6. كيفية التوقف عن كونك مثيرا للمتاعب (١٤)
“…واو، لقد أدركت لتوّي كيف كنتِ تشعرين حينها.”
“هذا جيّد.”
تذمّر الثعلب متسائلًا ما الذي يُعدّ جيدًا في ذلك،
لكن ملامحه لم تعد تحمل ثقل الحياة كما كانت من قبل.
وهذا طبيعي. أليس ما فعلته من أجلهم كثيرًا؟
لقد شقيت كثيرًا، ثم ماذا؟ أعطيتهم جنسيات المواطنة! ونقلتهم إلى منطقة آمنة! أليس كذلك؟
“لكن، أليس من الصعب عليكِ حتى حل مشكلة تمويل الميتم؟ إلى الآن لا نملك مالًا كافياً وتعمّ الفوضى.”
“لقد حدث الأمر هكذا.”
لقد كنت أواجه صعوبة حتى في تأمين سلامتكم، أيها الوغد.
أما المال، فلم يكن بوسعي فعل شيء حياله.
وخزتُ خدّ الثعلب الذي كان يتحدث وكأنني مدينة له بكل شيء.
لكنه لم يكن جادًا، واكتفى بالضحك بخفة.
“مع ذلك، باتت الحياة الآن محتملة.”
قال ذلك وهو يبتسم ابتسامة مشرقة جعلت ملامحه تبدو لطيفة بحق،
فلم أتمالك نفسي ووخزت خدّه مرة أخرى بدافع العبث.
“بالمناسبة، ألستَ تنوي حقًا الحصول على اسم؟”
عند سماع ذلك، صمت الثعلب فجأة، ثم تمتم بصوت منخفض بعد برهة.
“في الحقيقة…”
“في الحقيقة؟”
“أودّ أن أحصل على اسم من العائلة التي ستتبناني.”
قالها محمرّ الوجه وكأنه يبوح بسر محرج.
كنت أعلم أنه كثيرًا ما ينظر إلى العائلات المارّة في الشارع بعين يملؤها الحنين.
“أفهم الآن.”
“نعم.”
“أتمنى أن يكون اسمكَ رائعًا.”
كان الجميع يعلم أن الهجناء من الأعراق المختلفة لا حظوظ لهم في التبني.
أنا، والثعلب، كلانا كنا نعلم ذلك جيدًا.
“أي اسم سيكون جيدًا، لكن سيكون من الأفضل إن كان جميلاً.”
رغم ذلك، تبادلنا هذا الحديث.
***
كان الميتم، الذي يضم غالبية من الأطفال الهجناء، نادرًا ما يستقبل الزوّار.
ولذلك، لم يكن الأطفال يتوقعون تبنيهم.
لكن الثعلب، في كل مرة يأتي فيها ضيف، كان يقترب منه بلطف وود.
وكان الضيوف يعجبون بلطافته.
وأخيرًا، عرض أحد الزوّار تبني الثعلب.
“كنا نبحث عن مرافق وصديق لابننا، وجئت في الوقت المناسب.”
لكن، هل يمكن أن نُسمي هذا تبنيًا؟ بدا الأمر أقرب إلى التوظيف منه إلى التبني.
فالرجل، الذي بدا ثريًا، كان ينظر إلى الثعلب وكأنه يقيّمه كسلعة.
وغالبًا ما كان ينظر إلى الأطفال بنفس الطريقة.
وكان الأطفال يدركون بفطرتهم ذلك، ويتجنبونه.
لكن الثعلب تعامل بلطف حتى مع ذلك الرجل، ويبدو أن ذلك أعجبه.
“مرافق…؟”
كنت والثعلب فوق شجرة نراقب الوضع داخل غرفة الاستقبال.
سألت المعلمة بدهشة، فأومأ الرجل برأسه بهدوء.
“ليس عرضًا سيئًا بالنسبة للثعلب. أليس ذلك أفضل من البقاء هنا؟”
صمتت المعلمة للحظة، ثم فتحت فمها وقالت.
“هل سيتم تبنيه في عائلة حقيقية؟”
“نعم، سيتم تبنيه في أسرة خدمتنا جيلاً بعد جيل. كلهم أناس طيبون.”
