بدأ كانغ يو يتبعني أكثر فأكثر، وكأن منحه اسمًا كان أمرًا أسعده كثيرًا.
أما ما يُسمى بالمدير، فلم يبدُ عليه أي نية حقيقية للعناية بنا، لذا بدأتُ أنا، بقدر المستطاع، أجمع ما لديّ من معارف وموارد لأُعلِّم الأطفال.
رغم أن ‘التعليم’ لم يكن سوى قصّ ما أعرفه من قصص.
“وهكذا، قامت سندريلا برفع دعوى قضائية ضد زوجة أبيها وأخواتها!”
“واااه! انتصرت!”
بعد أن انتهت جلسة القصص الصاخبة، بدأت أُعلّم الأطفال ألعابًا أعرفها.
فما كان منهم إلا أن اندفعوا جميعًا للعب كما شرحت لهم.
باستثناء واحد فقط.
ذلك الطفل، الهجين من سلالة الكلاب، جلس يدير لي ظهره.
ثم قال:
“الاسم… ألا تريدين منحي اسمًا؟ آه، لو حصلت على اسم… سيكون ذلك رائعًا حقًا.”
بدأ يطلب شيئًا ما… ولكن بطريقة سلبية واستجدائية.
ما الأمر؟ شعرت بالارتباك.
التفت نحوي فجأة وكأنه قال كل ما في قلبه، ثم هرع نحو بقية الأطفال.
وقد رأى الثعلب كل ذلك، وبدأ يضحك وهو يسك بطنه في الجهة الأخرى من الغرفة.
“لا تضحك.”
“أضحك لأن الأمر مضحك.”
قلت بنبرة حادة.
“هل تعلم لماذا تصرف هكذا؟”
نظر إليّ الثعلب نظرة جانبية وضحك بمكر.
“لو وعدتني أن تعطيني حساء كانغ يو في العشاء، سأخبركِ.”
“هل هو نفس العشاء الذي كان البارحة؟”
“نعم.”
“حسنًا، لكَ الحساء.”
“صفقة ناجحة.”
اقترب الثعلب مني وهمس في أذني.
“الهجناء من سلالة الحيوانات، لديهم سمع ممتاز. يمكنهم الاستيقاظ من أقل الأصوات.”
آه…
“وذلك الطفل الذي خرج للتو، ذلك… الكلب الأصفر، يحلم دائمًا بأن يُمنح له اسم.”
وضعت يدي على رأسي، وفي تلك اللحظة، ضربت الثعلب ضربة خفيفة على ظهره وهو يضحك.
***
في مساء ذلك اليوم، جلس الثعلب بجوارنا واحتسى حساء كانغ يو بأكمله.
أما المدير، فلم يأتِ إلا مع اقتراب نهاية وقت العشاء، وبدأ بمدح كانغ يو قائلًا إنه أنهى طبقه.
يا له من أحمق.
وفي وقت الراحة قبل النوم، تأكدت من أن جميع الأطفال مجتمعون، ثم صفّقت لجذب انتباههم.
“حسنًا! محل التسمية الخاص بـ كانغ ناهيون بدأ العمل رسميًا اليوم!”
“ماذا يعني ‘بدأ العمل’؟ وماذا يعني ‘محل التسمية’؟”
“يعني بدأنا العمل! و’محل التسمية‘ يعني المكان اللي يعطي أسماء!”
نظرت إلى الطفل الهجين من سلالة الكلاب وابتسمت له.
فقفز نحوي بسرعة.
“اسمك سيكون… كانغ هون.”
ربّتُ على رأس الطفل، كانغ هون.
فبدأ بقية الأطفال يراقبون الموقف بنظرات فضولية، ثم اقتربوا واحدًا تلو الآخر.
“أنا لا أرغب في اسم!”
“أنا، ضعي كلمة جميلة في الاسم!”
“نعم نعم، حاضر!”
وهكذا، أصبح محل التسمية مزدحمًا.
الأطفال الذين حصلوا على أسماءهم الخاصة، كانوا سعداء للغاية، أخذوا يرددون أسماءهم الجديدة بحماس حتى غلبهم النعاس وناموا.
ثم لم يتبقَ سوى أنا والثعلب مستيقظَين.
سألته ممازحة:
“هل تريدُ اسمًا أنتَ أيضًا؟”
فأجابني بنفس الطريقة المرحة.
