عند سماع هذا، لمعت عينا آنتـي الذهبيّتان ببريق مخيف.
“يا له من وغد يستحقّ القتل.”
كيف يتوجّه ذلك الوغد، الذي يُفترض أن يكون مشغولًا بتنظيف إقطاعيّته، فجأة إلى البرج السحريّ ؟ و بالأخصّ في نفس الوقت الذي تذهب فيه أخته؟
هل هذه مصادفة حقًا؟
لم يكن آنتـي يعتقد ذلك.
عندما أصبح من الواضح أنّ ذلك الرجل يحاول استغلال أخته بالكذب عليها، لم يستطع آنتـي كبح غضبه.
كانت هالته قويّة لدرجة أنّ جايكوب، الذي كان خارج الباب، انتفض.
“كيف يجرؤ…”
ارتجف جهاز الاتّصال عند همهمته. كان يتفاعل مع طاقته السحريّة الجارفة، فأصبح غير مستقرّ.
لكن عندما كبح آنتـي هالته بسرعة، عاد الجهاز إلى طبيعته.
سرعان ما ارتفع أحد طرفي فمه بابتسامة ساخرة، كما لو أنّه على وشكِ قتل أحدهم.
“بما أنّ لدينا ضيف، أليس من الأدب أن نستقبله بحفاوة؟”
كان صوته البارد يوحي بوضوح أنّ هذا الاستقبال لا يعني الترحيب الحارّ.
– سنُعـدّ كلّ شيء بأعلى مستوى.
فهـمَ الساحر في منتصف العمر الأمر على الفور و قبَلـه دون أسئلة.
– كلّ شيء سيكون حسب رغبة سيّد البرج.
مع تحيّة الوداع الخاصّة بالبرج السحريّ، انقطع الاتّصال. ساد الصمت، و ازداد الجوّ البارد في المكتب قتامة.
كانت إقطاعيّة فلوبيرت، بدون أنجلينا، كسطح جليديّ هشّ.
・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ・
وصلت العربة، التي سارت بجدّ كلّ يوم، إلى قرية قريبة من غابة الظلام دونَ مشاكل. استغرقت الرحلة، كما خُطّط لها، أسبوعًا بالضبط.
بما أنّ القرية لا تستقبل زوارًا كثيرين، جذبت العربة الأرستقراطيّة انتباه الجميع. لم يتمكّن سكان القرية من التوقّف عن إلقاء النظرات.
“يا إلهي، هذه أوّل مرّة نرى شخصًا بهذه الأهميّة…”
كان صاحب النزل ينحني بعمق لأنجلينا بينما يشعر بالتوتر وهو لا يعرف كيف يتصرّف.
“لا أعرف إن كانت الأطعمة ستناسب ذوقـكِ، لكن لم نسمع شكاوى عن طعامنا بعد. قد يبدو المكان بسيطًا، لكن الجميع يمدح راحة الأسرّة.”
كان فخورًا بنزله، لكنّه لا يسعه إلاّ أن يشعر بالحرج أمام امرأة نبيلة.
“آسفة، آنستي. هذا النزل الوحيد في القرية.”
تحدثت خادمتها، و هي تفرك رأسها بحرج، ممّا زاد من توتّر صاحب النزل.
أضافت هارلي، غير مدركة لقلقه:
” بما أنّ القليل من الأشخاص هم فقط مـنْ يزورون البرج السحريّ، فالوضع هكذا.”
كان السّحرة في البرج يستخدمون الانتقال الآنيّ، فلا داعي لعبور غابة الظلام بأنفسهم، و بما أنّ البرج نفسه يتجنّب التفاعل مع الآخرين، فنادراً ما كان هناك زوار.
علاوةً على ذلك، لم تكن هناك منتجات ثانويّة من وحوش غابة الظلام تجلب المال، لذلك نادرًا ما كان يأتي المرتزقة أو الصيّادون لاستكشافها.
كان من الطبيعيّ أن تكون مرافق استقبال الغرباء في قرية قريبة من غابة الظلام محدودة.
بـدت هارلي محبطة لاضطرارها إلى إحضار أنجلينا إلى مكانٍ متواضع.
