7. كيفيّة الاستمتاع بالإجازة (٤)
***
أطلقني الرجل النمر، وأعاد إليّ سلاحي كما وعد.
كنت أفكّر جديًّا في إطلاق النار عليه في الحال، لكن بما أنني لا أعلم مدى قوّته، قررت تأجيل المواجهة المباشرة.
وبما أنه يبدو من النوع المقاتل عن قرب، فالدخول في قتال وجهاً لوجه في هذه المسافة القريبة لن يكون في صالحي إطلاقًا.
بدلًا من ذلك، حدّقتُ في الباب أمامي وتمتمت بامتعاض.
“ما على وجه الأرض؟”
كانت نقوش شبيهة بتلك التي رأيتها في معبد الوحش تملأ الباب، متراصّة بكلمات لا أفهمها إطلاقًا.
عند تذمّري، أجابني الرجل النمر بنبرة باردة.
“تقول: ‘فقط من يتغلّب على تجربة اليسار… يمكنه رؤية معجزة اليمين’.”
“تستطيع قراءتها؟”
“بشكل تقريبي. ثم…”
تحوّلت نظراته إلى كلمات بارزة أسفل الجملة.
“زنزانة مبنية على ‘الشعور بالذنب’…”
“ماذا قلت؟”
“لا شيء… لا تهتمي.”
رمقته بنظرة باردة، ثم دفعت الباب بعنف.
وفور انفتاحه من الجانبين، اجتاحنا ضباب كثيف وكأنه كان ينتظرنا، فابتلعنا تمامًا.
“اقتلهم! إنهم مستنسخون!”
“لا! أنا لست—!”
أسلاك شائكة، وأناس يحتضرون،
مشاهد لا يمكن أن تُنسى أبدًا، أحاطت بي من كل جانب.
“ناهيون!”
سحقًا…
كتمت الغثيان الذي صعد في حلقي، وشعرت بيد تسندني.
هذا اللعين… إنه الرجل النمر.
لا تتظاهر بالقلق عليّ، فذلك يثير اشمئزازي.
عضضت على شفتي. لا يمكنني أن أظهر الضعف أمام هذا الأحمق.
“هيه، يا نمر. قلتَ سابقًا ‘الشعور بالذنب’، أليس كذلك؟”
“بلى.”
“أعتقد أنني فهمت المقصود.”
كنت، في صغري، أحلم مرارًا وتكرارًا بلحظة عجزت فيها تمامًا أثناء حادثة المستنسخين.
تلك الكوابيس لا تزال تلاحقني حتى اليوم.
نظرت إلى المسدس في يدي.
الأداة ذاتها التي استُخدمت في ذلك اليوم لقتل الجميع دون تمييز بين المستنسخين والبشر.
لكنني لن أستخدمها لقتل الناس.
“سأنقذ أكبر عدد ممكن من الأشخاص.”
هذا هو بالضبط ما أريده أكثر من أي شيء الآن.
“لعلّه شرط اجتياز هذا التحدي.”
“ناهيون- آه!”
رأيت اللحظة تتكرر. أمي تسقط مجددًا.
وفي زاوية الشارع، كنتُ أرى نفسي…
طفلة صغيرة، تبكي.
اقتربتُ منها متعمّدة، ثم حمّلت المسدس رصاصة سحرية أمام عينيها.
“سأبدأ. أولًا، أولئك الجنود في الأعلى، سأُفقدهم وعيهم.”
هل تعلمين؟
المسدس الذي تحملينه… سيكون سلاحًا ينقذ الأرواح.
ذلك الشعور الذي بدأ ينمو داخلي بهدوء في القلعة، أزهر أخيرًا هنا.
فتحت متجر نقاط الميتا على الفور.
[عدسة كشف المستنسخين – 300 نقطة]
– تستطيع تمييز المستنسخين من البشر.
حتى لو كانت هذه مجرد وهم، حتى لو كان مجرد استرجاع لقصةٍ ماضية—
“شراء!”
في ذلك الوقت، تمنّيت لو أنني فعلت ذلك.
أطلق البرق من يد الرجل النمر، فصعق الجنود وأسقطهم فاقدي الوعي.
ارتديت العدسة، وبدأت في فحص الناس من حولي.
عدد المستنسخين كان سبعة فقط.
فقط… سبعة.
بانغ!
بمجرد أن قتلت أحدهم، عاد إلى شكله الأصلي البشع.
صرخ الناس من حوله وابتعدوا عنه برعب.
هل هذه التجربة تعيد تصوير ما حدث في ذلك اليوم فعلًا؟
بانغ!
أطلقت النار على شخص بدا بريئًا، يركض هاربًا مع الآخرين…
كان مستنسخًا. وسرعان ما تفجرت موجة جديدة من الفوضى بين الناس.
“هناك مستنسخون فعلًا!”
“اهربوا!”
هل كان عددهم في ذلك اليوم… سبعة فقط أيضًا؟
…هل مات كل أولئك الناس بسبب سبعة فقط؟
بانغ!
“ما الأمر! من أطلق النار؟!”
بعض الناس تسلقوا الأسلاك الشائكة يائسين من أجل النجاة.
لكن يبدو أن وجود شخص يقتل المستنسخين بدقة جعل الجنود الذين لم يُحسم أمرهم يترددون في إطلاق النار.
لا يزال الناس غارقين في الصدمة، لكن بعضهم بدأ شيئًا فشيئًا يستعيد رباطة جأشه.
“لحظة، يبدو أن الصيّادة تقضي على المستنسخين!”
بانغ!
بدأ أحدهم بتوجيه الحشود، فأطلقت النار على مستنسخٍ كان يوشك على مهاجمته من الخلف.
