قائمة الأمنيات (4)

 

ساعد سيّد البرج آنتـي فلوبيرت لأنّه كان يستهدف البطلة، القدّيسة طائفة حاكم الشمس، و حاول دفع الإمبراطوريّة نحو الدمار لأنّها كانت تتبع تعاليم هذا المعبد بشكلٍ متطرّف.  

 

‘حتّى لو كانت الرواية غير دقيقة في التفاصيل، أليس من المبالغة أن تُختصر في سطر واحد؟’  

 

حقًّا، هذه هي معاناة شخصيّات الثانوية.  

 

شعرت أنجلينا فجأة بانتماء غريب إليه، ثمّ تحدّثت:  

 

“هارلي ستأتي معي، والبرج السحريّ يتحكّم جيّدًا بغابة الظلام، أليس كذلك؟”  

 

أكّـدت أنجلينا عزمها بحزم.  

 

‘يجب أن أجذبه إلى صفّنا مهما حدث.’ 

 

مهما كان الثمن، يجب عليها أن تجعل سيّد البرج يبقى إلى جانبِ أخيها.  

 

‘يجب أن أشرح له مبكرًا. أنّ البطلة استُغلّت من قبل الطائفة، و أنّ البطل ساعدها لتحريرها من الطائفة.’  

 

أوّلاً، يجب أن تجعله يفهم طيبة البطلين.  

 

‘أنا و أخي نكره طائفة حاكم الشمس أيضًا، لذا يجب أن نتّحد جميعًا لإسقاطهم.’  

 

كان عليها أن تجعله حليفًا.  

 

هدف أنجلينا النهائيّ هو منع أخيها من أن يصبح الشرير الخفيّ، و منعـه من أن يصبح عدوًّا للبطلين.  

 

إذا نجحت في تحسين العلاقة بين أخيها و البطلين، لكن سيّد البرج أساء فهم البطلة و دمّر كلّ شيء، فسيكون كلّ جهدها عبثًا.  

 

لذلك، أخفـت أنجلينا نواياها الحقيقيّة و تحدّثت، راسمةً ابتسامة يحبّها آنتـي:  

 

“أنا أثـق بفرسان عائلتنا.”  

 

“…..”  

 

لكن، رغمَ ذلك، لم يختفِ التعبير المتردّد من وجه آنتـي.  

 

ساد الصمت في غرفة الطعام لفترة. ثمّ كسر آنتـي هذا الصمت:  

 

“هاه… حسنًا.”  

 

لم يكن لديه أيّ وسيلة للتغلّب على أخته.  

 

“لكن خذي معـكِ فرقة الفرسان الأولى.”  

 

“أخي، فرقة الفرسان الأولى…!”  

 

كانت فرقة الفرسان الأولى، المكلّفة بحماية الماركيز آنتـي، تضمّ أفرادًا يضاهون في مهارتهم فرسان الإمبراطور المباشرين.  

 

حاولت أنجلينا الاحتجاج، متسائلة عن ضرورة كلّ هذا، لكنّها ابتلعت اعتراضها أمام تعبير أخيها الحازم.  

 

“حسنًا. سأذهب و أعود بسرعة.”

  

كانت تعلم أنّ أخاها لن يسمح لها بالذهاب إذا لم تقبل.  

 

･ ｡ﾟ✧: *. ꕥ .* :✧ﾟ. ･  

 

بعد أيّام، ندمت أنجلينا على أنّها لم تسأل جيّدًا عمّا يعنيه “أخذ فرقة الفرسان الأولى”.  

 

“آنستي، كيف تجدينها؟”  

 

سألت هارلي بوجه متحمّس، لكن أنجلينا نظرت بعيون غائمة إلى المكان الذي أشارت إليه.  

 

عربة لامعة برّاقة. و فرسان مسلّحون بالكامل كما لو كانوا ذاهبين إلى الحرب.  

 

‘هل أخطأتُ بقولي إنّني سأذهب…؟’  

 

يبدو أنّ أخاها وافقَ على ذهابها إلى البرج السحريّ، لكنّه لم يستطع التخلّي عن حمايته المفرطة لها.  

 

كانت العربة، التي تضاهي عربات الأسرة الإمبراطوريّة في فخامتها، مزوّدة بالعديد من أجهزة الحماية.  

 

أضافت هارلي طبقات من تعويذات الدرع، فكانت العربة تُصدر هالة مخيفة.  

 

‘يمكن أخذها إلى ساحة المعركة.’  

