لإثبات كلامها، فتحت النافذة.
“أعرف أن طريق البرج آمن، لكن توقعت سماع أصوات وحوش قليلاً. لكنه هادئ جدًا.”
جلس آنتـي مرتاحًا قليلاً.
-بالتأكيد هارلي و لورا تؤديان عملهما بشكلٍ جيد.
“همم؟ هارلي و لورا؟”
فجأة؟
“نعم، هما تقومان بعملهما بشكلٍ جيد، أليس كذلك؟”
صحيح، لكن لماذا تحول حديث هدوء غابة الظلام فجأةً إليهما؟
مع تدفق الحديث الغريب، عبست أنجلينا بدهشة، فأضاف آنتـي:
-إنها هكذا دائمًا.
“همم؟”
-غابة الظلام هادئة دائمًا هكذا.
“…..؟”
مع تدفق الحديث المختلط، دهشت أنجلينا للحظة.
“حقًا؟ مذهل.”
لكنها قبلت ذلكَ سريعًا و استمرت في الحديث.
يبدو أن أصوات الوحوش في القرية كانت استثنائية.
“لكن، مع ذلك…”
‘سكان القرية كانوا يتصرفون كأنهم معتادون جدًا…’
في اللّحظة التي شعرت فيها بعدم التوافق، اكتشفت أنجلينا شيئًا خارج النافذة، فانقطع تفكيرها.
“آه؟”
بعيدًا هناك، جالسًا بهدوء بجانبِ جذع شجرة، كان بالتأكيد ذلك الثعلب الأسود الذي رأته سابقًا.
كان الثعلب يراقب الفرسان الذين ينظفون بعد العشاء، و عند سماع صوت فتح النافذة، حرك أذنيه الكبيرتين، ثم دار رأسه نحو العربة بسرعة.
عندما التقت نظراتهما ، بدأ يحرّك ذيله الكبير بلطف.
التعليقات لهذا الفصل " 17"