5. كيفية التعامل مع الحالات غير الطبيعية (١٢)
عندما رآني دمدم بتلك النظرة على وجهي، قال مكمّلًا:
“إذا كانت قدرتك تعتمد على كسب مودة يوهان، فكلما كسبتِ وده، حصلتِ على شيء في المقابل، أليس كذلك؟”
لا، انتظر لحظة…
“قد يكون التشبيه ركيكًا قليلًا، لكن هل الأمر يشبه لعبة مواعدة مع فتاة جميلة؟ إن كان كذلك، فلن يكون له معنى إن لم تكن هناك مكافأة مجزية، ولهذا السبب أنتِ تبذلين جهدًا كهذا.”
أمهلني لحظة من فضلك.
“هل الجائزة شيء مثل عنصر ثمين؟”
المسار يتسارع كثيرًا…
“لا، أظن أن الاحتمال الأكبر أنها عملة تُستخدم لشراء ما تحتاجين إليه، أكثر من كونها مجرد عنصر.”
يا ويحي، هذا تسارع مبالغ فيه…!
“أنتِ نادرا ما تذهبين إلى المتاجر، ناهيون. لو كان هناك عناصر لا تحتاجين إليها، لكنتِ تبيعينها هناك كثيرًا، ولو كانت هناك عناصر مهمة، لكان في حوزتك الآن أكثر مما تلبسينه.”
شعرت بدوار في رأسي. كيف يكون ذكيًا إلى هذا الحد؟ إنه أمر محيّر فعلًا.
“يوهان حاليًا معجب بكِ بشكل لا بأس به، لذا إن كان افتراضي صحيحًا، فلا بد أنكِ حصلتِ على مكافآت كثيرة بالمقابل.”
رغم أنه قال شيئًا مرعبًا في لحظة ما، تجاهلت ذلك. وأخيرًا، فتحت فمي بصعوبة.
“…تقريبًا، صحيح…”
“أفهم، إذًا لهذا السبب كنتِ تمثلين.”
“نعم، شيء من هذا القبيل….”
هززت رأسي فقط، بعينين ميّتتين. أشعر أني حتى لو لم أتكلم، سيقرأ أفكاري ويجيب بدلًا عني.
عندما بقيت صامتة، ابتسم دمدم ابتسامة محرجة وكأنه يشعر بالارتباك، وقال.
“لست بارعًا إلى درجة أني أستطيع تخمين كل شيء وأنتِ لا تتكلمين.”
كلامك خاطئ! أنت تُخمّن كل شيء بدقة تامة!
هممتُ بالاعتراض ثم هززت رأسي. لا، ليس هذا هو الوقت المناسب لهذا الحديث.
مثل قنديل بحر مرهق بلا طاقة، قلت.
“على أي حال… أودّ منك أن تُبقي قدرتي الغريبة، وتمثيلي، سرًا، إن أمكن…”
فأومأ دمدم برأسه دون تردد.
“مفهوم.”
ثم سألته بنبرة اختبار.
“ولو سأل أحد من الآخرين؟ لن تقول لهم؟”
“لا.”
“حقًا؟”
“حقًا.”
“ولِمَ؟”
عند سؤالي، ساد صمت للحظة، ثم أنزل دمدم عينيه ببطء.
حدقّت في عينيه الزرقاوين بلون الياقوت الداكن وهي تنسحب قليلًا إلى الداخل.
“عندما تعرفتُ إليكِ، بدأتِ تراودين بالي باستمرار،
وحين أصبحتِ تملئين بالي، بدأتِ تزعزعين قلبي،”
ثم ارتفعت نظراته مجددًا، وكان في عينيه الزرقاوين الباردتين ضوء دافئ لا يليق بذلك اللون، لكنه انعكس نحوي بلطف.
“ومع تعلق قلبي بكِ، بدأتُ أحبكِ. ولأنني أحبكِ، أدركتُ أن ابتسامتكِ الصادقة هي الأجمل، ولذا، أردتُ فقط أن تتمكني من الابتسام.”
كانت أشعة الغروب تغمره كما لو كانت تباركه. ومرّ نسيم هادئ ليلمس شعره بلطف.
في تلك اللحظة، بدا وكأنه يمثل كل هذا العالم… ووجدت نفسي عالقة في عينيه للحظة.
“هل أنا…”
خرجت الكلمات من فمي وكأنني مُسَيَّرة.
“…أكثر مَن تحبّها من بين أصدقائك؟”
فأجابني دمدم بابتسامة خفيفة.
“نعم.”
“ولهذا السبب تحفظ سري؟”
“نعم.”
“لا أستطيع أن أفهم.”
تمتمت وأنا أتنهد بتذمّر، ونهضت من مكاني. ومع ذلك، لم أكن منزعجة. بل…. كنت سعيدة.
“حسنًا، هذا يكفيني. لنذهب!”
