“من إيجابيات تجسدي كشخصية في رواية، هو أنني أستطيع التنبؤ، إلى حد ما، بما سيحدث في المستقبل. مع ذلك، حتى هذه لم تكن ميزة كبيرة بالنسبة لي. منذ البداية، كنتُ شخصية إضافية لم تحصل حتى على سطر واحد في القصة. لقد كان لدي بعض المعلومات التي يمكن أن تساعد في أعمال والدي، ولكن حتى ذلك أصبح بلا فائدة عندما توفي والدي. ولم يكن لدي أي سبب للكفاح من أجل تغيير المستقبل. ولدتُ الابنة الوحيدة لعائلة كونت،ونشأتُ وأنا أتلقى كل حب والدي. مع أننا لم نكن أثرياء بما يكفي للإسراف، إلّا أنني عشتُ حياة مريحة بما يكفي لتصميم فستان جديد للحفل السنوي ولتعلّم ما أريد. بسبب ذكرياتي من حياتي السابقة، كان إنفاق المال على تعلّم شيء دون موهبة يبدو ترفًا، لذلك تخليتُ عن كل شيء مبكرًا. حتى وفاة والدي، كنتُ شابة محظوظة. بعد أن تأقلمتُ بسلاسة مع المجتمع النبيل انغمستُ في الإعجاب بشخصيات الرواية الأصلية الرئيسية بهدوء. ومن بين هؤلاء، كان مُفضّلي هو البطل الفرعي، إيان كيڤل. لقد كان رجلاً مخلصًا أحب البطلة الرئيسية بشدة لكنه لم يستطع التعبير عن مشاعره بالكامل واحترم اختياراتها. في الواقع، لدي حالة تسمى متلازمة البطل الفرعي، حيث أُفتن بالرجل الفرعي في الروايات الرومانسية، الرجل الذي يلفت انتباهي هو البطل الفرعي في أغلب الأحيان. كان إيان كيڤل الرجل الذي حطَّم قلبي أكثر من أي شخص آخر. عندما هربت البطلة الرئيسية، سيليا، وهي حامل بطفل الأمير، قام بحمايتها، بل وحاول تسجيل طفلها باسمه. لطالما انتظرتُ ظهوري الأول في المجتمع النبيل، أردتُ أن أرى شكل إيان كيڤل بأم عيني. لم يكن هناك سبب آخر. بعد ظهوري الأول، حضرتُ كل حفلة قد يحضرها الدوق الأكبر کیڤل، معجبةً به سرًا من بعيد. أساء جميع أصدقائي ووالدي فهمي، ظانين أنني معجبة بإيان كيڤل، لكن لم يكن هناك سبيل لشرح أن إعجابي به كان مجرد تفضيل لشخصية وليس مشاعر رومانسية، لذلك تركتُ الأمر كما هو. ثم توفي والدي، وأرسلت لي الخاطبة السيدة بلانش عرض زواج من حماتي التي أشفقت على حالتي كان ذلك بعد انتهاء الرواية الأصلية. قصة يجهلها القراء. أدرك إيان كيڤل أن حُبّه غير المتبادل للإمبراطورة سيليا سيجلب لها العار، فقبل اقتراح والدته وتزوج أي امرأة. تلك المرأة كانت أنا. كانت صفقة رابحة للطرفين، حيث استطاع إيان كيڤل التظاهر بالتخلي عن مشاعره بينما استطعتِ استخدام أموال عائلة كيڤل لرعاية والدتي. لكن مع مرور الوقت بدأ الناس يشفقون عليّ. بعد ثلاث سنوات من الزواج، ودون أي خبر عن الحمل، انتشرت شائعات بأن إيان كيڤل أحبَّ الإمبراطورة حبًا شديدًا لدرجة أنه تجاهل زوجته، أنا. لم أمانع أن أتعرض للسخرية. ولكن والدتي أُصيبت بالاكتئاب بسبب ذلك! قرّرتُ تسوية الأمور مع إيان كيڤل هذه المرة.”
حالما غادرت أوليفيا منزل والدتها توجهت مباشرة إلى مبنى رئيس الوزراء. اليوم، كانت تنوي وضع حد للشائعات المروعة حول انفصالهما، بخطئ حازمة وصلت إلى باب المكتب وأخذت نفسًا عميقًا.