“ممم… لا أعتقد أن مهارتكِ في التسمية جيدة جدًا.”
“هل تريد ضربة إضافية؟”
“ارحميني.”
تبادلنا حديثًا سخيفًا، ثم استلقينا للنوم.
وأنا أحدّق في السقف المهترئ، فكرت في الوقت الذي قضيته اليوم مع الأطفال.
شعرت بشيء دافئ يتصاعد بداخلي.
فانفرجت شفتاي تلقائيًا في ابتسامة.
بدت زوايا فمي المرتفعة غريبة عليّ، وعندما لامستها بيدي، أدركت فجأة أنني فقدت ابتسامتي منذ زمن طويل.
من المفارقات العجيبة، أن هذا المكان—وهو الأسوأ من حيث ظروف المعيشة بين جميع الأماكن التي مررت بها منذ قدومي إلى هذا العالم—هو الأكثر راحةً لي حتى الآن.
‘ناهيون، سأذهب إلى المختبر لبعض الوقت.’
تذكّرت تلك الأيام حين كانت أمي تتركني وحدي لأيام بعد أن تهمس بذلك الكلام.
وفي كل مرة، كنت أقول لنفسي إنني لست طفلة. وفعلاً، لم أكن كذلك.
‘أنا آسفة، أنا مشغولة. كل هذا لأجل تحقيق وصية والدتك. أنت تفهمين، أليس كذلك؟’
لذلك، كنت أفهم كلمات تشوي غارام.
ذلك الفلتر كان من ممتلكات أمي.
وتشوي غارام، التي أحبت أمي كثيرًا، كرّست حياتها ومهنتها لذلك الفلتر.
فمن الطبيعي أن تبذل جهدًا مضاعفًا من أجل شيء تعتبره تركة أمي.
لكن، ومع ذلك، ربما…
ربما كنتُ قد تعبت من البقاء وحدي.
عانقتُ كانغ يو الذي اقترب من جهتي ودفن نفسه بين ذراعيّ.
كان دافئًا.
هنا، في هذا المكان، كنت دائمًا أجد دفء البشر حولي.
ولهذا، رغم أنني وصلت إلى هذا المكان بعد أن تم اختطافي، ورغم علمي بأن تشوي غارام لا بد أنها تبحث عني، فقد رغبت في البقاء هنا.
كان ذلك شعورًا غريبًا للغاية.
وهكذا استمرت أيامي في دار الأيتام.
***
وجاءت المفاجأة على حين غرة.
في يوم هادئ، دوّى صوت عالٍ في الممر.
شعرت أن هناك أمرًا غير طبيعي، فخرجت إلى الممر.
“هل جننت؟!”
وما إن خرجت، حتى رأيت المدير يصفع ناهون على وجهه. (ابداعها فالأسماء واو)
في تلك اللحظة، شعرت وكأن زرًا ما قد تم الضغط عليه في رأسي.
“ما الذي تفعله؟”
وقفت أمام ناهون أُحجِبه عنه، فقهقه المدير بسخرية ورفع قبضته مهددًا كأنه على وشك ضربي.
“ماذا، هل ستتلقين الضرب بدلًا منه مجددًا؟”
لم يعد المدير يحاول حتى إخفاء طبيعته.
لطالما كان يتجاهل الأطفال، ثم يظهر بين حين وآخر ليصرخ في وجوههم.
ولحسن الحظ، نادرًا ما كان يلتقي بالأطفال، لذا لم يكن يضربهم كثيرًا، لكن اليوم كان مختلفًا. لقد أخطأ أمام أعين الجميع.
“تتظاهرين بأنك طيبة!”
وانطلقت قبضته نحوي.
وفي اللحظة التي أغمضت فيها عيني متوقعة الألم—
“آآآاااه!”
كانت الصرخة المؤلمة من فم المدير نفسه.
“لا تؤذِ أختي!”
“لا تضرب أختنا!”
حين فتحت عيني، كان الأطفال قد تدافعوا نحو المدير وتمسّكوا به من كل الجهات.
شاهدت المشهد بدهشة.
المدير، الذي صار يُعضّ ويُقرص من كل جانب، بدأ يتلوّى ويحاول الفكاك، وبالكاد تمكّن من طرح الأطفال أرضًا. ثم، وهو يصرخ بجنون، حاول أن ينهال عليهم بالضرب.