“…أودّ أن أراه يلتقي بتلك الأسرة، وأمنحه الوقت ليتأقلم تدريجيًا.”
“هل تَقبلين بمكالمة مرئية؟”
“نعم، أرغب أن يقضي وقتًا معهم أولًا، ثم أترك له حرية القرار.”
“فليكن إذًا.”
نظرت إلى جانبي فرأيت وجه الثعلب، وكان يحمل تعبيرًا لم أره عليه من قبل، تعبير الترقب الخالص.
وحين خرج الرجل من غرفة الاستقبال، ربت الثعلب على كتفي بحماس وقال.
“قال إنه سيتبناني!”
“أجل.”
“سأحصل على عائلة قريبًا!”
“مبارك لكَ.”
***
لكن، هل سيكون الأمر على ما يرام حقًا؟ ساورني شعور مزعج لم أفهم سببه.
على عكس شعوري هذا، كان الثعلب في غاية الحماسة، وكأنه فقد اتزانه.
وسرعان ما تم إنهاء إجراءات التبني. قيل إن المكان الذي سينتقل إليه في الخارج — بعيد جدًا.
“أتدري ماذا قالوا لي؟ قالوا لي إنني…!”
“نعم، نعم…”
قالوا إن الوالدين اللذين سيتبنيان الثعلب أشخاص طيّبون.
لكن الثعلب كان يفتخر بهم كثيرًا، حتى أنني كدتُ أصاب بالصداع من تكرار كلامه.
لكن، حين سمعت ذلك، ارتحت قليلًا.
أليس هو ثعلبًا؟ لا شك أنه اختار بعناية.
ثم جاء اليوم الموعود الذي سيُتبنى فيه الثعلب.
“اليوم هو يوم رحيل الثعلب!”
قالوا إن والدي الثعلب كانا مشغولين جدًا فأرسلا وكيلًا بدلًا منهما.
لكن… أليس من المفترض أن يحضرا في مثل هذا اليوم على الأقل؟
“أصدقائي، لنودّع الثعلب جميعًا!”
قالت المعلمة، فانطلقت ردود فعل متنوعة من الأطفال.
بعضهم فرح، وبعضهم بكى، وبعضهم تعلّق به…
وفي النهاية، اضطرت المعلمة إلى تهدئة الأطفال المرتبكين.
أما أنا والثعلب، فقد أومأنا برأسينا يمنة ويسرة ونحن نساعدها، وكأننا نقول.
يا لها من معلمة مسكينة حتى آخر لحظة…
“حقًا سترحل.”
ضحك الثعلب مما قلته وقال مازحًا.
“وهل هذا سؤال؟”
كان يبدو سعيدًا حقًا.
إن كان الأمر يجعلكَ سعيدًا، فذلك يكفي.
كتمت شعور الافتقاد وأجبته.
“لا. فقط اذهب. عش حياة طيبة.”
“حسنًا، شكرًا لكِ.”
ثم أومأ الثعلب برأسه لي، إشارةً لأن أقرّب أذني.
ورغم استغرابي، انحنيت مطيعةً.
همس في أذني.
“اسمي الجديد هو ـــ.”
اتسعت عيناي دهشة.
الثعلب، لا، أقصد ـــ ،ابتسمَ لي ابتسامة مشرقة.
“حين نلتقي مجددًا، ناديـني باسمي الحقيقي، إتفقنا، أختي؟”
ابتسمت لا إراديًا لابتسامته.
“بالطبع، كما تشاء.”
وهكذا، رحل الثعلب.
لم تصلني منه أي رسالة رغم وعده بأنه سيتواصل معي، لكنني لم أستغرب.
فالناس عادةً ما ينسون وعود الطفولة بسرعة. لا بأس، لا بد أنه يعيش حياة جيدة.
مرّت سنوات عديدة على ذلك.
استقبلنا أطفالًا جددًا، ورحل آخرون لظروف شتى.
لكن طوال بقائهم هنا، كنا نعيش كأسرة مترابطة.
كانت الحياة ثقيلة، لكن لا بأس، كنا نستطيع تحمّلها.
