7. كيفية الاستمتاع بالإجازة (٢)
كان المحتال قد توقف حتى عن التلويح بيديه، وهو يغوص نحو القاع.
أسرعت إليه وأمسكت به قبل أن يغرق تمامًا تحت الماء.
كانت عيناه قد بدأت تفقدان بريقهما.
تذكّرت عندها أنه ظل تحت الماء وقتًا لا بأس به.
لا بد أنه استهلك الكثير من الأوكسجين بسبب حالة الذعر التي أصابته.
أطبقت أسناني بإحكام.
لا يجب أن تموت! إن متّ هنا، فماذا عن هذا العالم؟ وماذا عن عائلتي؟!
لم يكن هناك أي خيار آخر.
اقتربت منه بسرعة وطبعت شفتيّ على شفتيه.
نقلت له نَفَسي الدافئ من فمي إلى فمه.
بعد قليل، شعرت بيده الكبيرة، التي بدأت تظهر عليها آثار التمارين، توضع على كتفي.
وحين بدا أنه قد استعاد وعيه، أسرعت بسحب شفتي.
كان ينظر إلي بعينين صافيتين.
وما إن وقعت عيناه عليّ، حتى رسم على وجهه ابتسامة متعبة مطمئنة، وأسند جسده المُنهك عليّ.
تماسك! لا تنهَر الآن!
احتضنته بقوة، وبدأت أسبح صعودًا نحو سطح الماء.
وفي النهاية، ظهرت الشمس المتلألئة أمامي.
“بوف–!”
خرجت من الماء وأنا أحتضن جسد المحتال المرتخي، فتوجّهت إليّ أنظار الجميع بذهول.
نظرت إلى رفاقي الذين كانوا يحدقون إلينا بوجوه مذهولة، وقلت.
“يوهان لا يجيد السباحة! لقد شرب ماء البحر!”
كان الوصول إلى الشاطئ سباحةً مع حمل المحتال أمرًا بعيد المنال.
فصرخت بأعلى صوتي.
“تشوي سوجونغ! أسرعي، انقليه إلى الشاطئ حالًا!”
“فهمت!”
بدت تشوي سوجونغ مصدومة بشدة، فهرعت بنظرة جادة لتنقلنا جميعًا إلى الشاطئ.
كان المحتال قد فقد وعيه.
أحضرت شين باران طبيبًا بسرعة ووجهها متجهم جدًا.
“أظن أنه يتنفس، لكنه فاقد للوعي…”
أمسكتُ بالطبيب وسحبته إلى حيث كان المحتال ممددًا.
بدأ الطبيب بفحص حالته، ثم باشر الإسعافات الأولية.
وبعد فترة قصيرة، تقيّأ المحتال كمية كبيرة من الماء واستعاد وعيه.
“كح، كح…”
“يوهان، هل تسمعني؟ هل عدت إلى وعيك؟”
نظر إليّ، وتمتم بصوت خافت.
“…هل هذه الجنة…؟”
ثم أغلق عينيه مجددًا.
“استيقظ حالًا!”
بالطبع، تدخل الطبيب قبل أن يغفو مجددًا.
ولحسن الحظ، استعادت حالة المحتال استقرارها سريعًا، وبعد فحص آخر شامل، أكد الطبيب أنه لا توجد مشاكل خطيرة، ثم غادر.
لكن قلقنا لم يهدأ بعد.
“هل أنتَ بخير؟ هل تشعر بأي ألم؟”
سألته بقلق، فهز رأسه نافيًا.
“أنا بخير. بل… يمكنكم أن تذهبوا للعب.”
وللاحتياط، قرر المحتال أن يسترخي قليلًا تحت المظلة.
أما أنا، فكنت لا أزال ملازمة له.
أرجو ألا يكون قد أصيب بعطب حقيقي… لا يجوز أن يموت.
رغم أن قلقي على حياته كان نابعًا من أسباب متعددة، إلا أنني شخصيًا…
لم أكن لأرتاح إذا انتهى الأمر بموته. فحتى لو لم نكن قريبين جدًا، فقد مر وقت لا بأس به على معرفتنا ببعض.
“…أنتَ، ألم تكن تجيد السباحة؟”
حينها، صدح صوت نا يوري البارد يحوم حولنا بهدوء.
كانت تنظر إلى المحتال بنظرة أكثر سوادًا من حالته، ووجهه سرعان ما تجمّد.
“ما الذي يحدث معكَ مؤخرًا؟ وكأن شخصيتك تغيرت تمامًا.”
“…في الحقيقة، أنا أعاني من فقدان ذاكرة جزئي—”
وقبل أن يُكمل كلامه، أدارت نا يوري وجهها بعيدًا.
“كفى، لا بد أن هذه كذبة منمقة جديدة.”
