لم يكونوا يعلمون نقاط ضعفها أو خصائصها أو كيفية مواجهتها، فكان من الطبيعي أن تستغرق وقتًا أطول.
“لم أرَ شيئًا كهذا حتى في كتب الوحوش.”
كان مايسون و جميع أتباع بليك، الذين اعتادوا على تطهير الوحوش، متمرسين في هذا المجال.
لم يكن هناك في الإمبراطورية فرقة فرسان واجهت وحوشًا أكثر منهم.
لكن حتى بالنّسبة إليهم، كانت معظم الوحوش هنا غير مألوفة.
“لا يمكن أن تكون كلها طفرات.”
ليس من الغريب أن تتطوّر وحوش جديدة بسبب البيئة، لكن العدد كان كبيرًا جدًا حتى لهذا التفسير.
استمع بليك بهدوء إلى تذمّر مايسون، ثم هـزّ الدم من سيفه و أجاب باختصار:
“غابة الظلام هي فضاء الفوضى، فليس هناك ما يُعتبر غريبًا هنا.”
كانت غابة الظلام تجسيدًا للفوضى.
الأرض على حالها، و السماء على حالها.
لكن الوحوش الكثيرة كانت منشغلة بالتّحرك و التنافس في كل لحظة.
نتيجة لذلك، انقرضت العديد من الكائنات و تلاشت، و ظهرت أنواع جديدة باستمرار.
علاوةً على ذلك، بسبب الضباب الكثيف المنتشر في المنطقة، كانت التضاريس تتغيّر باستمرار.
“لكن بالتأكيد، حتى مع أخد هذا الاعتبار، الأمر مبالغ فيه بعض الشيء.”
و مع ذلك، حتى مع مراعاة هذه النقاط، كان هناك شيء مريب في الوضع.
أدخلَ بليك سيفه في غمده، و فحص الجثث بعبوس. ثم نظر إلى الاتجاه الذي جاءت منه الوحوش و المسار الذي سلكوه.
“سيّدي، يبدو أن المنطقة خالية من الوحوش الآن. هل نُعـدّ المخيّم؟”
اقترب شون، أحد أتباعه الآخرين، و سأل بليك الذي كان يتفحّص المنطقة بجديّة.
“… لا. سنتقدّم أكثر.”
“لكن سيّدي، لقد سهرنا طوال الليل بسببِ المعركة. الجميع مرهقون جدًا.”
“صحيح، سيّدي. تحرّكنا الآن قد تؤدي مواجهة وحوش أخرى إلى…”
وافق مايسون على كلام شون. لكن بليك قاطعه و سأل:
“ألا تجدان هذا الوضع غريبًا؟”
“ما الذي تقصده؟”
“هذا الوحش، و هؤلاء، وكل الوحوش التي واجهناها حتى الآن.”
أشار بليك إلى الجثث بغمد سيفه و أوضح:
“كلها أنواع مختلفة. حتى لو كانت غير مألوفة بالنّسبة لنا، من الواضح أنها ليست من نفس النوع.”
“و ما المشكلة في ذلك؟”
“هل تعتقدان أن من الطبيعي أن تتحرّك هذه الأنواع المتنوّعة بهذا التنظيم؟”
“…..”
عندما يذهبون لتطهير الوحوش، عادةً ما يستعدّون لنوع واحد فقط.
في الغالب، يعيش نوع واحد فقط من الوحوش في منطقة معيّنة. و إذا وُجدت أنواع أخرى، فهي مجرّد كائنات تتغذّى على فتات النوع المهيمن.
على عكسِ الوحوش السحريّة، كانت الوحوش مخلوقات تُحرّكها الغرائز و ليس العقل. كان من المستحيل أن تتعاون مع أنواع أخرى.
كانت منشغلة بالتنافس على الأراضي و تمزيق بعضها، فكيف يمكن أن تتحالف أو تتعاون؟
لكن الآن، كانت هذه الوحوش تهاجم بليك و أتباعه بشكلٍ جماعيّ و منسّق.
كان هذا خارجًا عن المألوف.
“ليس هذا فقط، إنّها تدفعنا إلى أقصى حدودنا، لكنّها تتأكّد من ألا نسقط.”
لم يكـن الهجوم الجماعيّ هو الشيء الوحيد. كان توقيت الهجوم و الانسحاب مذهلاً.
عندما يشعرون ببعض الراحة، كانت الوحوش تهاجم بشراسة، و عندما يصلون إلى نقطة الانهيار، كانت الهجمات تهدأ.
لكن إذا ظنّوا أن ذكاء الوحوش قد تطوّر، فهذا لم يكن صحيحًا.
طريقة هجومها العشوائيّة كالجرّافات لم تكن تُظهر تظهر أيّ ذكاء.
عندما أدرك مايسون غرابة الوضع من شرح بليك، بـدا تعبيره جادًا.
