7. كيفيّة الاستمتاع بالإجازة (٥)
أطلقت النار على الوحش وأنا أكرر سؤالي.
“ما هؤلاء الوحوش؟ يبدون مختلفين عن الوحوش المعتادة. لا يملكون نواة.”
“هذا طبيعي. إنهم متحوّلون من أنصاف سلالات غير بشرية.”
“ماذا؟”
صُدمت لدرجة أنني كدت أُسقِط سلاحي، فأكمل النمر كلامه وهو يحرق الوحش الذي أفلت مني دون أن يرفّ له جفن.
“لنبحث عن مكان آمن أولاً.”
“ما هذا الجنون؟ تقول شيئًا صادمًا كهذا وتطلب مني التزام الهدوء؟!”
احتججت عليه، لكنه تجاهلني وواصل البحث عن مخبأ.
“تعالي من هنا.”
“…هاه.”
بشكل مدهش، بدأ يضغط على بعض الطوب في الجدار، فظهرت فجأة ممرات سرية.
ما هذا؟ هل هم من عالم هاري بوتر الآن؟
على أي حال، تبعته.
“حتى أتجاوز هذه المحنة، لا بد أن أقتل نا يوهان الموجود في هذا المكان.”
“تبدو كأنكَ تحمل له ضغينة عميقة.”
“لأنه دمّر البرج.”
… أليس هذا أمرًا جيدًا في الأصل؟
تذكّرت البرج الذي يُعدّ مصدر إزعاج لكثير من الناس. قد يشعر بارك سي وو بالأسى إن أراد خوض المغامرات، لكن…
حسنًا، بما أن الوايلد هانتر جماعة شريرة، ربما يرون في البرج خيرًا لهم. هكذا اختصرتُ استنتاجي.
“حسنًا، ولكن نا يوهان الحالي محاط بعدّة طبقات من الحماية من رفاقه. قتله لن يكون سهلًا، أليس كذلك؟”
تذكّرت ما ورد في الرواية.
من أجل الوصول إلى النهاية الصحيحة، كان المحتال قد جمع ست مفاتيح، وفي الطريق شكّل صداقات مع آخرين يشاطرونه الهدف.
صحيح أنني توقفت عن القراءة في منتصف القصة، لكن بحسب خصائص هذا العالم، لا يُعقل أن يتخلّى الرفاق عن البطل فجأة. على العكس، ربما تعمّقت روابطهم.
صمت النمر قليلًا ثم قال.
“ربما البعض، إن كانوا ما زالوا في وعيهم.”
…ما هذا الآن؟
شعرت بقشعريرة تسري في ظهري.
هل حصل انحراف في مسار القصة…؟ نهاية سيئة؟ هل تخلّى عنه رفاقه بعد أن عرفوا حقيقته؟
لا، سأفكر في هذا لاحقًا.
“إذًا؟ هل نملك فرصة للنجاة؟”
أجابني وهو يرفع سلاحه الذي يشبه البرق.
“نعم.”
“حسنًا، لنبحث عن نا يوهان أولًا.”
أخرج الوغد خريطة وأشار إلى بعض المناطق. بدأنا نبحث عن المحتال، نطرد الوحوش على طول الطريق.
وبعد جولة طويلة، أشار النمر إلى طرف بعيد.
“شعر أسود، عينان حمراوان، يلوّح بالراية ويوجّه الناس…”
“هل رأيتِـه ببصرك المطور؟”
“نعم، هو بالضبط.”
كان نا يوهان محاطًا بمجموعة من الناس، ويبدو أكثر نضجًا من المعتاد— نحيلًا، ونظراته شرسة. كانوا مجتمعين وكأنهم يعقدون اجتماعًا ما.
لكن…
“لا يوجد رفاق…”
تمتمت دون وعي.
أين ذهب أولئك الذين جمعهم خلال رحلته لجمع المفاتيح؟ لم يبقَ أحد.
قال النمر.
“هذا يبسط الأمور. القنص سيكون أفضل من المواجهة المباشرة.”
“نعم، أظن أنه الخيار الأنسب.”
رغم ثقل قلبي، استخرجت بندقيتي الطويلة واتخذت وضعية القنص. صوبت نحو المحتال.
في النهاية، هذا كله مجرد وهم.