لكن أنجلينا تحدّثت بلا مبالاة:
“إذا وفّـر النزل لي الطعام و مكانًا دافئًا للنوم، فما الذي سأريده أكثر؟”
كان السرير الثابت على الأرض سيكون أكثر راحة من عربة متأرجحة، و لم تكن أنجلينا صعبة الإرضاء بشأن الطعام.
خاصّة أنّها في طفولتها كانت تُحبس غالبًا في أماكن مظلمة و باردة بينما تتعرّض للتّجويع، لذا لم يكن هذا المكان ليسبّب لها الإزعاج.
من جهة أخرى، لم يكن صاحب النزل يعرف عن طفولتها، فبدت عليه علامات التأثّر بكلامها. قبض يديه وقال:
“سنُعـدّ كلّ ما تحتاجينه.”
“لا داعي لكلّ هذا التوتّر، أيّها المالك.”
أجابت أنجلينا ببرود، غير مبالية بردّه.
“أتمنّى فقط أن تعتني جيّدًا بعشاء الفرسان. هم من قاموا بالمسيرة. أمّا أنا، فأيّ نوع من اللحم يناسبني.”
شعرت أنّ عيون صاحب النزل المتحمّسة كانت مزعجة، فلوّحت بيدها لإبعاده و قالت بلا مبالاة.
لكن، بدلاً من ذلك، أومأ صاحب النزل بحماس أكبر، و كأنّه أصبح أكثر تصميمًا.
“نعم، سنُعـدّ كلّ شيء بأعلى مستوى!”
“….؟”
شعرت أنجلينا بالحيرة.
لماذا يبدو جادًا جدًا؟ كلّ ما قصدته هو تقديم وجبة عاديّة، فما هذا الحديث عن “أعلى مستوى”؟
“حسنًا، كما تريـد.”
لكن بما أنّـه يعني أنّ فرسان عائلتها سيحصلون على طعام لذيذ، فقد يكون ذلك جيّدًا، لذلك تجاوزت الأمر ببساطة.
توجّه صاحب النزل بحماس إلى المطبخ، وبعد أن تأكّدت هارلي من ابتعاده، تحدّثت:
“آنستي.”
“همم؟”
“أعلم أنّ قول هذا متأخّر بعض الشيء الآن…”
تردّدت ثمّ همست:
“البرج السحريّ ليس مكانًا يمكن زيارته فقط لأنّكِ تريدين ذلك.”
“نعم، أعرف. يجب المرور بثلاث بوّابات، أليس كذلك؟”
“صحيح!”
“الأولى لتوضيح غرض الزيارة، والثانية لدفع رسوم الزيارة، و الثالثة لتقييم ما إذا سيتم منح تصريح الدخول أم لا.”
“آه، تعلمين بذلك جيّدًا!”
بـدت هارلي متفاجئة، هي تتساءل كيف عرفت ذلك.
لم يكن من السهل معرفة تفاصيل البوّابات دون أن يكون لديكَ معارف بين سحرة البرج.
عادةً ما يتمّ التواصل مع البرج عبر أجهزة الاتّصال أو الطيور الرسولة، و كان نادرًا ما يأتي أحد مباشرة.
“حسنًا، أنا فقط مهتمّة.”
لم تستطع أنجلينا قول ‘رأيت ذلك في الرواية’، فأجابت بعشوائيّة.
لكن نتيجة لذلك، ذهبَ خيال هارلي إلى مكانٍ بعيد تمامًا.
“لم أكن أعرف أنّ الآنسة مهتمّة بالسحر! هل ترغبين ربّما في تعلّمـه…!”
“لا.”
أسرعت أنجلينا لتوضيح الأمر قبل أن تستمرّ هارلي في سوء الفهم:
“لست مهتمّة بالسحر، بل بكِ أنـتِ، هارلي.”
“أنا؟”
“بما أنّ إحدى مرافقاتي ساحرة، فمن السيئ أن أكون جاهلة تمامًا بالبرج أو السحر.”
كانت تتحدّث بعشوائيّة للتغطية، لكن عندما نطق بهذا العذر بها، بـدت كلماتها مقنعـة.