وعندها، وكأنه نال اليقين، شرع ذلك الشخص في إقناع الآخرين، وبدأ الجنون الجماعي يهدأ شيئًا فشيئًا.
ولم يسقط أحد آخر.
بانغ!
بات الناس الآن واقفين في صفوف مختلطة، لكن بنظام نسبي، يحدّقون نحونا بعيون يملؤها الأمل والرجاء.
ومن بين ذلك الحشد، شعرتُ بعيني أمي تتابعاني.
ربّما بسبب الأمل… بدأت أرى الموتى يتحركون رويدًا رويدًا وكأنهم يعودون إلى الحياة.
بانغ!
استفاق الجنود الذين فقدوا وعيهم، وأنزلوا أكتافهم بارتياح.
الناس عادوا يتنفسون، بل ويبتسمون.
وذلك بالضبط ما أثبت أن ما رأيناه لم يكن سوى وهم.
بانغ!
ومع ذلك، ومع ذلك…
“وداعًا، أمي.”
سقط آخر مستنسخ.
وانهار الوهم.
تلاشى كل شيء، ووجدنا أنفسنا داخل غرفة حجرية واسعة.
اقترب مني الرجل النمر ووقف إلى جواري.
مدّ يده نحوي بحذر وسأل بصوت مملوء بالقلق:
“هل أنتِ بخير؟”
مسحت عيني المبللتين بقسوة.
“…ماذا عساي أن أكون؟ أنا بخير. لنذهب.”
أظهرتُ جانبًا من ضعفي، فليكن…
الآن حان الوقت لأرى جانبكَ المثير للشفقة!
ضغطتُ على أسناني بشدّة، وتقدّمت بخطًى ثابتة. وبعد أن توقّف قليلًا، تبعني الرجل النمر.
واصلنا السير طويلًا حتى وصلنا إلى باب يشبه الباب السابق.
كانت عليه نفس النقوش القديمة.
“هل هذه المرة… ذكرياتكَ أنت؟”
فردّ قائلًا.
“الاحتمال الأكبر أنها كذلك.”
“هل لديكَ فكرة عمّا سنراه؟”
عندما سألته، صمت طويلًا وهو يحدّق بي، ثم نطق ببطء وبصوت ثقيل.
“يسعدني أنك دخلتِ هذا الزنزانة معي.”
“هاه؟”
“لأن هذا سيجعل من السهل إقناعكِ بما أقول… على الأقل أنتِ.”
ما هذه الكلمات الغريبة؟
نظرت إليه باستغراب، لكنّه صرف نظره، ووضع يده على الباب.
“لنذهب.”
“…حسنًا.”
حاولت نفض شعوري السيئ، وانتظرت حتى ينفتح الباب.
وبعد برهة، فُتح.
“كرااااه!”
دويّ صراخ وحشي مزّق الأجواء.
وحش ذو جسدٍ يجمع بين حيوانات شتى، وقد انغرست فيه وجوه بشر كثيرة.
وكلّما قتل الوحشُ أحدهم، زاد عدد الوجوه المغروسة في جسده.
كان مشهدًا مروّعًا وغريبًا للغاية.
وحوش لا مكان لها في العالم الحقيقي كانت تنطلق وتزحف وتجري في أرجاء المدينة، تطارد البشر.
“أرجوكم، أنقذونا!”
“كلا، لا أريد الموت!”
صرخات بشرية تتردّد في الأرجاء.
رأيناهم يفرّون جاهدين، ومن لا يستطيع الجري كان يزحف على الأرض هربًا من الوحوش.
ما الذي مرّ به هذا الوغد بالضبط؟
كنت أرقب هذا الجحيم بعينين شبه خاليتين من الروح حينما همس تورنيتو.
“انظري إلى البرج.”
عندها التفتّ ببطء، فرأيت البرج المدمَّر.
البرج الأسود الأملس الذي كان يخترق السماء بلا نهاية… كان مقطوعًا وكأن أحدهم قطّعه من المنتصف.
وبالقرب منه، تناثرت حطامُه، وهياكل أخرى مشابهة غُرست في الأرض كالرماح.
“ما هذا…؟”
تذكّرت كلماته: هذه الزنزانة تعيد تشكيل الذكريات المليئة بالذنب.
إذًا، هذا الوغد رأى البرج وهو ينهار أمامه ذات مرّة؟
“كراااه!”
انقضّ عليّ أحد الوحوش، فأطلقت عليه النار.
“ما الأمر؟ هل خضعت لغسيل دماغ؟ أليس هذا مجرّد ذكرى زائفة زُرعت في رأسك؟”
فردّ الرجل النمر وهو يصعق وحشًا آخر بالكهرباء.
“هذه الزنزانة تستخرج فقط ما حدث بالفعل. إن كنتِ تشكّين، يمكنكِ سؤال ‘اللاعب’.”
فرّ الناجي الذي أنقذه بخوف، دون أن ينظر خلفه.
“لا يُعقل…”
في تلك اللحظة، ومضة من الذاكرة ومضت في رأسي—
كلمات جيميني عندما خضعتُ لغسيل الدماغ على يد الوايلد هانتر.
‘لفتت الإستثنائية إنتباه العائد.’
منذ أن ولدتُ في هذا العالم، لم أرَ ذلك البرج ينهار ولو مرّة.
لذا… هذه الذكرى لا بدّ أنها لم تحدث بعد.
لو أن شخصًا ما يتذكّر المستقبل كما لو أنه ماضٍ…
“…‘العائد’؟”
هل هو عائد بالزمن؟
فردّ الرجل النمر بنبرة باردة.
“لا أعلم أين سمعْتِ هذا الاسم، لكن… نعم.”
هذا جنون، كل أنواع الأشياء أصبحت تحدث!
التعليقات لهذا الفصل " 88"