 

بـدت و كأنّها لن تتزعزع حتّى لو هاجمها عشرات الفرسان.  

 

“هاه.”  

 

كانت تعرف مدى حبّ أخيها لها، لكنّ كلامها عن عبور غابة الظلام كان خطأً.  

 

‘حسنًا، لنفكّر بإيجابيّة.’  

 

ألا يمكن اعتبار هذا جزءًا من إنفاق المال ببذخ؟ 

 

نعم، إنّني ألتزم بقائمة أمنياتي.  

 

هذا هو الأمر.  

 

“آنستي؟”  

 

“رائع. هارلي مذهلة كالعادة.”  

 

بعد أن انتهت من محاولة إقناع نفسها، مدّت أنجلينا يدها و مسحت على رأس هارلي كما لو أنّها لم تتنهّد من قبل، فضحكت هارلي بسعادة.  

 

لكن هذه اللحظة الهادئة قُطعت بظهور آنتـي من القصر.  

 

“… هل يجب عليكِ أن تذهبي حقًّا؟” 

 

“سأعود بسرعة.”  

 

“يمكنني إيصال ما تريدين قوله إلى سيّد البرج.”  

 

تحدّث آنتـي و كأنّه يتوسّل.  

 

لكن أنجلينا هـزّت رأسها.  

 

كانت تعلم أنّه رغمَ قدرته على إيصال رسالتها، فإنّ ذلكَ سيكون صعبًا عمليًّا.  

 

كان سيّد البرج يحافظ على الحياد الخارجيّ و يرفض الجميع، ممّا يجعل التواصل معه أمرًا شبه مستحيل.  

 

‘حتّى لو ذهبت بنفسي، ليس مضمونًا أنّه سيقابلني…’  

 

لكن أنجلينا كانت واثقة.  

 

‘حتّى سيّـد البرج لن يستطيع رفض عرضي.’  

 

كانت لديها ورقة رابحة يمكنها استخدامها بفضل معرفتها بالرواية.  

 

حتّى لو لم تستطع جذبه تمامًا إلى صفّها، كانت واثقة من قدرتها على زعزعته.  

 

“لا بأس. و بصراحة، أردتُ أن أتنفّس بعض الهواء النقيّ.”  

 

“إذا كان الأمر كذلك، أخبريني. يمكنني اصطحابكِ إلى البحر أو الجبل.”  

 

“أعرف أنّـك مشغول جدًّا.”  

 

“هل هناك شيء أهمّ منـكِ؟”

  

“….”

 

كان واضحًا أنّه لا يريد منها الذهاب، فبدأ يتذمّر مثل كلب مبتلّ تحت المطر.  

 

جعلها هذا المنظر أكثر تصميمًا.  

 

‘لا يمكنني تركـه وحيدًا.’  

 

كان عليها منع هذا الأخ الطيّب المثير للشفقة من أن يصبح الشرير الخفيّ مهما كلّـف الأمر.  

 

“أخي، أنـتَ تعرف أنّه لا يوجد شيء أهمّ منـكَ بالنّسبة إليّ، أليس كذلك؟”  

 

تذكّرت نهاية أخيها في الرواية، فشعرت بالضيق و عانقته من خصره. 

 

“لا تمـرض.”  

 

لا تعـانِ بصمت.  

 

لا تحـزن لوحدكَ.  

 

سأجـد لكَ أصدقاء لتتمكّن من الصّمود.  

 

لذا ، لا تبـكِ لوحدكَ.  

 

“لينا…” 

 

سمعت أنجلينا صوته المرتجف و عانقته بقوّة. كان صوت قلبه عند أذنها مريحًا.  

 

مثل ذلك اليوم في طفولتها.  

 

صوت القلب الذي أنقذها في تلك اللحظة المروّعة لا يزال يريح قلبها بعد سنوات.  

 

“سأعود قريبًا.”  

 

لذا.  

 

لمنع توقّف هذا القلب، سأنقذكَ هذه المرّة.  

 

حفرت أنجلينا هذا العزم في قلبها وصعدت إلى العربة.  

 

سرعان ما بدأ الموكب المهيب بالتحرّك، ولم يرفع آنتـي عينيه عنهم حتّى غادروا إقطاعيّة فلوبيرت تمامًا.  

 

وعندما اختفوا من الأنظار، برَدَت نظرته فجأة.

  

لم يعد هناك أثر للنظرات البريئة والقلقة التي كانت تظهر أمام أنجلينا.  