“آه، آنستي حقًا… ههه.”
كما توقّعت، ضحكت هارلي وهي تلفّ جسدها بخجل.
أدركت أنجلينا أنّ تبريرها العشوائيّ نجح.
“أعلم ما يقلقـكِ، لكن لا بأس. سينجح الأمر بطريقة أو بأخرى.”
غيّرت الموضوع قبل أن تفكّر هارلي أكثر، لأنّ سؤالاً مثل ‘كيف عرفتِ؟’ سيكون محرجًا.
الكـذب الناجح يجب أن ينتهي بنظافة حتّى لا يُكتشف.
“آسفة، كنت أتمنّى لو كنتُ أكثر فائدة.”
لم تكن هارلي تعرف هدف أنجلينا، أخفضت كتفيها و هي تهمس.
“عندما سمعت أنّكِ ستذهبين إلى البرج، تواصلت مع أصدقائي. لكنّهم قالوا إنّهم لا يستطيعون مساعدتي بشأن البوّابات.”
“هذا متوقّع. هذه هي القوانين.”
“لكن لا يجب أن تذهبي عبثًا…”
“لا بأس.”
حوّلت أنجلينا نظرها إلى طبق اللحم البقريّ الذي وُضع للتوّ، و تحدّثت ببساطة:
في الحقيقة، تقسيم البوّابات كان مجرّد خدعة. في النهاية، دخول البرج يعتمد على إرادة سيّد البرج.
كان هذا هو السبب الرئيسيّ لعدم قدوم الناس مثل أنجلينا بشكلٍ عشوائيّ.
حتّى لو جاء أحدهم للقاء ساحر يعرفه، لن يُسمح له بالدخول دون إذن سيّد البرج.
“لكن…”
عند رؤية هارلي التي لم تستطع التخلّص من تعبيرها المتجهّم رغم معرفتها بذلك، ربّتت أنجلينا على رأسها بسرعة:
“إذا لم ينجح الأمر، سأعتبرها نزهة. لقد مـرّ وقت منذُ أكلتُ لحم بقريّ مقليّ مع الفلفل، إنّه لذيذ.”
لم تظهر أيّ تعلّق في مظهر أنجلينا وهي تأكل قطعة لحم.
تنفّست هارلي الصعداء، مطمئنّة بذلك، لكن عيون لورا، التي كانت تقـف على بُعد خطوات، أظلمت.
كان موقف أنجلينا المتمثّل في ‘إذا لم ينجح الأمر، فلا بأس به ‘ يبدو للآخرين و كأنّه مليء بالهدوء و التسامح.
لكن لورا عرفت الحقيقة المخفيّة وراء ذلك. كانت هذه الطباع نتيجة خلفيّة نشأتها.
في طفولتها، لم يُسمح لها بأن ترغب في شيء أو تطالب به.
لأنّها تعلّمت الاستسلام مبكرًا جدًا، أصبحت شخصًا يستسلم بدلاً من التمسّك بالرغبات أو العناد.
‘لماذا هي ذاهبة إلى البرج السحريّ؟’
ما الذي يمكن أن يكون مهمًا لدرجة تجعلها تدخل غابة الظلام بنفسها؟
مكان قد يثير صدمتها أو يسبّب لها كوابيس.
‘هل هي حقًا بخير؟’
رغمَ خدمتها لفترةٍ طويلة، كانت لا تزال تجد صعوبة في قراءة تعابير أنجلينا أحيانًا. كانت بارعة جدًا في إخفاء مشاعرها.
أو بالأحرى، كانت بارعة في قتل مشاعرها.
كبحت لورا تنهيدة كادت أن تخرج، و تأكّدت من الخنجر في كمّهـا.
مهما كان الأمر، كلّ ما تستطيع فعله هو حماية الآنسة بكلّ جهدها، ليس فقط الحرص على سلامتها، بل على قلبها أيضًا.
“آنستي، هل تريدين ماءً دافئًا إضافيًا؟”
“الماء الدافئ رائع.”
دونَ أن تعرف عزم لورا، استمتعت أنجلينا بعشائها بهدوء.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 13"