ماذا أفعل الآن؟
لم أستطع تحمّل الجو المتجمد وكأننا في عزّ الشتاء، فلم أفعل سوى أن أدرت عينيّ بحرج.
كان الجميع يراقب بصمت، متفادين التدخل.
ثم، قطعت تشوي سوجونغ هذا الصمت بنبرة مرحة وهي تصفق بيديها.
“نيهاها! إذا عندكما شيء تقولانه لبعض، قولوه لوحدكما! أما نحن… فكيف سنلعب مع شخص لا يعرف السباحة~؟”
رفعت لي هانا يدها بسرعة.
“لنضع له طوق نجاة أو سترة إنقاذ.”
“فكرة ممتازة~!”
وأضافت مين جاي يون.
“أظن من الأفضل أن نضع له كليهما معًا، لأجل السلامة…”
…وهكذا، انتهى الأمر بالمحتال وهو مغطى بطوق نجاة وسترة إنقاذ، كمن يرتدي درعًا، قبل أن يعود إلى البحر مجددًا.
رغم أن ملامحه كانت مليئة بالامتعاض، تجاهلناه جميعًا. وأنا أيضًا، بطبيعة الحال. السلامة أولًا، يا هذا.
بعدها، جلست لي هانا تفكر بمفردها قليلًا، ثم صنعت منزلقًا جليديًا شبيهًا بذلك الذي نراه في الحدائق المائية، باستخدام الجليد.
“ما رأيكم؟”
“واااه!”
“رائع!”
“رائع يا سينباي! يالجماله…!”
تحت وابل المديح المنهمر، خجلت لي هانا قليلًا، لكنها استمرت في صنع مزيد من الألعاب.
لعبنا على تلك الألعاب المكتملة، نستمتع ببرودة الجليد الذي يلامس جلودنا. ومع ارتفاع الرؤية، بان لنا المشهد بشكل أكثر إشراقًا.
وأثناء صعود المحتال، انزلقت قدمه، فأسرعت لي هانا للإمساك به.
“يوهان! هل أنت بخير؟”
“ضعيف…”
“……”
لكن ضعف المحتال لم يتوقف عند هذا الحد.
فبعدها، صنعت تشوي سوجونغ أمواجًا باستخدام الرياح، وكلنا انجرفنا بها ونحن على العوامات.
وكانت تُحدث أحيانًا أمواجًا ضخمة متعمدة، ثم تضحك لرؤيتنا مبللين تمامًا.
رأيناها تمسك بالمحتال الذي كان يطفو منهكًا بعيدًا.
“يوهان يبتعد!”
“أمسكته~”
“……”
وبعد أن لعبنا بما يكفي في البحر، وبدأت الشمس تميل نحو الغروب، قررنا لعب كرة الطائرة الشاطئية.
ولكن دون قصد، بدأنا باستخدام قدراتنا، فتحولت الشاطئ إلى فوضى حقيقية. والمحتال، كونه الأضعف جسديًا بيننا، تلقى ضربة من الكرة وسقط أرضًا.
“يوهان—!”
وفي النهاية، تولى المحتال منصب الحكم.
أما الكرة، فقد بقيت سليمة رغم كل ذلك. وعندما قرأنا كتيب الإرشادات لاحقًا، اكتشفنا أنها مخصصة للمستيقظين.
“لكنها كانت ممتعة، أليس كذلك؟”
عندما قلت ذلك، صمت المحتال للحظة ثم أجاب.
“…نعم، كانت كذلك.”
مع حلول المساء، أقمنا شواءً جماعيًا.
كنت أمضغ اللحم المشوي الذي أعدّه بارك سي وو بهدوء، وأعطي أحيانًا بعض القطع للمحتال.
عادةً، عندما أفعل ذلك، كانت نا يوري تقترب مني مراقبةً المحتال، لكنها لم تفعل هذا اليوم.
كانت شاردة الذهن، تحاول تعديل حرارة النار، لكنها أحرقت بعض اللحم دون قصد.
وحين رآها المحتال بتلك الحالة المتخبطة، أظهر تعبيرًا غريبًا على وجهه. أما أنا، فتظاهرت بالجهل بالأمر وقلت بمرح.
“لماذا لا نقيم اختبار شجاعة غدًا؟”
عند قولي ذلك، تجمدت ملامح شين باران، بينما أشرقت ملامح مين جاي يون بحماسة.
“هـ، هل هو ضروري….؟”
“اختبار شجاعة…! سأبحث عن أماكن مسكونة!”
وفي تلك الأثناء، لمحت لي هانا نا يوري بطرف عينها وقالت.
“غوص السكوبا.” (الغوص باستعمال جميع التجهيزات للتنفس تحت الماء)
“صحيح! اتفقنا على الغوص أيضًا!”
وعندما قلت ذلك، ابتسم المحتال قائلاً.