ابتسم دمدم وهو يُمسك بيدي الممدودة.
افترقنا ونحن نبتسم. لقد كانت لحظة جميلة.
ما تبقّى الآن هو…
رفعت رأسي لأنظر إلى خوذة الصياد ذي الخوذة الذي كان يسير أمامي.
***
كان الصياد ذو الخوذة يسير بي عن قصد عبر طرق خالية من الناس.
وعندما وصلنا إلى ممر لا أثر فيه لأحد، بدأت في المشي خلفه بهدوء… ثم أخرجت مسدسًا من حقيبة الأدوات.
أخرجت مسدسًا أملسًا، وأريته لصياد الخوذة بابتسامة مشرقة.
“هذا، سلاح من نوع مايستر. مذهل، أليس كذلك؟”
“…….”
“أما عن سبب روعته فهو–”
تشقق.
قمت بتلقيم رصاصة مشحونة بطاقة الضوء، ثم أطلقتها مباشرة على الصياد صاحب الخوذة.
بانغ!
“–أنه يمكنني الآن قتل الجرذان المختبئة أيضًا.”
كراش!
دوى صوت تحطم الخوذة، لكن الشيء الوحيد الذي سقط على الأرض كان خوذة مشوهة.
“…واو، لقد اكتشفتِ الأمر فعلًا، أيتها الإستثنائية.”
“تُظهر كل هذا وتريد مني ألا ألاحظ؟ ألا تظن أن هذا إنعدام في الضمير؟”
“آه، هل كان واضحًا؟”
هل تمزح؟ حتى صوتك لم تغيّره.
نظرتُ إليه ببرود، إلى الجرذ، بارك يولهان، وبدأت بإطلاق النار عليه بلا رحمة.
بانغ! بانغ! بانغ!
“م- مهلاً!”
صرخ بارك يولهان وهو يتهرب بصعوبة من الرصاص المملوء بطاقة الضوء.
نعم، لن تستطيع المراوغة بالحديث بعد الآن. تذوّق طعم الرأسمالية!
“إ-إيه!”
بدا أنه حاول استخدام مهارة ما، لكنني لم أتحرك حتى لتفاديها. اختفى تأثير المهارة لحظة لمسي.
“م- ما هذا؟!”
طبعًا.
كل مهارات بارك يولهان وقوته السحرية تعتمد على عنصر الظلام.
لكنني أملك…
[الخاتم المقدس]
-يحمي من جميع المهارات والهجمات ذات عنصر الظلام.
إنه خاتم باهظ الثمن، لكنه فعال للغاية!
كان الوميض الذي يصدر عن الخاتم في إصبعي يوحي وكأنه يتفاخر بنفسه. وواصلت إطلاق النار بكل ما أوتيت من قوة.
“آآااااه!”
هذا هو طعم الرأسمالية! يا عدو نقاطي! سأقضي عليك!
لا، لا، لن أقتلك مباشرة… سأجعلك على شفير الموت وأسلّمك للشرطة!
“انتظري لحظة! لنتحدث فقط! دعينا نتحدث!”
كنت قد فقدت نصف وعيي بينما أطلق النار عشوائيًا.
هل تتساءلون عما أفعله وحدي؟ ولماذا لم أستدعِ صيادين آخرين؟
لقد استدعيتهم بالفعل. تكفلوا بإخراج بقية الطلاب بالفعل، لكن لا يمكن الاطمئنان بوجود صياد واحد فقط.
وفي هذه اللحظة، كنت أضغط مطولًا على زر جهاز الاستدعاء الذي يشبه المنبّه في جيبي.
“ما رأيك بأن تسمعي ما لديّ!”
“لقد فات الأوان! استسلم بهدوء فقط!”
لكن بارك يولهان، بفضل سرعته القذرة، استطاع النجاة رغم أنني كنت أفرغ رصاصي نحوه من مسدس المايستر كأنه رشاش.
يا له من علقة.
“آه، سأموت!”
ومع ذلك، لا يزال يتحرك كأنه بخير. كم هو مزعج! إنه ليس خفاشًا، بل بعوضة، بعوضة! تنهدت بانزعاج وخفضت السلاح للحظة.
“إذن، ما سبب مجيئك إلى هنا؟”
“آه، جئت لرؤية زميلة سابقة!”
“زميلة؟”
“نعم. فأنا لا أرغب أن يموت الكثير من الناس، بل فقط أريد أن يصبح الناس أكثر يقظة.”
“ما هذا الهراء؟ أليست جماعتكم هي من يفتح البوابات في المناطق الآمنة وفي كل مكان؟ أنتم جماعة تقتل الناس.”
في الرواية، هؤلاء المجرمون هم من يفتحون البوابات في المناطق الآمنة وفي الأماكن المحايدة.
عندما قلت ذلك، عبس يولهان بتعبير مبالغ فيه كأن كلامي كان إهانة كبيرة له.