 

ثمّ، عند سماع صوت صرير أسنانه، ارتجف كتف مساعده جايكوب، الذي كان ينتظر خلفه.  

 

رغمَ خدمته لآنتـي لفترة طويلة، كان من الصعب على جايكوب التعامل مع غضبه غير المبرّر.  

 

لكن هذه المرّة، لحسن الحظ، تمكّن من معرفة سبب الغضب من الاسم الذي خرج من بين أسنان آنتـي: 

 

“…بليك كادنهارت.”  

 

ما الذي زرعه ذلكَ الوغد المتوحّش الملطّخ بدماء الوحوش في أذن أخته؟ 

 

ما هذا الهراء الذي قاله ليجعل أخته تقرّر الذهاب إلى غابة الظلام بنفسها؟  

 

طفلة لا تزال تعاني من كوابيس بسبب صدمة عميقة، حتّى مع محاولات محو ذكرياتها.  

 

‘ختم أرتواس.’  

 

لم يستطع آنتـي تبديد شكوكه عندما رأى أخته تأخذ السيف معها، مدّعية أنّ زيارتها لسيّد البرج لا علاقة لها بالختم.  

 

عندما طلبت منه المال لأوّل مرّة، شعرَ بسعادة غامرة. كان مستعدًّا لشراء العالم لها إذا أرادت.  

 

لكن كلّ ما فعلته هو الاعتناء بأتباعها و إقطاعيّتها.  

 

كانت أوّل طلب لها هو لصالح الآخرين، فكان ذلك محبّبًا و محزنًا في الوقت ذاته.  

 

لكن بفضلها، ازدهر السوق قليلاً، ويبدو أنّها كانت سعيدة، فلم يكن الأمر سيئًا. لولا ظهور ذلكَ الدّوق الوغد في ذلك اليوم.  

 

عندما سمع آنتـي تقرير لورا، شعر وكأنّ دمه يغلي. 

 

أدرك أنّ ذلكَ الوغد حاول استغلال أخته.  

 

بدت أنجلينا ذكيّة في التعامل معه، لكن مجرّد محاولته استغلال قلب أخته الطيّب كان كافيًا لإثارة غضب آنتـي.  

 

عندما فكّر فيه، تذكّر آنتـي الأوغاد الآخرين الذين أثاروا غضبه ذلك اليوم.  

 

“جايكوب.” 

 

“نعم، سيدي.”  

 

“بخصوص الأمر الذي تحدّثت عنه سابقًا.”  

 

سأل و هو يتّجه إلى مكتبه.  

 

لم تكن المهام التي كلّـف بها جايكوب قليلة، لكن جايكوب عرف على الفور أيّ مهمة يقصد.  

 

كانت هذه الحـدّة هي سرّ بقائه إلى جانب آنتـي لفترةٍ طويلة.  

 

“إذا كنتَ تقصد عصابة العقرب الأسود، فقد تـمّ التعامل مع زعيمهم و كبارهم، لكن بعض الأتباع هربوا بعد أن تفرّقوا.”  

 

كانوا هم مَـنْ أزعجوا خروج أنجلينا و تسبّبوا في مواجهتها مع كادنهارت.  

 

بل و تجرّأوا على الوقوف في وجه أخته بوقاحة.

  

بالطبع، كان عليهم دفع الثمن.  

 

“الظلال يطاردونهم الآن، وسيتمّ التعامل معهم خلال يومين.”  

 

تفكّكت إحدى عصابات العالم السفليّ خلال أيّام بسبب إزعاجهم لأنجلينا.  

 

كانت هذه أخبارًا سارّة وسط الضيق، فخفّت حدّة قتامة آنتـي قليلاً.  

 

في تلك اللحظة، رنّ جهاز الاتّصال على المكتب بصوت طنين.  

 

لذا، على غير عادته، أغلق جايكوب الباب دون أن يدخل.  

 

دخل آنتـي الغرفة بمفرده، وأشار بأصابعه بحركة خفيفة، فأغلق الباب و أُسدلت الستائر.  

 

في الفضاء المغلق، ضخّ آنتـي طاقته السحريّة في جهاز الاتّصال. 

 

– تقرير إلى سيّـد البرج.  

 

لم تظهر صورة. كان الصوت المتدفّق صوت رجل في منتصف العمر.  

 

“تكلّم.”  

 

بعد الإذن، واصل الرجل:  

 

– تـمّ تأكيد دخول الدّوق كادنهارت مع أقرب معاونيه إلى غابة الظلام. من المتوقّع أن يعبر الغابة دون استخدام طريق البرج.