“هل يمكنني رؤية الدوق الأكبر؟”
“بالتأكيد يا صاحبة السمو. هل أدخل وأخبره أنكِ هنا؟”
“انتظر، لستُ مستعدةً بعد.”
توقف فيليب المساعد الرئيسي، الذي كان يبتسم لها بلطف، في مكانه عندما كان على وشك فتح الباب.
أخذت أوليفيا نفسًا عميقًا. مرة مرتين ثلاث أربع مرات، واصلت أخذ أنفاسها العميقة، ونظر إليها فيليب بشفقة.
“أو إذا كنتِ تُفضلين الانتظار في غرفة الاستقبال، يمكنني إحضار سمو الدوق الأكبر إليكِ.”
“لا، لا بأس. لابد أنكَ مشغول، لذا يمكنكَ الذهاب. بالمناسبة، هل الدوق الأكبر مشغول الآن؟”
“لا، على الإطلاق. استيقظ عند الفجر وأنهى جميع أعماله في الصباح.”
“حقًا؟”
فكرت أوليفيا: “كان خبرًا سارًا. في كل مرة كنتُ أزور فيها مبنى رئيس الوزراء، كان يرفض طلبي دائمًا لأنه مشغول.”
أخذت أوليفيا نفسًا عميقًا آخر. مهما أخذت من أنفاس عميقة، لم تستطع تهدئة أعصابها. أغمضت عينيها بإحكام وطرقت الباب.
نادى فيليب.
“صاحب السمو. سيدتي هنا.”
ثم فُتح الباب ببساطة.
“من فضلك ادخلي يا صاحبة السمو.”
فتح لها فيليب الباب.
دخلت على مضض. رأت إيان كيڤل، زوجها، متكئًا على الأريكة، ثم جلس. بدا وكأنه نام وهو يقرأ كتابًا.
تحدّث إيان بصوت خافت ناعس كصوت شخص استيقظ لتوه.
“لم أقل أنكَ تستطيع فتح الباب.”
تمتمت أوليفيا في نفسها: “لماذا عليكَ أن تكون مثيرًا لهذه الدرجة في هذه الحالة الحساسة؟ بقميصه المفتوح قليلًا، وشعره الأشعث، وصوته العميق، بدا كعارض أزياء في جلسة تصوير. نعم، لقد أُسعدت عيناي تمامًا.”
“متى انتظرتُ إذنًا للدخول؟ تفضلي يا صاحبة السمو اجلسي من فضلك سأحضر بعض الشاي.”
“نعم، شكرًا لكَ.”
فكرت أوليفيا: “أُقدّر جهود فيليب لمساعدتي، لكنها أحيانًا يبدو الأمر مرهقًا بعض الشيء.”
مع ذلك، ابتسمت أوليفيا له بامتنان قبل أن تُدير وجهها نحو إيان. بغضّ النظر عن المدة التي انتظرتها، لم يقل كلمة واحدة عن الجلوس.
فكرت أوليفيا: “طلب مني فيليب الجلوس، فهل عليّ الجلوس؟ لكن هذا مكتب إيان.”
وبينما كانت مترددةً، نظر إليها إيان، الذي كان يُعدل ملابسه ببطء، وتنهد.
“اجلسي.”
جلست على الأريكة المقابلة لإيان.
فكرت أوليفيا: “بصراحة، كنتُ خائفةً بعض الشيء من إيان. فرغم أنه بطلي المُفضّل، إلّا أن الظروف جعلت الأمر صعبًا. لم يُعجب بي إيان منذ البداية. هذا طبيعي. أتذكر ما قاله عندما التقينا أول مرة.”
[آنسة هيرشي، لا أعلم إن كنتِ تعلمين، لكن لدي امرأة ما في قلبي. إذا بقيتِ متزوجة مني لثلاث سنوات فقط، فسأضمن لكِ مستقبلكِ بعد ذلك.]
[ماذا؟ ماذا تقصد؟]
[أقترح أن نتزوج على أساس أننا سوف نتطلّق بعد ثلاث سنوات.]
[لا.]