كنت أقاتل، وأجتهد، وأتحمل حياتي التي وُضعت أمامي.
تلك كانت حياتي، وهكذا عشت وسأستمر في العيش.
***
حين وصلت إلى مسافة مناسبة، استخدمت تذكرة الانتقال لأدخل المنطقة الوسطى.
التفتُّ ورائي، فرأيت منطقة السكن غير القانوني تتلاشى في الأفق كسراب.
لا داعي لكل هذا الحنين الفارغ. هيا نعد إلى البيت.
[أختي، متى سترجعين؟]
[هل ستقضين الليلة هنا؟]
ضحكت وأنا أقرأ سيل الرسائل التي انهالت من الأطفال على هاتفي.
[سآتي حالًا.]
أسرعت الخطى.
وبعد عودتي إلى الميتم، لعبت مع الأطفال ثم تمددت بجانبهم.
وبعد وقت طويل، فتحت أخيرًا قسم “ردود القرّاء”.
كما توقعت، ردود الفعل على مشهد “بارك سي وو وهو يسلّمني البروش” كانت مضحكة إلى حد لا يُحتمل.
[ردود القرّاء]
> التعليقات:
– هل تمزحون معي؟
– البطلة تؤخذ من قبل شخص آخر؟ تبا، أي نوع من الهراء هذا؟ أيها الكاتب، هل تريد الموت؟
لـ فرقة معجبي أشعة الشمس فقدوا صوابهم تمامًا.
– تبا، متى يموت هذا الرجل؟
– الكاتب، هل جننت؟ هههههه
إنهم حساسون للغاية.
تراجعت وتيرة نمو نقاطي قليلًا بسبب بعض السهام التي وُجهت لي،
وبعد شراء تذكرة الانتقال، لم يتبقَّ لي سوى 4380 نقطة.
وهو رقم لا يكفي لشراء إكسير.
صحيح أنني أشعر بالغضب، لكنني ما زلت أحتاج إلى نقاط الميتا، وإلى مساعدة المحتال.
من أجل كانغ يو.
حتى لو لم يكن من أجله، فإن وجود نقاط الميتا بوفرة كان مفيدًا جدًا.
والآن بعدما أصبح اعتماد المحتال عليّ أقل،
فليس سيئًا أن أرفع مستوى إعجابه بي بالتدريج، وأجمع النقاط على مهل.
فوجود رصيد من النقاط دائمًا ما يكون في صالحي.
هل عليّ إذًا استغلال عطلة الصيف القادمة؟
تذكّرت مشاهد من الروايات الرجالية التي استعرتها بحجة الدراسة،
مشاهد البطلات بملابس السباحة، والأحداث التي تدور بينهن وبين الأبطال.
‘كانت ملابس ريكا مغرية، لم تفارق أعين الرجال جسدها المنحوت.’
‘التصقت بي بشدة. كان إحساسًا ناعمًا. هذه المرأة…’
قرف كهذا!
“هااااه…”
لا أستطيع أن أكون جذابة بذلك الشكل الصارخ كما في الروايات، ولا أنوي ذلك أصلًا.
لكن من الجيد أن أظهر بعض الجاذبية على الأقل، فلربما يساعدني ذلك.
أشعر وكأنني أقع في الفخ الذي حفرته بنفسي،
لكنني هززت رأسي، وجمعت شتات عزيمتي.
من أجل كانغ يو! من أجل علاج كانغ يو!
ما نفع الكبرياء في مثل هذا الوقت؟
جددت عزيمتي من جديد.
لكن قبل ذلك…
[تحديث النظام قيد التنفيذ: 20%]
ما الذي يتم تحديثه هذه المرة؟
نظرت إلى نافذة التحديث التي ظهرت بعد لقائي بالميزان الأسود.
لكن لا فائدة من التفكير وحدي، فعلى أي حال، سأكتشف ما الأمر بعد انتهاء التحديث.
لا يمكن أن يكون محتوى سيئًا، أليس كذلك؟
هكذا أقنعت نفسي، وأغمضت عيني.
التعليقات لهذا الفصل " 84"