عندما عاد وليّ العهد آيدن إلى القصر، خلع باروكة الشعر المستعار التي كان يرتديها بعنف و رماها جانبًا أثناء حديثه. ظهرَ شعره الأحمر الناريّ من تحت الباروكة البنيّة.
“مليار؟!”
بسبب ما حدثَ في المزاد للتوّ، شعر بالضيق و شرب الماء بنهم.
شعر وكأنّ الحرارة التي ارتفعت في جسده تهدأ قليلاً مع تدفّق الماء البارد في حلقه.
“لا بدّ أنّها كانت تعلم أنّه كنز عائلة دوق كادنهارت. و إلاّ، مَـنْ ينفق مليارًا على سيف واحد؟”
نظرَ إلى مساعده بعيونٍ تطالبه بالتفسير، فبـدا على وجه دومينيك تعبير محرج.
“لم نتمكّن من معرفة شيء عن المرأة في الشرفة رقم 1. دار مزادات فلوبيرت معروفة بحرصها الشديد على سريّة المعلومات الشخصيّة.”
كان يقول بطريقةٍ غير مباشرة إنّه لا يعرف ما إذا كانت تلكَ المرأة تعلم عن السيف شيئًا.
تنهّد آيدن و كأنّه توقّع هذه الإجابة غير المفيدة، ثمّ أدار وجهه بعيدًا.
“لا يمكنني الكشف عن هويّتي أيضًا.”
لو كشفَ أنّه وليّ العهد و طالب بمعلومات، ربّما كانوا سيخبرونه. لكنّ ذلكَ سيفضح زيارته للمزاد.
كان خروجه هذا سريًا و لم يُبلغ عنه الإمبراطورة، لذا لم يكن بإمكانه فعل ذلك.
“ها، لو كان ذلكَ السيف بيدي، لكنتُ تمكّنتُ من السيطرة عليه بقوّة.”
قالت والدته الإمبراطورة إنّه لا داعي للقلق بشأن عائلة دوق كادنهارت المنهارة، لكن آيدن كان لا يزال يشعر بالقلق من بليك.
كان ذلكَ الرجل العنيد سيُعيد إحياء عائلة الدوق بلا شكّ.
رغمَ أنّه يكره الاعتراف بذلك، فقد نشأ و هو يُقارَن ببليك طوال حياته، لذلك فهو يعرف جيّدًا مدى تفوّقـه.
لذلك، عندما سمعَ أنّ “أرتواس” وصلَ إلى إحدى دور المزادات، اعتبر آيدن تلك فرصة من أجله.
كان بمثابة ورقة رابحة لمنع بليك من تهديد مكانته.
لكن تلكَ المرأة المجهولة دمّرت كلّ شيء.
“لم نـرَ وجهها، لكن يبدو أنّها لم تكن ترتدي باروكة. لذا، أليس من المحتمل أن تكون أخت الماركيز فلوبيرت ، خاصّة مع ذلكَ الشعر الفضيّ؟”
كان آنتـي فلوبيرت ، الوسيم ذو الشعر الفضيّ، يجذب الكثير من الانتباه.
وبما أنّ المزاد كان مملوكًا للماركيز فلوبيرت ، كان من الطبيعيّ أن يفكّر دومينيك بأخت الماركيز أوّلاً.
لكن آيدن هـزّ رأسـه.
“هل نسيتَ كم أنّ آنتـي فلوبيرت ماكرٌ مثل الأفعى؟”
عبسَ آيدن وهو يفكّر بآنتـي، و أظهر تعبيرًا لا يتناسب مع وجهه الأنيق.
كانت والدته الإمبراطورة تعتقد أنّها تسيطر تمامًا على الماركيز فلوبيرت ، لكن آيدن كان له رأي آخر.
كان ذلكَ الرّجل المخادع بالتأكيد يُخطّط لشيء ما في الخفاء.
لذلك، زرع آيدن جواسيسه في أنحاء إقطاعيّة فلوبيرت.
لكن بسببِ حـدّة ملاحظة الماركيز، كان الجواسيس الذين يُرسلون إلى داخل عائلته يُطردون خلال أسبوع، لذا زرعهم في أماكن أخرى تدريجيًّا.
كانت دار المزادات إحدى هذه الأماكن، وهكذا وصلته أخبار كنز كادنهارت.
“لو كان الماركيز يعلم أنّ كنز عائلة كادنهارت معروض في المزاد، لكان قد أخرجه سرًّا وحاول التفاوض معي أو مع والدتي. هل تعتقد أنّه غبيّ لدرجة أن ينفق المال بهذا الشكل و يشارك في المزاد بنفسه؟”
إنّه رجل لا يقبل الخسارة أبدًا.