[لا…؟]
[نعم، لا صاحب السمو، لديكَ ألقاب وثروة، لذا قد لا يكون الطلاق عيبًا عليكَ، لكن الأمر مختلف بالنسبة لي. أُفضّل التفكير في عروض زواج أخرى على الدخول في زواج أعلم أنه سينتهي بالطلاق.]
فكرت أوليفيا: “قليلون هم من يجرؤون على التحدث مع شخص ذي سلطة لا تضاهيها قوة إلّا قوة الإمبراطور. كنتُ مفتونةً بإيان، لكن بغضّ النظر عن مشاعري الحقيقية كان عليّ أن أتظاهر بالشجاعة. لقد كانت مسألة بقاء بالنسبة لي.”
[ربما يكون من الأفضل أن أعيش كعجوز مثيرة للشفقة فقدت فرص زواجها بعد أن فقدت والدها بدلاً من أن ءعيش كمطلقة من عائلة كيڤل حيث سيكون من الصعب الحصول على التعاطف خوفًا من إهانة الدوق الأكبر.]
فكرت أوليفيا: “مع ذلك، كان سبب حضوري الاجتماع المرتب، أولًا، رغبتي في الوصول إلى أعلى منصب ممكن إذا اضطررتُ للزواج من أجل والدتي. ثانيًا، معرفتي بايان كيڤل جيدة. كان رجلاً ملتزماً بالمبادئ، لا يتأثر بسهولة بالحب. لو استمر في حب سيليا، وأديتُ دوري على أكمل وجه، لعشنا زوجين مثاليين.”
[حتى لو عرضتَ نفس العرض على سيدة نبيلة أخرى، ستحصل على نفس الإجابة. سمعتُ أنه لم يكن هناك من تقبل عرضكَ بسبب الشائعات.]
[أنتِ في وضع مشابه، أليس كذلك؟ ألَا تريدين أن تعتني بالسيدة هيرشي جيدًا؟]
فكرت أوليفيا: “هل ضحكتُ حينها؟ لا أذكر تمامًا. لكنه كان يعرف وضعي جيدًا أيضًا. أستطيع أن أعيش كعامة الناس، لكن أمي لن تتحمل ذلك. بالنسبة لامرأة مثلي لا أستطيع أن أتخيل أن أكون على علاقة جسدية حميمة مع رجل لا أُحبّه، فقد كان هو الخيار الوحيد عمليًا.”
[نعم هذا صحيح اهتماماتنا متقاربة، لذا سنكون ثنائيًا رائعًا.]
في ذلك الوقت، ضحك إيان من كلام أوليفيا وغادر، لكن سرعان ما وصلها عقد زواج. عقد زواج عادي بدون بند الطلاق بعد ثلاث سنوات.
“ماذا تريدين أن تقولي؟”
سأل إيان بتعبير متعب، لم تستطع أوليفيا النظر في عينيه، بل حدّقت في حافة الكتاب الذي بدا أنه يقرأه، بعنوان: (تعريف الحب.)
“أليس من غير المريح العيش في مقر إقامة رئيس الوزراء؟”
“إنه مريح.”
“ثم أعتقد أنني سأعيش هنا أيضًا.”
لقد قالت أوليفيا بسرعة ما كانت قد أعدَّته قبل أن يتمكن إيان من قول لا.
“لا يوجد قانون يمنع زوجة رئيس الوزراء من الإقامة في المبنى. حتى أن هناك جناحًا عائليًا مجهزًا. سأبقى هادئةً حتى لا أزعج عملكَ.”
“لماذا؟”
“هناك شائعات لأننا لا نعيش معًا. تزوجتني بسبب الشائعات، أليس كذلك؟ والآن عادت الشائعات السيئة، لذا أقول….. لو عشنا معًا من البداية……”
“كان سيُشاع أنكِ عاقر أو أنني عاجز جنسيًا. كيف يختلف هذا عن الآن؟”
فزعت أوليفيا من كلمات إيان القاسية، فرفعت رأسها، لكنها قابلت سخريته، فأخفضت رأسها بسرعة.
فكرت أوليفيا: “بدا وكأنه لم يعد يكترث بالشائعات. مع ذلك، كان العجز عبئًا عليّ…..”
“الأمر مختلف. يمكننا التظاهر بأنه لا توجد مشكلة في علاقتنا، أليس كذلك؟”
التعليقات لهذا الفصل " 2"