“سوء فهم. نحن نعمل بجد لإنقاذ العالم، لدرجة أن ظهري قد انحنى من التعب!”
“….كلام مشابه لما تقوله الطوائف الضالة. وعادةً، الناس الذين فقدوا عقولهم يستفيقون عندما تتهدد حياتهم.”
وبينما كنت أعيد تذخير المسدس بهدوء باستخدام حجر السحر، صرخ يوهان مرعوبًا:
“آه! توقفي عن إطلاق النار بتلك البندقية! أنا أقول الحقيقة!”
“….أنتم من استخدمتم عائلة الآخرين دون إذنهم، والآن تتحدثون عن إنقاذ العالم؟ هراء.”
“….هممم. من نظرتكِ هذه، يبدو أن الحديث سيطول، فلنكمل لاحقًا. ويبدو أن الصديقة التي أردت رؤيتها وصلت!”
في تلك اللحظة، مزّقت ضربة ضوء مكان وقوف يوهان.
كووونغ—! اهتزّ العمود.
“أوه، وصلتِ؟”
أفلت يولهان من الضربة بمرونة، ولوّح بيده نحو شين بارِن مبتسمًا بسخرية.
“بأي وجه تأتي إلى هنا؟”
شين بارِن كانت تنظر إليه بغضب نادر، وقد ارتدت درعًا معدنيًا كاملًا كما لو أنها في حالة تأهب قصوى. لقد بدت جديرة بالثقة بحق.
“واو، مضى وقت طويل! منذ التخرج، كم سنة مرّت يا ترى؟”
“أجبني!”
“آه، يا لكِ من سريعة الغضب دائمًا! حسنًا، فهمت!”
وبينما يتلوى متفاديًا هجمات الصيادين بصعوبة، قال يولهان بنبرة جادة على غير عادته:
“بصفتي زميلًا سابقًا، أنصحكِ. ابتداءً من الغد، ستقع أشياء غريبة.”
توقفت للحظة.
“لذا، إن بقيتم هادئين كالمعتاد، ستموتون. وابدأوا بتخزين أحجار السحر والأدوات! والناس أيضًا! انتهى!”
هل يحاول يولهان تحذيرنا من… الحالات الغير طبيعية القادمة؟
“مهلاً، ماذا تعني بكلامك؟”
صرختُ دون وعي، لكن يولهان ابتسم بخفة واكتفى بتحريك شفتيه قائلًا: “أراكِ لاحقًا”.
ثم سرعان ما تحوّل إلى ضباب أسود واختفى.
دوّى صوت سيف شين بارِن وهو يغرس في أرض الحصن بعنف. يا للرعب.
“قائدة، المتسلل…”
“لن نستطيع ملاحقته على أي حال. إنه يستخدم مهارة خاصة. المهم الآن هو إعادة تنظيم الحصن! لا نعلم ما الذي قد يكون عبث به! أسرعوا!”
سارت شين بارِن بخطى غاضبة تقود الصيادين معها واختفوا.
بسبب اقتحام يولهان، عمّت الفوضى في الحصن. تم تشديد الحراسة، وحُظر التنقل، واضطررت للعودة إلى غرفتي محاطة بالصيادين.
“ناهيون، هل أنتِ بخير؟”
“هل أُصبتِ بشيء؟”
تحت قلق كل من مين جاي يون وشين باران، اضطررت لتكرار أنني بخير أكثر من مرة. ثم حدّقتُ في تشوي غارام بنظرة حادة دون سبب.
“من كان سيتوقع أن يحصل هذا…”
لكن يبدو أنه كان يعرف أنه مذنب، فخفض نظراته بهدوء.
وهكذا، وبعد هذه الضجة، حلّ الليل.
كنت منهكة تمامًا بعد المفاجآت المتتالية، فتمددت على السرير وغمغمت:
“ذلك البعوض اللعين…”
“هاه؟ يوجد بعوض؟”
“لا شيء.”
الآن بعد أن ظهر أحد أفراد الصيادين المتوحشين، لا نعلم أي أزمة قد تقع. شعرت بأن أعصابي مشدودة بالكامل.
“أتحبين أن أحضر لكِ بخورًا طاردًا للبعوض؟”
“لا داعي.”
لكن… لماذا حذّرنا حقًا؟
من أجل إنقاذ العالم…؟ هل يعقل أنه جاد؟
أم أنه كان مجرد هراء آخر؟
وبينما كنت أتقلب في السرير ممتلئة بالريبة، غلبني النعاس.
***
في صباح اليوم التالي.
قبل أن ننطلق لخوض تجربة في أطراف المنطقة الخطرة، ظهرت شين بارِن أمامنا.
علّق تشوي غارام بدهشة.
“مرافِقة؟ القائدة نفسها؟”
التعليقات لهذا الفصل " 63"