كان من السهل استنتاج الخلاصة بعد إدراك ذلك.
“يبدو أن البرج السحريّ غير سعيد بزيارتنا.”
كان البرج السحريّ، الذي يتحكّم في هذه المنطقة، الوحيد القادر على التحكّم بالوحوش بهذه الطريقة.
“على الأرجح، ينوون استنزاف قوّتنا قبل وصولنا.”
بالطبع، إذا وصلوا إلى البرج و هم مرهقون، فسيكون البرج في موقع المسيطر في أيّ مفاوضات.
“لكن، هل من الممكن ترويض الوحوش و التحكّم بها بحريّة؟ إنّها ليست وحوشًا سحريّة!”
“الخصم هو البرج السحريّ. إنّـه مكان خارج عن نطاق فهمنا.”
كان تخمينًا أن ترويض الوحوش قد يكون ممكنًا بالنّسبةِ لهم.
“هاه، لهذا قلتُ إنّنا يجب أن نستخدم طريق البرج. ما هذه المعاناة؟”
تنهّد مايسون بعمق و تذمّر.
“هل هم غاصبون لأنّنا لم نستخدم طريق البرج المعـدّ لهذا الغرض و هم ينتقمون منّا الآن؟”
كان “طريق البرج”، الذي أعـدّه البرج السحريّ، مخصّصًا لمَـنْ يرغبون بزيارته.
كان خاليًا من الوحوش و خالٍ من الضباب المُربك، ممّا يجعله المنطقة الأكثر أمانًا في غابة الظلام.
“لقد شرحتُ مرارًا أنّه سيكون من المحرج مقابلة أيّ شخصٍ آخر.”
ردّ بليك بحـدّة على شكوى مايسون، فتذمّر مايسون بشفتيه.
“نعم، نعم، أعـرف. لا يجب أن يعرف أحد أنّكَ يا سيدي تنوي مقابلة سيّد البرج.”
كانت الإمبراطورة تعتقد أن عائلة الدّوق كادنهارت قد انهارت تمامًا و أخفضت حذرها.
وجـد بليك أن هذه فرصة. بينما هي مشتتة، كان عليه إعادة جمع أتباعه السابقين و إعادة بناء أسس عائلته.
لذلك، جاء بليك للقاء سيّد البرج كجزء من بناء قوّته.
إذا نجح في إقامة تحالف مع سيّد البرج، يمكنه جذب جميع القوى المتردّدة إلى جانبه.
و الأهم، إذا حصلَ على دعم سيّد البرج، لن يضطر للتمسّك بالعلاقة الوديّة مع طائفة حاكم الشمس كما يفعل الآن.
كان سيّد البرج بالنّسبة لبليك مفتاحًا لحلّ العديد من المشكلات.
كان ضروريًا جدًا.
لذلك، رغمَ علمه بأن سيّد البرج لا يهتمّ بالسياسة ولو قليلاً، لم يستطع بليك التخلّي عن هذه الرحلة.
“حتى لو استخدمنا طريق البرج، فما احتمال مقابلتنا لأحد؟ عدد زوار البرج بالكاد يصـل إلى اثنين أو ثلاثة في السنة.”
لكن مايسون لم يتوقّف عن التذمّر.
“و علاوةً على ذلك، حتى لو تحمّلنا كل هذه المعاناة، قد لا يقابلنا سيّد البرج أصلاً!”
استمر في التحدّث لنفسه دونَ أن يردّ عليه أحد.
“يقولون إن شخصيّة سيّد البرج متقلبة و عنيفة. حسنا ، إذا كان يفعل مثل هذه الأشياء، فيبدو أنّه حقًّ يبدو كما تقول الشّائعات عنه.”
كان مايسون مستاءً أكثر لأنّ بليك مضطر للذهاب إلى هذا الحدّ بسبب الضغوط السياسيّة.
“أتساءل إن كنتُ سأرى وجهه الوسيم . كيف لا يوجد شخص واحد رأى وجهه؟ حتى سحرة البرج لا يعرفون! ههه، هل هو شخص حقيقيّ أصلاً؟”
مع استمرار تذمّر مايسون من الخلف، واصلوا خطواتهم الثقيلة.
على الرّغمِ من أنّهم بدوا و كأنّهم على وشكِ الانهيار، لم يتوقّفوا.
إذا كان هذا كلّـه من فعل البرج، فطالما دفـعَ بليك نفسه إلى أقصى حدوده، فلن تظهر الوحوش.
كان مجرّد حدس منه، لكن حدس بليك لم يخنـه أبدًا طوال حياته.
لذلك، استمر في السير إلى الأمام بينما يجـرّ جسده الثقيل كمنشفة مبللة.
كان الانهيار على الرّغمِ من وصوله إلى الحدود أمرًا اعتاد عليه بالفعل.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 15"