صاحب الصوت الرقيق الذي ناداني به نظر إلي بعينين دامعتين.
“هل تمّ بيعكِ إلى هنا أيضًا…؟”
الطفل الذي تميز بعينين زرقاوين وشعر أزرق وأذنين تشبهان خياشيم السمك، كان صغيرا جدًا في الحجم. كان على ما يبدو هجينا من جنس آخر، ومن المرجّح أنه هجين حوري بحر.
لكن، قال إنه “بيع”…؟
“لا، أنا اختُطِفت.”
“الاختطاف ممنوع… أليس كذلك؟”
“صحيح. و بيع الناس ممنوع أيضًا.”
“آه، فهمت…”
أومأ الطفل برأسه وهو يستوعب كلماتي.
في تلك اللحظة، توقفت السيارة. وضرب بعض الرجال جسم السيارة وهم يصرخون.
“انزلوا!”
وكيف لنا أن ننزل وأقدامنا لا تزال مقيدة، أيها الأغبياء؟
بعد أن انقشع الظلام، تبيّن أن المكان الذي وصلنا إليه هو خرابة تصطف فيها مبانٍ نصف منهارة. كانت هناك بيوت بدت وكأنها بُنيت على عجل وقد تنهار في أي لحظة.
أما المبنى الذي أنزلونا عنده، فبدا أنه أعيد استخدامه من بين الأنقاض، وكان بحالة أفضل نسبيًا.
“مكان لا بأس به.”
“لكن كم كلفنا…؟”
لمست معصمي حيث فُكّت الحبال، ونظرت حولي. لم يكن هناك مكان مناسب للهروب..
وفي تلك اللحظة التي كنت أربت فيها على رأس الطفل الذي يتشبث بي، أحسست بنظراتٍ تراقبني. من خلف نافذة زجاجية محطّمة، ظهر رأس طفل يبدو في مثل سني. لكن حين التقت أعيننا، اختفى رأسه بسرعة.
“شكرًا لكم دائمًا!”
الرجال الذين اختطفوني ابتسموا ببهجة بعد أن أتمّوا الصفقة، ثم غادروا بالسيارة.
وتقدّم نحونا رجلٌ يبدو وكأنه من اشترانا، بابتسامة طيبة.
“الحمد لله أنكما بخير. لم يكن هناك وسيلة لإنقاذكما سوى هذه.”
تابع حديثه بلطف.
“هذا المكان هو مركز حماية تديره الحكومة. نحمي فيه أطفالاً مثلكما وننقلهم إلى المنطقة الوسطى.”
بدا الطفل مرتاحا وسرعان ما هدأ جسده المتوتر.
قادنا الرجل إلى داخل المبنى، الذي كان قديمًا لكنه يبدو صالحًا للعيش.
“استريحا هنا لبعض الوقت. أما كيفية التكيّف، فسيرشدكما إليها الأطفال الآخرون. يا أولاد!”
بمجرد نداء الرجل، ظهر عدد من الأطفال من خلف الجدران. بعضهم بدا في سني، وبعضهم أصغر، وكانوا ينظرون إلينا بفضول.
“لدينا أصدقاء جدد! عاملوهما بلطف! والآن، هل يا ترى صغيرنا الثعلب سيعتني بأصدقائه الجدد؟”
تقدّم صبي ذو أذنين وذيل شبيهين بالثعلب وقال.
“حسنًا.”
بدا أنه هجين من جنس الثعالب.
الآن بعد أن أمعنت النظر… معظم الأطفال هنا هجناء من أجناس أخرى.
أمرٌ غريب… من النادر رؤية هذا العدد من الهجناء المختلفين مجتمعين في مكان واحد.
نظر الرجل إلينا، ثم أشار إلى الطفل وقال.
“صديقنا الحوري… ممم، لنقل إن اسمه سيكون ‘نصف حوري’!”
نصف حوري؟
قطبتُ حاجبي من الطريقة الفظة التي أطلق بها عليه اسمًا دون حتى أن يسأله.
الغريب أنه، وعلى عكس ما فعل مع الطفل، التفت إليّ وسألني:
“وما اسمك أنتِ يا صديقتي؟”
“ناهيون. كانغ ناهيون.”