بمجرد أن أعطى المحتال أمرًا، انتشر الناس من حوله، تاركينه وحده في وسط الساحة.
في تلك اللحظة، ضغطت على الزناد.
بانغ!
هل هي مجرّد أوهام؟ شعرتُ كأن عينيه التقتا بعيني في اللحظة التي ضغطت فيها على الزناد.
ثم جاء صوت عضٍّ على اللسان بجانبي.
“أخطأتِ.”
قبض عليّ النمر من خصري وسحبني بعيدًا. وفي اللحظة نفسها، انطلقت نحونا سهام من الضوء.
“من أنتما؟ لماذا تستهدفاننا؟”
صوت مألوف. شعر ورديّ مجعَّد، وعينان بلون براعم الربيع. كانت شين باران.
وفي الوقت نفسه، هاجمتنا ضربة ضوئية من الخلف.
“هذه الضربة…!”
قفز الرجل النمر بسرعة فوق الأسطح متفاديًا الهجوم.
الذي أطلق تلك الضربة كان فتى ذا شعر أسود وعينين بلون الياقوت الأزرق—بارك سي وو.
قال وهو يرمقنا بعينيه.
“لكن مهلاً، أنتما أنصاف سلالات غير بشرية، ومع ذلك لم تتحوّلا إلى وحوش. كيف يمكن هذا؟”
سألنا وهو يتفحصنا بعينيه الزرقاوين كأنه يدرسنا.
في غضون ذلك، كنت قد اشتريت تذكرتي انتقال فوري وصرخت.
“تورنيتو! هل يمكنهم الانتقال آنياً؟”
“لا، أعتقد أنهما وصلا إلى هنا بالسرعة الخالصة فقط.”
يا للجنون. رغم وجهي الشاحب، واصل تورنيتو حديثه وهو يقفز بين الأسطح.
“وهجماتهم الآن تبدو كأنها لتقييدنا فقط.”
همست إليه.
“إن اقتربتَ من نا يوهان، هل يمكنك قتله على الفور؟”
“نعم.”
أريته التذكرة وقلت.
“إنها أداة انتقال فوري. كل ما عليك هو تمزيقها وأنت تتخيل المكان الذي تريد الذهاب إليه.”
وفجأة، طاش الدم من خدّه— سهم من شين باران خدشه مرورًا.
“أنصحكما بالاستسلام بهدوء!”
وفي اللحظة نفسها، أخذ تذكرتي من يدي.
“أراكِ لاحقًا.”
تمزق-! مزّق التذكرة واختفى في لحظة.
أيها اللعين!
حاولت تمزيق التذكرة الثانية في الهواء قبل أن أسقط، لكن…
“آسف، لكن هذا غير ممكن.”
قبض بارك سي وو على معصمي أولاً.
سقطت التذكرة من يدي، وكأنهم كانوا ينتظرون ذلك—فأطلقت شين باران سهمًا وأحرقت التذكرة في الهواء.
أغمضت عيني وأنا أستعد لارتطام الأرض.
كوونغ!
صدر صوت ارتطام بالجدار، لكنني لم أشعر بأي ألم.
وحين فتحتُ عيني، التقت نظراتي بعيني بارك سي وو، الذي كان قد احتواني بين ذراعيه.
فتح فمه وقال.
“هناك أشياء كثيرة أود أن أسألكِ عنها أيضًا.”
اقتربت شين باران مني وأخذت بندقيتي.
اللعنة… سأضطر إلى استخدام مهارة تشويه القصة في أقرب فرصة، أو شراء أداة مناسبة فوراً.
عضضت على أسناني بخفة.
“لقد استخدمتِ القوة الروحية، صحيح؟ هل أنتِ أيضًا روح من عالمٍ آخر؟”
لكن ما قاله بعد ذلك جعلني أفتح عيني على وسعهما.
ماذا قال للتو؟
“أو لعلـكِ…”
لكن قبل أن يُكمل بارك سي وو جملته، غمر النور العالم بأسره.
ثم اختفت حرارة يده التي كانت تمسكني، وصوته كذلك.
“هل أنتِ بخير؟”
سمعت صوت الرجل النمر.
سلاحه، الذي كان يشبه البرق، بدأ يتفتت إلى غبار، وكأنه بلغ نهايته.