“غوص السكوبا، ممتاز. بالمصادفة، المكان الذي سنذهب إليه غدًا يتطلب شيئًا شبيهًا بالغوص.”
“غوص؟”
سألته، فأومأ برأسه.
“سأبدأ بالإحاطة العامة بعد أن ننتهي من الأكل.”
وبعد أن أكلنا كل شيء، جلسنا حول النار نستمع لشرح المحتال حول البوابة التي سنستكشفها غدًا.
وطبعًا، كنا نشوي المزيد من المارشميلو والبطاطا الحلوة أثناء ذلك.
“يبدو بسيطًا! أليس كذلك، يوري؟”
“هاه؟ …نعم.”
بدأ القلق يتسلل إلى قلبي.
فنا يوري، التي عادة ما تعلّق أو تتذمر، كانت تكتفي بالنظر بصمت إلى المحتال وهو يشرح.
كان جوّ ثقيل خفيّ يتسلل في الأجواء.
***
في اليوم التالي.
“هل هذا هو المكان؟”
“نعم.”
سِرنا طويلًا على الطريق الساحلي، حتى وصلنا إلى منحدرٍ صخري تضربه الأمواج بعنف.
طلب المحتال من تشوي سوجونغ نقلنا باستخدام الرياح إلى فجوةٍ ما بين الصخور.
وأثناء تطلعي من الأعلى إلى المسار الصخري الغريب الذي نحتته الطبيعة، لم أستطع إلا أن أتنهد إعجابًا.
فالنور الذي يتسلل من بين شقوق الجرف المظلمة كان مشهدًا ساحرًا بحق.
قال المحتال وهو يتقدم.
“بقي القليل فقط. في الداخل، هناك كهف يحتوي على ممر يؤدي إلى البوابة، وداخلها يوجد زنزانة ثابتة من نوع زنزانة الكنوز.”
“لكن… هل تسليحنا البسيط كافٍ لهذا؟”
سألت نا يوري، فأجاب المحتال ببساطة.
“نعم. الأعداء لا يهاجمون أولًا، لذا سيكون الأمر آمنًا.”
كنا نرتدي تسليحًا بسيطًا فوق ملابس السباحة، بالإضافة إلى حقائب صغيرة.
فاستكشاف البوابة هذا اليوم كان ضمن نشاط نادي استكشاف كنوز البوابات الذي ننتمي إليه.
وقانون النادي الثالث: يجب تسليم كل المقتنيات المكتشفة قبل توزيعها إلى رئيس النادي.
ويبدو أن المحتال كان مصرًا على مواصلة تطبيق هذا القانون.
“لننطلق.”
قالها بثقة، وقفزنا جميعًا إلى داخل البوابة التي تشبه سطح الماء.
اجتاحت أجسادنا برودة الماء، وظهرت أمامنا مناظر تشبه البحر إلى حد كبير.
“لا داعي لحبس أنفاسكم.”
قال المحتال، فجربت أخذ نفس… وكان ممكنًا بالفعل.
كان بحرًا يمكن التنفس فيه.
ولم نشعر بأننا نسبح، بل بدا الأمر أشبه بالتحليق في الفضاء، في حالة انعدام وزن تامة.
تعثرت قليلًا ووضعت قدمي على الأرض لأستعيد توازني، فمدّ المحتال يده ليسندني بلطف.
“ستحتاجين لبعض المهارة. سأساعدكِ.”
كان يبتسم بثقة، مما أثار غيظي، لكنني أمسكت بيده دون أن أعبر عن انزعاجي.
وبعد أن اعتدنا جميعًا على الحركة في هذا الوسط، قال المحتال.
“فلنتحرك إذًا!”
وبدأنا نخطو خطواتنا الأولى، نراقب محيطنا.
***
قال شاب ذو أذنين مدببتين بنبرة هادئة.
“هل تنوي التخلص منهم حقًا؟”
فرد عليه شاب ذو أذني نمر.
“كلما قلّت العناصر الخطرة، كان أفضل.”
ابتسم الأول قائلًا.
“هممم… أنا أوافق يولهان في الرأي. بدلاً من القضاء على الخطر، أليس من الأفضل استخدامه لصالحنا إذا أمكن ذلك؟”
“إذًا؟ هل ستعود؟”
زأر صاحب أذني النمر، فأجاب الآخر وهو يهز رأسه بخفة.
“لا، ليس بعد. بما أننا وصلنا إلى هنا، أليس من الأفضل على الأقل أن نلقي نظرة على وجوههم؟”
وكانت أعينهما تراقب المجموعة وهي تدخل إلى أعماق البوابة.
────── •❆• ──────
الفيرست كيس حقت ناهيون راحب بأسوأ طريقة💔
التعليقات لهذا الفصل " 86"