“حسنًا، ناهيون! إذا واجهتِ أي صعوبة، أخبريني فورًا، مفهوم؟”
شعرت بقشعريرة. هذا الرجل… هناك شيء غريب فيه…
“سأُريكِ الغرف.”
كان صاحب أذني الثعلب قد اقترب منا. تحدث ببرود ثم استدار فجأة.
تبادلنا النظرات بصمت، ثم تبعناه.
“هنا غرفة النوم، وهناك غرفة الطعام.”
رغم بروده، كان دليلاً مخلصًا.
خلفنا، كان بعض الأطفال يراقبوننا من بعيد بعيون متوهجة، وكأنهم يحلّلون كل حركة نقوم بها.
المبنى لم يكن كبيرًا، لذلك لم يستغرق التجوّل وقتًا طويلًا.
بعدها، لم يحدث شيء يثير الانتباه. لم نواجه تنمّرًا، لكن لم يبادر أحد أيضًا إلى الاقتراب منا.
إذا استمر الحال هكذا، فسأتمكن من العودة إلى المنطقة الوسطى كما قال المدير.
أو هكذا ظننت… حتى قبيل موعد العشاء.
“لن تأكل؟”
كنت أتناول طبقًا من الحساء الشفاف، حين رأيت الطفل بجواري يمضغ قطعة الخبز الصغيرة بينما يدفع طبق الحساء بعيدًا.
“لو أكلت هذا، أشعر بحكة في حلقي.”
أشار الطفل إلى الحساء بينما كانت يحدّق بي بعينيه الزرقاوين.
هل يعاني من حساسية؟ نظرتُ إلى الحساء الذي لم أتمكن من تحديد مكوناته، وسألته.
“شعرتَ بالحكة فور تناولكَ له؟”
“نعم.”
“حسنًا، لا تأكله. اكتفي بالخبز.”
وقدّمت له حصتي من الخبز أيضًا. الخبز هنا صغير جدًا، بالكاد كان يكفي لكفّ الطفل.
ابتسمَ بخفة عندما أخذه. بدا لطيفا.
لكن بينما كنت أفكر بذلك، سُمِع صوت رجل من خلفنا.
“لا يجوز أن تكون انتقائيا في الأكل.”
انحنى المدير جاثيًا خلف الطفل مبتسمًا، ثم التقط طبق الحساء الذي أبعده، وقدّمه إليه مجددًا.
“إن أردتَ أن تكونَ فتى طيبا، فعليك أن تأكله كله، أليس كذلك؟”
بدا الطفل مرتبكا.
“لا، لا أريده… إنه يسبب لي الحكة…”
“سيدي المدير، أعتقد أنه يعاني من حساسية تجاه هذا الطعام. لا يجب أن يأكله.”
لكن المدير تجاهل كلامي كليًا.
“حتى الحساسية تختفي إن واصلنا الأكل.”
أي هراء هذا؟ رغم ذلك، استمر المدير في دفع الطبق نحو الطفل الذي بدا خائفا منه.
“سيدي، توقف…”
“قلتُ لكَ كل!!”
“توقّف!!”
ضربتُ الطبق بكل قوتي، فوقع على الأرض.
طااااان، تاتااااان…
دحرج الطبق على الأرض محدثًا صوتًا مدوّيًا. وساد صمت ثقيل في المكان.
في اللحظة التي شعرتُ فيها أن نظرة المدير قد تغيرت بشكل مخيف…
صفعة!
لسعة مؤلمة التصقت بخدي.
“كيف تجرؤين على التدخل في ما يفعله المعلم!”
غضب المدير، وكان وجهه الهادئ قد تلاشى تمامًا، وبدأ ينهال عليّ بالضرب. سرت آلام الضرب في جسدي كلّه.
“يا لكِ من وقحة!”
استمر في ضربي حتى هدأ غضبه، ثم تركني ممددة على الأرض وغادر قاعة الطعام.
حين تأكدت من مغادرته، رفعت جسدي المنكمش ببطء. أردت التأكد من سلامة الطفل الحوري.
“أختي…”
كان يبكي، لكن لم يكن مصابا. اقترب مني بخطى مترددة ثم ارتمى في حضني.
“أنا السبب… كلّه بسببي…”
وفجأة، صدر صوت صرير داخل قاعة الطعام.