“نعم.”
عند إجابتي، استدار بعيدًا.
“هيا بنا.”
جمعت بندقيتي التي كانت على الأرض، وتبعته بصمت.
حتى وصلنا إلى باب جديد قد ظهر أمامنا.
كان الباب يحمل عشرة رموز، لكن اثنين فقط منها كانا مضاءين.
نظر النمري إليها وقال.
“حين يجتاز الآخرون محنهم، ستضاء باقي الرموز، وسيفتح الباب.”
ثم جلس على الأرض فجأة، أما أنا فجلست على الجهة المقابلة له، إلى يمين الباب.
هبط الصمت بيننا.
كنت أرتّب أفكاري عمّا حصل للتو، ثم سألت.
“لماذا تريد قتل نا يوهان؟”
“لأنه يحاول تدمير البرج.”
“… أليس ذلك أمرًا جيدًا؟ إن اختفى البرج، فلن تخرج الوحوش بعد الآن—”
“لا، البرج وجود لا غنى لنا عنه. لا يجب أن يُدمّر.”
“هممم… حسنًا، كما تشاء.”
شعرت أن رأيه لن يتغير بسهولة، فغيّرت الموضوع.
“هل تعرف شيئًا عن ‘مفاتيح الأجناس الستة’؟”
“أجل. هل سمعتِ بها من اللاعب؟”
“نعم.”
فكّرت للحظة، ثم استحضرت ما فعله الوايلد هنتر في الرواية.
“هل تنوي جمع المفاتيح؟”
“نعم.”
“لماذا؟”
“لأجل إنقاذ الجميع.”
أدرت رأسي مفكرة.
إذا أخذنا “المستقبل” الذي رأيناه بعين الاعتبار، فربما كانت أوامر الأوراكل للمحتال بجمع المفاتيح تهدف في الأصل إلى إسقاط البرج.
١. جمع المفاتيح
٢. تدمير البرج
٣. الوصول إلى النهاية الصحيحة
ربما كانت هذه هي الخطة الأصلية.
لكن، هل انحرف شيءٌ ما؟
أم أن هذا الانحراف نفسه هو جزء من الطريق إلى النهاية الصحيحة…؟ ازدحمت الأفكار في رأسي.
“ما الذي تنوي فعله بالمفاتيح؟”
“سأحرر الأختام الستة للبرج.”
“… ماذا؟”
لم أستوعب كلامه تمامًا.
كما ذكر في الرواية، في اللعبة، الوايلد هنتر فتحوا أختام البرج، مما أدى إلى كارثة كبرى نتيجة تدفق الوحوش.
وكانت المهمة الرئيسية للاعبين أن ينجوا من تلك الكارثة ويعيدوا إغلاق البرج.
لكن لم يُعرف أن أحدًا قد نجح فعليًّا في تجاوز تلك الكارثة.
سألته بوجه مرتبك.
“حين تقول إنك ستنقذ الجميع… هل تقصد أنك ستقتلهم جميعًا وترسلهم إلى الجنة مثلًا؟”
“كيف لكِ أن تفكّري بشيء كهذا؟”
نظر إليّ بنظرة ازدراء.
ما الذي تتوقعه؟ أنت من بدأت بقول أشياء غير معقولة.
بادلته النظرة الباردة.
تنهد بعمق وقال.
“يبدو أنني مضطر لشرح بنية برج الرغبة من الأساس.”
وفجأة، بدأ الباب يصدر صوت خدش وهو ينفتح تدريجيًّا.
فقط حينها لاحظت أن جميع الرموز على الباب قد أضاءت.
وظهرت نافذة من النظام.
[تمّت إضافة شظية من القصة.]
…ما الذي يجري الآن؟
كغغغغغغغغغ!
بينما كنت مشتتة بسبب نافذة النظام، بدأ الباب يُفتح بالكامل، وكشف عن مشهد من داخل الزنزانة.
ما إن رفعت بصري حتى قال لي تورنيتو.
“لماذا تساعدين اللاعب؟”
عند سؤاله، التفتُّ إليه.
كان ينظر إليّ مباشرة وكأنه كان يراقبني طوال الوقت.
التعليقات لهذا الفصل " 89"