“لا، لكن…”
توقّف آيدن للحظة و هو غارق في التفكير، ثمّ تكلّم بعيون ضيّقة:
“الماركيز نفسه لن يفعل شيئًا كهذا، لكن إذا كانت تلكَ التي ظهرت في المزاد هي أختـه…”
فقد تكون القصّـة مختلفة.
“لا يوجد ضمان أنّ الأخوين يفكّران بنفس الطريقة، أليس كذلك؟”
حتّى هو ووالدته، رغمَ صلتهما، كانا يختلفان في أمور كثيرة. فلمَ لا يكون الأمر نفسه بين الأخوين؟
“من الصعب أن يوجد شخصان في العالم غامضان مثل آنتـي فلوبيرت.”
أومأ دومينيك موافقًا.
حتّى دومينيك، الذي تعامل مع العديد من الأشخاص المجانين في العالم، لم يكن يحبّ التعامل مع آنتـي فلوبيرت .
كان رجلاً غريب الأطوار لا يمكن توقّع تصرّفاته.
“كم عمر أخته؟”
“أعتقد أنّها أصبحت بالغة قبل أيّام.”
“آه، صحيح، هكذا كان الأمر.”
حتّى آيدن، وليّ العهد، سمع بأخبار إلغاء حفل كبير كانت عائلة فلوبيرت تستعدّ له.
ارتفعت زاوية فم آيدن قليلاً.
“إذن، حان الوقت لها لتضع أفكارها الخاصّة موضع التنفيذ.”
مسحَ ذقنه باهتمام، ثمّ أضاف:
“أتمنّى لو كانت امرأة يسهل التفاهم معها أكثر من ذلكَ الرجل الماكر.”
“هل أحاول التواصل معها؟”
أدرك دومينيك ما يفكّر فيه آيدن و سأل. لكن آيدن هـزّ رأسه.
“إذا تواصلنا معها بشكلٍ مباشر، سيتحرّك ماركيز فلوبيرت.”
كان معروفًا في الأوساط الاجتماعيّة أنّ الماركيز فلوبيرت يحمي أخته بشكلٍ مفرط.
بسبب وسامة الماركيز، افترض الكثيرون أنّ أخته ستكون جميلة، لكن لم يـرَ أحد حتّى خصلة من شعرها بوضوح.
“ضع أحدهم لمراقبتها أوّلاً.”
ارتجف كتف دومينيك عند سماع أمر آيدن.
كان من الصعب زرع جاسوس حتّى في إسطبل عائلة فلوبيرت بسبب حدّة ملاحظة آنتـي و حساسيّته، فكيف سيكون الأمر مع أخته التي يحميها؟
لكنّه لا يمكنه رفض المهمة، فأومأ برأسه أوّلاً.
ابتسم آيدن ابتسامة خفيفة و أضاف:
“إذا كانت قد أصبحت بالغة للتوّ و لم تختبر الحياة الاجتماعيّة بسبب أخيها… فمن المحتمل أنّها لم تختبر الحبّ أيضًا، أليس كذلك؟”
أدرك دومينيك ما يفكّر فيه آيدن وابتسم بطريقة مشابهة.
“هل نساعدها على اكتشاف مشاعر جديدة؟”
ضحكَ دومينيك بصوتٍ عالٍ أمام ابتسامة وليّ العهد الواثقة. كانت ابتسامته المفعمة بالثقة رائعة.
“لا يوجد شيء رائع مثل الحبّ.”
“ربّما أحصل على ورقة رابحة لتحريك الماركيز فلوبيرت ، بالإضافة إلى كنز يمكنه زعزعة بليك.”
“مبارك لك مقدمًا.”
“إذن، هل تتناول كأسًا؟”
“إنّه شرف لي.”
رفع وليّ العهد، الواثق من أنّه لا توجد امرأة تقاوم سحره، كأسه فرحًا كما لو أنّه انتصر بالفعل.
・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ・
“الحبّ؟ مرفوض.”
شطبت أنجلينا بخطوط متكرّرة على كلمة [الحبّ؟] التي كتبتها للتوّ.
‘سأموت بعد عامين، فأيّ حبّ هذا؟’
ربّما لو كان حبًّا متوهّجًا كحبّ ليلة صيفيّة، لكان الأمر مختلفًا.
لكن بدء علاقة مع العلم بنهايتها سيكون إهانة للطرف الآخر.
لم يكن ‘الحبّ المتوهّج’ يناسب طباع أنجلينا، ولم تكن لديها رغبة كبيرة في الحبّ على أيّ حال.