ثم… حدث شيء غريب.
صنابير المياه الموجودة في القاعة بدأت تدور من تلقاء نفسها، وبدأ الماء يتفجر منها بغزارة.
وكأن قاعة الطعام تبكي مع بكاء الطفل.
“أ.. أنا…”
الطفل الذي كان ينتحب بصوت متقطع فقد وعيه فجأة وانهار. فسارعتُ إلى الإمساك بجسده المتداعي.
وبينما لا أعلم متى بدأ هطول المطر، كانت قطرات الماء تتساقط من السقف.
شعرتُ بذلك على الفور. أن كل ما حدث كان بسبب هذا الطفل.
راح فتى الثعلب يتنقل بهدوء في الأنحاء ويغلق صنابير المياه المفتوحة.
“الماء سيتسرّب إلى الأسفل على أية حال. فهناك مصارف. كل ما علينا فعله الآن هو التنظيف فقط.”
“شكرًا لكَ…”
نظر إليّ الثعلب بهدوء للحظة، ثم سأل فجأة.
“هل تعرفان بعضكما؟”
“همم؟”
“أقصد أنتِ ونصف الحوري… هل كنتما تعرفان بعضكما من قبل؟”
“لا. فقط تم بيعنا معًا.”
“إذًا… أنتِ فقط غبية؟”
“هاه؟ لم أسمع.”
“لا، لا شيء.”
صمت الثعلب قليلًا ثم أخرج ممسحة من صندوق التنظيف.
“المدير لن يخرج من مكتبه لفترة، فاستغلي الوقت في التنظيف.”
ثم رفع الأطفال الذين كانوا معه أيديهم بحماسة وهتفوا.
“سنساعدك!”
“كنتِ رائعة!”
“هل يمكننا مناداتك بالأخت؟”
يالهم من لطيفين. مددت يدي لأداعب شعر الطفل الهجين الذي يملك أذني كلب وكان يحتك برأسي، وأجبت.
“شكرًا. نادوني كما تشاؤون.”
ولست أدري متى زالت الحواجز بيننا، إذ بدأ الأطفال يضحكون ويدردشون بمرح.
“أنا جئت لأنهم قالوا إنهم سيعطوننا طعامًا! ما اسم هذا الشيء؟ الحكومة؟ مشروع؟ شيء هكذا!”
“المدير؟ صحيح أنه يفعل هذا كثيرًا، لكنه طيب! وقالوا إنه لو صبرنا قليلًا، فسيمنحوننا تصريحًا للعيش في المنطقة الوسطى!”
وعندها علّق الثعلب وكأن الأمر لا يستحق الذكر.
“ليس عندي بطاقة مواطن، فحتى إن أمسكوني وأنا أعيش سرًّا في المنطقة الوسطى، لم أكن لأستطيع العودة. لكن عندما قالوا إنهم سيعطونني بطاقة، قررت الصمود.”
…صحيح أن الموضوع ثقيل بعض الشيء ليُحكى بابتسامة، لكن على أية حال.
من خلال حديث الأطفال، استطعت أن أركب الصورة العامة.
هذا الميتم مشروع تجريبي تشرف عليه الحكومة، يبدو أنه يهدف إلى إنقاذ الأطفال الذين يعيشون في مناطق غير مرخصة.
وإذا رأت الإدارة أن الطفل مؤهل للعيش في المنطقة الوسطى، فإنهم يمنحونه بطاقة مواطن ويُدخلونه بيتًا مناسبًا هناك.
يعني ذلك… أن عليهم الصمود هنا، فهمت الآن.
ومع دخول المساء واستعداد الجميع للنوم، استعادت الطفلة التي سببت الفوضى وعيها أخيرًا.
“أنا شخص مثلي… يجب أن يموت…”
كان هناك بعض قطرات الماء الطافية بجانب الطفل المنكمش في مكانه على نحو كئيب.
وكان الأطفال من حوله ينقرون تلك القطرات أو يتذوقونها بدهشة… لحظة، ما الذي تشربونه أنتم؟
حاولتُ أن أفتح فم الطفل الذي ملأه بالماء، لكنه ابتلعه بسرعة وابتسم في خبث. جن جنوني!