“لا!”
صرخت وأنا أعضّ على أسناني، وانقضضت عليه. وعندها، بدأ الأطفال الآخرون، الذين كانوا متجمدين من الصدمة، بالهجوم أيضًا.
استمر المدير في الصراخ، ودفع الأطفال بعيدًا عنه الواحد تلو الآخر، لكنهم لم يتوقفوا عن التقدم. وفي النهاية، بدا أنه قد نال منه التعب، فلهث غاضبًا ثم صرخ.
“أيها الحثالة المقرفون! إن تخلّصت من هذا المكان، فلن تروني مجددًا أبدًا!”
ثم خرج يضرب الأرض بقدميه وغادر دار الأيتام.
نسي الأطفال ألمهم وانفجروا فرحًا، وهم يصرخون بحماسة.
“لقد فزنا!”
“انتصار! اليوم أنا سندريلا!”
ثم تدافعوا نحوي وناهون.
كنت على وشك توبيخهم لأنهم خرجوا من تلقاء أنفسهم، لكنني أدركت أنني لست في موقع يسمح لي بقول شيء كهذا، فاكتفيت بالتأكد من عدم إصابة أحدهم بجروح خطيرة. ولحسن الحظ، لم يتأذَ أحد.
نظر الثعلب نحو الباب وقال:
“سيزحف عائدًا بنفسه لاحقًا.”
“أتمنى لو يرحل بلا عودة.”
“لكن إن فعل، فلن نحصل على بطاقات الهوية.”
صحيح… أطبقت شفتيّ بصمت.
وبعد هذه الفوضى العارمة، مرّ باقي اليوم دون حوادث أخرى.
***
“هل تشعرُ أن تنويم الأطفال يزداد صعوبة يومًا بعد يوم؟”
“لا أدري…”
كنا، أنا والثعلب، قد أنهينا مهمة تنويم الأطفال وجلسنا بجانب بعضنا البعض متعبين.
كان الوقت قد أصبح متأخرًا في الليل. نظرت إلى الساعة ذات الزجاج الأمامي المكسور بشرود، ثم شعرت بالعطش.
“سأذهب لأشرب بعض الماء.”
“آه، سأرافقكِ.”
خرجنا سويًّا مستغلّتين الظلام، نتحرك بحذر، فلاحظنا أن هناك ضوءًا ينبعث من غرفة المدير.
“يبدو أنه عاد.”
كان يتحدث على الهاتف، على ما يبدو.
تبادلنا نظرات سريعة وصامتة. في هذه اللحظة، اتحدت أفكارنا.
فلنُصغِ.
انخفضنا واقتربنا بخطوات حذرة نحو باب مكتبه، ووضعنا آذاننا عليه.
“آه، لذا هؤلاء الأنصاف، تخيّل! نعم، بالضبط!”
كان يفرغ غضبه مما جرى اليوم.
شعرت بانزعاج تلقائي من كلماته، من اختياره للألفاظ. يكره أنصاف السلالات إلى هذا الحد، ومع ذلك يحتفظ بهذا العدد منهم؟
ثم، سمعنا كلمات صادمة.
“علينا أن نبيعهم جميعًا سريعًا.”
حبست أنفاسي بهدوء.
“يبيعهم”؟
بل، ما الذي جرى لمشروع الحكومة الذي كان يتحدث عنه؟
“آه؟ لا تقلق، سأقدم نتائج للمشروع. ما الذي يحتاجه الأمر غير بعض البشر؟ وقد دخلت واحدة منهم مؤخرًا.”
حين سمعت تلك الكلمات، بدأت أُعمل فكري.
يبدو أن مشروع البحث الذي تنفذه الحكومة موجود فعلًا، والمدير مسؤول عن إتمامه وتسليم نتائجه.
“سأرسل تلك، ثم أبيع الباقين. كما تعلم، هناك من يعشق الأشياء النادرة.”
فقط البشر؟
“بصراحة، من قد يتبنى هجينًا من أنصاف السلالات؟ مجرد أن يُباعوا يُعدّ فضلًا عليهم.”
سمعت صوت أسنان تُطحن. التفتُ، فرأيت الثعلب يكتم غضبه بالكاد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 79"