‘لا يوجد رجل أوسم من أخي، لذا يمكنني الاكتفاء بإمتاع عينيّ بالنّظر بأخي.’
إذا أرادت يومًا مشاهدة مسرحيّة أو تناول العشاء مع شخص ما، يمكنها طلب ذلك من أخيها.
أليس شقيقها الطيّـب سيبتسم بسعادة و يلغي كلّ مواعيده فورًا إذا طلبت منه؟
بالطبع، هذا هو السبب الذي يجعلها تتردّد في طلب أيّ شيء.
نظرت أنجلينا إلى الكلمات المكتوبة في دفترها وهي تسند ذقنها.
بجانب [بليك كادنهارت]، كُتبت كلمات مثل [الكنز]، [السيف]، [قائمة الخونة] بحروف دائريّة لطيفة.
كانت هذه انعكاسات لهمومها المرتبطة بالرواية الأصليّة.
لكن عندما قلّبت الصفحة، ظهر محتوى مختلف تمامًا.
[قائمة الأمنيات]
كانت هذه القائمة التي بدأت تكتبها بعد أن أدركت أنّ عمرها محدود.
لكن الصفحة التي كان يُفترض أن تكون مليئة بالرغبات والتعلّق بالحياة كانت شبه فارغة.
1. إنفاق المال ببذخ.
كان هذا هو السطر الوحيد.
“هاه.”
تنهّدت أنجلينا باختصار، ثمّ ظهر صاحب المقهى من الدرج.
وضع كوب شاي حلو على طاولتها وابتسم.
“لم أطلب هذا.”
“هذه خدمة من متجرنا.”
“همم؟”
نظرت إليه أنجلينا بنظرة شـكّ ، فأضاف موضحًا:
“كما أمرتِ، قدّمنا شايًا لجميع الزبائن في الأسفل. لقد كانوا سعداء، لذا هذا تعبير عن امتنان موظّفينا.”
ردّت أنجلينا ببرود:
“لا أذكر أنّني أمرتُ بشيء كهذا.”
ابتسمَ صاحب المقهى بابتسامة أعمق و قال:
“بالطبع. لقد أنفقنا ‘البقشيش’ كما أردتِ، هذا كلّ شيء.”
‘هذا أكثر من كافٍ لتغطية تكلفة استئجار الطابق الثالث.’
‘ما تبقّى هو بقشيش.’
‘حتّى لو كان بقشيشًا أليس كثيرًا…’
كان هذا الحوار الذي دار بين أنجلينا وصاحب المقهى عندما دخلت المكان.
كجزء من رغبتها في إنفاق المال ببذخ، أرادت أن تلعب دور الغنيّة التي تُعطي بقشيشًا سخيًّا.
لكنّ رفض صاحب المقهى المتكرّر أفسد متعتها، فأضافت بنبرةٍ ساخطة:
‘إذا لم ترغب في أخذه، فقدّم شايًا للناس هنا على حسابي.’
قالت إنّه بقشيش، لكنّها أضافت أنّه إذا لم يأخذه، فعليه إنفاقه، ظنًّا منها أنّ استعادتها للمال سيكون أمرًا سخيفًا، ثمّ هربت إلى الطابق الثالث.
لكنّها لم تتوقّع أن ينفّذ تعليماتها فعلاً.
“… حسنًا، أحسنتَ.”
إذا كان الجميع سعداء بالشاي، فهذا يكفي. كان من المؤسف أنّها لم ترَ ردود أفعالهم بنفسها.
ابتسمَ صاحب المقهى بسعادة و عاد من حيث أتى.
نظرت أنجلينا إلى ظهره بتعبير ذهول، متسائلة كيف يمكن لشخص أن ينفق مبلغًا كبيرًا من البقشيش و يبدو سعيدًا؟
لكنّها سرعان ما فقدت اهتمامها بالأمر. لم يكن مفهوم الآخرين عن المال يهمّها.
ما كان مهمًّا هو [قائمة الأمنيات] هذه.
نقرت أنجلينا بقلمها على الصفحة، مكوّنة نقطة سوداء.
راقبت النقطة وهي تكبر مع امتصاص الحبر، ثمّ خطرت لها فكرة:
‘الشرير الخفيّ.’
لماذا، بحقّ السماء، يُعتبر أخوها الشرير الخفيّ؟
ما السبب وراء كتابتها لهذه القائمة؟
بالطّبع ، لأنّها ستُموت قريبًا.
و كيف علمت أنّها ستُموت؟
لأنّها تذكّرت محتوى الرواية.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 10"