“لا توبخيه كثيرًا~”
“صحيح، نحن بخير~”
ورغم كل شيء، جلس الأطفال حول الطفل نصف الحوري يواسونه.
“تعبنا قليلًا في التنظيف، لكن!”
“كما توقعت… شخص مثلي—!”
“آه، الأرضية ستظل رطبة قليلًا لبعض الوقت!”
“أنا نفاية…!”
…هل هذه كلمات مواساة فعلًا؟
راحت أصابعي تنقر خد الطفل كلما حاول شرب القطرات الطافية، أُخرج الماء وأتأمل الأمر قليلاً.
ثم قال الثعلب وهو يُمدِّد الأطفال واحدًا تلو الآخر.
“هيا ننام.”
لكن حيوية الأطفال لم تكن لتخبو بسهولة، ولم نستطع إطفاء الأنوار إلا بعد وقت طويل.
وعند لحظة تسوية الجميع في أسرتهم، وُلد شعور من الرفقة بيني وبين الثعلب.
تمدّدتُ بجانب الطفل نصف الحوري، وكان الثعلب فوقي تمامًا، يضع رأسه بمحاذاة رأسي.
ويبدو أن الطفل لم ينم بعد، إذ خاطبني بصوت يغلبه النعاس.
“أنا آسف…”
أخبرته أنه لابأس، لكنه ما زال مصرًا. فربّتُّ على رأسه من جديد. من الأفضل أن أشتّت تفكيره قليلًا.
“قلت لكَ إن كل شيء بخير. لكن بالمناسبة، ما اسمك؟”
والآن فقط انتبهتُ إلى أني لا أعرف اسمه.
راح يحرّك شفتيه بحذر، ثم همس بإجابة لا تُصدق.
“نصف سمكة…؟”
وبعد أن رأى وجهي المتجمد، بدأ يسارع في اقتراح أسماء أخرى.
“آه، عندي خياشيم أيضًا…! أو، مؤخرًا، قالوا عني نصف حوري…!”
حاولت رسم ابتسامة رغمًا عني، ولو بتكلف.
“….ما رأيك أن نخترع لكَ اسمًا جديدًا؟”
وبينما كنت أُربّت على الطفل الذي تزحلق داخليًا إلى لحافي، فكّرت بجدية. لطالما كنتُ سيئة في اختيار الأسماء.
“هل هناك اسم معين تحبه؟ أو شيء تحب أن يكون في اسمك؟”
فحدّق في وجهي مباشرة وقال.
“أحب أن يكون مشتركًا.”
“مشترك؟ معي؟”
سألته مشيرة إلى نفسي، فأومأ برأسه بحماسة. يا إلهي، إعطاؤه اسمي حرفيًا سيكون مربكًا.
“حسنًا… فلنأخذ من اسمي مقطع (كانغ).”
استحضرتُ قدرته في ذهني. قدرته على التحكم في الماء المتدفق بلين. شعره الأزرق، وعيناه الزرقاوان، ذكّراني بالمياه الجارية.
“وسنضيف عليه المقطع (يو)، سيكون مناسبًا له.”
ثم تمتمت بالاسم في داخلي قبل أن أنطقه بصوتٍ عالٍ.
“كانغ يو… ما رأيكِ؟”
اتسعت عيناه بدهشة، ثم ما لبث أن ابتسم ابتسامة مشرقة.
“أحبه!”
قفز بصوت عالٍ ففزعتُ وسارعتُ إلى تغطية فمه.
“ستوقظ الأطفال…!”
فغطّى فمه بسرعة كأنه تذكر، ثم نظر حوله. كان الجميع نائمين نومًا عميقًا بلا حركة.
تنهدنا سويًّا براحة، ثم تمددنا مجددًا.
دون أن نعلم ما الذي ينتظرنا في الغد.
────── •❆• ──────
كانغ يو الي البطلة تبي تشتريله اكسير ليصير صياد هو ذا وطلع ولد مو بنت و هو نفسه الطفل الي البطلة قالت ان مين جاي يون تذكرها فيه
آخرة اللقافة الي فيني..🥀 المهم اخر مرة أوسفة🥀
امم هلا والله انا من المستقبل جات تدقق الفصول لتنشرهم وحابة أقولكم انها مو اخر مرة 🥰
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 78"